أضف إلى المفضلة
الخميس , 25 نيسان/أبريل 2024
الخميس , 25 نيسان/أبريل 2024


فضائية أم مصنع ؟

بقلم : أسعد العزوني
02-09-2015 01:25 PM
لو سألنا أي حصيف سوي عاقل متزن ، يقيس الأمور بالمقياس العام ، بعيدا عن المصالح الشخصية سؤالا مفاده : هل تفضل أن نبني في الأردن مصنعا أم ننشيء فضائية برصيد قدره مليونين ونصف المليون دينار ؟
لأجاب دون تلعثم أو تردد أو طلب مساعدة صديق ، أن الأردن في هذه المرحلة وحسب تصريحات المسؤولين ، بحاجة إلى مصنع يستوعب عددا من أبنائه العاطلين عن العمل ، والذين يعيلون أسرا تئن تحت خط الفقر .
أما نحن فنقول أن الفضائية يفكر بها رجل أعمال يرغب بغسيل أموال حصل عليها ، أو أنه محدث نعمة ورث مالا دون أن يتعب فيه ، أو أنه من الفئة التي ترغب بالصراخ ليسمعه صانع القرار ، وينعم عليه بكرسي نيابة على الأقل ، أو أنه يريد خلق حالة له في المجتمع وبعد عدة أشهر ، يضطر لإغلاق قناته مفلسا ، لأنه ولج مجالا لا يفهم فيه.
لكن أن يقوم القطاع العام في الأردن ، وأعني بذلك الحكومة بإصدرا والموافقة على قرار يقضي بإنشاء فضائية أردنية برأسمال قدره مليونين ونصف المليون دينار ، من أجل نفر بعينه كي نكافئة على لا أدري لماذا ،فهذه بحد ذاتها مخالفة قانونية وأخلاقية ومنطقية ودستورية أيضا ،لأنها إهدار للمال في غير محله ، ولغايات بعيدة عن الصالح العام ، وعليه يجب محاكمة كل من له صلة بهذا المشروع ، لجملة أسباب منها أن لدينا تليفزيون رسمي يضم سجل توظيفه أعدادا هائلة ، معظمهم لا يدري أين يقع المقر ، لكنه يتوجه للبنك كل آخر شهر ليقبض راتبه الممنوح له .
ومن قبيل المكاشفة ، فإن هذا التليفزيون الرسمي لا يشاهده إلا قلة قليلة مضطرة لذلك من المواطنين ، في ظل تزاحم القنوات والفضائيات العربية الأخرى التي تنقلك للحدث في نفس لحظة وقوعه ، في حين أن تليفزيوننا الرسمي لا يبث حتى الحدث الخطير الأردني ، إلا بعد أن تشبعه الفضائيات الخارجية بثا وبحثا وتعليقا ، ويكون حال تليفزيوننا مثل من يذهب إلى الحج والناس راجعة ، كما يقول المثل الشعبي الدارج.
نقول ذلك ونحن نرى فضائية حديثة مثل قناة 'رؤيا ' ، وبغض النظر عن إتفاقنا أو إختلافنا معها على بعض برامجها ، وهي بطبيعة الحال ملك للقطاع الخاص ، قد تجاوزت المحلية بزمن قياسي وقدمت برامج نوعية، وسؤالنا : لماذا لم يعمل القائمون على التليفزيون الرسمي على النهوض والإرتقاء به كي ينافس ، ونحن بكل تأكيد لدينا الطاقات القادرة على الإبداع والمنافسة ، بدليل أن العديد من إعلاميي المحطات العربية الناجحة هم أردنيون.
نعود إلى القناة الجديدة التي تزمع الحكومة إنشاءها إكراما لشخص بعينه ، ونقول أن هذا المشروع هو الدليل القطعي على عدم الرغبة بإجراء أي مستوى من الإصلاحات ، وأن محاربة الفساد عبارة عن مسرحية باتت مكشوفة ، بمعنى أننا ما نزال نمارس لعبة شراء الذمم والولاءات ، ونصر على أن تبقى الدولة في الأردن ريعية.
يقودنا هذا الأمر إلى فتح ملف مكافأة من يسمون عندنا 'أبناء الدولة ' وهم بطبيعة الحال السحيجة ، وأجزم أن غالبيته إلا ما ندر ، لا صلة له بمقاله إلا بالإسم ، وأجزم أن المشروع الذي نحن بصدده ، وهو حاليا محط تندر من قبل بعض 'أبناء الدولة ' أيضا من الذين فهموا اللعبة ، ولسان حالهم يقول : لماذا ليس أنا القائم على هذا المشروع .
ويقيني أن هذا التساؤل مشروع من وجهة نظرهم لأنهم فهموا المعادلة :سحج تمنحك الدولة صرة ومنصبا وتصبح صاحب جاه ونفوذ، وليس مغالاة القول أن المشهد الإعلامي الأردني الذي يتهاوى حاليا ،إنما وصل إلى هذه المرحلة بسبب فرض من يسمون زورا 'أبناء الدولة ' عليه لقيادته إلى الهاوية ، وهذا هو سر الإنهيار الكبير الذي نشهده حاليا في الإعلام الأردني .

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
02-09-2015 01:34 PM

انا شاهدت الموتمر الصحفي الذي اعلن من خلاله رئيس الوزراء عن مشروع قانون الانتخاب على الجزيرة مباشر ولم يبث عبر التلفزيون الاردني الا مسجلا

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012