أضف إلى المفضلة
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
بحث
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024


عن المقدّس والمُدنس!

بقلم : د.محمد ابو رمان
09-10-2015 12:09 AM
باركت الكنيسة الأرثوذكسية في روسيا الغارات التي تشنّها الطائرات الحربية الروسية في سورية، واعتبرتها جزءاً من حربٍ مقدّسة ضد الإرهاب.
المفارقة أنّ هذا 'البيان الديني' تزامن مع بيانٍ دينيّ آخر صادر عن أكثر من خمسين من علماء الدين في السعودية، يعتبر التدخّل الروسي احتلالاً، ويدعو إلى رصّ صفوف الثوّار في سورية والجهاد ضده!
التدخّل الروسي العسكري في سورية هو، بالضرورة، بمثابة 'نقطة تحول' كبيرة في الصراع الداخلي هناك، بل وفي الحرب الدولية والإقليمية التي تدور بالوكالة عن الأطراف الخارجية المختلفة. ومن الواضح أنّ الروس يريدون تغيير قواعد اللعبة بالكلية عبر خطوات متوازية؛ تبدأ بإنقاذ الأسد، مروراً بإعادة هيكلة موازين القوى، وصولاً إلى فرض شروط الطرف الأقوى (بعد هذه التغييرات؛ أي هم والأسد) على الطاولة!
المرحلة الحالية التي تشهد ما يسمّى 'معركة حماة البرية'، بغطاء جوي روسي، تهدف إلى إعادة تأمين مناطق الساحل السوري، والانتقال منها إلى المناطق المجاورة، أو القيام بعملية تطهير كامل ما بين دمشق والساحل من جهة، وإلغاء المشروع التركي بإقامة منطقة آمنة في الشمال السوري، عبر حركة الطيران الروسي على الحدود التركية بما تحمله من رسائل سياسية.
الطريف في الأمر، وربما أسوأ ما في تداعيات التدخّل الروسي، أنّ هذا التدخل سيغير بالفعل قواعد اللعبة هناك، لكن ليس تماماً كما يطمح الروس، بل على النقيض من ذلك. فالفتاوى المذكورة للعلماء السعوديين، مع فتاوى أو مواقف شبيهة خرجت عن حركات إسلامية أخرى، تذهب بنا بعيداً إلى تغليف ما يحدث بالصبغة الدينية والطائفية تماماً، وتغيير مواقف القوى الإقليمية مرّة أخرى لاستدراج الروس لمعركة طويلة المدى، أو مستنقع كبير يستنزفهم، عبر إعادة فتح القنوات والأبواب أمام الشباب الراغب في قتال الروس، بل واستهداف مصالحهم في مناطق عديدة من العالم، إن لم يكن في روسيا نفسها.
ما يزيد حجم المفارقات الكبيرة في معضلة التدخل الروسي، هو أنّ الهدف المعلن منه يتمثل في القضاء على تنظيم 'داعش'، لكن الحقيقة أنه حتى لو كانت الضربات العسكرية ناجعة ومؤثرة، فإنّ هذا التدخل بحدّ ذاته سيمنح التنظيم قدرة كبيرة على التجنيد والدعاية، وتقديم نفسه بوصفه قائد جبهة مقاومة التدخل الروسي-الإيراني، وحامي السُنّة في كل من العراق وسورية، بخاصة مع التحولات الجارية في المواقف الدولية، وتحديداً الأميركية والغربية.
وبالرغم من أنّ السعودية والأميركيين والأوروبيين لن يفكّروا في إعادة تجربة 'القتال الأفغاني' في مواجهة الروس (كما فعلوا مع الاتحاد السوفيتي)، إلا أنّهم لن يساعدوا الروس على تحقيق إنجاز استراتيجي وعسكري في سورية، بخاصة أنّ الأهداف الروسية الحقيقية، كما يدرك الغرب، تتجاوز مواجهة 'داعش' إلى تعزيز وجودهم في المنطقة والقضاء على خصوم الأسد أو المعارضة المسلحة، من دون تمييز بين الجيش الحرّ أو الأطراف المعتدلة والمتطرفة، وهو الأمر الواضح تماماً من طبيعة الغارات الجوية الروسية، والتركيز على المناطق التي تقع تحت سيطرة قوى المعارضة الأخرى لاستعادتها منهم!
الصراع في سورية، أو بعبارةٍ أدق 'عليها'، دخل مرحلة جديدة بالكلية، أكثر تعقيداً وتشعّباً، وضعُفت كثيراً فرص الحل السياسي أو الحسم العسكري. وإذا كان التدخل الروسي سيعيد، على المدى القصير، قدراً من التوازن والمبادرة لنظام الأسد، إلاّ أنّه على المديين المتوسط والبعيد يذهب بنا نحو تجذير الطبيعة الدينية والطائفية، وتعزيز خطاب 'داعش'، وخلق الشروط المناسبة أكثر لجرثومة الصراع الخطر في سورية، بل ونقلها إلى مناطق أخرى من العالم!

(الغد )

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
09-10-2015 12:14 AM

الصبغة الدينية للحرب بدأت منذ السنة الأولى بإعلان الجهاد ضد النصيرين و داعش تقولها بصراحة و النصرة كذلك و معهم باقي الحراكات الإسلامية، إذا التدخل الروسي لن يضيف جديدا

الحليف الأمريكي السعودي للمعارضة يتخذ خطوات خجولة في محاربة داعش علنا و يدعهما في السر لإقامة تجمع سني ضعيف سيطلقون عليه اسم دولة

التدخل الروسي سيعيد الأمور إلى نصابها إن صدق الروس و هو في مصلحة سوريا و يا للسخرية فهو في مصلحة أمريكا و السعودية أيضا اللواتي خرج الوحش السلفي عن قدرة احتوائهما له.

روسيا تحسن صنعا.

2) تعليق بواسطة :
09-10-2015 01:02 AM

نعتذر

3) تعليق بواسطة :
09-10-2015 03:19 AM

الروس أكثر من يعلم ثمن التدخلات المكلف,وهم يعانون من العقوبات الغربيه واقتصادهم بكامله اصغر من اقتصاد ولايه كاليفورنيا,,,الولايات المتحده كانت تتكلف اربعه مليارات اسبوعيا في تدخل العراق,فهل تستطيع روسيا ذلك؟
ولكن للمره الأولى يظهر الروس المراسم الأرثوكسيه الروسيه ,فهل يريدون حقا حربا دينيه تعقد مهامهم ؟ وهم للمره الأولى يهاجمون المعارضه المعتدله,فهل يريدون جعل مهمتهم معقده؟ وللمره الاولى يقصفون الصواريخ من بحر قزوين وفوق ايران,فهل هذه رساله لداعش ؟

4) تعليق بواسطة :
09-10-2015 03:21 AM

يجب ربط المواقف الروسيه الأخيره بالتغييرات على الجبهه بعد انكفاء الجيش للمناطق العلويه رغم الدعم الأيراني والمليشيات الشيعيه وحزب الله,,,فقد ايقن الروس انه لا يمكن الاحتفاض الا بدويله الساحل والا خساره كل شيء,فلا بد من شرعيه روسيه عبر وصايه ارثوذكسيه ولا بد انكار المعارضه المعتدله لأنها تريد سوريا كامله ديمقراطيه مما يخرج الروس من المعادله ,ولا بد من تحجيم ايران وتأثيرها في تركيبه دوله الساحل,,,

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012