أضف إلى المفضلة
الثلاثاء , 23 نيسان/أبريل 2024
الثلاثاء , 23 نيسان/أبريل 2024


فؤاد الطاينه يكتب : روسيا بين هدفين والاختيار لأمريكا

بقلم : فؤاد البطاينه
10-10-2015 10:38 AM

مازالت الاحداث المترتبة على التدخل الروسي في سوريا الذي يذكرنا بالحملة العسكرية على العراق ، تكشف عن تساؤلات و استنتاجات جديده مسئولة عن خلق معادلات ووضع جديد . ولعل القاعده التي تؤكأت عليها روسيا في تدخلها ذو الأهداف البعيده تكمن في موقف أمريكا غير المقنع عسكريا وسياسيا من حربها على داعش .وهو الموقف الذي أعطى روسيا في المحصله ما لم تكن تحلم به قربانا قدمته امريكا على مذبح الملف الايراني تحقيقا للمصالح الاسرائيلية ودفعا للدخول في حرب مع ايران , حيث يبدو أن داعش والحرب عليها كانت ورقة خلقتها أمريكا او استخدمتها من أجل هذا الملف تحديدا وحصرا . وهو الملف الذي كان يشكل لامريكا الملتزمة بامن اسرائيل بالكيفية التي تراها اسرائيل أكبر تحد لها . وأن هذه الورقة التي تعاظمت قد أدت بعد الاتفاق غرضها لامريكا التي ترجلت دون احتساب ماذا بعد ... ، لتعتليها روسيا من اجل الحصول على استحقاقات ايران كما تفهمها روسيا كشريك استراتيجي لها في الملف والمنطقه ، سيما وأن لاتفاق قام على صياغات حمالة اوجه ولولا ذلك لما تم هذا الاتفاق .
إن انعكاس دخول روسيا المفاجئ بحجمه وطبيعته على الراي العام الامريكي والعرب قد ترافق مع إدراك الدول الغربية المتأخر بأنها كانت مجرد أدوات استخدمت في ورقه داعش الامريكيه لمصالح امريكيه اسرائيليه ليس أكثر . فنحن نشاهد اليوم هذه الدول بدأت مرتبكة تتلمس طريقها دون تنسيق وتحشر أنفها باللعبة جديا في سماء وأرض سوريه والمنطقه ، باستراتيجية عسكرية جديدة تمثلت بتوسيع مجال عملياتها الجوية الى سوريا لتكون في المشهد السياسي . وإذا افترضنا جدلا أن محاربة الارهاب هو الهدف الحقيقي لامريكا وروسيا وافترضنا بقاء التحالف الامريكي الحالي على ما هو عليه فسيصبح أمامنا تحالفين اثنين مختلفين في النوايا والمصالح وبالأولويات ، وهو أمر سيترتب عليه استحقاقات خطيره إذا لم يسو ، ويجعل من الوصول لتسوية في سوريه أمرا أكثر تعقيدا وأبعد منالا .
لكن هناك ما يشير الى أن الأمر قد تجاوز اللعبة الأمريكيه كلها . فعلينا أن نحسب بأن دخول روسيا الى سوريا كان مبنيا على اتفاق مع سوريا وربما ايران التي فشلت في الحفاظ على النظام السوري ، وروسيا هذه التي تتذكر قول الأسد بأن سوريا لمن يدافع عنها ، لا تقدم وهي في حالة اقتصاديه رثه على دخولها المحموم جدا وتكاليفه بالمجان . فكانت أي روسيا حريصة على نزع القيادة العملياتية والتفاوضية من ايران ومن النظام السوري ليصبح سلوكها في المنطقه رهن تحقيق مصالح لها جديدة وأكثر عمقا ، ولها الأولوية على مصالح ايران وسوريا . وعلينا أن نحسب بأن روسيا أصبحت من واقع حجم ونوعية تدخلها في سوريا هي صانع الحدث في المنطقه . مما يؤهلها لتغيير طبيعة وقواعد اللعبة كلها في المنطقه والعالم ليصبح أمامنا مقدمات تصلح لأن تكون محلا لمشهدين بهدفين روسيين سيكون أحدهما هو الحدث الذي تسعى لصنعه روسيا . وأنها لن تكتفي الا بتحقيق أحديهما ، وتصبح أمريكا هنا مضطرة بين تفضيل خيار على أخر من الهدفين عن طريق التسامح مع هذا ومواجهة ذاك ، حيث لم يعد من السهل حبس الدب في الزاوية .
أما الهدف الأول فهو ترسيخ وجود روسيا العسكري في المياه السورية ووجودها السياسي في سوريا واثبات حضور لها غير جدلي في المنطقه يؤمن مصالحها الاستراتيجية فيها ويؤشر على مصالحها الاستراتيجية في حديقتها الخلفية ، وبما يؤمن تحقيق تفهم أمريكي غربي لذلك . وهو هدف لا تقايض عليه روسيا كحد أدنى لأن غيابه يخنق روسيا عسكريا أطلسيا ويبقيها تحت رحمة الضغوطات الاقتصادية . والمهم هنا أن تحقيق هذا الهدف في ظل حالة الصومله القائمه في سوريا هو الذي يشكل الخطورة على المنطقه العربيه، لأن تحقيقه في ظل الحاله القائمه والمتفاقمه ربما يكون مستحيلا إلا بتقسيم سوريا وإقامة الدولة العلوية بشكل من الأشكال . فروسيا تدرك تماما أنها لا تستطيع هي وحلفها اخضاع الساحة السورية وفرض الاستقرار وترسيخ نظام الأسد في ظل البيئه المحلية والدولية القائمه، ليصبح مع هذا هدفها المعلن في الحرب على الارهاب هو مجرد تكتيك لهدفها الحقيقي
الهدف الثاني هو محاولة روسيا هدم النظام الدولي القائم واعادة احلال ثنائية القطبيه . .... . فروسيا ومن واقع معاناتها باتت غايتها من فرض نفسها عسكريا وسياسيا في سوريا والمنطقه هي اعتلاء الموجة كفرصة ومنطلق لتشكيل حلف على هذه الخلفية توثق به نفسها كزعيمة لقطب من جديد تخرج من خلاله من حالة العزل السياسي والحصار الاقتصادي والعسكري الذي لحق بها من نظام القطب الواحد حين فشلت امريكا والغرب في ادماج روسيا ومصالحها في ذلك النظام . وبهذا فقد أمنت روسيا مسبقا حلفاء من المنطقة ومن خارجها .
إن ميزة الامتداد والتفوق الامريكي عسكريا وتكنولوجيا واقتصاديا قد وازنته روسيا تماما عندما التقطت اللحظه . فأمريكا التي كانت تراهن على فشل روسيا في إخضاع وهزيمة محاربي النظام االسوري وعلى ما يترتب على هذا الفشل من كلف سياسية واقتصادية مدمره وتوريطها فوق ذلك لتصبح هدفا للتنظيمات الاسلامية ولدول من الاتحاد السوفييتي السابق ، هي مراهنة مبالغ فيها وليست روسيا من يغامر بإغفال الحسابات الدقيقه ، بل وتبدو مراهنة خاسره عندما وازاها الاصطفاف الصيني والكوري الشمالي وبعض الدول العربية الى جانب روسيا بشكل من الأشكال لا يسمح بهزيمة روسيا ،و ليتعدى الأمر عندها مسألة معارك بالوكالة ويتعدى هدف ترسيخ الوجود السياسي لروسيا في المنطقة او تأمين مصالح محدودة لها الى خلق تحالف دولي أكثر انتشارا ينتزع التفرد الامريكي بالقرار الدولي وبمنطقة الشرق الاوسط ويفرض التوازن العالمي من جديد في قطبية ثنائية تخضع لها امريكا والغرب كبديل لحرب عالمية ثالثه. وإن محاولات روسيا الخجولة في فتح قنوات دبلوماسية مبكره مع أي طرف من الدول او التنظيمات ، يأتي توطئة واتساقا مع دعوتها لامريكا للتنسيق معها بما يعنيه ذلك بأنها هي صاحبة مبادره عالميه وشريكا اساسيا وندا
الا أن نجاح روسيا أو فشلها بالعودة للقطبية الثنائية أمر مرتبط بطبيعة الموقف الصيني التقليدي غير القابل للدخول في عباءة طرف ، وبردة فعل امريكا والغرب الذي يمثل فيه القرار الأطلسي الأساس ، وبعوامل أخرى عديده أهمها الرغبة والقدرة الامريكية الأوروبية على شن حرب اقتصادية واسعه ومؤثره على روسيا بالذات وإشغالها بحروب استنزاف
إن حتمية تحقيق روسيا لأحد الهدفين واضطرارية لجوء أمريكا الى أحديهما يأتي تحت عناوين مستجده كثيره على حالة امريكا وروسيا وسوريا والمنطقه، وسيجعل ذلك من الحل الوسط سيدا للحلول وبما يؤمن المصالح الروسية في المنطقة ضمن أي تسوية في سوريا ، ومحاولة ادماج روسيا ومصالحا في في نظام القطب الواحد على أسس تقنعها . فالعمل الدبلوماسي وحده لاخراج روسيا من المستنقع السوري شبه مستحيل وقد لا يكون الا بحرب لا يشنها عقلاء . فسوريا اليوم مصومله ومفتوحه أمام كل دول ومنظمات وافراد العالم . والنظام فيها تحول الى فصيل طائفي مقاتل سلم الى روسيا شرعيته الصورية التي حفظتها له في مجلس الأمن . لتصبح يده هي الطولى في سوريا . وستصبح تركيا وايران والدول العربية اليوم محل تجاذبات رهن مصالحها وقدرتها على الحركة . ويبقى الانتظار هو سيد الموقف كله .

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
لا يمكن اضافة تعليق جديد
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012