أضف إلى المفضلة
الخميس , 25 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
بحث
الخميس , 25 نيسان/أبريل 2024


بدّي أروّح!

بقلم : حلمي الاسمر
27-11-2015 12:36 AM
-1-
أسخف ما يمكن أن تسمعه في دائرة حكومية، أو سوق، أو بنك، من يناديك «عمي» أو «عمو» حسنا، أنا لست عم أحد، ربما تنم هذه اللفظة عن احترام ما، لكنها مدعاة، كذب، خاصة حين تتذكر أنك محروم من سماعها ممن أنت عمه فعلا، ويفصلك عنه محض مسيل ما فقطّ!
-2-
ثمة رغبة دفينة تطل برأسها كلما تراكمت على الرأس الملفات، رغبة بالهروب، إلى الأمام أو إلى الخلف، لا يهم، ربما يكون شوقا إلى الاختفاء أو الاحتماء بملاذ ما من خطر ما، خطر لا تدري من أين يأتي! هناك خوف دائم، في حالة كمون، ينتفض بين حين وآخر، فيشيع حالة من الفوضى، وتتركز الأحاسيس نحو تلك الرغبة بالهرب، أذكر تلك الصرخة التي أطلقتها ذات ظهيرة فجأة: بدّي أروّح يومها تبادل أبنائي النظرات فيما بينهم، كأنهم يتساءلون: إلى أين، وأنت مروّح أصلا وتجلس في بيتك، ويومها لم أستطع أن أقول لهم أنني أشعر بغربة موحشة أحملها حيث أحل، وأن ثمة حنينا لا يدانيه حنين إلى الحضن الأول، العودة إلى الديار الأولى: حضن الأم! حسنا، إلى أين تتجه بوصلة الحنين في حال غابت الديار أو حضن الأم الأولى؟ هل ثمة أمهات بديلات في السوق من الممكن أن تشتري خدماتها، فتكتري حضنها لوقت ما؟ كم تبدو فكرة سخيفة! هي أشبه بالنائحات المستأجرات في المآتم المصرية، يا للغربة والخيبة!
-3-
كم هو صعب عليك حينما تجد فمك مفتوحا على مصراعيه، دون أن تستطيع أن تتكلم، هو حلم أو كابوس: أرض خلاء بلا نهاية، وأنت تشعر بخطر ما، ثعبان يحيط برقبتك، أو تهوي في بئر، أو يبدأ وحش بأكلك، يبدأ بساقك مثلا، أو تجد رأسك بين فكيه، تحاول أن تصرخ مستنجدا فلا تجد صوتك، تتعرق تلهث، وينقطع نفسك، وتشعر أن روحك على وشك أن تخرج من جسدك، هو ليس حلما، بل واقعا تعيشه يوميا، يأتيك متلبسا مشهدا ما، فلا تستطيع أن تفعل شيئا إلا أن تبقى تحاول الصراخ، لعل صرخة تفلت منك، فتصل مبتغاها، ويأتيك من ينقذك وينقذ كل الذين يعيشون الكابوس نفسه!
-4-
تبدأ الحالة المرضية هكذا، تدندن بلا شعور: أنا عندي حنين ما بعرف لمين.. حينما يداهمك هذا اللحن عليك أن تعلم أنك تعيش الحالة ...التشخيص هنا ليس صعبا، ثمة رغبة بالانسحاب من مشهد يضغط على أعصابك، ورغبة ببوح في جو محاط بالكتمان، وشهوة دفينة تخجل من التعبير عنها، تمتلىء بها وتفيض من جوانبك، فتفضحك أحيانا، وتكتمها حينا آخر، فتختنق بها، عمليا وعلى الأغلب أنت تعرف الحنين لمين لكنك لا تريد أن تقول، لأنك إن قلت فستصبح قولا على ألسنة القائلين، لهذا تلوذ بحالة من التيه، وإن كنت لا تعرف حقا لمين فثمة حاجات كثيرة تستعصي على العد تحاصرك ولا تستطيع الوصول إليها، رغم أنها كلها في متناول يدك! هذا ليس حديثا وجدانيا، كما يبدو للوهلة الأولى، تستطيع إن شئت أن تُسقطه على كل مشاهد القهر التي تمر بك او تمر بها كل يوم، سواء كنت عالقا في أزمة سير مستمعا إلى نشرة أخبار كلها قهر، أو كنت في وسط ضجيج وناس كثيرين يتصايحون نقاشا أو شجارا، فيما تشعر بوحدة موحشة!.
-5-
يعني؟ لا شيء على الإطلاق، هي مجرد قنابل موقوتة، تحاول أن تنزع عنها الفتيل، كي تستطيع أن تنام، بحثا عن حلم جميل، يأتي ذات يوم!


(الدستور )

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
27-11-2015 08:24 AM

استعن بالله وأكثر من ذكره وقراءة القرآن ونم على طهارة ووضوء . ولا تهرب إلى الأمام أو الخلف اهرب إلى الله وأكثر من الدعاء واستبرء ذمتك واطلب المسامحه
وغلب الرجاء على الخوف واستعد .
كان الله معك .

2) تعليق بواسطة :
27-11-2015 11:16 AM

شعور صحيح لكل اصحاب الضمائر الحيه ممن يحلم بواقع اجمل وأهدأ وأكثر رومانسية وأكثر طهرا وأكثر حبا وأكثر .........

3) تعليق بواسطة :
27-11-2015 12:24 PM

هذا مت يسمونه:عذاب الضمير,فأنت تعلم غي قرارة نفسك انك هارب من واجبك تجاه وطنك الاصلي غلسطين.

وطنك محتل ومهان وأنت تعيش في وطن آخر تنظر اليه كل يوم عبر شاشات

الفضائيات ولا تفعل شيئا سوى التنظير

على الآخرين.

تمتدح النضال ولا تناضل,تمجّد الابطال وليس ببطل,وهذا هو مرض انفصام الشخصية,وهذا هو سبب تيهك ومعاناتك.

عد الى وطنك وقم بواجبك وسوف ترتاح.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012