أضف إلى المفضلة
الخميس , 05 كانون الأول/ديسمبر 2024
شريط الاخبار
بحث
الخميس , 05 كانون الأول/ديسمبر 2024


المرحوم ألحي

بقلم : د.م حكمت القطاونه
23-05-2016 06:44 PM
مما وقعت عليه عيني في ثمانينيات القرن المنقلع جزء من نص لكاتب روسي قديم وكما الشعر عند الأعراب فالنثر مرآة التاريخ، ولم أجد أشقى من أُمتي إلا الروس خلال عصور القنانة.
وفي وطن السيد ووكلائه من مختلف الأشكال منهم من تسلح بماريشاليته أو قبيلته التي تحميه أو تجارته ومقاولاته عبر الحدود وفي عرض البحار ، يتفانون في خدمة السيد وحتى العبيد درجات وكل منهم يُحاكي أسياده في ظلمه وتجبره .... هنيئا لكم كل التعديلات الدستورية من 1928 ولغاية ما سيُنجز في المستقبل، هنيئا لكم كل الوكلاء ....
....كان يهمز الدابة بقدميه فتغـوص أقدامها عميقا في الوحل مقتلعة بحوافرها كـتلاً مـن الطين.
أدركـه وكيـل الإقطاعي سيده على جواده المُسرَج وضربـه بـصمت وحقـد فـانزلق من على ظهر الدابة مع البرذعة التي كـان يجلـس عليـها بخفة وصمت.
ركع على ركبتيه أمام الوكيل، خالعا قبعته الثقيلة عن رأس صلعاء، وراح يبكي طالبـًا الـصفح، مـرددًا أنـه أصـم، هـرم ضعيف، وأنه ذاهب إلى ابنته ليعودها.....كـز الوكيـل عـلى أسـنانه وشرع يسوط كل بقعة من بدنه.
صحا من الألم والرعب، غارقًا في دموعه ودمائه وظل راقدًا حتى مطلع الفجر... وسلام هي حتى مطلع الفجر، محدقًا إلى شبح البوابـة الرصاصي وأحس بأن قلبه المُتعب يتجمد، يخفق بنبـضة أخـيرة، لم يدرك أكان هذا حلما أم هي حياته الأرضـية الواقعيـة وقد امتزجت بذلك الأسى وتلك التعاسة اللذين أحس بهما عندما ركع أمـام الوكيـل، ضـحك ماسـحًا وجهـه المخـضل بالدموع والدماء وقال لنفسه ناظرا إلى شاهد قبره في ربوة : تذكرت من يبكي علي فلم أجد !؟.... ولكن بأطراف السمينة نسوة عزيز عليهن العشية ما بيا ، فمنهن ابنتي تمر بالشاهدين باكية : حبيبـي أبي، مـاذا فعلـت بنفـسك، مـاذا فعلـت بنـا؟ مـن سيحزن لأجلنا، من سـيهتم بنـا؟ حبيبـي أبي كنـت مـارة قـرب بيتك، لم يلقني أحد، لم يرحب بي أحد، عندما كنت أمـر قربـك، كنت تلقاني ترحب بي !؟.
أرعدي يا رعود، اشتعلي يا بروق، وأنـت أيتها الأرض الرطبة يا أمنا الودود، انشقي واعصفي يـا ريـاح، انفخـي الكفن عن أبي، اخلعيه عنه.
آه إنها ابنتي قال هذا لنفسه بفرح وعذوبة، وتملمـل أمل ما في صدره ........ كـم بـدا لهـا عظـيما وعتيقًا هذا المرحوم الحـي !.
المرحوم الحي د.م حكمت القطاونه.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
23-05-2016 07:32 PM

دائما ( تنبش ) على الأوجاع يادكتور تصمت دهرا و تغريدة واحدة تدك مضاجعنا
تذكرنا يا دكتور في مقالتك التي تتحفنا دوما حتى ولو كل شهر مره

2) تعليق بواسطة :
23-05-2016 11:21 PM

كاني في معركه --كان الكلمات رصاص -نعم انه سحر الكلمه تدفعها الاها ت والقهر والرغبة في الثار او الانتقام - نعم انه الواقع الاليم

3) تعليق بواسطة :
24-05-2016 01:41 PM

جميل هذا العصف ..وإن أتى بعد انقطاع بذكرني بطائر الفينيق الذي يعود حيا من الرماد بعد أن يحترق .
نعم يعود إلينا أبوعمر بعد غياب أفسره بالإعتكاف وكأني به آثر الإبتعاد بعدما بلغ به اليأس الزبى من هول ما يحدث لوطنه وأمته وهو العربي الأبي الذي يقرأ الواقع جيدا وقيم حاله وحال من حوله فاختار الإستكانة وهو الذي يصنف من صفوة الناشطين الأردنيين الذين كانوا في طليعة من قالوا لاللظالم لاللإستسلام لاللإنبطاح لاللهزيمة ولالجوز أمي هو عمي وأرضى بجبروته وعنجهيته ، ولا لرفع الراية البيضاء .

4) تعليق بواسطة :
24-05-2016 01:54 PM

أخي دكتور حكمت يعجبني تململك وصحوتك بعد اعتكافك على قلتها ، المهم أنت موجود ولاتبتأس فالخير في شعبنا على قلته
موجود والأحرار والخيرين من أبناء أمتك فيهم البركة .
عد إلى تاريخنا المجيد كيف تخلصنا من التتار ومن الصليبيين ومن المستعمرين وتذكر قول رسولنا الكريم صلوات الله عليه وسلامه (الخير في أمتي إلى يوم القيامة) وذكر الشام وبيت المقدس وأكنافه .
اشتد ياأزمة تنفرجي والبركة في جيل الشباب أشقاء البوعزيزي الذين قالوا لا وكسروا حاجز الخوف من الطغاة
والأيام بيننا (أيام عمر ووسام)وجيلهم

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012