أضف إلى المفضلة
الجمعة , 19 نيسان/أبريل 2024
الجمعة , 19 نيسان/أبريل 2024


"شيطنة" النسور!

بقلم : د.محمد ابو رمان
31-05-2016 12:24 AM
لم يتعوّد الأردنيون، خلال العقود الماضية، على حكومة تعمّر طويلاً؛ لمدة أربعة أعوام. وكان من الطبيعي أن تكون هناك شكوك كبيرة لدى الطبقة السياسية والرأي العام بأنّ الحكومة ستظل إلى آخر يوم في عمر البرلمان الحالي، على قاعدة '4×4'!
لكن ذلك حدث، وكان واضحاً إصرار الملك على أن يرسّخ تقليداً جديداً في الحياة السياسية ينهي ظاهرة التغيير المتكرر لرؤساء الحكومات والوزراء. وهو تغيير أرهق الموازنة العامة، وعطّل جدول أعمال الدولة، وأضعف مبدأ الاستمرارية المؤسساتية.
صحيح أنّ الحكومة لم تكن لتعمّر مع مجلس النواب وحدها، وحكاية الثقة كانت غطاءً لدعم كبير تلقاه الرئيس عبدالله النسور من وراء الكواليس، ما حال دون حجب الثقة عنه في أكثر من مرّة سنّ النواب رماحهم للنيل من الحكومة؛ لكن -في النهاية- لم تكن تحرّك رغبات أغلب النواب ضد الحكومة مواقف سياسية حقيقية، كما في برلمانات العالم، بل ضغائن شخصية ومصالح محدودة.
إذن، انتهت حقبة النسور كاملة، وتم تسجيل أرقام قياسية في عمر الحكومات، وفي تكريس قواعد جديدة للعبة. ولعلّ الفترة الطويلة خلقت لدى الأردنيين حنيناً إلى التغيير والتبديل، بخاصة مع الأوضاع المالية والاقتصادية الصعبة التي أحاطت بعمل الرجل، والقرارات الصعبة والقاسية في بداية عمر الحكومة، وأدت إلى احتجاجات شعبية واسعة في حينها.
ثمّة اختلاف كبير في تقييم عمل الرئيس النسور؛ فهناك من رجال الدولة والسياسيين من يرى أنّه اتخذ قرارات 'شجاعة' وجريئة، وأنّه نموذج لـ'رجل الدولة' الذي يتحمل المسؤوليات. وهناك اتجاه عريض يشعر بخيبة أمل كبيرة تجاهه، ويرى أنّه لم يحقق إنجازات اقتصادية حقيقية، فضلاً عن أنّه قبل بطواعية وانسياب فريد بإعادة هيكلة دور الحكومة وتحجيمه لتصبح حكومة تكنوقراطية تنفيدية، بلا أي دسم سياسي!
الوقوف مع أو ضد النسور أمر مشروع وطبيعي. وهناك بالتأكيد لكل حكومة إيجابيات وسلبيات، ومؤيدون ومعارضون. لكن من الضروري ألا يخرج النقد للرجل بعدما غادر 'الدوّار الرابع'، إعلامياً وسياسياً وفي الفضاء العام، عن حدود الأدب والتقاليد السياسية المحترمة!
من غير المقبول أن تخرج الانتقادات السياسية والإعلامية عن الأعراف المهنية والسياسية والأخلاق العامة، وتبدأ عملية 'الشيطنة' و'الشخصنة' والإسفاف في التعامل مع رجل خارج السلطة، ربما في قناعته اليوم أنّه أفضل من خدم الدولة، وأنّه أدى المهمة المطلوبة بنجاح!
وإذا كان هناك شيء يذكر للحكومة السابقة، وتحديداً لوزير الإعلام د. محمد المومني، هو أنّهم تعاملوا برحابة صدر كبيرة وأريحية شديدة مع الانتقادات والمقالات والآراء المعارضة للحكومة.
لم تكن إلاّ حالات قليلة تلك التي تعرّض فيها منتقدو الرئيس من الكتّاب، وأتحدث عن 'الغد' مثلاً، إلى محاولات للضغط غير المباشر، في الفترات الأخيرة للرئيس، وليس عبر وزير الإعلام. لكنّ أغلب الوقت كان هناك تقبل للانتقادات، على النقيض من كثير من الرؤساء والحكومات ممن كانوا ينظرون إلى أي سقف نقدي لممارساتهم وسياساتهم بوصفه مؤامرة من الآخرين، وبعضهم قد يصل إلى 'إعلان الحرب' على الكاتب أو الصحيفة!
المومني تعامل مع الإعلام بذكاء وبهدوء، ولم يخلق أزمات مع الإعلاميين. وبدلاً من مواجهة غضب وتشكيك وهجوم عنيف وضغوط في اليوم الذي يصدر فيه مقال ناقد للحكومة، تجد على هاتفك النقال عبارات مثل 'أقسى مقال ضد الحكومة.. بس ضرب الحبيب زبيب'، أو 'مقال جميل.. بس شمّتت الناس فينا'.
بجملة؛ من الضروري سياسياً وإعلامياً أن نصعد، قدر الإمكان، إلى مستوى محترم من الموضوعية والنسبية والالتزام بأخلاقيات النقد وقيمنا!

(الغد )

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
31-05-2016 06:22 AM

اخر ثلاثة شهور تم رفع الغطاء عنه وتمت مهاجمته ،، .وقبلها كان محمي صحفيا و برلمانيا ،، ولولا الحماية لتم اسقاطه شعببا و اعلاميا و وبرلمانيا ، مهما كانت حسناته ستبقى حكومته موصوفة بحكومة الجباية و تجويع المواطنين ، والجميع يشهد لم بذكاء الدغري القائم على الخداع ووووو

2) تعليق بواسطة :
31-05-2016 11:50 AM

اي رئيس وزراء هذا الذي يقبل بسحب كافة صلاحياته ويبقى صوريا وشكليا؟؟؟
وأي رئيس هذا الذي يقبل باستبعاده من الاجتماعات الهامة بالدولة حين مجيء الامير محمد بن سلمان ،ويؤتى بمن لا صفة وظيفية لهم ؟؟؟؟؟؟
وأي رئيس هذا الذي ظل ينتقد دولة معروف البخيت بانه يسير وراء مدير المخابرات ،بينما هو تم طرده تماما من القافلة وفقد أثرها تماما!!!!!!
وأي رئيس هذا الذي خضع بذل وتملق لحيتان الفساد وحاول مجاراتهم؟؟؟؟؟
عُقدة النسور شخصية ومحلية ومناطقية بالدرجة الاولى ،ويهمه ايصال رسالة للسلطيين انه ليس بأقل اهمية من س

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012