أضف إلى المفضلة
الجمعة , 29 آذار/مارس 2024
الجمعة , 29 آذار/مارس 2024


الرسالة السياسية الأولى!

بقلم : د.محمد ابو رمان
01-06-2016 01:14 AM
أغلق حزب جبهة العمل الإسلامي أمس مقرّه احتجاجاً على ما وصفها حملة استهداف رسمية له، وتضييق عليه؛ ملوّحاً بإجراءات تصعيدية جديدة.
ما نأمله من الحكومة الجديدة أن تكون الرسالة السياسية الأولى لها، بما يعطي زخماً سياسياً للانتخابات النيابية المقبلة، هي فتح قنوات حوار صريحة ومعمّقة بين الجبهة والدولة. ومن المتوقع أن يضم الفريق الوزاري شخصيات لها خبرتها وحضورها في التعامل مع الجبهة.
استمرار المسلسل الرسمي في التعامل السلبي مع جبهة العمل الإسلامي غير مبرر، ولا يُفهم إلا بمنطق الثأر من الحزب وجماعة الإخوان المسلمين 'الأم'، لما اعتبره 'مطبخ القرار' استقواءً على الدولة وتعالياً عليها في لحظة 'الربيع العربي' الأولى، وأيضاً كجزء من 'اللعبة الصفرية' التي حكمت العلاقة بين الطرفين منذ بداية التسعينيات.
الحكومة اجتازت مؤخراً عملية 'إعادة الهيكلة القانونية' لوضع الجماعة، أو بعبارةٍ أخرى حظرها قانونياً، لصالح مجموعة مهمّشة لا تملك وزناً سياسياً شعبياً حقيقياً، مع الاحترام لقياداتها التاريخية المهمة. وكان رد فعل الجماعة ناعماً، ووصل إلى تجاوز الانتخابات الداخلية، ضمنياً، عبر عملية أشبه بالتزكية، وتجنب استفزاز الحكومة بأيّ خطوات تُفهم على أنّها تصعيد.
لكن، وكما كتبنا سابقاً، فإنّ الحزب، الذي أصبح يمثّل اليوم الواجهة القانونية والسياسية الوحيدة لتيار الإخوان المسلمين (الأمّ)، ما يزال لا يعرف تحديداً ماذا تريد الدولة؛ وما هي النتيجة التي تريد الوصول إليها من خلال هذه الضغوط والسياسات المتجاهلة للحزب ولحجمه، بوصفه أكبر حزب معارضة في البلاد!
الحزب يريد أن يشارك في الانتخابات النيابية. وهي خطوة مهمة ستساعد على إعادة ترسيم قواعد اللعبة السياسية. ويرغب في فتح قنوات حوار مع مسؤولين مخوّلين، لكن لا جواب واضحا من الطرف الآخر إلى الآن يمكن البناء عليه!
مرّة أخرى، دعونا نحن نسأل السؤال المهم: ماذا تريد الدولة؟ هل المطلوب إنكار الحزب ووجوده في المشهد السياسي، وتجاهله تماماً، أو الاستمرار بالضغط عليه وعلى أنصاره حتى يُدفعوا إلى خارج اللعبة السياسية؟!
هل سيختفي الحزب أم أنصاره ومريدوه وسيتبخرون مع الهواء؟! هل هذا خيار عقلاني منطقي؟! لا أفهم بصراحة!
في النهاية، سيبقى حزب جبهة العمل الإسلامي موجوداً ومتجذّراً وممثلاً لشريحة اجتماعية معتبرة، بل سيستفيد كثيراً من الأوضاع والضغوط الاقتصادية. وأي تجارب حظر سابقة عربياً لم تنه الإسلاميين المعارضين، بل زادتهم قوة، والأمر أشبه بقانون اجتماعي، نظراً لحجم تكرار الحالات.
القانون الاجتماعي الثاني هو أنّ البديل المطروح لهذا التيار لن يكون تيارا تمت صناعته على 'عين الدولة'! بل سيكون تيارات راديكالية؛ إما 'داعش' أو 'النصرة'، سيتسرب لها من أنصار الجماعة والحزب شباب ساخطون، لديهم خيبة أمل من تمثيلهم في المشهد السياسي.
من الضروري أن تساعد الحكومة الجديدة في اجتراح أفق حقيقي لمستقبل العلاقة بين الدولة والجبهة، وأن نقلب صفحة الماضي ونفكر بالمستقبل. نحن بحاجة إلى قيادات رسمية تفكر بعيداً، تملك أفقاً حقيقياً، تخرج من صندوق الأزمة والتوتر، وتشرح للإسلاميين المطلوب منهم بالضبط من قبل الدولة، لإعادة تأهيل العلاقة المتردية بين الطرفين.
التخلص من ازدواجية الجماعة والحزب جيد؛ إنهاء ازدواجية العلنية والسرية جيد أيضاً؛ مشاركة الحزب بالانتخابات جيدة... هي متغيرات مفيدة وفي الاتجاه الصحيح، لكن المبالغة في الضغط والمبالغة في التجاهل والإنكار، سيؤديان إلى نتائج معاكسة تماماً ومغايرة لما هو مطلوب!

(الغد )

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012