حسان الرواد

    ما أن تحدث كارثة في بلد ما حتى تبادر سفارتنا الميمونة في تلك الدولة بالإعلان السريع المتعارف عليه: جميع الأردنيين بخير... وربما تسبق سفارتنا نفس الدولة المأزومة التي لم تعلن بعد حصيلة ضحاياها نتيجة الكارثة التي أصابتها؟؟؟ ولا أقول هذا تخمينا وإنما من خلال تجربة حقيقية عشتها في العراق عندما شن التحالف الدولي الحرب من أجل تحرير الكويت, حيث كنا أي الطلبة الأردنيين بأعداد تتجاوز 100 طالب في إحدى محافظات العراق الشمالية, ناهيك عن الأعداد الكبيرة في  المحافظات الأخرى والعاصمة بغداد, ولم نسمع حينها من سفارتنا عندما تقطعت بنا السبل شيئا, في حين قامت سفارات معظم الدول العربية بإرسال حافلات لنقل رعاياها على الأقل للحدود.

     أما الطلبة الأردنيين فقد رزقهم الله في حينها شاحنات أردنية كانت تحمل القمح للعراق, وقدر الله وجودها في تلك المحافظة خلال الأيام الأولى للحرب, حيث قام سائقو الشاحنات بعد أن هرع إليهم الطلبة طالبين منهم إعادتهم إلى الأردن بعد توقف جميع خطوط المواصلات المحلية والدولية, فلم يبخل السائقون عندها في نقل غالبيتهم بعد أن أفرغوا حمولتهم من القمح.. ليعودوا بعدها بحمولة جديدة من نوع آخر.. كانت واجبا ولزاما على السفارة الأردنية المقصرة, وليست شاحنات القمح...؟؟ وقد كتب الله لهم النجاة من صواريخ الطائرات الأمريكية التي كانت تقصف الطريق السريع المؤدي للأردن حيث أن القصف كان يستهدف بشكل خاص الشاحنات؛ ظنا منهم أنها تحمل صواريخ سكود التي تقصف إسرائيل, وبالفعل فقد قُصفت أثناء هذه الحرب شاحنات أردنية عدة واستشهد سائقوها, وكان من الممكن لولا لطف الله أن تكون تلك الشاحنات المحملة بالطلبة منها, فتصوروا عندها حجم الكارثة, ليخرج علينا السفير الأردني وقتها متشدقا ينعى شهداء العلم الذين قضوا نحبهم نتيجة ركوبهم الشاحنات وعدم التزامهم بنصائح السفارة وركوب الحافلات المرسلة لهم..؟!! , والمصيبة الكبرى أن السفارة الأردنية والخارجية المبجلة قد طمأنت الأردنيين من خلال وسائل الإعلام وقتها أن جميع الأردنيين بخير, ولا أدري كيف حكم السفير حينها أو الملحق الثقافي وقتها أو سكرتيرة الملحق الثقافي سندس الأمورة صاحبة التنورة المشهورة فوق الركبة ودلوعة السفارة ومستقبلة الطلبة الذين لم يتشرفوا برؤية الملحق الثقافي قط ... وإنما كانت سندس الكل بالكل, يتذكر الطلبة الأردنيين ذلك جيدا...؟  نعم, لا أدري والله كيف عرفوا وعلموا أن جميع الأردنيين في العراق بخير...؟؟؟

      إن أوضاع سفاراتنا في الخارج لن يكون أحسن حالا من أوضاعنا في الداخل, فالفساد والتوريث والبزنس وإكمال الدراسة والمصالح الخاصة أو العمل على رد الجميل لمن جاء بهم بغير حق هي من أكبر اهتماماتهم, وآخر ما يفكرون به المواطن الأردني المغترب المكلوم أو المصاب أو الواقع في مشكلة أو المعتقل, بل ويتعاملون معهم بكل كبرياء  وتأفف, وأحيانا بقرف...!! ويبقى السؤال ما هي الأهداف الحقيقية من وجود سفارات لنا في أغلب دول العالم تكلف الخزينة أموالا طائلة, وآخر اهتماماتها هموم ومشاكل المواطنين في تلك الدول..؟

    أقولها وبكل صراحة أنا (الموطن  الأردني) عندما كنت أدخل سفارة بلدي فلا أشعر بأنها سفارتي التي تُعنى بشأني قط, بل أن شعوري بالغربة وأنا  بداخلها أكثر منه وأنا خارج أسوارها..؟ و لربما وجدت في سفارات بلدان أخرى من الترحاب والاهتمام ما لم أجده في سفارة لم يربطني بها سوى العلم الأردني الذي يرفرف علي سطح بنايتها فقط...؟؟؟

rawwad2010@yahoo.com