أضف إلى المفضلة
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024


عقوق أردني فريد!

بقلم : د.محمد ابو رمان
26-08-2016 03:02 AM
في مقدمة كتابه 'على جمر الغضا: قراءات في الحكومات الأردنية 1949-1960'، يذكر الأديب والباحث عبدالهادي المدادحة، قصة طريفة دفعته إلى تأليف الكتاب. وهي أنّ 'شابا أردنيا كان في الرابعة والعشرين من عمره في العام 2006، خريج إحدى الجامعات الأردنية، والدته كانت تعمل مديرة لمدرسة مؤتة الأساسية للبنات في لواء ماركا بمحافظة العاصمة، وقد فشل في الإجابة الصحيحة على أي من الأسئلة التالية: أين تقع مؤتة؟ ما هي الأطراف التي تحاربت في معركة مؤتة؟ من كان قائد الجيش العربي؟ هل تعرف اسم رئيس الوزراء الأردني؟ هل تعرف من هو رئيس مجلس النواب الأردني؟.. عندها أصابني الفزع، وتذكرت كيف كنا نحن في مثل عمره نناقش الشأن الداخلي والشأن الدولي...'.
قد تبدو القصة عادية؛ فمن السهولة أن تصطدم كل لحظة بشباب حازوا على أعلى الشهادات العلمية والمستويات الأكاديمية، لكنهم لا يملكون أدنى معرفة بتاريخ بلدهم (الأردن)، ولا المحطات التي مرّ بها. لكن الجديد في كلام المدادحة أنّ هذه 'الصدمة' دفعته إلى تأليف 'على جمر الغضا'. وهو كتاب لا تكمن قيمته في اكتشاف معرفة تاريخية جديدة، أو إضافة جهد بحثي جديد، بل هو يقرّ منذ البداية باعتماده على عدد من المصادر التاريخية المعروفة (كتاب سليمان الموسى، والباشا نذير رشيد، ومقابلة مع علي أبو نوار -وهو قد ألف كتاباً أعمق من تلك المقابلة، يتناول فيها ما حدث في 1957 - وكتاب 'الأردن على الحافة' للسفير الأميركي السابق تشارلز جونستون، ومذكرات محمود رياض). إنّما قيمة الكتاب في الطريقة السردية الجميلة المبسّطة التي تناول بها الأحداث الضخمة في عقد الخمسينيات، وإلقاء الضوء على هذه الأحداث التاريخية العاصفة والمفصلية في تاريخ الأردن.
في عقد الخمسينيات؛ قُتل رياض الصلح في الأردن، واستشهد الملك عبدالله الأول في المسجد الأقصى، واعتلى الملك طلال العرش، ثم لأسباب مرضية تنحى وجاء الملك الحسين. ووُجد توفيق أبو الهدى (أعرق رئيس وزراء أردني، شكل الحكومات 12 مرّة) مقتولاً (أو منتحراً!) في منزله العام 1956. كما قُتل رئيس الوزراء الأردني إبراهيم هاشم في أحداث انقلاب بغداد في 14 تموز (يوليو) 1958. واغتيل رئيس الوزراء الأردني هزاع المجالي في مكتبه العام 1960. وفُرضت الإقامة الجبرية على سليمان النابلسي، رئيس الحكومة البرلمانية الحزبية في العام 1957. وهربت القيادات البارزة من الجيش العربي بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في العام نفسه، في مقدمتهم رئيس الأركان علي أبو نوار، ثم علي الحياري. ودانت محكمة عسكرية قيادات عسكرية بمحاولة الانقلاب، ودانت محكمة عسكرية مرة أخرى اللواء صادق الشرع (رئيس هيئة الأركان) في محاولة انقلابية.
في عقد الخمسينيات، دخل الأردن الاتحاد العربي مع العراق ردّاً على الجمهورية العربية المتحدة. لكن الاتحاد لم يستمر إلا لأشهر قبل وقوع الانقلاب على الحكم الهاشمي في العراق. وتشكلت حكومة نيابية حزبية أردنية بقيادة النابلسي، وتم تعريب الجيش العربي، وصعد نجم جمال عبدالناصر وأصبح مصدراً للصداع السياسي للأردن.. إلخ.
هذا العقد المتخم بالأحداث والتطورات، والمنعطفات التي مرّ بها الأردن، وكان وقتها الملك الحسين ما يزال في العشرينيات من عمره؛ كيف ندرّسه لأبنائنا في المدارس والجامعات؟ كيف يفهمون تاريخ وطنهم؟ وكيف تنبني الذاكرة لديهم؟ إذا لم نبنِ هذه المعرفة على أساس منهجي وفلسفي صحيح، كيف نتوقع أن يكون فهمهم لانتمائهم ووطنهم وتاريخهم؟ إذا لم يكن لهم قصص وروايات مغروسة في عقولهم ونفوسهم، لن يفهموا وطنهم!
ربما لا يوجد عقوق شبيه بعقوق الأردنيين تجاه تاريخهم ووطنهم وتقصيرهم في بناء الذاكرة الوطنية وصناعة التاريخ وتدوينه!
(الغد)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
26-08-2016 09:51 AM

لنقل الحقيقه اﻻردنيين بالتجنس غير معنيين بتاريخ اﻻردن بقدر ما هم معنيون بتاريخ بﻻدهم اﻻصليه.وﻻ معنيون بالهوية اﻻردنيه فلديهم هوياتهم الخاصه التي يبرزونها ويحافظون عليها في كل نواحي حياتهم
ففي اﻻردن شعوب وليس شعب واحد ترفض اﻻندماج وتحافظ على هويتها مما يعني استمرار مشاكل اﻻردن والصراع على الهوية.

2) تعليق بواسطة :
26-08-2016 09:59 AM

في زمن أصبحت القراءة فيه محدودة جدا، وصارت مصادر الثقافة هي المرئية والمسموعة فقط؛ أعتقد أن الإجابة على سؤال الوعي، بالانتباه إلى الدراما، وإعادة كتابة محطات مهمة من التاريخ الأردني، وتقديم روايتنا التارريخية للأحداث من خلالها، عبر أعمال درامية، يتم انتاجها بحرفية وبأعلى المعايير الفنية المتاحة، ولدينا الكوادر المؤهلة والمتمكنة، ابتداء من السيناريست وكتاب النصوص إلى الفنانين النجوم إلى المخرجين المعتبرين عربيا..
الدراما كانت وسيلة اعتمدها المصريون والسوريون منذ عقود، لتقديم روايتهم.. ونجحوا.

3) تعليق بواسطة :
26-08-2016 11:11 AM

في الازمنة الغابرة كنت قد اقترحت على احد وزراء التربية و التعليم ان تخصص في مناهج الدراسة لأحد الصفوف الثانوية حصة خاصة لتدريس الدستور و تاريخ الاْردن القديم و الحديث، ولم يكن هناك من يهتم، فلا غرو ان تجد من طلابنا من لا يعرف موءتة ولا كركا، و اراهن ان كان هناك من مسوءول و غيره من الأردنيين من يحفظون دستورهم، وهو جديد اذا ما قيس بدساتير الامم العريقة.

4) تعليق بواسطة :
26-08-2016 11:35 AM

ما في وقت للقراءه، الناس ماله، والثقافة بتراجع صاروخي، قراءة التاريخ يقتصر على الباحثين، ليس فقط في الاْردن بل في جميع الاوطان العربية، الناس صارت تفضل مشاهدة الأفلام ، صحيح ليه ما ينعمل فيلم او مسلسل درامي عن هذه الحقب إلهامه في تاريخ الاْردن ، كل المحبة للكاتب، أتشوق لقراءة الكتاب ، بس والله في راسي الف دوامه ومشكلة لها اولوية اعلى ، بدنا ندبر اقساط المدارس ، ومتابعة المناهج لتدريس الأولاد وبدنا وبدنا،،، الخ

5) تعليق بواسطة :
26-08-2016 03:12 PM

هل هو عقوق الاردنيين تجاه تاريخهم ، ام هو فلسفة وسياسة تسير عليها الدولة لتجهيل الاردنيين بتاريخهم الحديث والمعاصر وتوجيهه الوجهة التي يفقد فيها الانسان قيمته ؟؟؟؟؟؟

6) تعليق بواسطة :
26-08-2016 07:15 PM

الى تعليق 1 صدقت يسلم لسانك، حقاً غير معنيين بالاردن ولا تاريخه ولا يهمهم تاريخه، ولا لديهم ذرة انتماء، لي جوار اربعة اخوة لهم منازل متجاورة، حدث شيئ يتعلق بالتنظيم يهم كل المنطقة والحي، ويلحق اضرار بليغة بالسكان، وقمنا بمراجعة الجهات المختصة، لعرض مايصيبنا من اضرار من صفة التنظيم، وطلبوا منا تقديم عريضة من كل السكان المجاورين، لدراسة الموضوع وأعادة النظر بصفة تنظيم المنطقة، وعند طلبنا من الاشقاء الاربعة المذكورين على اعتبار انهم متضررين كبقية سكان المنطقة، وواجهنا تمنع من قبلهم وكلام يدل انهم

7) تعليق بواسطة :
26-08-2016 07:20 PM

غير منتمين للبلد، ولا يهمهم سوى مصالحهم، وعند خروجنا من منزل احدهم وجدنا ماسورة مياه مكسورة امام بيته وتهدر المياه في الشارع منذ اسبوعين وعند سؤالنا صاحب المنزل ما اذا كان ابلغ عنها اجاب لاعلاقة لي بها وغير مستعد اخسر ثلاث قروش ثمن مكالمة، وتبين انهم معتدين بالربط على شبكة الصرف الصحي بشكل مخالف وغير قانوني بدون تقديم طلب ودفع رسوم قانونيةن بالمختصر لايهتم بهذا البلد الا ابنائه الذين جبلوا ترابه بدمائهم!!!

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012