أضف إلى المفضلة
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024


ماذا جرى؟!

بقلم : جمانة غنيمات
01-09-2016 01:51 AM
أكثر ما يشغل الأردنيين، على المستويات كافة؛ الرسمية والشعبية، هو الاقتصاد. فعلى المستوى العام، ما انفك الناس يفكرون في مآلات الوضع الاقتصادي ومصيره، حتى صار طبيعياً اليوم سماعهم يرددون ويتداولون أخباراً كانت نخبوية حتى الماضي القريب، من قبيل المديونية، والعجز، وتأرجح أو تراجع المنح الخارجية.
ولا يوجد سؤال أكثر انتشاراً بينهم من: 'أين نحن ذاهبون؟'؛ فما الحل للمعضلة الاقتصادية التي تعقّد المشهد، وتمس بعمق حياتهم في أدق تفاصيلها؟
عند هذا الحد يتوقف النقاش، وسط قناعة بأن السياسات الحكومية المتبعة، والوضع الإقليمي، لا يساعدان، ككل، في التخفيف من حدة الأزمة. وتظل الشكوى من أنّ كل ما قامت به الحكومات خلال الفترة الماضية لم يطبِق فعلياً فكرة سيادة الدولة وهيبتها على صعيد تحصيل الأموال الأميرية من ذمم مواطنين، كما استرداد جزء مما نُهب من هذه الأموال، أو محاسبة الفاسدين على أقل تقدير.
لا ينتهي الهم الاقتصادي عند حد القضايا الكبرى الكلية، بل مصدر الاهتمام بهذه القضايا هو تأثيرها على المستوى المعيشي اليومي للأسر. هكذا ترى السيدة 'أم حمود' تقرر نقل أبنائها إلى مدارس حكومية، ليس لأن المستوى التعليمي فيها بات أفضل من 'الخاصة'، بل لأن دخلها لم يعد كافياً لتغطية تكاليف المعيشة.
تقول الأم: 'حرصت على وضعهم في مدرسة خاصة متواضعة حتى أحميهم من مسلكيات خطيرة تتفشى في مدارس حكومية. وأدرك جيدا أن الأخيرة لن تنفعهم في علمهم، لكن ما باليد حيلة'.
وأكثر الشكوى من الحال المالية الصعبة التي بلغها كثير جداً من الأسر الأردنية، سببه سياسات الجباية التي تجدها الحكومات ملاذا لتسكين المشكلات، ولا أقول حلها أبداً. إذ إن كل القرارات الصعبة والقاسية التي صدرت عن الحكومات استنزفت مداخيل الأسر، والتي لا بد من الإقرار أنّ جزءا غير قليل منها أيضاً يمارس نمطاً استهلاكيا مشوهاً.
إذن، العقدة اقتصادية، والحلول غير كافية أو غير مجدية. ما يعني أنه ما تزال أمام المجتمع سنوات قاسية على المستوى الاقتصادي، مع ما يرافق ذلك وينتج عنه من تبعات اجتماعية قاسية بدورها، تتجلى في أكثر من مؤشر، سواء العنف والجريمة، أو التطرف، أو تعاطي المخدرات، وغيرها. وهو ما يعني أن علينا التحضر لمشهد صعب، يفرض ابتداء، مبادرة علماء الاجتماع والخبراء عموماً، إلى إعداد الدراسات بشأن التغيرات التي طالت وستطال المجتمع نتيجة المتغيرات السابقة.
ويتوجب أن تقف هذه الدراسات الاجتماعية المطلوبة على كل الظروف التي مر بها المجتمع، علّنا نفلح في تفسير بعض الظواهر الجديدة أو الطارئة، كما توقع ما يمكن أن ينجم لاحقاً عن تواصل حالة الضيق الاقتصادي من ظواهر مجتمعية مرتبطة بالتطرف والجريمة عموماً، فنتوقف بالتالي عن طرح سؤال: 'ماذا حصل للناس؟!'، كما ترديد مقولة: 'مجتمعنا لم يكن على هذه الحال أبدا. فماذا جرى؟'.
الاقتصاد وأحواله هما الأداة الأهم في فرض التحولات الاجتماعية، وبالتالي فهمها أيضاً. وقد كانت التغيرات الاقتصادية التي عرفها الأردن كبيرة ومتنوعة، تركت بصماتها بعمق على مجتمعاتنا؛ منها توقف دور الدولة في توفير الوظائف، والتخلي جزئيا عن فكرة الرعوية من دون خلق بدائل مناسبة لها. ومن ثم، فإن مشكلات من مثل الفقر والبطالة وتدمير الطبقة الوسطى، كما معرفة ماذا حدث بالتزامن مع انتشارها، كفيلة بتفسير كل ما يجري لنا وحولنا.
إذن، على علماء الاجتماع وعلماء النفس الخروج من مكاتبهم والنزول إلى الميدان لإجراء الأبحاث، لنعلم بدقة وبالتفصيل العلمي ماذا حدث لمجتمعنا، وماذا يمكن أن يحدث مستقبلاً، خطوة أولى للوقاية والعلاج في آن.

(الغد )

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
01-09-2016 08:32 AM

الذي جرى في اﻻردن يطرح سؤال مركزي سيتم اﻻجابه عليه ولو بعد حين .وهو اين ذهبت عوائد بيع موارد الدوله وشركاتها واراضيها وميناءها ومطارها وعقاراتها .فبدل من ان ترصد في صندوق سيادي استثماري لﻻجيال القادمه تبخرت والصادم اننا وجدنا انفسنا نغرق بمديونيه فلكيه تناهز اﻻربعين مليار دوﻻر.

2) تعليق بواسطة :
01-09-2016 12:47 PM

أضم صوتي لصوت الأخ صاحب التعليق رقم 1 الله المستعان وأطرح نفس الأسئلة والتي يشاركنا طرحها الكثير من المواطنين فدمار الإقتصاد الوطني حل قبل أن يولد الربيع العربي وقبل أزمة اللجوء السوري وقبل أن تغلق الحدود العراقية والسورية
وأزيد فوقه من أسئلة أين المنح النفطية والشبه مجانية والنقدية وغيرها التي كانت تمنح للشعب الأردني ممثلة بقيادته وحكومته أين هي وأين صرفت ..؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
مطلوب جردة حساب لكل من أوصلنا لهذا الحال الكارثي الذي نحن فيه.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012