أضف إلى المفضلة
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024


د.عمر الرزاز يتذكر ..

28-09-2016 08:06 PM
كل الاردن -
صدر العدد الـ 33 من مجلة اللويبدة وبها يتذكر الدكتور عمر الرزاز....وفيما يلي نص المقابلة:
كتب باسم سكجها:
.............................
ما زال الدكتور عمر الرزاز شاباً، ولكنّ تجربته الحياتية والعملية، والعلمية، تحمل الكثير من الشيب ما يستدعينا للعودة معه سنوات وسنوات، بحثاً عنه، وعن ذلك الأساس الذي جعل منه هذا الرجل الذي حظي باحترام الجميع بمجرد عودته إلى الأردن.
الكثير كتب عن والده، وشقيقه، وهنا عُمر هو الموضوع:

+ حضور الأب الشخصي المباشر في حياتك كان قليلاً نسبة إلى عموم الناس، فقد انقطعت سبل التواصل معه عند حجزه التعسفي وأنت في عزّ صباك، وانتقل إلى رحمة الله غدراً وأنت أوّل شبابك، وقبلها كان يتنقل بين معتقل وآخر، وبين منصب في دولة وآخر في دولة أخرى، هل كنت تفتقد هذا الحضور الأبوي المباشر؟

+ يبدو أنّ أسئلتك الحميمية صديقي باسم ستصلح لمشروع كتاب عن أبناء وبنات جيل كامل من القرن العشرين الذين حلموا بتحقيق حلم الحرية الوحدة والنهضة العربية. تجربتي قد لا تختلف عن تجارب أي من هؤلاء. ربما ما يميزها فقط هو كثافة ما كتبته هذه الاسرة من فكر سياسي، وأدب، ورسائل ومذكرات يوثق هذه المرحلة. ففرضت الحياه السياسية في الوطن العربي إيقاعها الخاص الذي لا تستطيع العائلة ان تتفاداه، متمثلا بالسجن والتهجير حينا، والسلطة حينا، والتصفية الجسدية حينا آخر (وقد نال منيف الرزاز حظه من كل ذلك، إبتداء بالسجن في معتقل الجفر في فترات 1957-1963، والحكم عليه بالإعدام في سوريا سنة 1967، ومن ثم الإقامة الجبرية في بغداد من 1979 لغاية 1984 حين تمت تصفيته). إنها تجارب عنيفة في أثرها على أفراد العائلة وفي الألم الذي تولده، ولكنها لا تخلو أيضا من شعور عميق بالرضى وإدراك لاهمية دور الانسان في كل ما هو حقيقي وذو معنى في هذه الحياة.

+ وماذا عنك أنت، كيف أنعكست هذه التجربة على طفولتك؟

+ أجد انه من حسن حظي ان حضور والدي منيف في حياتي كان مكثفاً، وخصوصاً في مراحل الطفولة الاولى. فقد شاءت مآلات السياسة العربية أن تقترن طفولتي بفترات كنت فيها مع والدي ووالدتي في المنفى أو الاقامة الجبرية. ولصغر سني لم أفهم المنفى والاقامة الجبرية بصحبة الوالد إلا على أساس أنها فرصة عظيمة لقضاء ساعات طويلة معاً. نقرأ ونلعب. ففي أوائل الستينيات فرضت الإقامة الجبرية على الوالد في عمان، وسكنا جميعا في عيادته في البلد، حتى يستمر بالعمل كطبيب، ويؤمن لنا مصدر رزق. وكانت بالنسبة لي فرصة سانحة لقضاء وقتي باللعب معه، وأذكر “شرشف” المرضى الابيض الذي كان يعلقه، ويضيء المصباح من خلفه ويقدم لي مسرحيات رائعة ابطالها خيالات يصنعها بيديه وبأدواته الطبية. وكانت لديه قدرة هائلة على القصص، وتمثيل اصوات الشخ
صيات المختلفة في “سيف بن ذي يزن” وشحذ مخيلتي بالصور. وأجمل أيامنا معا قضيناها في صنع الطائرات الورقية، واطلاق العنان لها في السماء، واطعام الحمام على السطح. كل ذلك تحت الاقامة الجبرية!
أما مؤنس، رحمه الله، فقد كان يكبرني بعشر سنوات، وكان فهمه لما يدور من حولنا أعمق من فهمي كطفل. وقد حُرم من والده في مراحل هامة من حياته وتكوين شخصيته. فكوّن في ذهنه للوالد صورة اسطورية، وكان يتألم بشدة، وينهار مع كل نكسة سياسية للوالد، ويلجأ للكتابة والرسم لتفريغ غضبه والتنفيس عن المه. ولكن كلانا في المحصلة كان منغمساً بالتجربة، كل بطريقته.


+ ولكن الأمور انعكست في بغداد، حيث عاش مؤنس
مع الأهل، وبقيت انت في عمان،؟

+ فعلاً، الأمور أنعكست عندما انتقل الوالد الى بغداد سنة 1977 لاشغال منصب الامين العام المساعد في القيادة القومية لحزب البعث. فقد كنت انا في المرحلة الثانوية في الاردن، نبينما كان مؤنس رحمه الله على مقاعد الدراسة الجامعية في الدراسات العليا، فسارع مؤنس الى الانضمامالى الأهل في العراق، بينما تمسكت أنا بالبقاء في الأردن لانهاء دراستي الثانوية. وعندما بدأت بالتقدم للجامعات، زرت الأهل في العراق، ورغبت البقاء معهم، ولكني في الحقيقة لم أرتح الى أجواء السلطة والنفوذ، وفضلت ان أكون طالبا في جامعة ومدينة لا يعرفني أحد فيها، تتيح لي إكتشاف نفسي. وقد ذكر مؤنس في مذكراته محاولته والوالد إغرائي بالبقاء في بغداد، والدراسة هناك.


( من مذكرات مؤنس) :

( قطعت أنا دراساتي العليا في الفلسفة في جامعة جورج تاون - واشنطن، وانضممت إلى أسرتنا الصغيرة في بغداد، تتنازعني مشاعر الحماسة وأحاسيس التوجّس، فمرجعية انقلاب الاعمام علينا في دمشق عام 1966 كانت ما زالت جرحاً ينزف في روح ذاكرتي ولحمها . تنفّس أبي الصعداء، وقال بصدر منشرح : بعد
أيام سينتهي عُمر من امتحانات
التوجيهي في عمان، إحرص على أن تقنعه أن يأتي إلى هنا ليتابع دراسته الجامعية في جامعة بغداد.
صمت أبي لحظة، ثم قال بصوت لا يخلو من كدر. آن لأسرتنا الصغيرة أن تستقر وتجتمع تحت سقف واحد! وكان يشير إلى سنوات التشرد والمنافي والاعتقالات والاختفاء والنزول تحت ا
لارض، ما شتت عائلتنا الصغيرة، فهو إمّا في دمشق وأنا وأمي وعمر في عمان، أو هو وأمي وعمر في المنفى الاوروبي، وأنا في بريطانيا أو لبنان، وهكذا دواليك! جاء عمر إلى بغداد، بعد أن انتهى من امتحانات الثانوية العامة في عمان، فأعددت له شركاً لا يستطيع شاب في عمره الغض أن يقاومه، أو يرده. وبنكهة امتيازات السلطة، بكل ما فيها من إغواء
استقبلته في مطار بغداد، بسيارة ليموزين رسمية فخمة لا يحق لأي مسؤول حزبي استخدامها باستثناء أحمد حسن البكر وميشيل عفلق وصدام حسين ووالدي وشبلي العيسمي!
للسلطة أبهة اسطورية في أنظمة الحكم الشمولية. لها بهاء لامع ساحر لا يبلغه المرء بالخيال مهما كان مجنحاً جامحاً، وانما يبلغه بالتجربة الحسية الواقعية المباشرة . تقدمت سيارة الليموزين السوداء الفارهة ذات الستائر السوداء نحو سلم الطائرة العراقية المقبلة من عمان، ثم ترجلنا: السائق ومرافق من رجال الحماية وأنا. وبتعليمات مني بادر رجل الحماية _ الامن وكان إسمه “عراك” الى ارتقاء سلم الطائرة قبل ان ينهض الركاب من مقاعدهم وهمس في اذن رجل حماية الطائرة، ثم تقدم الاثنان بوجهيهما المتجهمين، وبدلتيهما الانيقتين من الر
كاب ثم صاح “عراك” بصوت فيه رنة “ السلطة “ الآمرة وهيبة النفوذ وسطوة القوة: إبقوا جميعا في مقاعدكم لطفاً، وليتفضل الأستاذ عمر الرزاز! كان عُمر في السابعة أو الثامنة عشر من عمره، فقام من مقعده مباغتاً محرجاً، وقد تضرج وجهه خجلاً، إذ شخصت كل عيون الركاب المسافرين نحو هذه الشخصية الخطيرة، التي منحت هذا الامتياز الاستثنائي على حساب بقية الركاب. هبط عمر من على سلم الطائرة مرتبكاً، يتصبب عرقاً، بينما يخاطبه “عراك” قائلاً بصوته الرسمي المخيف العبوس: الحمدلله على السلامة سيدي ! وقد اعترف لي فيما بعد أن كلمة “ سيدي “ وهو الشاب اليانع أثارت قرفه. إرتج عليه، ولم يهتد إلى كلمة يرد بها على “ عراك “ وضباط الأمن الآخرين، وما أن رآني أقف بانتظاره، حتى تنفس الصعداء وحث خطاه، وقد اطمأن إلى حد ما.
نقلتنا سيارة الليموزين الى قاعة الشرف. ومن هناك انطلقنا إلى البيت في موكب من ثلاث سيارات مرسيدس سوداء جديدة، يرافقنا سبعة من رجال الحماية الذين سارعوا بفتح أبواب السيارة لي ولعمر بطريقة حافلة بطقوس الانضباط الصارم ...في الطريق إلى البيت مال عمر نحوي وهمس: “يا زلمة أحرجتوني قدام الركاب في الطيارة .. هذا كثير”! قلت: وأنا أتفحصه بنظرة ضاحكة تُداري سخريتها: “إسمع أنت هلّأ في بلد الحزب مش في عمان، فاذا شفت شوية إمتيازات ومعاملة خاصة لا تزعل”!. وجعلت أوسوس في صدره أن هذه الامتيازات حق لنا لا ينازعنا عليه أحد. لقد ضحت أسرتنا الصغيرة تضحيات جسيمة من أجل الحزب . ونحن الابناء دفعناً ثمناً باهظاً من أعصابنا وتوازننا، جراء نضال أبينا، ومن حقنا الآن على عاصمة الحزب أن تعوضنا.
(أعترف اليوم أن سيناريو مؤامرتي هذه على عمر ليست مصدر اعتزاز لي على الاطلاق، لا بل أراه سيناريو مثيراً للأشمئزاز، على أنّني كنت على أهبة الاستعداد للاقدام بأي اجراء أحمق قد يساهم في أقناع أخي بالبقاء معنا في بغداد، وكانت حساباتي ومنطقي على النحو التالي : هذا شاب مراهق، ونحن نرغب باقناعه بالبقاء معنا والدراسة في بغداد، وهو متردّد وراغب في الدراسة بالجامعة الاميركية في لبنان، إذن فعلينا أن نقدم له إغراءات لن يستطيع مقاومتها. لقد تعمدت إيقاظ طموحه من مرقده، وكنت أنا نفسي أتعرض لمشاعر متضاربة في موقفي من وجود رب اسرتنا، وبالتالي أسرتنا، في المرتبة العليا من هرم السلطة.
في اليوم التالي، رتبت لعُمر لقاء مع رئيس جامعة بغداد. كان وجودي في أجواء السلطة قد أعمل أصابع التغيير في طبائع كياني وخصائصي إلى حد ما . فعلى الرغم من أنني جئت الى بغداد في البداية مسلحا بعقلية من نشأ في أجواء معارضة مثالية رومانسية، إلا أن جرثومة الاحساس ببهاء السلطة، وجبروتها الخرافي، وبخاصة في بلد مثل العراق، يتمتع بالنفط والعقول والطاقة البشرية ونظام الحزب الواحد القائد. وجدت في أعماقي، بعد سنة من وجودي في ظل السلطة، تربة ممانعة للنمو ونشر العدوى، لكنها ليست عصية تماماً ولا مستحيلة.
مضينا ،عمر وأنا ورجال الحماية والسائق في موكب مهيب إلى رئاسة الجامعة، فإذا برئيس جامعة بغداد ينتظرنا عند البوابة الرئيسة. همست في اذن عمر متضاحكا: إذا درست هنا فستتحول إلى “دون جوان”... وأجمل الطالبات سيتهافتن عليك تهافتاً (يا للفاشية المخزية!). كان النهار قائظاً، ورئيس الجامعة يجفف عرقه (كان مضطرا إلى الدخول في بدلة رسمية وعقد ربطة حول عنقه على الرغم من فظاظة الحرارة) . رسم إبتسامة عريضة على
شفتيه، ثم صافحني بحرارة مبالغ فيها، ثم رحب بعمر قائلاً، بصوت فيه رنة إستجداء: أهلا أستاذ!
كنت أسترق النظر إلى عمر خلسة، فبدا ممتقع الوجه، منقبض القلب، متوتراً، فأدركت أنني أجتهد في إغوائه بغير طائل، فالولد صعب المراس، وملدوغ من تجربة أسرتنا المرة في دمشق، وأنا أجسد أمام عينيه ...مثالاً مرعباً لمآلات أبناء الذين يخوضون لعبة السياسة العربية الخطرة والكابوسية. اصطحبنا رئيس الجامعة، في جولة فطوّفنا هنا وهناك داخل المباني والممرات، وجعل يقصّ على عمر تاريخ الجامعة وانجازاتها، لكنّ كل هذه الطقوس والشعائر المغرية أسفرت عن نفور عمر من بغداد. حين عُدنا إلى البيت، ضحك عمر حتى انهمرت الدموع من عينيه، وقال لأبي وهو يمعن النظر فيّ : “كيف بتتحملوا هذا النوع من العيشة؟ ثارت ثائرتي، ورأيت في موقفه هذا ضرباً من الجحود، ولم أتمالك نفسي، فأغلظت له في القول. إلا أن والدي قاطعني بحزم، وقال بهدوء مداريا

خيبته: “أنا بفضل إنو عمر يدرس هون في بغداد، بس الظاهر إنو حاسم أمره، ويفضل الجامعة الاميركية في بيروت”. تنهد ونفخ، ثم قال متجلداً: “خليه يعمل اللي هو حابب يعمله”. تملك عمر شعور بالذنب، ففتح فمه ليشرح ويبرر، إلا أن أمي بادرت وقالت: “خليه على راحتو”، ثم التفتت نحو عمر، وأضافت: “حبيبي إحنا بدنا إياك هون. بس القرار راجع إلك”. غمرني إحساس غامض محير، بأن أمي منشرحة الصدر لجهة قرار عمر الدراسة في بيروت لا في بغداد.
أعترف بأن السلطة في نظام شمولي رهيبة أخاذة مخاتلة محتالة. إنها تغافل أمثالي من الذين ترعرعوا في أوساط المعارضة، ثم عثروا على أنفسهم في السلطة. تراوغ فلا تبسط سطوتها علينا مباشرة، أو وجهاً لوجه،
أنتهى الاقتباس

وبالطبع لم يكن أي منا يدري أن الأمور ستنقلب رأسا على عقب في غضون شهور من زيارتي تلك، وستفضي بوالدي ووالدتي وأختي زينة إلى الاقامة الجبرية في بغداد.
طبعا نبأ وضع الأهل تحت الاقامة الجبرية في العراق سنة 1979، سنة تخرجي من الثانوية في الاردن أتى كالصاعقة وأدخلني في أصعب محنة مررت بها في حياتي. فبين ليلة وضحاها شعرت اني فقدت كل افراد اسرتي وأصبحت وحيدً، أحاول فهم ما جرى، وفهم دوري في المطالبة بإطلاق سراحهم، وفي تأمين مصدر رزق، وفي التواصل معهم والاطمئنان عليهم، وتطمينهم علينا، ومحاولة رفع معنويات مؤنس المنهارة في ذلك الوقت.


ولكن للإنسان قدرة هائلة على التحايل
على الالم وعلى البقاء، والتغلب على الواقع. لا أعرف حقاً من أين استجمعت قواي آنذاك، لترتيب وضع العائلة المالي، والعناية بمؤنس في مرحلة دقيقة من حياته، والاستمرار في الحياة والدراسة.
ومع الوقت بدأت أفقد الأمل في امكانية الإفراج عن الوالد والوالدة وأختي الصغيرة زينة أحياء من إقامتهم الجبرية في بغداد.
حالة الانتظار بدون أمل دفعتني إلى ترك الأردن لاكمال دراستي فى أميركا، ولكن ما إن بدأت عامي الدراسي هناك، حتى أتى خبر وفاة الوالد في بغداد، وعودة نعشه مع الوالدة واختي زينة. ودخلنا في مرحلة الحداد، واستيعاب صدمة ما حصل، وتضميد الجراح، ومن ثم الفرح بعودة الوالدة وزينة، واحتفال الوالدة برؤية الابناء والأحفاد نور ومنيف وكندة.

+ كيف ترى الآن تأثير علاقتك بالوالد على طبيعة شخصيتك؟

+ كما أتخيل فالعلاقة بين أي أب وإبن، بأنها علاقة فيها جدلية جميلة، وفيها من الأخذ والعطاء، الشدّ والرخي. فكيف يؤثر الاب بالإبن ليعمق شخصيته، بدون أن يطمسها؟ وكيف يستلهم الإبن من أبيه القيم والدروس، ولكنّه يخطط طريقه هو الذي يعكس شخصيته المستقلة؟ هذه العلاقة تصبح أكثر إشكالية عندما يكون الانسان إبنا لشخصية عامة، صاحبة موقف، وفي هذه الحالات يدخل المجتمع ككل في العلاقة، ويضفي توقعاته، مما يشكل حملاً إضافياً على طفل يحاول أن يكون أبناً مخلصاً لمبادئ وقيم أبيه، ولكنّه مستقل في شخصيته في ذات الوقت. وأعتقد ان هذه الجدلية شكلت سيرة حياتي.

+ وكيف تشكلت علاقتك بمؤنس طيلة هذه الفترة؟ فالفارق في العُمر كان كبيراً ولكن المعاناة مشتركة. وكيف تلقيت خبر رحيل مؤنس سنة 2002؟ هل شعرت بالوحدة؟ بالنقمة؟ أو غيرها؟

+ قد تبدو إجابتي بأن مؤنس كان أخاً وأباً وإبناً في نفس الوقت صعبة على الفهم، وربما صعبة على التفسير. وقد كتب أيضا مؤنس عنها في مذكراته ووصفها بأسلوبه المبدع (أنظر أدناه).
في كل ما كتب مؤنس كان يصارع الإكتئاب. كان يلفظ زخرف الدنيا والمجتمع، ولكنه كان يتمسك بخيوط الحياة، بما فيها من جمال وفن وإبداع وموسيقى. كتب الكثير عن الموت، وناجاه، ولكنني لم أتخيل يوما أنه سيرحل بالطريقة التي رحل فيها. فقد دخل غرفة الطوارئ مشياً على الأقدام، شاكياً من تورّم في الحلق نتيجة حساسية، ما لبث أن تحول الى إختناق أودى بحياته خلال أيام.
فُقدان مؤنس كان صدمة كبيرة. فقد فقدت الأخ والأب والأبن! وتغيرت حياتي بعد ذلك الى غير رجعة، فطالما كان مؤنس حياً ناشطاً في عمان، كنت أشعر أنه يحمل إرث العائلة، وأن بإمكاني أن أجوب العالم، وربما أعود الى الوطن بعد سن التقاعد. ولكنّ رحيله المبكر جعلني أعيد حساباتي، وأخطط للعودة.

من مذكرات مؤنس:
شقيقي ابني ثم أبي!

نعم، ما بيني وبين عمر لا يتوقف عند مثل هذا التشابه (في الشكل والحركات مع أبينا) على أهميته. ما بيني وبين عمر مشاعر لا تظهر، وعواطف لا تطلع، وردود فعل مكبوتة، وأحاسيس لم تترجم، وجراح خفية، وعشرات المواقف الجوانية المحبوسة. هو وحده، دون العالمين، يقف على أسرار عالمي الجواني، وأنا الوحيد الذي أقف على مفاتيح قلعته الداخلية. لأننا أبناء التجربة الاستثنائية التي جرنا منيف الرزاز إليها. بوعي أو بغير وعي. التجربة المرة، التجربة الحلوة. صحيح أن فارق العشر سنوات جعل عمر يتابع تجربة منيف الرزاز المفجعة في وقت متأخر، بالمقارنة بي، وصحيح أن ردود فعله على هذه التجربة اختلفت عن ردود فعلي، لكن هذا الاختلاف أقرب ما يكون إلى اختلاف بالكم لا بالكيف.

***

لعب عمر دورا عجائبيا في حياتي . لا دور الشقيق التقليدي، وأنما دور الأب ودور الإبن معاً. كيف؟ كان عمر في واحدة من تجليات علاقتنا عنصر المناعة الصلبة في عمودي الفقري. يصغرني
بعشر سنوات، فهو إبني لجهة هذا المقياس، لكنه لعب دور الاب المسؤول عن إبنه الطائش غير المتزن (أنا) منذ وقت مبكر.
المفارقة تكمن في أنني “أوصيت “ عليه، فجاء سبحان الله حسب الطلب، تماماً، بل فاق كل توقعاتي ومعايير تواصيّ التي قدمتها لابي وامي مذ كنت في السادسة من عمري، وإبناً وحيداً أضرب قدمي بالارض في حرد، وأقول : أريد أخاً ذكراً قوياً وقبضاياً! أعترف بتطرف أمزجتي وتقلب مشاعري. كنت إذا أحببت غاليت، وإذا كرهت بالغت. أقبل على الحياة العامة بنهم لا يضاهى، وحماسة لا تجارى، ثم أنسحب على نحو مفاجئ، بلا مقدمات، ولا إشارات، فأعتزل الناس، وأعتكف إعتكافا قد يطول

أو يقصر. أدخل مقام النشوة، واغلق بابه دوني، وأندفع في مجاهله مطلقا لنفسي العنان بلا احتياط ولا حذر، ولا روية . وألج حال السوداوية، فأستقر فيه، وأستوي عليه، لا أميل ولا أزول من العاصفة العاتية إلى السكينة الثقيلة، في رحلة ذهاب وإياب مكوكية جنونية...
كان شقيقي عمر أبي وابني نقيضي الذي يكملني، وهو الاقرب إلى مزاج أبي، وطبيعته في كيميائية إعتدال، وفي تركيبة توازن، ولعله كان يحسب مجازفاته بدقة لم يعرفها أبي، ويسيطر على مغامراته بإحكام لم أشمّ (مجرد رائحته فيّ) ولم أعهد طعمه في حياتي. وقد كتب لي مرة يقول ما معناه: إنه يُقدم على المغامرات الخطرة باندفاع “رزازي” أي أرعن!، لكنه يحتاط بقارب مطاطي ومظلة واقية وخوذة عازلة وطوق نجاة وقميص مضاد للرصاص فقط لا غير!

+ أتاحت لك الظروف مرافقة الوالدة في طفولتك وصباك، ولم تنقطع عنها خلال عملك في الخارج، وعشت معها في أواخر سنوات حياتها، ماذا تقول عن تجربتك معها، وقد كانت الأم والأب أحياناً؟

+ كيف نستطيع التحدث عن أمهاتنا ككائنات مستقلة، وقد ارتبطنا بهن عضوياً في الأشهر التسعة الأولى من الحياة، وارتبطنا بهن وجدانياً في البقية الباقية؟

لمعة، ككل الأمهات، كانت كائناً خرافياً! تشدّ من أزرنا جميعاً، تواسينا جميعاً، وبلا هوادة، وحتى وهي مُقعدة في السنوات الأخيرة من عمرها. أتساءل الان: كيف أستطاعت لعب هذا الدور بلا كلل ولا ملل، برقة وبإحساس مفرط؟ ومن كان يشد من أزرها ويواسيها عندما كانت هي تحتاج الى المواساة؟ لعله سر الأم، الذي هو نفسه سرّ الحياة. كانت السر في قدرة اسرتنا على الاستمرار: صلابتها وأيمانها عزّز صلابه الوالد في نضالة، وعطاؤها اللامتناهي، وحبها غير المشروط لمؤنس، مكّنه من الابداع والاستمرار بمقارعة الحياة، وحنوها وثقتها المطلقة بي، أعطتني كل ما أمتلك من طاقة أمتلكها اليوم. أجمل ما كتب مؤنس في رأيي كان فقرة قصيرة عنها.
يقول:

لمعة!
ما تبقى لي من صخرة أسند لهاثي إليها.
من أين تستمدين هذة القوة الجبارة؟...
تتصرفين، وكأن الدنيا حصانك البري، الذي تحترفين ترويضه.
الخطوب العنيفة قطط! تهدئي من روعها بصحن حليب من ثدي إرادتك وأبتسامتك.
يا لهذا الكبرياء الذي تعجين به.
طوبى لهذة الرقة. يا لهذة الكيمياء المذهلة.
مؤنس الرزاز، 2/2/ 2001

وهي بالاضافة الى كونها أُما حنونة كانت أيضا إنسانة مثقفة وملتزمة عملت وكتبت من أجل قضايا آمنت بها. فكانت متطوعة في الهلال الأحمر ومعلمة مدرسة وناشطة وكاتبة. ولكني
أظن أن تكرار التجارب السياسية المرّة أعياها في نهاية المطاف، فكتبت في مذكراتها “هذه الأمة المنكودة في عالم اختطلت فيه الأمور، فما عاد الإنسان يدري موقع قدميه، أهو على الشط؟ أم في لجج البحر العاتية ؟ أيقفز إلى اليمين أم الى اليسار؟ وأيهما اليمين وأيهما اليسار؟ وأين يقع الحق بينهما؟ أين يقع حق الإنسان كإنسان حي له قدسيته وله حقوقه
وله حق العيش الحر وتقرير المصير؟”

+ كيف تمّ اختيار موضوع دراستك الجامعية، وتخصصاتك، هل كان شخصياً منك أم بتداخل من الآخرين؟ هل أوحى لك منيف أو مؤنس في يوم ما بالابتعاد عن السياسة والعمل العام بعد المرارة التي شعرا فيها، أم العكس؟

+ والدي منيف كان أبعد ما يكون عن الوعظ والارشاد او حتى الايحاء! فقد كان يؤمن أيماناً قاطعاً بأن على كل إنسان أن يجد طريقة الخاص به، وان لا يقلّد أحداً في مشواره الخاص، ويبنى قناعاته الخاصة. وبالتالي ففي سعيي لاكتشاف ذاتي في شبابي، وجدت نفسي أنحو بعيداً عن الطب الذي تخصص به والدي، وبعيداً عن الحزب الذي أفنى حياته في سبيله، مع أنني تشربت القيم والمبادئ ذاتها. فصرت أبحث عن المجال الآخر الذي قد اجد نفسي من خلاله. فأخترت الهندسة المدنية، وبدأت

في الجامعة الأميركية في بيروت، ثم أنتقلت إلى الأردن بعد الإجتياح الاسرائيلي لبنان، وانتهيت في أميركا. وأذكر في سنتي الأخيرة أن استاذ الجامعة الاميركي لمادة “تصميم الجسور الفولاذية” تحدث لنا بإسهاب عن جمال الجسور الفولاذية وكفاءة تصميمها. فوجدتني أقارعه عن أهمية وجدوى كفاءة وجمال التصميم إذا كان أختيار موقع الجسر يخضع لمتطلبات علية القوم، وليس للأكثرية الساحقة التي تحتاج الى مواصلات عامة، وماذا إن لم يكن الجسر نفسه الاولوية الاولى التنموية في المنطقة، فماذا يصنع المهندس؟ فقال لي ممازحاً: “ إذن ، يا إبني مكانك مش في الهندسة، بل في التخطيط الحضري والاقتصاد وربما العلوم السياسية التي تجيب على اسئلة التنمية والعدالة”. وفعلاً تخرجت من الهندسة، وذهبت باتجاه الدراسات العليا في التخطيط الحضري والتنمية الاقليمية والاقتصاد. وكانت أجمل مراحل الدراسة هي مرحلة الدكتوراة، حيث مزجت بين الاقتصاد والقانون والانثروبوجيا، محاولاً فهم عملية التنمية بأبعادها المختلفة.
مرحلة الدكتوراه، وما تبعها من تجارب في العمل الاكاديمي والتنموي، وفي مناطق مختلفة من العالم، أعطتني فهماً أفضل لتحديات التنمية، ولكن أيضاً لفهم ذاتي، فأنا مرتبط بأرثي العائلي. وفي تلك اللحظة الحّت على فكرة العودة الى الوطن حيث انني شعرت ان هويتي الشخصية قد تشكلت، وصرت أتوق للعودة. وكان من حسن حظي أن الحكومة في ذلك الوقت (سنة 2006) طرحت موقع مدير عام الضمان الاجتماعي للتنافس. وكانت هذه بداية رحلة العودة.

+ كم مرة قرأت كتب الوالد؟

قرأت كتب الوالد في ثلاث حقب مختلفة: المرة الاولى بمساعدة الوالد نفسه، وأنا في السادسة عشر من العمر. والثانية بعد وفاته، عندما أعيد نشر الكتب في أعمال كاملة سنة 1985. أما الحقبة الأخيرة، فكانت في خضم تداعيات “الربيع العربي”. وقد لفت إنتباهي تركيز كتب الوالد على مشروع نهضوي متكامل، لا فصل فيه بين المعركة مع العدو الصهيوني والاستعمار، وبين حرية الفرد، وبين التنمية السياسية والاقتصادية وبين العدالة الاجتماعية. بينما أن الواقع العربي بُني على تجزئة هذه المكونات للنهضة، متذرعاً بالأعداء الخارجيين حيناً، وبالأعداء الداخليين (أكانوا يساريين أم يمينيين) حينا آخر، مفرغا النهضة من محتواها.

+ كيف أثر الوالد عليك، من خلال تعامله وتجربته وفكره؟

+ كما قلت قبل قليل، فلم يكن والدي واعظاً بطبيعته. ولكنه أثر علي بثلاثة أبعاد لشخصيته: الأول أنه كان يفعل ما يمليه عليه عليه ضميره، ولم يطلب منا إلا أن نكون منسجمين مع أنفسنا، فلا نفعل غير ما نقول، أو نقول غير ما نفعل. وكان لذلك أثر في أسرتنا الصغيرة في سعينا إلى هذا الوضوح بين العقل والقلب والفعل. وهذا لا يعني ان الامور لا تلتبس أحياناً علينا، وأننا لا نواجه خيارات صعبة، وأحيانا مرّة، ولكنّ “السعي” إلى هذا الوضوح هو بحد ذاته مشوار يستحق المتابعة.
البعد الثاني لشخصيته تمثل في كيفية تعامله مع كل أشكال السلطة. فهو لم يقبل التعامل مع أي سلطة سياسية، دينية، أو اجتماعية بشيء من القداسة، وأخضع كافّة مناحي الحياة للمساءلة. وهذا أدخله بأشكالات أكبر مع حزبه، حزب البعث. فبينما تعرض للإعتقال عدة مرات في الاردن، إلا انه لوحق وحكم بالاعدام في سوريا، ومع ذلك كتب كتاب “الحرية” وكتاب “التجربة المرّة”، وفي العراق وُضع تحت الاقامة الجبرية، ثم تمت تصفيته خوفاً من أن يكتب كتاب “التجربة الأمرّ”!
البعد الثالث لشخصيته إيمانه العميق بتراثه العربي الاسلامي، ونديّة هذا التراث وضرورة انفتاحه على كل حضارات العالم من موقع الندّية لا من موقع الضعف ولا الإستعلاء. فلم يشعر يوما بعقدة النقص تجاه الحضارات الغربية، ولم يتردد بأن ينهل منها فلسفة وعلماً وأدباً. ولكنه كان متعمقاً في الجذور الثقافية لحضارته، إبتداء من القران الكريم، الذي قرأه بعقله وفؤاده ولم يرض بكتب التفسير بديلة عن عقله ووجدانه، وأحب الشعر الجاهلي، وأنكب على كتّاب النهضة العرب، ورأى فيهم ملامح نهضة حداثية، فكتب كتاب “معالم الحياة العربية الجديدة” سنة 1953 واضعاً فيه تصوراً متكاملاً للتحول السياسي والإقتصادي والإجتماعي اللازم لنقل الوطن العربي من الجهل والتخلف الى الحرية والتنمية.

+ هل مرّ في ذهنك ولو للحظة أنّ هذا الإرث العائلي عبء ثقيل، أم ظلّ حافزاً للاستمرار؟

+ لكل منا ارثه العائلي، من آمال وتوقعات من الأهل والمجتمع. السؤال هو كيف نتعامل مع هذا الارث الذي نحن جزء منه وهو جزء منا. هناك خطر أن نحيا حياتنا ترجمة حرفية لهذا الإرث كما يتصوره الآخرون، وبذلك فنحن لا شك نظلم انفسنا لأننا نحرم أنفسنا من أن نضع بصمتنا الخاصة في هذه الحياة، بغض النظر عن طبيعتها. وفي نفس الوقت لا نستطيع ان ننكر أننا جميعا نشكل إمتداداً للماضي، ننهل منه ليس لنكرره ولكن لنبني عليه ونتابع. نحن بالتأكيد أبناء أهلنا، ولكننا أيضا أبناء جيلنا ونتاج تجاربنا الحياتية. التحدي هو في أن نستمد الحكمة ونتعلم الدروس من إرثنا العائلي، وأن يشكل بوصلة لنا للاستمرار، بدلاً من أن يكون قدراً محتوماً.

+ ماذا تعتقد أنّ منيف كان سيقول عن حال الأمة، لو كان على قيد الحياة اليوم؟

+ من حسن حظه وحظ جيله أنهم لم يشهدوا الفصل الأخير من تحول حلم النهضة إلى كابوس، بل متوالية من التخلف والجهل والتفرقة والتبعية. والآن يبدو الحلم أبعد مما كان عليه آنذاك، وأكثر أستحالة. ولكن منيف لم يتزعزع أيمانه بهذه الأمة، فالسؤال لديه، وحتى في أحلك الظروف، لم يكن حول إمكانية تحقيق الحلم، ولكن حول كيفية تحقيق الحلم. ربما كان سيقول: لنعكف على فهم ماذا جرى، وفهم أين أخفقنا ثقافة، شعوباً، وأنظمة حكم، ولنمضي لنعيد للإنسان العربي كرامته، حريته، ونهضته.

+ وما رأيك انت حول المستقبل، وهل أنت متشائم أم متفائل؟

+ المتشائم هو من ينظر دائماً حوله ويرى كل المعوقات، والمتفائل هو من ينظر بعيداً ويرى كل الإمكانيات. أعتقد أن علينا أن نكون “متشائلين” (مستعيراً من الكاتب أميل حبيبي) فنعي تماماً كل المعوقات ولا نستهين بها، ولكن أن نبقي أنظارنا نحو المستقبل، فهو آت بلا ريب.
أعتقد ان أهم درس علينا تعلمه هو أن التجارب السياسية على أرض الواقع أهملت الانسان العربي، بل وأمعنت في الاستخفاف به، وتجريده من كرامته، ومن حقوقه، ومن أحلامه وشعوره بالعدالة، حتى أصبح مهمّشاً، يشعر بالعجز الكامل، وما الإرهاب الذي نشهده الا تعبير عن هذا الشعور بالعجز، وهو بالطبع ليس مصدر قوّة، ولن يؤدي الى شيء الا المزيد من الشعور بالعجز والغبن. والحل ليس في انتظار زعيم ملهم مُخلّص، ولكن في بناء مؤسسات وطنية ترفع عن الانسان الظلم، وتعيد له كرامته، وتعطيه أملاً في مستقبل أفضل. وهذا يحتاج الى مستوى عال من الحوار الوطني، والوعي، والمشاركة على كافة المستويات.
لقد علمتنا التجارب المُرّة أنه ليس هنالك طرق مختصرة. بل إن الطرق طويلة ووعرة. ولكنها طرق تُملي علينا مسؤوليتنا التاريخية نحو الأجداد والأحفاد استشرافها وتمهيدها نحو المستقبل.
عن اللويبدة.
التعليقات

1) تعليق بواسطة :
01-10-2016 06:29 PM

نعتذر

2) تعليق بواسطة :
02-10-2016 01:08 PM

أنا لا أشك بكلامك يا دكتور عمر الرزاز فأنت من الرجال الصادقين المحترمين والذين يحبون الأردن ويعتبروه وطناً حقيقياً لا مجرد بديل والذي يقرف منك هو غيور وحاقد لنجاحك الباهر الذي يتزين بهدوءك وثقافتك وحزانك وهذا ما جعل شخصيتك مميزه, أنت لم تخن الوطن ولم تسرق ولم تتملق الوطنيه وتتسلق التجارب وتعطينا مناظرات وهميه من خلف أسوار بغداد وطهران وصولاً لعمان ولم تقرع أجراس المحافل وتركع للكاهن الأكبر لتكون حيث أنت.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012