أضف إلى المفضلة
الخميس , 25 نيسان/أبريل 2024
الخميس , 25 نيسان/أبريل 2024


الملكية الدستورية...والعائلة المقدسة

22-10-2016 07:42 PM
كل الاردن -
خاص:-

لمحة عامة...

تقع مملكة تايلاند المعروفة سابقا باسم 'سيام' في جنوب شرق آسيا في شبه جزيرة الهند الصينية تحدها كل من لاوس وكمبوديا من الشرق، وخليج تايلاند وماليزيا من الجنوب، وبحر أندامان وميانمار من الغرب. وتُقسم إداريا الى 75 محافظة التي بدورها تنقسم الي احياء وبلديات بالإضافة الي عاصمة المملكة التايلاندية بانكوك التي تعتبر منطقة إدارية خاصة وعاصمة البلاد وأكبر مدنها.

ويقدر عدد سكان تايلاند بحوالي 66 مليون شخص، مما يضعها في المرتبة 20 عالميا حسب عدد السكان ، وهي في المرتبة 51 عالميا من حيث المساحة الكلية ، وتبلغ مساحتها حوالي 513,120 كم2.

وكما سائر دول العالم يوجد في تايلاند اعراق مختلفة مقسمة كالتالي :

حوالي 75 ٪ من السكان تايلانديين.

14٪ تايلانديين صينيين.

3 ٪ من الملايو.

وينتمي البقية إلى الأقليات التي تشمل المون، الخمير ومختلف قبائل التلال. اللغة الرسمية في البلاد هي التايلاندية. والدين الرئيسي هو البوذية مذهب الثيرافادا، الذي يعتنقه ويمارسه حوالي 95 ٪ من السكان.

وتبين هذه الاحصائيات وجود اعراق مختلفة داخل الدولة التيلاندية مما يوحي ان المجتمع التايلاندي مؤهل للانجراف خلف العنصرية العرقية و المذهبية في حال - ضعف الدولة-.

العائلة الحاكمة...و الملكية المطلقة

تعتبر سلالة تشاكري الأسرة الحاكمة في مملكة تايلاند منذ عام 1782م والتي عاصرت فترتي حكم للبلاد عبر الملكية المطلقة من 1782م إلى 1932م والملكية الدستورية من 1932م حتى وقتنا الحاضر.

وتتألف العائلة المالكة التايلاندية حاليا من زوجة الراحل الملك بوميبول الملكة سيريكيت التي تزوجها سنة 1950م وأنجب منها أربعة أبناء من ضمنهم ثلاث بنات وولي العهد ماها فاجيرالونجكورن.

وتأسست أسرة تشاكري على يد الجنرال فيرا تشاكري (راما الأول)عام 1782معلنا قيام مملكة سيام وعاصمتها بانكوك.

استمر حكم اسرة تشاكري بنظام 'الملكية المطلقة' حتى عام 1932 ،وخلال الـ 50 عام من الحكم المطلق ازدهرت البلاد و انشئت المدارس و الجامعات و المراكز الطبية وشيدت القصور والمباني و البنى التحتية بشكل جيد.

الا ان البلاد افلست عام 1932 بسبب الفساد المستشري في جميع اجهزة ومؤسسات الدولة و بسبب سوء الادارة الذي عانى منه التايلانديين فكانت الوظائف القيادية والهبات و المكارم توزع بطريقة مزاجية ودون اي معيار واضح يبين للعوام مدى شفافية الدولة في توزيع مقدرات الوطن.

ووصل الحال الى ان الملك شولا لولنكورن قد اعطى ارضا واسعة للهند الصينية و اعطى بريطانيا ولايتين من الارض التايلاندية مقابل اتفاقيات تعطي الملك شولا حق السيطرة على ارض اخرى اقل اهمية من التي تنازل عنها.

وفي العام 1932 قامت الثورة التايلاندية على يد مجموعة من الشبان الذين تلقوا تعليمهم في الخارج ، و اعلنوا انتهاء الملكية المطلقة وبدء الحياة الديمقراطية ، وتم الاعلان عن دستور جديد و اجريت اول انتخابات حرة في تايلاند عام 1932 في ظل الحكم الملكي الدستوري.

قاوم الملك براجاد هيبوك 'راما السابع'هذه القرارات وهدد بالتنازل عن العرش وخلق حالة فوضى في البلاد ، الا ان محاولاته بائت بالفشل وتنازل عن العرش عام 1935 للملك أناندا ماهيدول'راما الثامن' ذو العشر سنوات.

وبدء الملك الصغير عهده باضرابات عالمية كبيرة حيث دقت طبول الحرب العالمية الثانية في عهده ، و للاهمية الجغرافية لتايلاند اصبحت الدولة الفتية مطمعا لدول الحلفاء من الجهة ولدول الأقليم من جهة اخرى.

فاحتلت اليابان تايلاند عام 1940 و اجبرتها على توقيع معاهدة تحالف معها ، فاعلنت تايلاند الحرب على دول الحلفاء ضمن الارداة اليابنية.

وفي عام 1946 توفي الملك 'راما الثامن' قبل ان يجده حراس قصره مقتولا في غرفة نومه بعدة رصاصات و شكلت حادثة وفاته صدمة لدى المجتمع التايلاند الذي يعتبر العائلة المالكة شيء مقدس و لا يجوز المساس بها ، وتولد هذا الشعور لدى المجتمع التايلاندي بعد ان تحولت البلاد الى الملكية دستورية.

الملك المحبوب...

تولى الملك بوميبول أدولياديج 'راما التاسع' في 9 حزيران/يونيو 1946 بعُمر 19 عامًا مقاليد حكم مملكة تايلاند ، التي قامت بترسيخ مفهوم دولة المؤسسات ومبادئ الديمقراطية رغم جميع الاحداث السياسية الصعبة التي المت بالبلاد على مدى العقود المنصرمة.

وحكم الملك بوميبول ضمن صلاحيات محدودة، ويعود ذلك إلى الدستور الذي تم إقراره عام 1932.و بالإضافة إلى دوره السياسي يُعتَبر الملك حامي البوذية في تايلاند، ورمزًا للوحدة الوطنية.

وكان الملك بوميبول يحظى بشعبية كبيرة ويملك سلطة روحية قوية، يستعملها أحيانًا عند حدوث أزمات سياسية كبيرة.

فلقد اشتهرت تايلاند بتقلبتها السياسية بل بانقلابتها العسكرية التي لا تهدأ ولعل اشهرها انقلاب عام 2006 الذي عزل الحكومة و عطل الدستور و أعلن الأحكام العرفية ونصب منفذي الانقلاب انفسهم اوصياء على الشعب.

رغم هذا لم يجرؤ أحد على المساس بالملك لان المساس بأي فرد من العائلة الحاكمة يعتبر مساس بالقيم الاجتماعية للشعب التايلاندي الذي يقدس الملك وعائلته باعباره رمزا للوحدة الوطنية.

وبالعودة الى الملك الراحل بوميبول الذي استحق احترام و حب و تقديس الشعب التايلاندي فقد كان شخصا بعيدا عن شبهات الفساد وعن اتهامات الرشوى ولم ينغمس بتفاصيل السمسرة و الصفقات -وان كان غنيا كحال ملوك الارض- ، وتعد حادثة الفساد التي لامست سمعة العائلة المالكة دليل واضح على حرص العائلة في المحافظة على سمعتها ، فقد جرد ولي عهد تايلاند -الملك الحالي- ماها فاجيرالونجورن عائلة زوجته من لقب ملكي ممنوح لها بسبب فضيحة فساد - وذلك بتوجيهات مباشرة من الملك الرحال بوميبل-، ورغم كل ما يدور عن الحياة الخاصة للملك الحالي من احاديث الا انه اثبت و بكل جدارة انه يحترم الشعب التايلاندي قولا وفعلا.

فلم تسمح العائلة الحاكمة لنفسها بتبرير فعلة انسبائهم و لم نسمع ان فردا منهم قام بالتدخل في التحقيق او قام بتسهيل فرار أحد المتهمين خوفا من تورطه.

ولتغطية وجهة النظر المبنية على الشك لنفترض أن العائلة الحاكمة في تايلاند و الملك الدستوري بوميبول تحديدا غير نزيه بالفطرة و لنفترض أن الملك قام بمحاولة العبث بمقدرات الشعب التايلاندي ، والتفسير الوحيد لعدم قدرته على النجاح بفعلته هو قوة الدستور و القانون الموجودين لمحاسبة  و مراقبة جميع السلطات بميزان اعمى لا يرى ملكا او اميرا او وزيرا او مسؤلا او غنيا او فقيرا امامه.

ان تأجيل استلام الملك لسلطاته الدستورية لمدة عام كامل احتراما لفترة الحداد التي اعلنها الشعب التايلاندي على ملكه المحبوب ، وتعيين رئيس وزراء البلاد السابق بريم تينسولانوندا كوصي على العرش يذكرنا بحال بلادنا التي اصبح فيها كرسي الزعامة اهم من الوطن والشعوب ، لا شك ان الفكرة في تأجيل التتويج لا تتعدى الشكليات الا انها شكليات محببة لقلوب الشعوب وتترك اثر عظيم في مسيرة العائلات الحاكمة وليس كتلك التي تحدث في بلداننا التي تُغربل و تُصور و تُخرج بشكل يستخف بعقل المواطن.

لاشك بان الانتقال من الملكية المطلقة الى الملكية الدستورية هو احد اسباب تدهور الحياة الساسية في تايلاند، الا ان تايلاند نجحت في بناء نفسها بشكل جيد خصوصا على مستوى تطوير البنية التحتية و نبذ العنصرية العرقية ومن أبرز نجاحات الشعب التايلاندي هو العقد اجتماعي الذي ابرمه و بشكل واضح المعالم بينه وبين العائلة الحاكمة من خلال تحويلها الى رمز للوحدة الوطنية وعنوان توافقي مقدس لا يُمس بأي حال من الأحوال مقابل عدم تدخل العائلة بشؤون الحكم الا بطلب جماهيري ولاسباب معينة و لفترة مؤقتة فقط.

 

 

 

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
22-10-2016 07:59 PM

العائلات الحاكمه الابراطوريه والملكيه والسلاطين يجب ان يكونوا مقدسين وهم كذلك حيث عبر العصور والازمنه يمنع الاقتراب منهم او التطاول عليهم ولهم حقوق على الشعوب ان تقوم بها تجاههم من الاحترام والولاء والمهابه والقدسيه والحصانه وفوق الشبهات اضافه ان تكون كلمتهم هيا العليا والفصل واوامر لا تعاد ولا تنفض ولا تكرر ولهم حرية التصرف بخزاائم المال هكذا هي سنة الحياة وهكذا الشعوب تعاملت ولا تزال تتعامل مع اولياء امرها من الحكام الاباطرة والملوك والسلاطين والامراء وعبر العصور والازمنه هكذا كانت وستبقى .

2) تعليق بواسطة :
23-10-2016 10:07 AM

كيف لو كانت لمحه خاصه ترى !

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012