28-06-2011 08:08 AM
كل الاردن -
قيس مدانات
ليس المهم هو تبرئة الدكتور معروف البخيت، فأيا كانت نتائج التصويت فإن الأردن مقبل على مرحلة خطرة جدا.
سيشهد الأردن مرحلة غضب شعبي غير مسبوقة، فالتقرير الذي خرجت به لجنة التحقق النيابية بقضية الكازينو جاء ضعيفا وهزيلا، ولا يعبر عن جدية في كشف جميع ملابسات تلك القضية. التقرير جاء بعد الاستماع لشهادات 64 شخصا معظمهم من أصحاب الدولة والمعالي، أي أصحاب القرار وراسمي السياسات في البلد. ملخص التقرير أن أسامة الدباس، وزير السياحة في حكومة معروف البخيت الأولى التي وقعت اتفاقية الكازينو، استطاع هو وخالد الزعبي وزير الشؤون القانونية في نفس الحكومة، استطاعا استغفال مجلس الوزراء بالكامل وأخذ تواقيعهم على قرار الكازينو. وأن وزير السياحة استطاع استغفال بعض أعضاء المجلس الوطني للسياحة، وإجبار البعض الآخر على التوقيع على قرار الموافقة على ادراج الكازينو كمهنة سياحية في الأردن بطريقة غير رسمية. حيث أنه قام بجمع تواقيع الأعضاء على القرار بطريقة التمرير وليس بعقد اجتماع رسمي.
التقرير صور الوزراء بانهم 'غايبين فيلة'، وأن معروف البخيت كان على علم بالمفاوضات مع شركة Oasis ، لكنه لم يتدخل بالتوقيع أو تمرير القرار من مجلس الوزراء. لجنة التحقيق تختم تقريرها باتهام رئيس الوزراء وحكومته في تلك الفترة بالاخلال بواجبات الوظيفة العامة وإساءة استعمال السلطة كونهم وقّعوا على قرار لم يقرأوا محتواه.
لم يتطرق التقرير لأبعد من ذلك، لم يبحث في الاجتماعات المغلقة التي دارت حول تلك الاتفاقية، ولا اللقاءات التي جمعت المعنيين من الشركة وأصحاب المناصب الرسمية، لم يذهب لمعرفة أسباب القرار أساسا، أو من المستفيدون من القرار عدا أسامة الدباس. لم يشر التقرير ما إذا كان أسامة الدباس يعمل لمصلحة أحد ما، شخصا أو جهة.
هنا يكمن ضعف التقرير وسقمه، فالتقرير جمع محاضر جلسات مجلس الوزراء، وأعاد ما قاله الشهود أو المتهمون دون التأكد من صحة أقوالهم. يجب القول صراحة إنه إذا كان تمرير قرار بهذا الحجم بتلك السهولة فعلى الأردن السلام. حيث يستطيع أي من الوزراء التلاعب حتى بسيادة الدولة دون معرفة بقية أعضاء المجلس. وهذا يضع كل الحكومات الأردنية وآلية الحكم نفسها محط شكٍّ واتهام.
انفضت جلسة مجلس النواب عصر اليوم لعدم اكتمال النصاب بعد انسحاب عدد كبير من النواب نتيجة تبرئة البخيت من القضية. وقد كان سبق تبرئة البخيت اتهام أسامة الدباس بالقضية. ليس ما سيؤجج الشارع الملتهب أصلا تبرئة معروف البخيت، فحتى وإن أدانه المجلس كنا سنصل لنفس المرحلة، لأننا كنا نأمل أن نصل لنتائج أبعد من ذلك، لمعرفة الخفايا وفضح المستور، لاتهام أشخاص نعرفهم ونعرف نفوذهم وتنفذّهم. كنا نأمل أن نصل لعرض قضية مقنعة للرأي العام، كاملة الأركان والحيثيات.
الشعب لم يعد يحتمل 'استهبال' الحكومات، واللعب بمقدرات البلد وحقوق شعبه، لم يعد يحتمل الفساد المستشري، ولا توريث المناصب، ولا الاستفراد بالحكم. ليأتي مجلس النواب بنتائج مخزية في وقت أخطر ما يكون. أعتقد أننا مقبلون على صيف ملتهب حارق يحمل من الصعاب ما قد يهز البلد هزاً.