أضف إلى المفضلة
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
بحث
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024


الدين ليس سلطة..

بقلم : حسين الرواشدة
21-10-2016 12:30 AM
لكي يتاح لنا أن نعرف الإسلام ونفهمه على حقيقته، لابدّ أن نتجاوز أولا فكرة الخوف على الاسلام وثانيا فكرة الخوف من الإسلام، ولابد ثالثا من تحرير الدين من قداسة التاريخ وإرث الاحكام الفقهية الجاهزة، ولابد رابعا من اعادة الاعتبار لوظيفة الدين الاساسية القائمة على الإرشاد و الهداية ورسالته الإنسانية المنفتحة على العالمين، ولابد خامسا من ترسيم علاقاته مع العلم و السياسة وغيرهما من المجالات التي اشتبكت معه، وأن نجدده ( بروح) الاخلاق التي هي مبتدؤه وخبره وجوهره، ثم نترك له حرية الحركة في حياتنا من دون ان يكون ثمة سلطة تحدد مساراته وخياراته، سواء أكانت هذه السلطة حركة أو حزبا أو دولة ، فالدين ليس سلطة تفرض بالاكراه، ولا موعظة تلقى في المناسبات ، وإنما هو روح يتحرك في أنفسنا ، فيمنحنا ما نحتاجه من رضى وطمأنينه وما يجعلنا نعمر حياتنا وإنسانيتنا وآخرتنا، ويضمن سعادتنا أيضا .
البعض يتصور ان وظيفة الدين هي حشر الناس في الدنيا لتصنيفهم ومحاسبتهم، و”التعبد بالدعاء على الاشرار منهم، والتسيد على المنبر لانزال الاحكام عليهم، وكأن (الدين) هنا سلطة، تفرض بالقهر، أو كأنه (قانون) مهمته الفصل بين المتخاصمين، فيما وظيفة الدين الحقيقية هي (التزكية) و الهداية،وفيما العبودية الصحيحة لا يمكن ان تكون الا ( بالاخلاق) أو أنها هي الاخلاق التي يتحلى بها الانسان وتؤهله بالتالي للانتساب الى هوية (بني البشر) حيث التحضر -لا التدين وحده- هو المقياس، وحيث (التخلق) المتعلق بالخلق، كل الخلق (بفتح الخاء، وتسكين اللام) هو الدليل على الايمان.
السؤال – بالطبع – ليس: هل نحن مع تطبيق الشريعة أم لا؟ فأكثرية المسلمين تطالب باستمرار لاعادة الاسلام – شريعة وعقيدة – الى منصة الحضور والفعل ، وترى فيه الحل لكثير من مشكلاتها وأزماتها ، لكن متى نطبق هذه الشريعة وكيف؟ وهل تطبيق الشريعة وحده هو الذي يقيم مجتمع الاسلام؟ وماذا نقصد بالشريعة – اصلا – ؟ هل هي مجرد الاحكام والقوانين والحدود التي جاء بها الاسلام لتنظيم حياة الناس ، أم هي النظام الشامل الذي يحكم حياة الانسان وسلوكه ويبني مجتمعه ويؤسس لكيفية تعامله مع ذاته وأخيه المسلم ومع غيره ومجتمعه والكون ايضاً؟
بعض التجارب التي حاولت الدخول من بوابة تطبيق الشريعة الى الحكم او رفعت هذا الشعار للوصول الى السلطة وقعت في المحذور ، فتطبيق الشريعة – هنا – ليس مقتصراً على الحكم والحكومات وانما هو تكليف للمسلمين كلهم تبعاً لمسؤولياتهم ومواقعهم ، واولويات تطبيق الشريعة لا تبدأ باقامة الحدود او تنفيذ الاحكام ، وانما بالتنمية والحرية والديمقراطية والقضايا الكبيرة التي تكفل عمارة الانسان لهذا الكون ، والتخويف من تطبيق الشريعة – وفق مفهوم التأديب – انتقل من غير المسلمين الذي اصبحوا مواطنين في البلاد الاسلامية والاخرين الذي يؤون اقليات اسلامية الى المسلمين ذاتهم ، خاصة حين اعتبر بعض المتشددين حيال هذه المسألة ان بيده الحق لقتل اخيه المسلم او غيره من الابرياء ، واخراجه من الملّة لمجرد انه لم يحسن اسلامه (لا تسأل عن الايمان الذي يترتب على العقيدة ومعه تترتب مسألة حرمة الدماء ولا تسأل عن ابجديات الدين التي تمنع العدوان على الابرياء ، ولا تسأل عن الشريعة التي ترتبط بالعمل الصالح) ، فيما لم يفكر هؤلاء ان الشريعة تحث على الحفاظ على حياة الانسان وتفرض شروطاً تبدو في معظمها معجزة اذا ما فرضت اقامة الحد ، كعقوبة على جريمة ما.
باختصار ، الاسلام ليس مجرد قوانين واحكام تفرض بالقهر ، والعقيدة هي الاصل الذي خرجت منه الشريعة ، وتطبيقها ليس عقوبة ولا تأديباً ، وانما اقامة للمجتمع على اسس من الامن والسعادة والاستقرار ، وتمكين للانسان من بناء دنياه ، وتكليف للمسلم – اي مسلم – في ترتيب علاقته مع ربه ومحيطه كله على افضل ما يكون.

(الدستور)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
21-10-2016 11:50 AM

قبل كل هذا وذاك، على المسلمين ان يفهموا او ان يتفهموا بان الدين السماوي انزل على الناس مباشرة من الله سبحانه و تعالى خالق الحياة و الكون و كل شيء، وهو واضح وضوح الشمس، و لقد اصطفى الله عز وجل أنبياءه لتبليغ الناس، كل الناس. و الكتب السماوية كلها قد ذكرت بان العلاقة بين الخالق و المخلوق هي علاقة مباشرة، ولا شان لأحد بان يتلبس لباس الدين و يصدر الأحكام حسب هواه و فكره، وما الحساب و العقاب شان احد الا سبحانه و تعالى ، فهو القادر على كل شيء، وهو الذي يغفر الذنوب.

2) تعليق بواسطة :
21-10-2016 01:10 PM

الغريب أن المسلمين يظنون انهم الوحيدون من خلق الله,وينسون ان أكثر من 80% من الناس في العالم هم من غير المسلمين,بل 70% من هؤلاء لا يؤمنون بوجود اله.
ماذا عن اخلاق اليابانيين والصينيين والكوريين والهنود و95% منهم ليسوا من اتباع ما تسمّى بالديانات السماوية؟
ماذا عن اخلاق العالم المسيحي الذي 90% منهم لا يؤمنون
بديانتهم او بأي دين آخر؟
على أتباع الدين الاسلامي ان يتواضعوا ويعلموا ان كل من ذكرت أعلاه يظن انه على الحق مثله تماما ولكنه لا يجبر اللآخرين على اتّباع ما يؤمن به,فقد انتهى زمن الفتوحات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012