أضف إلى المفضلة
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024


مشكلتنا في الجاهزية

بقلم : عاهد الدحدل العظامات
07-12-2016 03:12 PM


في كل عام ومع بداية كل فصل شتاء جديد تعلن كافة الدوائر المختصة وحتى الغير مختصة جهوزيتها التامة في التعامل مع الظروف الجوية التي ستسود المملكة في حالة تعرضها لمنخفضات متوسطة وقوية الفعالية.فمثلاً نقرأ على شريط الأخبار قبل دخول أي فعالية جوية تعلن وزارة الأشغال العامة والإسكان استعدادها , تعلن وزارة البلديات جاهزيتها التامة , تعلن شركة الكهرباء الوطنية استعدادها التام , يعلن نقيب أصحاب المخابز, تعلن المؤسسات الاستهلاكية العسكرية منها والمدنية. وأمانة عاصمتنا تعلن حالة الطوارئ, وفتح غرف عمليات في جميع محافظات المملكة. حتى بقالة أبو يحيى تعلن هي الأخرة جاهزيتها التامة لتوفير جميع المستلزمات التي يحتاجها المواطن.

وعند دخول الحالة الجوية نتفاجئ كمواطنين بأن كل هذه الجاهزية التي اُعلن عنها ما هي الا تصريحات على ورق وجاهزية على شريط أخبار كل قناة وصحيفة وموقع اذ تغرق الطرق وتداهم المياه منازل المواطنين ومحالهم التجارية وتعيق حركة مركباتهم وينقطع التيار الكهربائي لساعات وساعات يُسبب بعد ذلك الأعطال والخسائر في الأجهزة الكهربائية ويصبح المواطن ضحية البائع الشجع الذي يستغل الموقف في رفعه لأسعار المواد الغذائية بشتى أنواعها وأصنافها بشكل مخالف للتسعيرة المتعارف عليها دون رقيبا او حسيب,
لتصبح نعمة المطر في نظر المواطن نغمة لما يتعرض له في أيام المنخفض القليلة.

أما بقالة أبو يحيى فتصبح المتنفس الوحيد التي تؤمن له إحتياجاته اللازمة في ظروف الحالة الجوية فمع أنها بقالة صغيرة الا أن صاحبها قد أعلن الجاهزية الموضوعية البعيدة عن الإعلام وشريط الاخبار اذ أنه وعند انقطاع التيار الكهربائي لا يجد أمامه الا أن يذهب مسرعاً إلى بقالة أبو يحيى ليشتري منها الشموع والفوانيس المحبرة بالكاز لتنير ظلمته الدامسة , وعند مداهمة مياه الأمطار منزله يتراكض وهو حافي الأقدام, مبلل الهندام إلى بقالة أبو يحيى ليستحضر منها كل ما يلزمه من مجاريد ومكانس ومقاشط وغيرها لتساعده في أبعاد المياه عن أبواب ومداخل المنزل وعندما تغلق المخابز أبوابها التي لا يوجد لها من يُراقب عملها في مثل هذه الظروف لا يجد سبيلاً آخر سوى الذهاب لبقالة أبو يحيى الذي لا يرفع عليه سعر سلعته لانه ببساطة منه ومن طينته ويمثلهُ في حب الوطن والإخلاص له وحب الإنسان والرحمة بضعفه والرئفة لوضعه.

بقالة أبو يحيى كانت قد أعلنت على قطعة كرتون وبقلم فلوماستر أنها لن تُغلق أبوابها في وجه من يردادها من مواطنين وزبائن ومشترين وفعلاُ كانت على أتم الاستعداد والجاهزية...أما أنتم ووزاراتكم ودوائركم فلم تتركوا مكان الا وكانت لكم بصمه تلميعية لم نجد بعدها الا غرق وانقطاع ونقص وإنهيارات وغيرها من المشاكل التي تحدث في أول مطرة تسقط على ثرى هذا الوطن الحبيب.

نجح أبو يحيى في إستعداديته وصدق بما وعد وأنتم لا زلتم تعالجوا الخطأ بالخطأ وتعتبروه صواب والسبب أن جاهزية أبو يحيى جائت من بقالة سقفها زينكو بينما جاهزيتكم رسمتموها بيد ترتدي ساعةً سعرُها كفيلا بأن يطعكم ستين أسرة مسكينه... فكيف اذا ستنجحوا بإدارة البلاد وأنتم لا تمتثلوا لطين أهلها!!!.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012