أضف إلى المفضلة
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
بحث
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024


زفة جماعية

11-07-2011 07:08 AM
كل الاردن -

 

ماهر أبو طير
 
يتم اغلاق الشوارع، من طريق الجامعة الاردنية،مروراً بالطريق الى السلط،وصولا الى الطريق القادم من المطار،لان الاف الطلبة تخرجوا،وقرروا قلب البلد،واغلاقها،بأعتبار ان البلد من ارث الوالد الشخصي،رحمه الله.
 
الاف السيارات،والطلبة يحملون شهادات كرتونية،لاتساوي دولاراً،واغلاق للشوارع،وحشر لالاف السيارات خلف هذه المواكب،غصباً وقهراً،واطلاق للابواق والغمازات.
 
كأن الخريج تخرج في «اكسفورد» مع معرفتنا المسبقة،بأنها شهادات مدفوعة الثمن في اغلب الحالات،مالا او واسطة للقبول.
 
لايفكر كل هؤلاء لا بمريض، ولا بعجوز اصيب بنوبة قلبية، يريد الوصول للمستشفى،فالمهم «الانا» وبعد «الانا» فليذهب البلد ومن فيه الى الجحيم،مسافراً أكان ام مريضاً ام عائداً من عمله،ام شخصاً يريد ان يرتاح في منزله.
 
حركات قرعاء لاتليق بخريج جامعي،اذ يبدأ اولى لحظاته بعد التخرج بمخالفة القانون وبالاستعراض،وهو يعرف ان سقفه في الحياة العملية اذا وجد وظيفة،هو مئتا دينار فقط،مع تقبيل مئة يد قبل الحصول على الوظيفة.
 
لن تكفيه هذه الدنانير ثمناً للسجائر،ولا لدفع فاتورة الموبايل،وهمسات الحب مع الحبيبة التي يبدأ معها خطة انسحابه التكتيكي،من حياتها فور تخرجه،لانه غير قادر على الزواج،بعد مماطلة استمرت اربع سنوات، اغرقها خلالها بالعسل والغزل.
 
فوق ذلك العاب نارية مهرّبة وممنوعة،ومخازنها في سحاب وغير سحاب،يتم اطلاقها فوق رؤوسنا،ورشاشات وبنادق صيد،ومسدسات،ورصاص ينهمر،ولا احد يتعلم من اخبار الجرح والقتل،فالمهم «الانا»وبعدها فليذهب البلد الى جهنم الحمراء.
 
بعد هذا تنتقل الحفلة الى البيت،فيجتمع الاقارب،ويبدأ اطلاق النار،وصب الجميد السائل على الارز،وعلى الجيران ان يصمتوا،لان الرسول اوصى على سابع جار،ولان الفرح،لايجوز ان يكون بسيطاً وهادئاً ورائقاً وجميلا،ولان الفرح لدينا يجب ان يأتي عنيفاً.
 
تأتيك زفة العرسان،فتغلق الشارع،والكل يتفرج على العريس والعروس،والكل يتندر بلاذع الكلام،عما سيجري الليلة،او الليلة المقبلة،والعريسان يريدان ان يتزوجا،غير ان كل من في الشوارع،عليهم ان يدفعوا النقوط اجبارياً بالسكوت عن اغلاق الشارع.
 
ماعلاقتي انا بمن يريد ان يتزوج،والزواج هنا بهذه الطريقة،فضيحة حلال،وعليها شهود،فلا يبقى احد الا ويشاهد التزمير والتطبيل،وتنصب اللعنات على العرسان،من الذين تم حشرهم على الطريق،بدلا من تمني الخير للعرسان.
 
قبل ذلك يكون العريس قد استأجر مطرباً من الدرجة العاشرة،او جلب دي جيه،وواصل هو واقاربه طوال الليل،الزعيق والعويل،فلايرحمون طالباً ولاجاراً،ويستبيحون كل الحرمات،ويغلقون الشوارع،ويطلقون الرصاص في حالات،وتسأل نفسك كيف نعبر بوسيلة قتل وموت،عن فرح وسعادة؟!.
 
هذا ليس تعبيراً عن الفرح،هذا تعبير عما يمكن تسميته بالفرح السلطوي،اي مقاهرة الاخرين،واستباحة الخصوصيات،في بلد يعاني من التلوث السمعي،بطريقة لاتجدها في اي بلد اخر،وهو تلوث ادمن عليه بعضنا حتى بات طبيعياً.
 
من «زاعوق» بائع الغاز،مروراً ببائع الخضار ومكبرات صوته،وصولا الى الذي يبحث عن غسالة مستعملة ليشتريها،الى ذاك الذي يبني بيتاً،فيحفر من السابعة صباحاً حتى الثامنة مساء،ولايستثني جمعة ولاعيداً،والطلبة الخريجون من التوجيهي والجامعات،واعراس الشبيبة هنا وهناك،وانتهاء بالسائق الذي يستعمل بوق السيارة كل خمس دقائق،والزوج الذي يصرخ على زوجته،والابن الذي يصرخ على اخته،تحولت حياتنا الى غابة من الضجيج المرضي.
 
ليس أجمل من الفرح برقي وبساطة وهدوء،وهو فرح يتمنى فيه كل الناس،الخير لك،اما الفرح الذي تستبيح فيه حرمة الجار والشارع والبلد،فلا يجلب لك الا الشتم واللعن والسباب،وقلة الاحترام.
 
هذا فرح ُتسبب عبره الاذى لغيرك،حتى لو لم ترى بعينك،كيف قتلت مريضاً على الطريق،بتأخير وصوله الى المستشفى،وحتى لو لم تر بعينك على رأس من سقطت رصاصاتك،وحتى لو لم تسمع بأذنك شتائم الناس وغضبهم من استباحة خصوصياتهم.
 
«زامور» لكل مواطن،هذا هو الحل حتى تصبح الزفة جماعية.
 
mtair@addustour.com.jo
عن الدستور
التعليقات

1) تعليق بواسطة :
11-07-2011 09:34 AM

حكيك صح بس امانه تصدقني القول انته بس تخرجت وتجوزت ما عملت هيك امانه تحكي

2) تعليق بواسطة :
11-07-2011 01:05 PM

اعتقد يا استاذ ماهر بان هذا المقال صالح لأن ينشر
على مدى عام او اكثر ويوزع على ابناءنا في المدارس في مختلف مستوياتها في مساق التربية الوطنية ان كانت موجودة اصلا على امل ان يؤتي اكله مع الأجيال القادمة لأنه اجيالنا واجيال اولادنا عصًت

3) تعليق بواسطة :
11-07-2011 05:42 PM

الى ابو طير سلوكيات زائفه وحالة مترديه وتقليد يخلق الياس فى النفس وان الوطن اصبح ابواق وصوت بدون صدى .ثقافات تتجه بنا الى ان الفرحة اصبحت لغة للازعاج وان الفرح اصبح ترحا بالسلوك الغير اخلاقى وقانونى .الى متى هذا السلوك وذاك الفكر الذى لا يقدم الا ازعاجا وعدوان.

4) تعليق بواسطة :
11-07-2011 09:54 PM

أهنئك على كل كلمه قلتها هنا ما يحصل هو عباره عن الفجور والفاجر لم يبارك لذلك العرب بفجورهم هذا سيبقون من اسقط الشعوب مهما حملوا من شهادات كرتونيه مدفوعة الثمن ما قبل سلفا؟.طبعا لا اعمم ملاحظه كل ما ذكرت استاذي من فوضى وضجيج ( كله يحصل في وقت الاذان ايضا ومن خلال سماعات خربانه ناهيك (عن صوت المذيع او المقدم لتلك السماعات والله صلاتنا فيها من الفوضى والضجيج (من هنا كيف يريدون لهذه الفوضى الغير مباركه ان تنتصر ويحترمها الاخرون .هناك هذا ليس موجود سوى عند العرب المسلمبن ..!

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012