الطبعة المنقحة
 
" الأردن الــــى أيــــن"
 
 
" أزمــــة الــدولـــــة وآفــــاق الحــل "
 
 
"نــحـو برنـامـج شـامـل للاصــلاح السيــاســي والاقتصــادي والاجتمــاعـــي "
 
 
اعداد:
 الدكتور عبدالله العكايلة              
" الأردن الى أين"
 
بســم اللـه الرحـمن الرحـيم
الحمد لله رب العالمين
 
 
والصلاة والسلام على رسوله الأمين وبعد:
فقد روي عن الامام علي رضي لله عنه وكرَم وجهه قوله :
" ما كل ما يعلم يقال ، وما كل ما يقال قد جاء أوانه وما كل ما جاء أوانه حضر رجاله"
ونحن في الأردن ومنذ سنوات ونحن نحس ونلمس ونرى حجم التخريب ونخر الفساد في كيان الدولة وبيع ممتلكات الشعب ونهب مقدراته وموجوداته برّاً وبحراً وجواً من الأراضي والشركات والموانئ والاتصالات وأصبحنا نتهامس في كل زاوية من زوايا المجتمع الى أن جهر الناس بكل ما يُعلم حيث جاء أوانه وحضر رجاله.  لقد أصبح الأردن في مهب الريح فالشعب يترنح تحت سياط الأسعار والفقر والبطالة وتآكل الدخول وتنامي المديونية الى أرقام فلكية جاوزت حدودها التي بلغتها في عام 1989 حين قامت هبة نيسان في ظلال الأزمة الاقتصادية المعروفة آنذاك علماً بأن ثروة الوطن كانت مملوكة للشعب لم يُبع منها شيء وقتئذٍ.
أما عن الأوضاع السياسية فقد وجِّهت للحياة السياسية ضربتان قاصمتان في انتخابات عامي 2007،2010 تمخضت الأولى عن مجلس نيابي مزور كان سُبّة في تاريخ الحياة البرلمانية ليصحوالشعب على مجلس أكثر تزويراً أفرزته انتخابات 2010 بفضائح يتندر بها الشعب في كل المحافظات وهو المجلس الذي توقع الناس في أعقاب حلِّ سلفه أن يكون أفضل حالاً فإذا بهم يترحمّون على السلف أمام مصيبة الخلف.
لقد تكرّس في مسيرة الحياة السياسية منذ انتخابات عام 2007 نهج تحالف فيه الفساد والاستبداد فأُفسِدت الحياة السياسية أيّما إفساد حيث أفرزت المؤسسة  الأمنية مجلس نواب جلُّه من أصحاب رؤوس الأموال وكبار التجار والمقاولين وغيبت رموز الوطن وقيادات الشعب بما فيها الذين لم يخرجوا يوماً عن مربع الايقاع الرسمي للسياسات الحكومية.
وتبعاً لتغييب رموز كانت تشكل روافع حقيقية للعمل البرلماني والسياسي جاءت صورة البرلمانين الأخيرين على النحو الذي شهده الشعب الأردني والذي خرج الى الشارع فرحاً وطرباً عند حل الأول منهما ويخرج اليوم مطالباً بحل الثاني حيث مثلت عملية انتخابهما في عامي 2007 و 2010 أسوأ انتخابات نيابية في تاريخ المملكة عكست تزوير إرادة الشعب بالترهيب بسطوة المخابرات والترغيب بشراء الذمم و الأصوات.
لقد جنحت قاطرة الحكم بعيداً عن مسار خدمة الوطن والشعب إلى مسار خدمة مصالح عصبة تمكنوا من قيادتها في ظل غياب رموز برلمانية كانت تطاردهم وتحاصر تغلغل نفوذهم وتُسلط الأضواء على فسادهم.
لقد هيأ ضعف الحكومات التي جاءت في هذه الفترة المناخ الخصب كما هيأ خواء البرلمان الفرصة السانحة لتسارع الفساد وتمدد ساحته وبمشاركة أعضاء من هنا و هناك لتحقيق مكاسب شخصية ومصالح ذاتية والثراء على حساب معاناة الشعب وتبديد ثروة أجياله.
أما عن الأوضاع الاجتماعية فقد أُسست في المجتمع ثقافة النفاق والتملق والولاء المصطنع والانتماء المأجور وعُبئت مؤسسات الدولة والأندية الشبابية وكثير من مؤسسات المجتمع المدني الطوعية بتلك الثقافة الزائفة وعمّت أناشيد الولاء الشكلي المحافل والمناسبات حتى وصلت الى الربط الإلكتروني لها على هواتف الكثير من رجال الدولة وكبار المسؤولين في مشهد ينبئ عن خواء مخيف.
 تبحث عن الأصالة وصدق الإنتماء والكرامة المعهودة في السلوك الرسمي فلا تكاد تعثر عليها إلا في حدود ما رحم ربي من وجوه بقيت محافظة على هذه القيم ممن هم خارج السرب وبعيدون من مواقع التأثير .
وفي ظل تدني مستوى المعيشة وتآكل الدخول واتساع دائرة الفقر وتنامي معدلات البطالة وارتفاع معدلات التضخم هبط السلوك المجتمعي محكوماً بوطأة ظنك العيش من جهة وبسطوة المخابرات من جهة أخرى إلى الحضيض مع اندفاع المواطن إلى صناديق الإقتراع وبيع صوته بثمن بخس لمن لا يرى فيه أهلية مختار عشيرةِ أو عائلة مقابل دراهم معدودة لا تُسمن ولا تُغني من جوع وتزاحم في عباب هذا التيار من السلوك الهابط الغريب على المجتمع الأردني الذكور والإناث على قدم المساواة وعلى مسمع ومرأى ورعاية من الأجهزة الأمنية لا بل بلغ الأمر أن يتسلم المواطن ثمن صوته من مدير المخابرات في المحافظة وأن يوقع المواطن على ورقة باستلامه المبلغ وفي مكتب مدير المخابرات نفسه باعنراف المواطن نفسه وبشهادة نائب سابق قام بابلاغ مدير المخابرات العامة بذلك ولم يحرك ساكناً.
أُقيمت سوق للنخاسة وفرت لها أجواء مريحة من التحرك والرعاية الأمنية أصابت كرامة الأردنيين في الصميم بلغت معاناة المواطن حداً قياسياً وأصبح مخزون الغضب هائلاً وعمّ الإحباط النفوس فأخذت ظاهرة العنف المجتمعي تبرز على مختلف الساحات، في أروقة الجامعات وساحات الملاعب وأوساط العشائر وبين المواطن ورجل الأمن ولأتفه الأسباب كل ذلك في إطار أسلوب تحويلي للصراع وتفريغ شحنة الغضب في جهة غير تلك التي كانت وراء تراكماتها.
أما عن الأوضاع الاقتصادية فقد بيعت ممتلكات الشعب وموجودات الدولة تحت شعار الخصخصة التي قاد حملتها و حمل وزرها مجموعة الليبراليين الجدد الذين جردوا الشعب من ممتلكاته وسمسروا عملية بيعها للخارج مقابل عمولات ونسب حولتهم من معوزرين الى فئة ثرية تملك مئات الملايين علاوة على تسلقهم لهرم الدولة وتبوء مراكز متقدمة في السلطتين التنفيذية والتشريعية ورئاسة الهيئات التي انبثقت أصلاً ليشغلوها ويواصلوا أعمال السمسرة وبيع البقية الباقية من ثروة الوطن من خلال مواقعهم فيها.
كان شعار الخصخصة إحدى الركائز التي قام عليها ما عرف ببرامج التصحيح الاقتصادي في وصفة صندوق النقد الدولي التي ندب للترويج لها وتنفذها مجموعة الليبراليين الجدد والتي قاومناها وحذرنا من مخاطرها ونتائجها المدمرة على مستقبل الشعب الأردني وقلنا مراراً وتكراراً ان كان ولابد من الدخول في هذا النفق فليكن الحديث عن بيع منفعة لا بيع رقبة السلعة لمدة معينة تعود ملكيتها بعدها الى الشعب و أجياله.
زيّن بيع مؤسسات الدولة وشركاتها بسداد المديونية ورصد عوائد الخصخصة في صندوق للأجيال فكان أن تضخمت المديونية الى ما يقارب ضعف حجمها عن عام 1989، وأما صندوق الأجيال فلم ير النور قط.
أمام تردي الأوضاع السياسية بمواصلة نهج تزوير الانتخابات كل الانتخابات وصولاً الى الانتخابات النيابية بالرغم من اعلانات جلالة الملك المتكررة بضمان حريتها ونزاهنها وشفافيتها.
وأمام تردي الأوضاع الاقتصادية التي أعقبت خصخصة المؤسسات وبيع الممتلكات وتردي الأوضاع المعيشية للمواطن وارتفاع الأرقام القياسية للأسعار وتآكل الدخول ولهث المواطن وراء لقمة العيش وتامين ضرورات المعيشة ولايكاد يدركها.
وامام تردي الأوضاع الاجتماعية وانعدام الثقة وانتشار النفاق وانتشار ظاهرة العنف والشعارات الزائفة والولاء المصطنع والانتماء المأجور وانفراط عقد العشيرة والعائلة وتنامي حجم الفساد واتساع ساحاته على مختلف الصعد والمستويات.
أمام كل هذا سادت حالة من الذهول أوساط الشعب في مختلف محافظات المملكة وبلغ مخزون الغضب الهائل ذروته والشعور بالإحباط غايته فانفجر الشارع الذي طالما حذرنا من تنامي معاناته ولطالما نبهنا الحكومات المتعاقبة حين قلنا لا تظنوا أن العصب قد مات فالعصب لا زال حياً.
تحرك الشارع حركة تلقائية غير مسيسة ولا موجهة من قبل أحزاب ولا قوى سياسية بعينها، لا تحكمها معادلة الربح والخسارة في الأرواح والممتلكات بل يحكمها دفع مخزون الغضب والاحباط والظلم والقهر وسوء الاوضاع المعيشية والتهميش والاهمال والفقر والبطالة و بقية     مفردات مركب الحالة السوداوية التي تختلج نفوس الشعب وتشكل مرارة معاناته.
هل تملك الحكومة تهدئة الشعب بوعودها أم هل يملك النواب النزول الى الشارع ومواجهة الجماهير الذين يطالبون بحلهم، أم  أن الحل الجاهز هو الذراع الامني وقوات الدرك التي ان بطشت الى حد كسر العظم واراقة الدم فسيكون لبطشها رد مقابل بابعاد عشائرية واجتماعية لن يقف أمامها خطوط حمراء، وقد بات معلوماً في سياق البطش بحركة الشعوب أن الدم يستسقي الدم وأن العنف مع الجماهير يفجر فيها العنفوان، وأن نشر الهول وصب  النيران لا يترك في الصف جباناً.
ها هو الشعب قد نزل الى الشارع في مسيرات سلمية واعتصامات متكررة تطالب باصلاح النظام وترفع شعارات تضع الاصبع على الجرح، جرح الفساد ونهب ثروة الوطن بفعل العصابة التي تقلبت على مراكز النفوذ في الدولة وأحكمت قبضتها على السلطة والثروة خصوصاً في السنوات العشر الأخيرة العجاف.
كما وضعت الجماهير اصبعها على جرح الاستبداد وتزوير ارادة الشعب في الانتخابات النيابية خصوصاً في الدورتين الأخيرتين سيئتي السمعة والسيرة . لقد تعاملت الحكومة والاجهزة الأمنية مع المسيرات خلال الأشهر الثلاثة الأولى بحكمة وعقلانية لامتصاص غضب الشارع وتهدئته، ولما أدركت أن الشعب يعتبر تلك الحكمة والعقلانية في التعامل مع مسيراته واعتصاماته  هي الأصل باعتبار أن ما يقوم به الشعب حق كفله الدستور، ولما أدركت أن الشعب جاد في مطالبه وعازم على المضي في سبيل تحقيقها حتى تتحقق فعلاً في حياته، ضاقت الحكومة وكذلك الاجهزة الأمنية ذرعاً بحراك الشعب خصوصاً مع ارتفاع سقف مطالبه إلى الحد الذي لم تألفه الحكومات ولا الاجهزة الأمنية سواء ما تعلق منها بالملكية الدستورية أو بكف يد الأجهزة الأمنية عن الشأن العام في الهجوم المشهود على المعتصمين في دوار الداخلية يوم الخامس والعشرين من آذار الماضي.
في ضوء ذلك قررت الحكومة وكذلك الأجهزة الأمنية العدول عن الحكمة والعقلانية إلى انتهاج العنف واستخدام البلطجية تماماً كان عليه الحال في تونس ومصر وبقية الدول التي شهدت وتشهد حراك الشعوب ونهضنها نحو الإصلاح.
لقد وقعت الحكومة والاجهزة الامنية في خطأ فادح، فبدلاً من أن تستمر في نزع الفتيل دون كلل أو ملل والتقدم الجاد نحو تحقيق مطالب الشعب المشروعة والدستورية، قامت بإشعال الفتيل فيما أقدمت عليه من اللجوء الى العنف وبنفس الأساليب التي أشرنا إليها في دول أخرى ولكن على نحو أشد خطورة في الاردن حيث حملت روحاً إقليمية هي أخطر ما يهدد وحدة الشعب وصلابة جبهته الداخلية.
وما زاد الطين بلة ما أعقب ذلك في حديث رئيس الوزراء من تهديد للحركة الإسلامية وتحذير لها واتهام في انتمائها ووطنيتها وما زعمه من تلقيها لأوامر خارجية من مصر وسوريا الأمر الذي زاد التوتر حدة والنفوس سخطاً واحتقاناً. حزنت وأنا أشاهد دولة الرئيس وقد أمضى معظم وقت اللقاء دون جنوح عن خط المسؤولية ثم انزلق فجأة في الدقائق الأخيرة من لقائه وفي غير ما هو متوقع ولا معقول لا من حيث الظرف ولا من حيث الحقيقة الى موقف نسف فيه الجسر الذي اجتهد في بنائه أيام تشكيل حكومته ومشاوراته مع الحركة.
صحيح أن الحركة الإسلامية " الإخوان المسلمين " تربطها بحركة الإخوان المسلمين في مصر علاقات معلومة للعامة وللنظام من خلال عضويتها في مكتب الإرشاد، لكن قرارها في الشأن الأردني قرار مستقل، وكنت يوم كنت في الحركة ممن يؤكدون على استمرارية استقلال قرارها في الشأن الأردني.
أما عن سوريا فقد كان المقصود في اشارة الرئيس حركة حماس ان الأردنيين جميعاً يقفون بفخر مع حركة حماس في جهادها ضد العدو الصهيوني المحتل كما يقفون مع جهاد كل الحركات المقاومة الصادقة الساعية الى تحرير أرض فلسطين من ربقة الاحتلال الغاشم.
والإخوان المسلمون في الأردن كحركة سياسية يفتخرون بأداء هذا الدور المشرف غير أن القول بتلقيهم أوامر من حماس في إشارة دولة الرئيس الى سوريا مغالطة كبيرة أخرى وقع فيها دولته إذ أنني على علم بأن حماس كانت تقف دوماً على مسافة متساوية من الخلاف في وجهات النظر التي تبرز بين الحين والآخر بين ما اصطلح عليه يوماً بتياري الحمائم والصقور في صف الجماعة. لقد كان يزعم يوماً أن حماس تتلقى تعليماتها من الإخوان المسلمين وليس ما ذهب إليه دولة الرئيس، الأمر الذي تجاوزه واقع حماس سياسة وجهاداً كما أن حماس ذاتها تدرك تماماً وتحرص على ثابت استراتيجي يتطابق مع الثوابت الأردنية وهو أن بقاء الأردن قوياً عصياً على الإختراق الصهيوني يجعله في مأمن من أية فرصة سانحة من ضعف تشكل إغراء للكيان الصهيوني بتنفيذ مخطط إقامة الوطن البديل الأمر الذي تعتبره حماس خيانة دينية ناهيك عن كونه خيانة وطنية وتصفية للقضية الفلسطينية. أرجو أن يكون ما حدث من خطأ في تصرف الحكومة والأجهزة الأمنية في أحداث جمعة الخامس والعشرين من آذار الماضي كبوة لا تتكرر.
إن من حق كل مواطن أن يعبر سلمياً عن رأيه معارضة واعتصاماً أو ولاءً  وتأييدأً ولا بد أن يكون المجال متاحاً بحق و حقيقة لا مكراً ولا خداعاً ولا تعبئة ولا تجييش لفريق ضد آخر لأن في ذلك تعبئة وتهيئة لما هو أخطر بكثير مما يطالب به المعتصمون أو المعارضون. لقد كان اختيار دوار الداخلية مكاناً للإعتصام خطأً كبيراً ليس في مصلحة المعتصمين أنفسهم من الناحية الأمنية، لكن الخطأ وان كان كبيراً لا يعالج بخطيئة كبرى.
يبدو أن الفساد يصدر عن عقلية واحدة ويستخدم آلية موحدة عند الاحساس بالخطر. فحين هبت الشعوب لمحاربته والاطاحة برموزه لجأ الى استخدام البلطجية ثم الى سلاح الطائفية والجهوية والاقليمية وقد شاهدنا ذلك في تونس وفي مصر وبقية الدول التي شهدت وتشهد حراكاً جماهيرياً يطالب بالإصلاح واجتثاث الفساد ومحاربة مرتكبيه. ونحن هنا في الأردن قد شاهدنا وللأسف استخدام نفس الآلية ونود أن ننبه وبكل صدق وإخلاص الشعب الأردني الأصيل ونحذر من مجرد الإصغاء الى الأصوات والحركات ومظاهر الاستفزاز التي يحركها معسكر الفساد وعصبة الاستبداد المتضررون من المطالبة بالاصلاح لتوفير غطاء فوضوي علّه يكون وسيلة لإعاقة الإصلاح والتقدم نحو محاسبتهم كفاسدين مستبدين.
إن بث روح الإقليمية والتعبئة الجهوية انما هي معاول هدم في وحدتنا الوطنية وزعزعة لجبهتنا الداخلية مضافاً إليها التجييش الأعمى ضد الحركة الاسلامية الذي طالما استخدم فزاعة لدى الكثير من الأنظمة العربية ملوحة للغرب بخطر قدومها بديلاً عن تلك الأنظمة الاستبدادية المتهاوية والتي لم تعد مقنعة ولا مقبولة لدى الغرب أمام فضائح تلك الأنظمة وتعاظم فسادها وتفجر إرادة الجماهير ضد استمرارها.
انني أربأ بكل أردني أبي شريف وشهم عن أن يُحشد في صف أو تيار أو مسيرة تشكل غطاءً لطغمة الفساد ودرعاً لحماية الفاسدين والمستبدين  الذين يعيشون حالة الرعب والدفاع المستميت عن مكاسبهم التي تجسدت في تقلبهم على مراكز النفوذ ومواطن الثروة وهم قلة تمثل مجموعة من العائلات والأفراد سواء من أصل شرقي النهر أو غربيّه في حين يتقاسم الشعب الأردني بسواده الأعظم سواء من شرقي النهر او غربيّه المعاناة ويدفع الثمن غالياً من قوته وجهده وعرق جبينه.
إن ديننا وعقيدتنا وعلاقات الدم والقربى والمصاهرة والمصير المشترك وأردننا الحبيب الذي ننتمي إليه قد وحدتنا جميعاً فنحن هنا في الأردن جميعاً أردنيون حين يتعلق الامر بالأردن، وفلسطينيون جميعاً حين يتعلق الامر بفلسطين، فلندعها فإنها منتنة .
لا تستدرجنكم عصبة الفساد والاستبداد الى محرقة تكونون لا قدّر الله أنتم وقودها ويكونون هم " كنيرون " يتفرجون على دخانها وحطامها لتكون الفرصة عندئذ سانحة للكيان الصهيوني في التحرك شرقاً لتنفيذ مخططه في إقامة الوطن البديل وتكونون قد ساهمتم من حيث لا تعلمون في تهيئتها.
ليس من أردني من ينافس الملك على عرشه لا من شرقي النهر ولا من غربيّه وحتى الملكية الدستورية لا تحتاج لأكثر مما هو منصوص عليه في دستورنا لكن نصوص الدستور وروحه قد خُطفت بتعديلات وممارسات كرّسها الأمر الواقع. ان أول من خطف الدستور واقعاً وممارسة هي المخابرات العامة التي قفزت فوق السلطات الثلاث وتسنمت لها موقعاً هو في واقع الامر الى جانب مقام  جلالة الملك وأصبحت هي الحاضنة والمخرجة للبيروقراطية السياسية والادارية وحتى لتشكيل المنظومة الاقتصادية وكل شؤون الحياة الامر الذي أوصلنا الى ما نحن فيه وقد أكدت ذلك مراراً تحت قبة البرلمان.
إن ما هو مطلوب تعديلات دستورية تلغي التعديلات التي شوهت الدستور الأصيل وقانون انتخاب لا يختزل صوت الناخب ولايقزم حجم تمثيل النائب وتحرير ارادة الشعب من سطوة الترهيب والتزوير بفعل المخابرات وسلطة فساد المال بشراء الأصوات واطلاق نص الدستور وروحه في أن الأمة مصدر السلطات لتجري انتخابات حرة ونزيهة بحق و حقيقة ويفرز الشعب نوابه لينوبوا عنه في اختيار حكومته فيحكم الشعب نفسه بنفسه ويحاسب نفسه بنفسه وتستقيم مسيرة الإصلاح ويكون جلالة الملك فعلاً مصاناً من كل تبعة ومسؤولية ولا يحتمي بمقامه ولا يختفي خلفه  فسادٌ أو استبداد بذريعة توجيهات او اوامر عليا كما دأبت على فعله عصابة الفساد والاستبداد منذ زمن بعيد.
 
"بين يدي مطالب الشعب بلاصلاح"
 
في غمرة اندفاع الشعب الى الشارع وهتافاته ورفع شعاراته بالاصلاح والمطالبة بمحاربة الفساد ومحاكمة الفاسدين هل نسينا او تناسينا دورنا كشعب في إفساح المجال للفساد والاستبداد ان يسرحا ويمرحا عرضاً وطولاً؟ هل نسينا أو تناسينا أننا بسكوتنا وسباتنا ردحاً من الزمن عن الفساد والاستبداد ونحن نذوق الأمرّين منهما أننا نحن من مكّن لهما الى أن تمكنا من حياتنا وأطبق على أنفاسنا؟ هل نسينا أو تناسينا ان عقدة الخوف التي سكنت نفوسنا عبر العقود الماضية كأمة كانت هي بوابة الدخول التي ولج منها الفساد والاستبداد الى حياتنا؟ ألم يكن الخوف من كل ما حولنا في كثير من شعوب أمتنا يوم تصور المواطن ان اقرب الناس اليه قد يكون مخبراً عن أية كلمة قد يتفوه بها؟ هل اكتشفنا أن عقدة الخوف هي القشة التي كانت غطاءً لحالة الذل والهوان التي عاشتها أجيال أمتنا وأن الأمة حين قررت إزالة تلك القشة ونزع عقدة الخوف من نفوسها قد انطلقت مارداً لا يخشى الرصاص ولا يرهب الموت؟ هل قررنا توحيد الخوف في مصدره الوحيد والأوحد وهو الخوف من الله عز وجل لا من غيره أبداً حتى تنطلق عنا عقدة الخوف من غيره؟ ان كان ذلك كذلك فنحن مؤهلون للإصلاح ومحقون في طلبه.
هل نسينا أو تناسينا أن كثيراً منا كان مادة للفساد المالي يوم عرض نفسه وأسرته سلعة في سوق النخاسة وبيع الصوت بثمن بخس دراهم معدودة؟  هل كان المزورون الذين جلسوا تحت قبة البرلمان بشراء الأصوات ودعم المخابرات ليصلوا مواقع نيابة الشعب لو لم يجدوا نفوساً رخيصة وذمماً معروضة للشراء؟ هل قررت الفئات التي فعلت فعلتها تلك بنفسها ووطنها وشعبها التوبة الى الله والبراءة مما فعلت وصممت على عدم العودة اليها لتحفظ الكرامة التي أحلها الله فيها
" ولقد كرّمنا بني آدم".
إن كان ذلك كذلك فنحن مؤهلون للإصلاح ومحقون في المطالبة به، هل نسينا أو تناسينا أن الفئات التي استخدمت في البيع والشراء لم تكن جريمتها بحق الوطن والشعب أكبر من جريمة الفئات التي وجهتها الأجهزة الأمنية وساقتها الى صناديق الاقتراع للتصويت لمن يعلمون يقيناً أنهم لا يملكون أهلية مختار عشيرة لا أن يكونوا نواب أمة؟ هل لو لم تجد الأجهزة الأمنية استجابة من هذه الفئات استطاعت ان توصل تلك النوعية الى قبة البرلمان؟ هل قررنا بتوحيد الخوف قطع الطريق نهائياً على كل محاولة لتحريف ارادتنا بترهيب الاجهزة الامنية او بترغيب بشراء الذمم وامتهان للكرامة الانسانية؟
ان كان ذلك كذلك فنحن مؤهلون للاصلاح ومحقون في المطالبة به.  وهل نسينا او تناسينا ان فئة كبيرة طيبة منا دأبت على مقاطعة صناديق الاقتراع فكانت مساهمتهم في النتيجة لا تقل عن مساهمة من حملوا وزر تزويرها سواء بالترغيب او الترهيب فهل وعيت هذه الفئة خطورة سلبيتها ومدى مساهمتها في سوء ما آلت إليه أوضاعنا؟
   وأخيراً علينا جميعاً ان ندرك ان الاصلاح لا يتحقق الا بإرادة جماهيرية، فالحق يؤخذ ولا يُهدى والتحرر من ربقة الاستبداد والفساد يُنتزع ولا يُستجدى ومفتاح ذلك وبوابة الدخول اليه وتحقيقه صوت حر نظيف شريف صادر عن قناعة موجهة بمرضاة الله وتوخي تحقيق مصلحة الوطن والشعب.
 
 
 
 
" برنامج الإصلاح المنشود "
 
رفع المعتصمون والمحتشدون في المسيرات شعارات "الشعب يريد الإصلاح" فما هو برنامج الإصلاح الذي ينشده الشعب ويهدئ من روعه وينزع فتيل شرارته.  إنني أرى كنائب مثل الشعب الأردني قرابة ربع قرن من الزمان ثم انتزع تمثيله بعدها في عملية مخزية ومفضوحة من تحالف سلطة المخابرات مع فساد المال وشراء الذمم والأصوات في أكبر عمليتي تزوير في تاريخ الأردن في انتخابات عامي 2007 و 2010 بالرغم من احتلالي الموقع الاول في المرتين المذكورتين، أقول إنني أرى الاصلاح الذي يطالب الشعب بتحقيقه يتمثل في برنامج متكامل وسريع لا يحتمل التأجيل ولا التسويف ولا المماطلة ولا التذاكي لامتصاص غضب الشارع بالتدريج ولا من خلال الوعود وتشكيل اللجان وفتح باب الحوار المطول لكسب الوقت بل بوضع النقاط على الحروف والمسارعة بالاجراءات العملية لتنفيذ برنامج الاصلاح الشامل على النحو التالي:
 
أولاً : السلطة التنفيذية:
1- تعديل المادة (35) من الدستور بحيث يعهد جلالة الملك بتشكيل الحكومة الى الشخص الذي تسميه الأغلبية البرلمانية سواء كانت تلك الأغلبية تعود لحزب حازها من خلال الانتخابات أو لائتلاف برلماني يشكل تلك الأغلبية وفي هذا تطبيق للمادة الأولى من الدستور " نظام الحكم نيابي ملكي وراثي " وللمادة " 24" فقرة "1" من الدستور " الأمة مصدر السلطات " وللمادة "26" (تناط السلطة التنفيذية بالملك ويتولاها بواسطة وزرائه وفق أحكام هذا الدستور) وللمادة "30" من الدستور " الملك رأس الدولة وهو مصون من كل تبعة ومسؤولية"، وللمادة "49" من الدستور (أوامر الملك الشفوية أو الخطية لا تخلي الوزراء من مسؤولياتهم) وبهذا تكون الحكومة برلمانية سواء كان من تسميه الأغلبية برلمانيا أو غير برلماني وسواء كان أعضاؤها من البرلمان أو من خارجه. لأن الشعب قد أناب ممثليه في تسمية رئيسها وتزكية أعضائها ومنح الثقة لهيئتها فيتحمل الشعب من خلال مسؤوليته في اختيار نوابه مسؤولية اختيار الحكومة. عندها تختفي ظاهرة اختباء الحكومات خلف مقام الملك وتختفي ظاهرة استخدام عبارات " توجيهات عليا ، أوامر الملك ، رغبة الملك" وكل الواجهات التي طالما تمترس الفساد والاستبداد خلفها وتحصن بها في مواجهة المحاسبة والمساءلة.
وبهذا يكون الملك في منأى عن كل تبعة ومسؤولية ويتحمل الشعب مسؤولية اختياره لحكومته من خلال نوابه فيحاسبها ويعزلها بطرح الثقة فيها إن هي خيبت ظنه أو أدرك من خلال ممارساتها سوء اختياره فيعدل عنها الى غيرها بوسائل ديموقراطية سلسة وسليمة في نهج قويم من التداول السلمي للسلطة.
2- تعدل المادة "52" من الدستور لتُلغى عبارة" وللوزراء ومن ينوب عنهم حق التقدم على غيرهم في مخاطبة المجلسين" الواردة في السطر السادس من المادة.
3-                        تعدل المادة "53" من الدستور الفقرة "2" لتصبح على النحو التالي:
إذا قرر المجلس عدم الثقة بالوزارة بالأكثرية المطلقة من مجموع عدد أعضائه سواء بالامتناع أو الحجب وجب عليها أن تستقيل.
 
4-                        تعدل الفقرة "3*** " من المادة "54" لتصبح على النحو التالي:
وان تطلب الثقة على ذلك البيان وتعتبر الحكومة قد حازت على ثقة المجلس إذا منحها الثقة الأغلبية المطلقة من مجموع عدد أعضائه، اما إذا كان المجلس غير منعقد أو محلاً فيعتبر كتاب التكليف بياناً وزارياً لأغراض هذه المادة.
 
5-                        تعدل المادة "55" لتصبح على النحو التالي :
يحاكم رئيس الوزراء كما يحاكم الوزراء أمام محكمة خاصة عليا على ما ينسب إليهم من جرائم ناتجة عن تأدية وظائفهم .
6-                        تعدل المادة "56" من الدستور لتصبح على النحو التالي :
" لمجلس النواب الحق في اتهام رئيس الوزراء والوزراء ويصدر قرار الاتهام بأكثرية أصوات أعضاء المجلس ."  وعلى المجلس أن يحيل قرار الاتهام الى النائب العام ليتولى تقديمه وتأييده أمام المحكمة الخاصة العليا.
 
7-                        تعدل المادة "57" من الدستور لتصبح على النحو التالي :
تؤلف المحكمة الخاصة من رئيس المجلس القضائي ومن ستة من اعلى قضاة محكمة نظامية بترتيب الأقدمية وعند الضرورة يكمل العدد من رؤوساء المحاكم التي تليها بترتيب الأقدمية.
8-  تعدل المادة 58 في مطلعها باستبدال عبارة
 " المحكمة الخاصة العليا بالمجلس الأعلى "
9- تعدل المادة 59 لتصبح على النحو التالي: " تصدر الاحكام والقرارات من المحكمة الخاصة بأغلبية أصوات أعضائها"
10- تعدل المادة 60 لتحل عبارة المحكمة الخاصة العليا محل المجلس العالي
11- تعدل المادة 61 لتصبح على النحو التالي يوقف رئيس الورزراء والوزراء الذين يتهمهم المجلس عن العمل الى ان تفصل المحكمة الخاصة العليا في شأنهم ولا تمنع استقالة اي منهم من إقامة الدعوى والاستمرار في المحاكمة.
12- تعدل المادة 94 لتصبح على النحو التالي:
أ- عندما يكون مجلس الأمة غير منعقد يحق لمجلس الوزراء ان يضع قوانين مؤقتة في حالات الحرب والكوارث الطبيعية أو صرف نفقات مستعجلة غير قابلة للتأجيل
ب - بالإضافة الى ما ورد في الفقرة أ من هذه المادة وعندما يكون مجلس الأمة مُحلاً يحق لمجلس الوزراء بموافقة الملك أن يضع قوانين مؤقتة في الحالات التي تقتضيها ضرورة تسيير شؤون الدولة والتي يتعذر بغير وضعها تسيير تلك الشؤون.
ج - يكون لهذه القوانين المؤقتة الواردة أعلاه في أ و ب والتي يجب ان لا تخالف احكام الدستور قوة القانون على ان تعرض على المجلس في اول اجتماع له وعلى المجلس ان يقر هذه القوانين او يعدلها او يرفضها وفي حالة رفضها يجب على مجلس الوزراء بموافقة الملك ان يعلن بطلانها فوراً ومن تاريخ ذلك الاعلان يزول مفعولها على ان لا يؤثر ذلك في العقود والحقوق المكتسبة.
 
استحداث وزارة للأمن القومي تتبع لها المخابرات العامة.
 
13-استحداث وزارة للدفاع تتبع لها القوات المسلحة .
 
14- استحداث وزارة للأمن الداخلي يتبع لها جهاز الأمن العام .
 
15- إلحاق جهاز الدفاع المدني عملياً بوزارة الداخلية .
 
16- إعادة هيكلة كل الهيئات والأجسام الإدارية التي سلخت عن جسم الحكومة وأصبحت في منأى عن المحاسبة والمساءلة البرلمانية وإعادة إلحاق ما هو ضروري بقاؤه منها الى الوزارة المعنية وفقاً للإختصاص القطاعي .
 
 
ثـانيــا : إجراء التعديلات الدستورية المتعلقة بالسلطة التشريعية على النحو التالي :
 
أ‌-        إلغاء المادة " 71" من الدستور ( الفصل في العضوية ) وإسنادها الى هيئة قضائية خاصة تشكل من المجلس القضائي لهذا الغرض....
ب‌-    إلغاء المادة "73" من الدستور الفقرات ( 4 ، 5 ، 6) .
ج‌-      تعديل المادة "78" من الدستور الفقرة (3) لتصبح مدة الدورة العادية ثمانية شهور.
د‌-       تعديل المادة "93" لتصبح  ( إذا رد مشروع أي قانون بما في ذلك الدستور ) و شطب عبارة ما عدا الدستور .
 
 
ثــالثــاً : تعديل قانون الإنتخاب بحيث يشمل ما يلي :
أ‌-        الإشراف القضائي على العملية الإنتخابية كاملة منذ إعداد جداول الناخبين و حتى إعلان النتائج.
ب‌-    رقابة دولية على سير نزاهة الإنتخابات.
ج‌-      جعل المملكة دائرة إنتخابية واحدة والعمل بموجب نظام القوائم المغلقة بحيث تحوى كل قائمة عدداً من المرشحين مساوياً لعدد أعضاء المجلس ومراعية   حصة كل محافظة من المقاعد ويكون التصويت للقائمة وتفوز القائمة التي تحظى بالأغلبية المطلقة أو النسبية لأصوات المقترعين وفي ذلك إطلاق لإرادة المواطن في اختيار نواب الأمة .
د‌-       إذا تعذر تطبيق ما ورد في (ج) أعلاه فتُقسم المملكة إلى ثلاث دوائر يكون كل إقليم دائرة ويجري الانتخاب على أساس القوائم للأقاليم وتراعى حصة كل محافظة من المقاعد.
ه‌-        إذا تعذر ما ورد في (د) فتكون المحافظة هي الدائرة الإنتخابية ويكون الناخب مخيّراً في التصويت للعدد الذي يرغب فيه من المرشحين في حدود المقاعد المخصصة للمحافظة سواء أكان المرشحون معروضين عليه في صورة قائمة أو فرادى (قانون 1989 ).
إن هذا الخيار هو آخر ما يمكن النزول إليه في إختزال إرادة الناخب من إفراز   نائب على مستوى الوطن الى نائب على مستوى الإقليم الى نائب على مستوى المحافظة وليس دون ذلك من نزول ممكن في إختزال إرادة الناخب وتقزيم حجم تمثيل النائب سوى ما تفكر به الجهات الرسمية من إعطاء الناخب صوتين ، صوت للدائرة وصوت للمحافظة ليكون بمثابة صوت الوطن وهذا مربك للناخب ومثير للحساسية لدى المرشح كما أنه مخل بمبدأ المساواة في التصويت بين الناخبين إذ أن المحافظات الكبرى سيخصص لها قطعاً عدد من المقاعد على مستوى المحافظة أكثر من المحافظات الصغرى، وهنا يبرز الإشكال إذ ان من حق كل ناخب في العاصمة مثلاً أن يصوت لعدد من المرشحين على مستوى محافظته قد يصل الى خمسة مثلاً على مستوى محافظة العاصمة بالإضافة الى صوته لمرشح الدائرة فيها، فيكون للناخب في العاصمة ستة أصوات مثلاً في حين يكون لغيره خمسة مثلاً في إربد، وفي الزرقاء، وثلاثة أو أربعة في السلط و الكرك مثلاً وهكذا، وتبقى بقية المحافظات بصوتين فقط . إن كان ولا بد من قبول أقل الضررين أمام الصوت الواحد فليكن للمواطن صوتان في كل الدوائر التي خصص لها أكثر من مقعد نيابي دون تلبيس نائب المحافظة لبوس نائب الوطن ودون تضييع الوقت في عبارات  مربكة من جهة ومسميات في غير موضعها من جهة أخرى. إذن أقل الضررين صوتان لكل ناخب في كل الدوائر في المملكة والتي يزيد عدد المقاعد فيها عن مقعد واحد ويصرف النظر عن مسمى نائب المحافظة. لسنا مضطرين لزيادة العدد في ضوء الخيارات السابقة ولسنا مضطرين لإعادة التقسيم والمحاصصة ولا الدخول في دوامة لن تنتهي الى وفاق.
و‌-      بطبيعة الحال تُلغى الدوائر الوهمية التي كانت أحدث ابتكاراتنا في التزوير المبرمج سلفاً .
ز‌-      تشديد العقوبات على امتهان كرامة المواطن بشراء الأصوات بما في ذلك إلغاء ترشيح كل من يثبت قيامه بذلك العمل وصولاً الى إختفاء هذا السلوك المشين والمهين من حياة المجتمع ومنعاً لتحريف إرادة المواطن والوصول الى نتائج مزورة خارجة عن حرية اختياره.
أما عن القائمة النسبية التي كانت من مخرجات عمل لجنة الحوار والتي اعتبرتها اللجنة نقلة نوعية في قانون الانخاب فإنها وبالتحليل المنطقي والتطبيق العملي تنكشف عن تناقضات تنسف مصداقية التمثيل على مستوى المحافظة وتعكس عدم جدواها على مستوى الوطن كما سيتضح تالياً، علاوة على إرباك المواطن ومغايرة تصويته في النتيجةبين القائمة وبين المرشح او المرشحين الذين يرغبون بالتصويت لهم وفيما يلي شرح مفصل مع تمارين عملية للقائمة النسبية وعدم جدوى استخدامها.
 

 
" القوائم النسبية عديمة الجدوى على مستوى الوطن عديمة المصداقية على مستوى المحافظة وصورة أخرى للدوائر الوهمية "
 
 
تصلح القائمة النسبية للتطبيق في مجتمع مؤطر سياسياً في هياكل حزبية لا تقيدها اعتبارات جغرافية ولا تشكيلات ديمغرافية محكومة بمذهبية أو جهوية أو عرقية.
يكون الصوت للقائمة الحزبية التي قد تكون معنونة باسم الحزب ليس إلا وقد تكون مدرجة أسماء المرشحين ولكن باسم قائمة الحزب ولا فرق لو جاءت النتائج تعكس فوز المرشحين من مدينة أو منطقة أو محافظة كلهم أو جلهم في حين قد تأتي مناطق أخرى خلواً من الفوز بأي من المقاعد.
 
ان مهمة القائمة النسبية هي أن تحدد للحزب الذي يتقدم لتمثيل الشعب نسبة المقاعد التي حاز عليها وفقاً لنسبة الأصوات التي حصدها من مجموع المقترعين على مستوى الدولة. ثم يتولى الحزب تسمية الفائزين بتلك المقاعد وفقاً لترتيبهم في سلم الأولوية المقترع عليه من كوادر الحزب أو من مجالسه المختصة.
أما عن القائمة النسبية المقترحة من لجنة الحوار كما فهمناها فإنها يشوبها ما شاب الدوائر الوهمية سواء ما كان منها على مستوى المحافظة أو على مستوى الوطن.
 
وهي لا تصلح ابتداءاً للتطبيق في حالة العدد الصغير من المقاعد سواء على مستوى المحافظة والتي تتراوح بين 2-9 مقاعد في محافظات المملكة، أو على مستوى الوطن والتي فهمنا أن العدد محدد ب 15 مقعداً ومقيدة بقيد تمثيل كل محافظة بمقعد. فعلى مستوى المحافظة قد تعكس القائمة النسبية نجاح أعلى الضعفاء المؤتلفين في قائمة في حين تحول دون نجاح أعلى الأصوات في المحافظة تماماً كما حدث معنا في الدوائر الوهمية في الانتخابات الأخيرة.
كما ان القائمة النسبية قد تضع نتائجها في حالة مربكة محيرة لا جواب عليها إذ ان الأغلب حدوثه أن تحصل أعلى القوائم على 1/4 أو 1/3 أصوات المقترعين في حين لا تحقق أي من القوائم الأخرى الحد الأدنى من الأصوات لإحراز مقعد من المقاعد المخصصة للممحافظة.
 
وفي المثال المرفق وهو تمرين عملي قمت بإعداده خير دليل على وقوع مثل هذه الحالة التي قد تحقق فيها قائمة 1/4 المقاعد في محافظة مخصص لها 4 مقاعد كمحافظة الطفيلة في حين لم يحقق أي من القوائم الثلاثة الأخرى الحد الأدنى وهو 1/4 الأصوات للحصول على 1/4 المقاعد وهو مقعد واحد. فماذا عن مصير هذه القوائم سألت هذا السؤال لمعالي الأخ عبدالكريم الدغمي مقرر لجنة قانون الانتخاب في لجنة الحوار كما سألت السؤال نفسه لدولة الأخ طاهر المصري فكات الجواب لا أعلم من كليهما.
وفي المثال نفسه وهو مرفق للتوضيح تطالعنا حالة الدوائر الوهمية فنجد أن الأول في كل من القوائم ب ، ج، د، قد حقق أصواتاً أعلى من الفائزالأول في القائمة أ فأي مصداقية للنسبية تعكس التمثيل في هذه الحالة.
 
إن الفائز في هذا المثال هو الحائز على ( 3000) صوتاً في حين أن أعلى الأصوات في القوائم الثلاثة التالية التي لم يحقق أي منها 1/4 الأصوات و 1/4 المقاعد كانوا على التوالي 4000 صوتاً 3300، 3200 وهم جميعاً أعلى من الفائز في القائمة ( أ ). أترون ماذا حققت النسبية وماذا وضعت أمامنا من حالة تناقضية عديمة المصداقية.  إن المنطق والعقل يقول ان الفائزين هم الأربعة الأوائل في القوائم الأربعة الذين لو ائتلفوا جميعاً في قائمة نسبية وهم أقوى المرشحين في المحافظة فلن يفوز منهم بأحسن الحالات إلا نصفهم بسبب النسبية في حين أنهم هم الفائزون بأعلى الأصوات.
ان حل هذه المعضلة والخروج من هذه الإشكالية هو في العودة الى منطق قانون 1989 حيث يختار المواطن من يشاء في حدود العدد المخصص للمحافظة ويكون الفائزون هم أعلى الأصوات دونما نسبية ولا وهمية.
 
وأخيراً فإن هناك نقطة هامة وجوهرية تنسف إمكانية تشكيل القوائم النسبية على مستوى المحافظة وهي استحالة فوز أعضاء القائمة جميعاً إذ ان ذلك يستدعي حصدهم لأصوات المقترعين كافة لا بل استحالة فوز نصفهم لأن فوز نصفهم يستدعي حصد نصف أصوات المحافظة كافة وهو أمر غاية في الصعوبة ونادر الحدوث. وعليه يدرك المرشحون أنهم انما يستخدمون سلماً ليرتقي عليه أحدهم أو ربما اثنان منهم ليس الا لذا ينعدم حافز الإئتلاف والإنضواء في القائمة النسبية على عكس القائمة المغلقة المطلقة التي تفوز بكاملها فيحمل أقواها أضعفها وتكون قدرتها على التشكل واستقطاب الائتلاف مغرية لكل أعضائها بينما في حالة القائمة النسبية يدرك معظم المؤتلفين أو من يدعون للإئتلاف فيها منذ البداية انهم إنما يستخدمون سلماً يرتقي عليه أحدهم أو ربما اثنان في أحسن الحالات منهم ويذهب الآخرون أدراج الرياح وهذا ما ينسف فكرة الانضواء في القوائم النسبية على مستوى المحافظات.
 
أما عن قائمة الوطن فهي نموذج مختلط للقائمة النسبية الممزوجة بالتمثيل الجغرافي المقارن بالأرقام المطلقة للمرشحين من أبناء المحافظة عبر القوائم كافة وهو نموذج لا أعتقد أن غيرنا سبق إليه فهو من إبداعنا وهو يعكس نتائج تظهر لك العجب العجاب فقد نجد عند الفرز النهائي أن القائمة التي حصدت أكثر الأصوات على مستوى المملكة وحصدت أكبر عدد من المقاعد للوهلة الأولى قد خرجت في المقارنة الأفقية لأبناء المحافظة من المرشحين عبر القوائم كافة صفر اليدين فلم يفز منها أحد كما هو مبين في التمرين المرفق حيث أن القائمة ( أ ) قد تصدرت القوائم الستة ب 600.000 صوتاً من أصل 2.400.000 ناخب اقترعوا، فحصدت 1/4 المقاعد ال 15 أي ( 4) مقاعد، ولدى مقارنة هؤلاء الأربعة وهم أعلى أربعة مرشحين في القائمة ( أ) مع أبناء محافظتهم أفقياً في القوائم الخمسة المتبقية وجدنا أنهم خسروا أمام منافسيهم من أبناء محافظتهم فلم يفز في النهاية من القائمة التي تصدرت قوائم المرشحين على مستوى المملكة أحد.
لا بل وجدنا أن أقل قائمة حصدت أصواتاً بلغت 240.000 ناخب قد حصدت أعلى عدد من المقاعد حيث حصدت 3 مقاعد. لذا فإنك لا تستطيع أن تذهب للنسبية وتذهب في آن واحد الى المقارنة بالأرقام المطلقة للمرشحين. ولذا فإن الحل في قائمة الوطن إن كان ولابد من الأخذ بها هو أن ترتب المحافظات أفقياً ويدرج تحت كل محافظة أسماء المرشحين من أبنائها الراغبين بالترشيح على مستوى الوطن ويختار الناخب المرشح المفضل لديه من كل محافظة لنتجنب مسألة التعقيد والفوز الوهمي العامودي الذي يتلاشى بالمقارنة الأفقية كما سبق وأن أوضحنا بين أبناء المحافظة في شتى القوائم.
 

 
تمرين القائمة النسبية على مستوى المحافظة
مثال: محافظة الطفيلة- (4 مقاعد)
الرقم المحاط بالدائرة يشير الى مرشح فائز
ملحوظة: سلمت نسخة من التمرين لكل من دولة رئيس الوزراء ودولة رئيس مجلس الأعيان
 
 
 
         القائمة وعدد أصولتها
المرشحون               ق أ ق ب ق ج ق د مجموع المقترعين
المرشح الأول
وعدد أصواته س:  3000   فاز بمقعد بالرغم من أنه الرابع في مجموع الأصوات ص: 4000 الأول في مجموع الأصوات ولا يعرف مصيره بعد ع: 3300 الثاني في مجموع الأصوات ولا يعرف مصيره بعد غ: 3200 الثالث في مجموع الأصوات ولا يعرف مصيره بعد
المرشح الثاني وعدد أصواته ف 2000 ش 1500 ض 1500 ط 1500
المرشح الثالث وعدد أصواته ك 1700 ل 1200 م 1400 ن 1350
المرشح الرابع وعدد أصواته ه 1300 و 700 ي 1150 ز 1200
المجموع 8000 أحرزت 1/4 الناخبين فاستحقت 1/4 المقاعد وهو مقعد ((1)) لأن عدد المقاعد المخصصة للمحافظة ((4)) مقاعد 7400 ما مصير هذه القائمة التي لم تحرز 1/4 أصوات المقترعين علماً بأن الأول فيهاأعلى من الأول في القائمة 7350 ما مصير هذه القائمة التي لم تحرز 1/4 أصوات المقترعين علماً بأن الأول فيهاأيضاً أعلى من الأول الفائز بالقائمة (أ) 7250
وما مصير هذه القائمة التي أيضاً لم تحرز 1/4 أصوات المقترعين والتي الأول فيها أيضاً أعلى من الأول الفائز في القائمة ( أ ) 30000
 

رابعاً: كف يد المخابرات العامة عن الشأن العام بكل تفاصيله وفي مقدمة ذلك الانتخابات النيابية وكل الانتخابات من بلديات، وغرف صناعة وتجارة، واتحادات طلبة، ونقابات حتى يشعر المواطن بكرامته وهو يختار من يريد اختياره لأي مستوى من مستويات العملية الانتخابية.
لقد استمرأت المخابرات السلطة المطلقة التي قبضت عليها عبر عقود خلت قفزت من خلالها فوق السلطات الثلاث وخرقت الدستور ورمته خلف ظهرها وتسنمت موقعاً لها الى جانب مقام الملك وقد سهل لها ضعف رؤساء الوزارات والوزراء في الحكومات المتعاقبة التي لم يضع منهم احد يوما حداً لهذا الخرق الدستوري. لقد ارتكبت قيادات هذا الجهاز خطيئات كبرى بحق الوطن والمواطن والنظام معاً وهم الذين ضل سعيهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.
لقد تكشف للوطن وللشعب وللنظام حجم الخسارة الهائلة التي مني بها الوطن في آخر ضربتين وجهتهما المخابرات العامة للحياة السياسية في انتخابات عامي 2007، 2010 واللتان كانتا سبة في تاريخ الانتخابات النيابية في الدولة الأردنية واللتان كانت من أهم اسباب الحراك السياسي والمظاهرات والاعتصامات التي يشهدها الوطن هذه الأيام.
لقد تبجح أحد مدراء لمخابرات يوماً بأنه قد أفرز (80) نائباً من مجموع أعضاء المجلس البالغين ( 120) نائباً ليهدي الى الشعب الاردني مجلساً صفق الشعب فرحاً وخرج محتفلاً حتى الحجيج منه على عرفات يوم أن قام جلالة الملك بحله ولما يمضي نصف مدته ثم عادت المخابرات لإفراز مجلس لاحق خلفاً له ترحم الناس على السلف أمام مصيبة الخلف.
فعلى حساب من كان هذا التخريب بهذا التجريب ومن هو المسؤول عن ضياع مصالح الشعب وقهر ارادته وتزويرها وتوفير الغطاء الآمن لامتهان كرامته بشراء أصواته لا بل بالتورط مباشرة بعملية اقامة سوق النخاسة وشراء الذمم في عملية هزت كياننا السياسي واضعفت مصداقية النظام بأسره في نفوس أبناء الشعب حتى أولئك الذين جرفهم التيار الآسن بالبيع والشراء حيث اصيبت كرامة الاردنيين في الصميم.
لا بد من فتح ملف هاتين الدورتين من الانتخابات ومحاكمة المسؤول عنهما وعن حجم التخريب الذي نجم عنهما. كنا نأمل ونعمل دوماً على أن يرتقي أداء هذا الجهاز الى قدسية المهمة المناطة به وهي أمن الوطن والحفاظ على استقراره فإذا به يمزق حتى نسيج العائلة الواحدة بمحاباة زيد ودعمه على حساب عمرو أخيه أو ابن عمه. اما على مستوى الدولة فقد زرعت في مفاصل الدولة ومراكز النفوذ وفي مختلف القطاعات والمجالات وعلى كافة المستويات أشخاصاً وأفراداً هم اليوم بغالبيتهم من يشير لهم الشعب الاردني بأصابع الاتهام ويطالب بمحاكمتهم كرموز للفساد.
لقد استمرأت قيادات هذا الجهاز التفرد بالسلطة وعكست هذه الروح على العاملين فيه، وأصبحت المخابرات الحاضنة والمولد للبيرقراطية السياسية والادارية والمنظومة الاقتصادية في الدولة. هكذا هي السلطة المطلقة مفسدة مطلقة كما يقول علماء السياسة والادارة والدستور خصوصاً ان كانت لا تخضع لمراقبة ولا لمحاسبة او مساءلة وقد تكشف للشعب فساد بعض مدراء هذا الجهاز وتورطهم في نهب الملايين من ثروة الشعب وقوت أبنائه.
لقد كان سيف المخابرات مشهراً دوماً على كل نظيف، ملاحقلاً لرواد المساجد وأماكن الفضيلة بعيداً عن ملاحقة الاندية الليلية والقمار والحانات ومهابط الرذيلة. لقد لاحقت ابناء الاردنيين الشرفاء في رزقهم ومعاشهم، في وظائفهم حيث حالت دون حصولهم على فرص العمل في أجهزة الدولة وحتى في مؤسسات القطاع الخاص، وفي حقهم في الحصول على البعثات الدراسية اسوة بزملائهم من ابناء الشعب.
لقد آن الأوان لإنهاء سطوة هذا الجهاز وتسلطه على حياة الاردنيين واعادته الى موقعه القانوني والدستوري ليتفرغ الى واجبه الحقيقي ومهمته التي أُنشئ من اجلها ليس إلا وهي الحفاظ على امن الوطن واستقراره من خلال رصد الحقيقة وتقديم المعلومة الصادقة لصاحب القرار الذي هو صاحب الصلاحية في اتخاذه لا أن ينوبوا عن صاحب الأمر فيما لم يخولهم به تشريع ولا تسعفهم به مكانة على الهرم الدستوري والاداري للدولة.
 
خــامســاً : المسارعة في إجراء انتخابات نيابية حرة ونزيهة بحق وحقيقة تحت إشراف قضائي وبمراقبة دولية تسودها أجواء انتخابات كتلك التي شهدتها المملكة في عام 1989. ومما يجب أن يكون واضحاً لدى صناع القرار ان الضمانة الاخيرة والوسيلة الناجعة في إعادة الاستقرار والعبور الى مرحلة جديدة من دولة القانون والمؤسسات والديموقراطية الحقيقية هي في هذه الانتخابات الحرة النزيهة وأن أي عبث فيها ومحاولة تزويرها ستكون الشرارة التي تشعل الاجواء الملتهبة وتفجر الاوضاع المتوترة في ثورة شعبية عارمة لا نعرف مداها ولا نتائج تداعياتها.
هذه مرحلة عبور نحو الاصلاح السياسي والاقتصادي على وجه الخصوص تحتاج الى الارادة السياسية الصادقة والحكومة القوية الموثوقة والمؤتمنة على إجراء الانتخابات الحرة النزيهة فيها والعزيمة الجماهيرية الصلبة الحارسة والضامنة للتصدي لأي محاولة للعبث فيها. إننا بحاجة الى حكومة إنقاذ وطني مهمتها الأساسية العبور الى مرحلة الاصلاح الشامل بإجراء الانتخابات النيابية التي تضع الاردن على المسار الصحيح, مرجعيتها المصلحة العليا للوطن والشعب وتحقيق المطالب المشروعة واحترام  ارادة الشعب وعدم السماح بتحريف ارادته ترغيباً أو ترهيباً. حكومة يحترمها الشعب ويثق بها رئيساً وأعضاء ولم يجرب عليها أو على عهدها تزوير ولا فساد، يتمتع رئيسها بشخصية قوية لا تخشى في الحق لومة لائم، تقود ولا تُقاد تعبر بالاردن والاردنيين من حالة القلق والتوتر وظنك المعيشة وطغيان الفساد والاستبداد الى مرحلة الأمل والسعة والحرية والكرامة وتهدي للأردن و الاردنيين مجلساً نيابياً مضاهياً للمجلس الحادي عشر أو يفوقه لتكون بذلك حكومة انقاذ بحق وحقيقة يذكرها الاردنيون وتترسخ في ذاكرة الوطن والشعب بسجل مشرف تفتخر به الأجيال وتعطي للدولة فرصة الانطلاق برجال دولة ورموز شعب أفرزتهم ارادة حرة نظيفة واجواء نزيهة وشفافة تضرب المثل في القدوة على استعادة الامل وتكون الحالة الأردنية آنذاك قدوة لمن حولها في عالمنا العربي والاسلامي.
 
ســادســاً: أما عن الوضع الاقتصادي فذاك يحتاج الى مجلدات لأن فتح هذا الملف سيستغرق فعلاً سنوات ولأن متابعة قضايا الفساد المالي والاقتصادي يحتاج الى جهود مضنية وشاقة لأن عصابة الفساد التي أحكمت قبضتها على مواطن السلطة والثروة خلال العقد الأخير من عمر الدولة كانت تسير بتسارع مذهل من موقع الى موقع، فلا تكاد تتابع قضية الا وقد انتقلت تلك العصابة بك الى أخرى حتى أوصلتنا الى ما نحن فيه.
ويكفي هنا أن نشير الى أهم الملفات التي كانت سبباً رئيساً فيما آلت إليه أوضاعنا على النحو التالي :
1-            فتح ملف الخصخصة للوقوف على ما آلت إليه حصيلة أموالها وأين أنفقت وإعادة النظر جذرياً بموضوع الخصخصة وإعادة النظر في إيرادات الخزينة منها وصولاً الى الحفاظ على ثروة الوطن ملكاً للأجيال.
2-             فتح ملف أموال التحول الإقتصادي والإجتماعي والوقوف على كيفية انفاقها وأين ذهبت تلك الأموال.
3-             فتح ملف شركة أمنية.
4-            فتح ملف صفقة الحاسوب لوزارة التربية والتعليم والتعليم العالي.
5-             فتح ملف المنحة النفطية الكويتية.
6-            فتح ملف شركات الفوسفات، البوتاس، الإسمنت، مصفاة البترول وشركات الكهرباء.
7-             فتح ملف أراضي الدولة.
8-             فتح ملف استثمارات الضمان الإجتماعي.
9-            فتح ملف منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة.
 
والى جانب فتح الملفات آنفة الذكر التي شكلت أهم جوانب الفساد والنهب لثروة الوطن والشعب وتبديد موجودات الأجيال فإن التحرك نحو الإصلاح الإقتصادي الشامل لابد له من توفير عناصره المتمثلة في الإدارة الصادقة الجادة المستشعرة لحجم المشكلة وهم المواطن وسوء الأوضاع المعيشية له، واختيار حكومة مؤهلة وذات مصداقية عالية وسمعة نظيفة ورموز مؤتمنة معنية بالهم العام وملتزمة ببذل أقصى الطاقات للخروج من الأزمة ووضع مسيرة الدولة على جادة الطريق الموصل الى تخطي العقبات وإيصال الشعب الى حالة اليسر والسعة والعيش الكريم.
وفي مجال الإصلاح الإقتصادي يمكن التحرك مع ثلاثة محاور وهي: الإستثمار، السياسة المالية والنقدية، هيكلة المؤسسات والصناديق المعنية بالفقر والبطالة والتي يمكن أن تُعرض بإيجاز على النحو التالي:
 
أ‌-        الإستثمار : أولاً: الزراعة:
-       تأجير أراضي الدولة للمواطنين – جمعيات تعاونية-  (تأجيراً وليس تمليكاً) لتبقى عملية تداول المنفعة فيها للأجيال لإستغلالها في زراعة الحبوب، الخضار، الفواكه والأعلاف.
-       السماح للجمعيات غير المؤهلة للإستثمار بالتعاقد مع شركات متخصصة لإستثمار الأراضي في المشاريع الزراعية لزيادة حجم الناتج المحلي سواءً لاستهلاك السوق المحلي أو للتصدير.
-       استخدام آليات القوات المسلحة والأشغال في استصلاح الأراضي وتهيئتها للزراعة.
-       التركيز على تكثيف الجهود نحو أردن أخضر حيثما أمكنت ظروف المناخ والتربة.
 
 
 
ثانياً: الصناعة :
1-             التعدين والطاقة ( التعاقد على أساس المنفعة وليس البيع باسم الخصخصة):
-       توسعة مشاريع أملاح البحر الميت.
-       مشاريع المنغنيز والنحاس منطقة ضانا.
-       مشاريع الغاز، التعاقد مع شركة قطر للغاز للاستفادة من التقنيات المتطورة لديها في تطوير العمل في حقول الغاز في المملكة لاستخراجه في الكميات التجارية.
-       اقامة محطة تخزين الغاز القطري في العقبة لغايات سد حاجة المملكة وتصدير الفائض.
-       مشروع شبكة أنابيب الغاز للمدن.
-       تشجيع إنشاء شركات الطاقة الخضراء للطاقة المتجددة باستخدام طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
 
2-             صناعة الألبسة المتخصصة في زي القوات المسلحة، الدفاع المدني، الأمن، قطاع الصحة والشركات والمصانع التي تأخذ الزي الخاص بها، وزي المدارس ذكوراً وإناثا.ً
 
3-            التوسع في الصناعات الإنشائية وقطاع المقاولات ومنحها التسهيلات اللازمة مع التركيز على الجودة في المعايير والمواصفات والمقاييس :
 
- الحديد، الاسمنت، الألمنيوم، البلاط والرخام
-  الأخشاب، الزجاج، الدهانات، القرميد
- التدفئة المركزية، المكيفات، الأدوات الصحية، المولدات الكهربائية، المضخات
4-  الاهتمام الحقيقي بالصناعات الغذائية وإعطاءها الدعم اللازم للنهوض بها وتطويرها باتجاه تحقيق الاكتفاء الذاتي من جهة وتامين الغذاء السليم الغذاء السليم للمواطن من جهة أخرى وتوجيه صناديق التموين نحو صناعة :
-       الألبان
-       الأجبان
-       الزيوت
-       السمنة
-       اللحوم
-       تشجيع وتمويل الصناعات
 
-       المعلبات، الخضار، الفواكه والبقوليات تشجيع اقامة مشاريع مخابز وافران متخصصة في الخبز البلدي والذي اصبح يجد رواجا واسعا وطلبا عالياً على استهلاكه سواء بالقرى والأرياف أو في المدن.
 
5-            صناعة الورق
6-            صناعة الترجمة المتخصصة لمختلف اللغات
7-            صناعة الادوية النباتية
8-            صناعة الحفاظ على البيئة والتعامل مع المخلفات والنفايات
 
ثالثاً : المياه :
-       تحلية مياه العقبة
-       مصانع المياه الصحية
-       تفعيل خطة الحصاد المائي بشكل جاد وفاعل في كل المحافظات
 
رابعاً: السياحة : الدينية ،الثقافية ،الاستجمامية ،العلاجية
-       السياحة العلاجية، حمامات عفرا
-       اقامة منتجعات سياحية  في مرتفعات عجلون جرش، السلط، الكرك، الطفيلة ،الشوبك .
-       خطة لتطوير الأماكن السياحية في المملكة لتعظيم الإيرادات السياحية.
 
خامساً:  مشاريع التعليم:
-       الجامعات:
•      جامعة طبية شاملة مع مستشفى تعليمي وتحويلي وفضائية طبية وما يلحق به من مرافق خدمية في شتى المجالات
•      جامعة متخصصة في الطاقة والمياه والبيئة
•      بولتكنيك متطور على أسس تطبيقية ومصمم لتغطية احتياجات السوق المحلي والعربي في كافة المهن والتخصصات
•      مدارس لكافة المراحل ذكوراً وإناثاً وعلى أسس علمية متطورة وأسس قيمية وأخلاقية أصيلة تجمع بين الجوانب العلمية والتقنية واللغات ومنظومة  قيم الأمة.
•      معاهد للدراسات العليا في مجال الإدارة، القيادة، المحاسبة
•      معاهد أو مراكز متخصصة في تدريب الكوادر الإدارية والفنية وإعدادها إعداداً تطبيقياً وفقاً لحاجات الإدارة في القطاعين العام والخاص.
ج- السياسة المالية والنقدية:
•      تبني سياسة تعظيم الناتج المحلي في معادلة عجز الموازنة بدلاً من التركيز على ضغط النفقات فحسب
•      تبني سياسة دعم الصناعات المحلية للتقليل  من المستوردات وتعظيم الصادرات لضغط العجز في الميزان التجاري
•      التخفيف ما أمكن من الضرائب على الخدمات تشجيعاً لتعظيم الايرادات من العملات الأجنبية وضغط العجز في الحساب الجاري لميزان المدفوعات والعزوف نهائياً عن الاقتراض الخارجي والضغط باتجاه تقليص خدمة الدين العام الخارجي، من خلال السعي الى شطب الديون أو تحويلها الى استثمارات محلية.
•      إعادة النظر في رسوم التعدين والضرائب على الشركات التعدينية وشركات الاتصالات.
•      تمتين العلاقات وتحسينها مع محيطنا العربي لتصدير العمالة الاردنية خصوصا الى دول الخليج لتعظيم العائد من تحويلات الاردنيين العاملين في الخارج
•      منح تراخيص البنوك وبنوك المحافظات على وجه الخصوص برأسمال متواضع لتتولى عملية التنمية المحلية في المحافظات
•      خفض سعر الفائدة على الودائع وتوجيه السياسة الإئتمانية نحو الصناعة والزراعة والسياحة والإنشاءات ومختلف القطاعات الإنتاجية واعتماد سياسة تحفيز البنوك تبعاً لحجم الإئتمان الممنوح للإستثمار في القطاعات المساهمة في الناتج المحلي.
•      الدراسة الجادة لزيادة حجم النقد ( طبع العملة) وفقاً للزيادة في معدلات التضخم والإنفاق العام وعجز الموازنة وما يتطلبه تحسين مستوى معيشة المواطن من زيادة في الرواتب والأجور وفي ضوء الزيادة  في مجمل الناتج والاحتياطات من العملات الأجنبية.
•      فتح المجال أمام المحافظ والصكوك والسندات الإسلامية لإقامة مشاريع استثمارية حقيقية في مختلف المجالات.
 
د-  انشاء مؤسسة التكافل والتنمية والتشغيل وتضم ما يلي:
1-             صندوق التكافل ويتم تمويله بمساهمة وطنية بواقع 3% من دخل المواطن شهرياً من صغار المستخدمين الى كبار موظفي الدولة في القطاعين العام والخاص بالإضافة الى 1% من أرباح الشركات والمؤسسات المالية والبنوك و المحال التجارية وكافة الفعاليات والمؤسسات التي تنتظم النشاط الاقتصادي للدولة.
2-            محفظة صندوق المعونة الوطنية
3-            محفظة صندوق الزكاة
4-            محفظة صندوق التنمية والتشغيل
5-            محفظة صندوق الإقراض الزراعي
6-            محفظة صندوق بنك تنمية المدن والقرى
 
تُوَجّه محافظ التكافل، الزكاة، والمعونة الوطنية لمواجهة الفقر لتحسين مستوى معيشة المواطن، صرف الرواتب لمن لا يعملون، وزيادة الرواتب والأجورللعاملين في الدولة.
 
تُوَجّه محافظ التنمية والتشغيل والإقراض الزراعي وبنك تنمية المدن والقرى لتمويل المشاريع المولدة للعمالة للتصدي لمواجهة البطالة وتوفير الدخل للعاطلين عن العمل المؤهلين أو القادرين على دخوله من خلال المشاريع الممولة من هذه المحافظ.
 
تُوَجّه هذه المحافظ بشكل مركز على الأقاليم الثلاثة بحيث تستهدف حل مشكلة كل إقليم في عام معين ثم يليه الإقليم الثاني فالثالث وهكذا. فمثلاً تُوَجّه هذه المحافظ في عام 2012 لحل مشاكل إقليم الجنوب في الفقر والبطالة، يليه إقليم الوسط في 2013، ثم يليه اقليم الشمال في عام 2014 وهكذا عاماً بعد عاماً.
 
إن صندوق التكافل وحده إذا أُنشئ بنية صادقة جادة من خلال حكومة معنية بالهم الوطني مؤتمنة وموثوقة ومؤهلة كفيل وحده بحل مشكلة الفقر والبطالة فكيف بما توفره فرص القطاع العام والخاص والمشاريع الإستثمارية وصناديق الاقراض والمعونة. إن عملية حسابية بسيطة لمعدل المساهمة الشهرية للصندوق يمكن أن يحقق ما لا يقل على "15" مليون دينار شهرياً بمساهمة 3% من دخل كل العاملين في القطاعين العام والخاص الى جانب 1% من أرباح كل المؤسسات والشركات والبنوك ومختلف الفعاليا والأنشطة التي تُنَظم الاقتصاد الوطني.
 
إن هذا يعني حل مشكلة (3000) أسرة براتب (5000) دينار سنوياً سواء بالتشغيل أو بدفع رواتب شهرية لهم في إطار العون الوطني أو التكافل الاجتماعي، الأمر الذي يعني أننا في سنة واحدة نحل مشكلة (36000) عاطل عن العمل أو أسرة بحاجة الى معونة. قلت أن هذا من صندوق التكافل وحده، فكيف إذا فُعّلت موارد الدولة البشرية والطبيعية في إطار البرنامج  الشامل الذي نتحدث عنه. إن المشكلة التي تعاني منها الدولة مغطاة بقشة كما يقولون  عجزت كل الحكومات عن إزاحتها بسبب عدم وجود النية الصادقة والرغبة الأصيلة وعدم توفر من هو معني بحق وحقيقة بالهم الوطني والقادر على التصدي لمواجهته.
اذا أطلقت طاقات الدولة ومواردها الطبيعية والبشرية في مجال الإستثمار كما سلف وفعلت السياسة النقدية والمالية وأنشئت مؤسسة أو وزارة التنمية والتشغيل والتكافل الإجتماعي. بالإضافة الى إطلاق المحافظ الاستثمارية الاسلامية كصكوك أو سندات وبقية الأدوات الاسلامية فلا أعتقد أننا بعيدون من حل مشكلة الفقر و البطالة في غضون سنوات محددة لا تتجاوز 3-4 سنوات.
لا بد من تطوير بنك المعلومات المرتبط بوزارة التنمية والتشغيل والتكافل الاجتماعي للوقوف وبدقة على حجم المشكلة في مجال البطالة والفقر ثم يُصار الى وضع خطة ثلاثية أو رباعية يُطلب فيها من مؤسسات القطاع العام والخاص تحديد حاجاتها خلال هذه الفترة من كافة الاختصاصات ثم يُطلب منها استقطاب المتدربين لتأهيلهم لمثل تلك الاحتياجات من القطاعين ببرنامج مدفوع الأجر وبراتب مجزٍ وتدريب عملي يحول المتدرب مباشرة الى وظيفة في القطاع المعين وتسهم وزارة التنمية والتشغيل والتكافل بدفع نسبة عالية من رواتب المتدربين الى ان يُنقلوا الى كوادر المؤسسات المعنية.
 
يحدد خط الفقر بدراسة علمية وعملية دقيقة ثم تتكفل محفظة التكافل ( الزكاة والمعونة الوطنية) بتوفير رواتب لكل العاطلين عن العمل وغير القادرين على الإلتحاق به وفقاً لمعادلة خط الفقر، كما تُزاد رواتب العاملين في القطاعين العام والخاص حتى لا يقل بحال عن معادلة خط الفقر. إن محفظة التكافل ومجموعتها إذا طُبقت بأمانة وحزم وفعالية محفظة متجددة يسهم فيها كل عامل في الدولة وكل صاحب دخل في القطاعين العام والخاص وهي في تقديري ستكون فاعلة في هذا المجال حتى في مجال رفد  مخصصات مواجهة البطالة.
يضاف الى ما تقدم التركيز على تصدير العمالة الأردنية الى أسواق الخليج من خلال السعي الدؤوب لتمتين العلاقات مع هذه الدول. أن تكليف حكومة جادة ومؤهلة وموثوقة من الشعب بهذا البرنامج الشامل سيولد ثورة اقتصادية وحراكاً تنموياً فاعلاً يحقق لهذا الشعب العيش الكريم ويحفظ له الكرامة المعهودة فيه ويغنينا عن ذل المسألة وانتظار المنح والمساعدات.
إن حصيلة فتح ملف الفساد واسترداد أموال الشعب التي نُهبَت في مختلف المجالات كفيلة بتحقيق فائض ضخم للخزينة يسهم بشكل فاعل في تأمين مواجهة خطة الانفاق العام بلا عجز في الموازنة.
إن توفير المناخ المناسب لثورة الاستثمار والتنمية أمر لا مفر منه وان هذا المناخ انما يكون محكوماً بانتخابات حرة ونزيهة لا مجال فيها للتفكير في العودة الى عبث الماضي كما أن حكومة برلمانية أو منتخبة   بكفاءات عالية وسمعة نظيفة ورموز معنية بهم لوطن والمواطن هو مفتاح الانطلاقة الى حل معضلة الدولة والنظام.
 
سابعاً: أما عن البعد الاجتماعي فإن جوانب الاصلاح فيه تقوم معظمها على تحقق الاصلاح السياسي والاقتصادي لأن تردي الجانب الاجتماعي وما واكبه كما أسلفنا من عنف مجتمعي وهبوط في مستوى السلوك الاجتماعي الى درجة بيع صوت الرجل والمرأة في الانتخابات وشيوع أساليب النفاق والتملق والولاء المصطنع والانتماء المأجور مردها في أسبابها الرئيسية الى الاحباط السياسي والفساد والاستبداد الذي يلمسه المواطن في كل جوانب الحياة، فتزوير الانتخابات وعموم الفساد والمحسوبية واحتكار مراكز السلطة والنفوذ على مجموعة من العائلات والأفراد يتناوبونها من أعلى المراكز السياسية مرورا بالمدراء ورؤساء الهيئات وبقية المراكز الادارية في الدولة، كل هذا أفقد النظام مصداقيته في نظر المواطن و ووَلّدَ لديه احباطاً متنامياً وركاماً من الاحتقان والغضب فجره في غير موضعه ولأتفه الاسباب ان ثقافة الفئوية والجهوية والإقليمية والطائفية وما الى ذلك من مفردات تفتيت  الوحدة الوطنية ومعاول الهدم في البنية الاجتماعية إنما يغذيها الظلم والاستبداد والمحسوبية والإقصاء والتفرد في السلطة والثروة من قبل القلة القليلة التي لا تكاد تتغير إلا من قبيل تغيير مواقعها في الدولة.
ان الاصلاح السياسي الذي أشرنا اليه كفيل بأن يغيب ظاهرة احتكار السلطة والثروة من قبل هذه الفئة وأن يدفع بها نحو قاعدة واسعة من المشاركة الشعبية واتاحة الفرص لعامة الناس أن يجدوا طريقهم اليها.
كما أن معالجة الفقر والبطالة ورفع المعاناة عن المواطن وظنك العيش كفيلة بإزالة الاحتقان والغضب وتبديد الاحباط لدى المواطن ووضعه على ساحة الأمل. ان الاصلاح السياسي والاقتصادي كفيلان أيضاً بإعادة الكرامة للمواطن وتضييق ساحة ثقافة التملق والمتاجرة بالولاء والانتماء وصولاً الى إغلاق سوق النخاسة وامتهان كرامة الناس. لا بد من ترسيخ ثقافة الجماعة والمجتمع كملاذ للفرد إذ لا سبيل الى حماية الفرد من كل الآفات الاجتماعية سالفة الذكر الا في انصهاره في إطار المجتمع وإدراكه العميق الحسي والشعوري أنه لبنة في هذا البناء وأنه بالقدر الذي ينصهر فيه هذا الفرد في بناء هذا المجتمع على نحو من البنيان المرصوص بالقدر الذي يتمتع فيه بالحماية ويحقق من خلاله اشباع حاجاته واذا كانت الاطر الاجتماعية أو الحلقات الأصغر من عائلة أو عشيرة أو قبيلة هي مكونات أساسية في بناء المجتمع الاردني فلا بد من توظيف خصائصها البنيوية لتنتظم في البناء الاجتماعي للمجتمع ككل طاردة لكل الفيروسات التي تستهدف نخر هذا البناء الذي يجب ان يكون متماسكاً بعيداً عن كل معاول الهدم والخلخلة والتصديع للوحدة الوطنية اذ لن تقوم لمجتمع قائمة ما دام في بنائه ثغرات تتغلغل من خلالها آفات الجهوية والاقليمية والطائفية وليكن  كل منا على يقين ان لا حياة كريمة ولامستقبل  للفرد الا من خلال قوة المجتمع والجمهور وهذا أمر مدرك ومحسوس ولأجله ينتظم الفرد في التنظيمات والجماعات والنقابات والاندية والاتحادات، فيد الله مع الجماعة ومن شذ شذ في النار.
 لقد ادرك الناس من خلال الحراك السياسي الذي شهدته البلاد قيمة انضواء الفرد في بناء اجتماعي أو اطار واسع لتحقيق المطالب والحاجات التي لا يستطيع تحقيقها بمفرده، وهكذا العائلة والعشيرة والحزب والنقابة يستطيع كل فرد ان يحقق من خلال تلك الجهة الاجتماعية ما لا يمكن تحقيقه بمفرده على انه لا سبيل الى اي من هذه الخلايا الاجتماعية الى تحقيق الاصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي الا باعتماد ثقافة المجتمع والانصهار  في بنائه الذي اذا استطاعت عصابة الهيمنة على السلطة و الثروة في اي مجتمع ان تحرك فيه معاول الهدم والتجزئة والتفرقة حفاظاً على مكاسبها وتقويضاً لقوة جبهة المجتمع الزاحف ضد هيمنتها باستخدام الجهويةوالاقليمية والطائفية فإن حالة التردي الاجتماعي والانكفاء و النكوص الى سلوك الجريمة والعنف وانعدام الأمن والاستقرار والنهب والسلب والفوضى هي البديل المدمر للفرد وللجماعة في آن واحد.
وعليه فإن من الواجب أن يكون كل منا قد وعي تماما ان لا مكان لفزاعة الجهوية أو الاقليمية أو الطائفية التي تلجأ اليها عصابة الهيمنة على السلطة والثروة تفويضاً لشوكة الجمهور وتدميرا لقوة البناء الاجتماعي وتفتيتاً للوحدة الوطنية واجهاضاً لمسألة الاصلاح السياسي والاقتصادي وحفاظاً على مكاسبها في الدولة.
 
لقد عوض المجتمع الغربي عن تفككه الاجتماعي في إطار البنيان الاجتماعي للدولة باطر اجتماعية مسيسة وهي الاتحادات والنقابات والاحزاب وبذا حقق ما حقق من ديمقراطية مدنية وتداول سلمي للسلطة ومحاربة للفساد وعيش كريم للمواطن. ونحن نملك ان ننقل بناءنا الاجتماعي  الذي لا زالت فيه خصائص ومقومات اعادة البناء و الانصهار الى أطراجتماعية سياسية فاعلة حتى نحقق لمواطننا ما تحقق لغيرنا عبر مقومات قوتنا المستندة الى ديننا وعقيدتنا وحضارتنا مضافاً اليها دواعي النهوض بشعبنا وحالة الضياع التي وصلنا اليها وصولا الى غدٍ واعد ومستقبل زاهر بإذن الله. معاً أيها الشعب الاردني نحو مجتمع اردني صلب ومتماسك بكل الوان الطيف والاعراق والمنابت والاصول ما داموا يحملون الجنسية الاردنية والرقم الوطني الاردني لا فرق بين شرقي ولا غربي ولا شمالي ولا جنوبي الكل أردنيون ونحو الاردن العزيز يتطلعون ومن أجل كرامتهم وعزهم وعيشهم الكريم يسعون وبقاضايا أمتهم وهمومها معنيون ومرتبطون.
إن إنشاء صندوق التكافل المقترح في الاصلاح الاقتصادي في معرض مواجهة الفقر والبطالة لهو ترجمة عملية لمفهوم انصهار الفرد في بوطقة المجتمع ليعود الفرد وينهل من هذه البوطقة ما يكفي لسد حاجاته انها الترجمة الحقيقية لتداعي سائر الاعضاء للعضو المشتكي حتى يتعافى الجسد ويقوم بدوره الكلي في تغذية وتقوية سائر الاعضاء انه النموذج العضوي للبناء الاجتماعي في المجتمع المسلم.
 
 
الخلاصة
 
ما اجتمع الفساد والاستبداد على نظام الا وقد هدّا كيانه وأنهيا طغيانه واجتثا وجوده. ولا يكاد نظام يخلو منهما فرادى أو مجتمعين على تفاوت في القَدر والمساحة والمستوى.
وحين يتجسد الفساد ثروة في أيدي المتنفذين والحاشية من الخاصة، وفقراً وحرماناً وظنك عيش في حياة العامة، وحين يتمثل الطغيان والاستبداد تسلطاً في يد القابضين على السلطة وقهراً ومصادرة حرية ومساً بكرامة الناس عامة، تصبح المواجهة وحق مقاومة الطغيان واجباً شرعياً ومشروعاً تتساوى فيه البشرية على اختلاف مللها ونحلها وتفاوت مستوى ثقافاتها وتعليمها حيث يكون مخزون الغضب قد بلغ ذروته وحجم المعاناة قد جاوز حدود الطاقة أو القدرة على احتماله. وقد تدرك بعض أنظمة الحكم الخطر قبل أو قبيل حدوثه فتتدارك نفسها وتسرع او تسارع الى اغتنام الفرصة الاخيرة في الامساك بطوق نجاتها فتصوب المسيرة وتصلح الشأن وتستجيب لمطالب العامة وتضع القاطرة على مسارها الصحيح من جديد.
لكن معظم الانظمة وخصوصاً تلك التي أبحرت عميقاً في عباب الفساد والاستبداد لا تسمع لصائح ولا تصغي لناصح وهي امام جبروت ما زينته لها نفسها وأوهام ما نسجته لها حاشيتها من هالة حولها تستخف بكل أصوات التحذير ودعوات الاصلاح مرددة مقولة  " أنا الدولة والدولة أنا ".
انها عقلية التجبر والاستكبار والتطاول على خلق الله والشعوب الذين زعموا أنهم يحكمون باسمها بل قل يتحكمون فيها فيفكرون ويقدرون ثم ينظرون ثم يعبسون ويبسرون ثم يدبرون ويستكبرون ثم يخرجون على الشعوب يرغون ويزبدون ويهددون وما هي الا أيام وامام الطوفان الهادر ب " إرحل " يهربون وتلك عروشهم خاوية بما ظلموا نرجو ان تكون الحالة الاردنية قد ادرك اولو الامر فيها الخطر قبيل وقوعه ويعملون بكل صدق واخلاص على تصويب المسيرة واصلاح الشأن والاستجابة لمطالب الشعب المشروعة لإعادة القاطرة التي جنحت عن مسار خدمة الشعب والوطن الى مسارها الصحيح من جديد.
 فهل من مذكر؟





مرفق في الجدول تمرين القائمة النسبية على مستوى الوطن
لغايات هذا التمرين أخذ ( 12 ) محافظة، وست قوائم على مستوى الوطن
الرقم المحاط بالدائرة هو رقم مرشح فائز
ملحوظة: سلمت نسخة من التمرين لكل من دولة رئيس الوزراء ودولة رئيس مجلس الأعيان