أضف إلى المفضلة
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
بحث
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024


العدوان يكتب ... يوم الوفاء للمتقاعدين العسكريين والمحاربين القدامى

بقلم : موسى العدوان
17-02-2017 09:06 PM

'وأنتم يا إخواني جنود الجيش العربي وضباطه . . لقد عشت معكم سنوات غالية من عمري، وأنا أتتبع الهضاب الوعرة التي قطعتم دروبها، والمعارك الدامية التي خضتم غمارها. سرت معكم بقلبي وعقلي أيام الحرب خطوة خطوة، عشتها معكم. كنت شاهدا على الدماء التي نزفت وبللت تراب الأرض، على الجراح التي أصابتكم هنا وهناك، على الآلام المبرحة، على العرق والدموع، على التأوهات الحزينة والأشواق الضائعة.' 

بمناسبة الاحتفال بيوم الوفاء للمتقاعدين العسكريين الذي صادف يوم الأربعاء 15/2/ 2017، لا أجد أبلغ مما خط قلمه المؤرخ الأردني سليمان موسى، في كتابه المرجعي ' أيام لا تنسى '. إذ تحدث المؤرخ عما قدمه أبطال الجيش العربي الأردني، من تضحيات وأعمال مجيدة في حرب عام 1948. فمنهم من روى بدمه الطاهر ثرى فلسطين وفاز بالشهادة فداء للأقصى والأرض المقدسة، ومنهم من توفاه اهما دون أن تُكتب له الشهادة، وآخرين من رفاقهم كُتبت لهم الحياة لسنوات لاحقة، ليشهدوا ما آلت إليه الأمور المحزنة في فلسطين بعد كل تلك التضحيات.

ولا يسعنا في هذا اليوم وبعد ما يقارب 69 عاما، إلا أن نترحم على أرواح الشهداء والمتوفين جميعا، ونتمنى الصحة وحسن الختام لمن هم على قيد الحياة. وتجسيدا لما أسلفت سأورد تاليا اقتباسا بما كتبه المؤرخ سليمان موسى رحمه الله:

' إن الدور الذي قام به الأردن – ملكا وحكومة وجيشا – في حرب 1948، لم يكن واضحا بما فيه الكفاية في المؤلفات التي وضعت عن هذه الحقبة من تاريخ العرب الحديث. وقد زاد من عدم الوضوح، تخرّصات المتخرّصين، ومزاعم الجهلاء، وأفك أصحاب الغايات. ولكن الأمر لم يكن هينا بسبب قلة المصادر، خاصة عن الجهد العسكري الذي بذله الجيش . . . .

مع مضي الزمن ازددت اقتناعا بأهمية العمل الذي أقوم به : هؤلاء الرجال الذين واجهوا الموت في سبيل الوطن، ماذا قدم الوطن لهم بالمقابل ؟ وتكشفت لي جراح وأوجاع نفسية. كثيرون كانوا يشعرون أن الوطن أهملهم ونسيهم. كثيرون ترددوا في التحدث إلي، لاعتقادهم أن الوطن لم يعد يسأل عنهم ويهتم بهم. والآن أراني أقول : ما أجدر هؤلاء الأبطال بمزيد من الاهتمام والعناية. هؤلاء الذين حافظوا على شرف الوطن في أيام الخطر، حينما كنت أنا وأمثالي بعيدين عن الخطر.

وتعاظم في نفسي الشعور بمسؤوليتي الشخصية. علي الأقل أستطيع أن أنوب عن الوطن في كتابة قصة هذه الحرب. لا يكفي القول أن عيد إدليّم استشهد في معركة النوتردام، وأن عبد الله فلاح استشهد في معركة قوله. علي أن أروي القصة كما وقعت فعلا. علي أن أتصور كيف حدث ما حدث، وأن أرسم تصوراتي سطورا على الصفحات.

فهل قمت بالواجب ؟ وهل أديت الأمانة ؟ وهل وفيت بعض الدين الذي لهؤلاء الرجال في عنقي وفي أعناق غيري من أبناء الأردن وفلسطين على وجه الخصوص ؟ لقد أتاح لي نشر هذه الحلقات على صفحات جريدة الرأي، مجال التعرف على رد الفعل عند أولئك الذين يعنيهم الأمر مباشرة.

هنا أعطي مثالا واحدا : اتصلت بي ذات يوم سيدة كان زوجها قد غادر الأردن إلى بلاد بعيدة وقالت عبر الهاتف : لقد سالت دموعي من فرط التأثر عندما قرأت ما كتبت عن زوجي. كان يظن أن جهده ذهب في طيات النسيان، والآن اكتشفنا أن الدنيا بخير. قلت لها : كفى يا سيدتي، إن في كلماتك جزاء كافيا لي عن الليالي الطويلة، التي سهرت والمشقات التي تكبدت. عندئذ أيقنت أكثر من أي وقت مضى، أن مداواة القلوب المكلومة نعمة من السماء . . .

وأنتم يا إخواني جنود الجيش العربي وضباطه . . لقد عشت معكم سنوات غالية من عمري، وأنا أتتبع الهضاب الوعرة التي قطعتم دروبها، والمعارك الدامية التي خضتم غمارها. سرت معكم بقلبي وعقلي أيام الحرب خطوة خطوة، عشتها معكم. كنت شاهدا على الدماء التي نزفت وبللت تراب الأرض، على الجراح التي أصابتكم هنا وهناك، على الآلام المبرحة، على العرق والدموع، على التأوهات الحزينة والأشواق الضائعة. كان هدفي أن أعطيكم بعض حقكم، لأن الذي أعطيتم – مهجكم العزيزة وأعماركم – أكبر وأعظم من أن يوفى حقه كاملا. كنتم المثل الأعلى للمحبة التي تعطى بسخاء وعن طيبة خاطر، تعطي كل شيء دون أن تأخذ شيئا.

وكيف أستطيع أنا أو يستطيع غيري أن يرد لكم جميلكم ؟ أنتم الذين وقفتم في وجه الموت، أنتم الذين ألقيتم بأنفسكم في لجة النار. ماذا يستطيع الوطن أن يصنع لكم ؟ أنتم الذين سهرتم وشقيتم بينما كان غيركم يغط في النوم. على هذه الصفحات أحمل لكم اعتراف الوطن بجميلكم، لكي يبقى ذلك الاعتراف ما بقيت الكلمة شاهدا لكم علينا نحن الذين لم يكن لنا الشرف الذي نلتم: أن نحمل السلاح ونحارب الغزاة. فلتكن الليالي الطويلة التي سهرتها في رسم هذه الكلمات باقة حب بين أيديكم. وليكن هذا الكتاب شاهد حق مع أبنائكم وأحفادكم، لكي يقول كل واحد منهم بفخر: كان أبي جنديا من جنود الجيش العربي '. انتهى الاقتباس.
* * *

هذه الكلمات المعبرّة والصادرة من قلب مؤمن بحب الوطن، ومقدر لتضحيات الجيش العربي الأردني، ما هي إلاّ تذكرة بأعمال بطولية جرت في منتصف القرن الماضي، دفاعا عن المقدسات وثرى فلسطين العزيزة، فلعلها تشكل حافزا للأجيال اللاحقة للاقتداء بأفعاله في زمن قادم. ( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ). صدق الله العظيم.

التاريخ : 17 / 2 / 2017


التعليقات

1) تعليق بواسطة :
17-02-2017 09:28 PM

عاش بيان العسكر المجيد

2) تعليق بواسطة :
17-02-2017 09:33 PM

النتيجة لهذه التضحيات ان الوطن في المراحل الاخيرة لسرقته او بيعه في غفلة من المسؤول او بعلمة هذا ماعاد مهما !! المهم انقاذ ما تبقى ، اكراما لتتضحيات رجال الرجال .
كل التقدير للباشا موسى العدوان لمقاله .

3) تعليق بواسطة :
17-02-2017 09:41 PM

انا بعرف لما بدهم الدولة يظهروا امتنانهم ووفائهم للمتقاعدين العسكريين القدامى ممن دعموا ركائز النظام وحموه وكذلك حموا الدولة والشعب وبكونوا بعرف انهم فقراء وعايشين حياة ضنكا وفقر اقرب الى التسول بقوموا بزيادة رواتبهم التي لم تتغير منذ 25 سنه ولم يتم زيادتها قرش احمر ..
طيب وعملتوا احتفال وطلعتوا على وسائل الاعلام والتطويتطر احنا شو استفدنا ..ولااشي ولا بفرنك وكله حكي بحكي ما بنصرف .

4) تعليق بواسطة :
17-02-2017 10:41 PM

يواصل المتقاعدون العسكريون تقديم استدعاءاتهم للديوان الملكي منذ عشرة ايام للحصول على المساعدة والمكرمة الملكية المالية البالغة مائتي وخمسين دينارا تمنح للمتقاعد مرة واحدة ، حسبما تنامى لمسامع المتقاعدين العسكريين والذين هم بحاجة ماسة لهذه المساعدة
واعتقد انه اذا كانت التوقعات صحيحة حول هذه المساعدة ،دفالأفضل صرفها على رواتبهم الشهرية للتخفيف عليهم معاناتهم، علما بان الحاجة تقتضي نظرة اكثر شمولا

5) تعليق بواسطة :
17-02-2017 11:26 PM

كل التحيه يا بااشا .ذكرتنا بالماضي الجميل رغم المشقه والتعب والعناء والقله الا ان تلك الايام كانت اجمل وابسط واروع من هذه الايام على الاقل كنا مواطنين بوطنا ندافع عنه ونفتديه بالغالي والنفيس واليوم ينطبق علينا ان لا كرامه لنبي ببلده ويوشك ان يذهب الوطن فنصبح اغراب فوق غربتنا .ضحى جيشنا بفلسطين واينما طلب العرب المساعده ولا ينكر تضحياتهم الا مارق او خارج من المله وسلامتك.

6) تعليق بواسطة :
18-02-2017 12:59 AM

لقد طالبناك الاخ العزيز موسى العدوان قبل سنة ان تكتب عن جرائم القتل والراعي الرسمي لها و هو قانون العقوبات المتساهل جدا من حيث رعاية القتلة و اصحاب السوابق, خلال العامين الماضيين فقط 532 جريمة قتل و لم يتم اعدام احد من القتلة بل ان القانون لدينا يضع شروطا تعجيزية اما القاضي كي لا يحكم بالاعدام , اليس هذا اكبر فساد محمي بحكم القانون البالي القديم غير الرادع ,طالبناك بالكتابة لما لك من اسلوب و قراء

7) تعليق بواسطة :
18-02-2017 10:04 AM

إلى صاحب التعليق رقم 3 المحترم. أرجو العودة إلى مقالي حول هذا الموضوع عام 2016 تحت الرابط التالي وشكرا لك:
http://www.allofjo.net/index.php?page=article&id=114777

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012