بقلم : شحاده أبو بقر
24-04-2017 05:00 PM
خاص :
نعم الله جل جلاله على خلائقه لا تعد ولا تحصى , فالألم والخوف مثلا نعمتان كبريان لولاهما لكان الأنسان ودون أن يدري , فريسة سهلة للمرض وللمخاطر على إختلافها , ولهذا فهو يزور الطبيب طلبا للشفاء بإذن الله , مثلما يتجنب المخاطر كي لا يهلك ما إستطاع إلى ذلك سبيلا .
في هذا الزمان الملتبس المشحون بالغفلة وببعد الناس عن مخافة الله ومعرفته سبحانه حق معرفته , غدا الفقر نعمة تنآى بالإنسان عن الطغيان وإقتراف المعاصي , إن لم يكن تدينا ومخافة عقاب الرب , فلضيق ذات اليد , وفي المقابل , غدا الغنى بالمال نقمة في الأعم الأغلب على أهله , فتراهم طغاة يمارسمون البطر والإسراف على ما يسمونه ملذات الدنيا , ولا شأن لهم بأقرانهم الفقراء من خلق الله.
في الاردن مثلا , هناك عشرات الآلاف ممن يملكون الملايين وربما المليارات , لكن قلة منهم يمارسون المواطنة الحقة على أصولها , ومنهم من جنى المال بطرق حرام غير مشروعة , كالمخدرات والفساد وسوى ذلك من طرق حرام , ومنهم من جناه بتعبه ومثابرته , وشتان بين هؤلاء وأولئك .
الرزق الحلال ينمو ويكبر خاصة إن كان مشروكا بالصدقات والزكاة , والمال الحرام يفنى مهما كثر ويفنى معه أصحابه أيا كانوا حتى وهم أحياء لو جاز التعبير .
لم يعد سرا أن الفقر في هذا الزمان صار نعمة تقي أصحابها عثرات الدنيا وعقاب الآخرة , فيما الغنى غير المشروع نقمة توقع أصحابها في عثرات الدنيا وبالضرورة عقاب الرب في الآخرة عندما تقوم قيامة الفقير والغني على حد سواء .
عندما ينسى البعض أن هناك خالقا عظيما يثيب ويعاقب , تنزلق بهم الدنيا نحو مهاوي الردى , وعندما يدرك البعض وعلى مدار اللحظة أن الله بالمرصاد يسمع ويرى , تسمو بهم الحياة دنيا وآخرة حتى لو عاشوا حياتهم فقراء بالكاد يتدبرون قوت يومهم .
نعم الفقر الذي تمنى الخليفة الراشدي لو كان رجلا كي يقتله , صار اليوم بمقاييس الدنيا نعمة وصار نقيضه الغنى نقمة على أهله من حيث يشعرون ولا يشعرون , وسبحان الله جل جلاله إذ يقول ' فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم , إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون ' صدق الله العظيم , فهل من متعظ , الله من وراء القصد .