أضف إلى المفضلة
الخميس , 25 نيسان/أبريل 2024
الخميس , 25 نيسان/أبريل 2024


لكي لا نصفّي حساباتنا على «مقصلة» الفساد..!

بقلم : حسين الرواشدة
26-04-2017 12:07 AM
اكاد اسمع جلجلة ضحكات الفاسدين الحقيقيين وهم يتابعون اخر مسلسل من مسلسلات الاتهامات بالفساد التي يتم توزيعها على نظام “ الفزعة “ بين الحين والاخر .

هؤلاء الذين سرقوا اموالنا واعمارنا ايضا اسعد ما يكونون حين تنزاح الانظار عنهم وتطارد اخرين جرى حشرهم في زاوية التعدي على المال العام او اساءة استخدام السلطة لمجرد ان طاردتهم الاشاعات او ان اسماءهم وردت في تقرير ديوان المحاسبة الذي نعرف كما يعرفون انه يسجل كل مخالفة ويطلب من المسؤول الرد عليها او اصلاحها .

لا يخطر في بالي ان ادافع عن احد , فالقضاء دائما هو الفيصل بين ما يشاع ويقال ويروج له ، وبين الحقائق والوقائع الصحيحة , لكن من باب الانصاف يجب ان يقال هنا بان خلط الاوراق في قضية البحث عن الفاسدين ومحاسبتهم جاء في سياق دغدغة مشاعر الناس وايهامهم بان حقوقهم لم تمت ، وان وراءها برلمان يطالب ، ونواب لا ينامون الليل من اجل كشف المستور.

حين ندقق فيما حدث خلال الايام الماضية تحديدا نكتشف ان حملة مكافحة الفساد التي نتوقعها ان تكون عنوانا لهذا العام اختارت ان تبدأ بصغار الفاسدين من الموظفين الذين سمحت لهم نفوسهم الضعيفة بالتجاوز على عشرات او مئات الدنانير من المال العام , فقد سمعنا حين عن توقيف شخص تم ضبطه متلبسا بجريمة طلب رشوة , واخر بتهمة سرقة اسلاك شائكة , وثالث لانه زور تصاريح عمل , وهكذا.., فيما ظلت الملفات الكبرى والرؤوس الكبيرة بعيدة عن بورصة التداول.

نكتشف ثانيا ان حملات تعويم تهمة الفساد من خلال الاستعانة بتقارير ديوان المحاسبة القديمة اتسمت “ بالانتقائية “ , وشملت قضايا محدودة متعلقة بالاهمال او سوء استخدام الصلاحيات , فيما لم تشتمل هذه الملفات قضايا نهب بالملايين وردت ايضا في تقارير الديوان .

بقي لدي مسألتان : الاولى ان تصفية الحسابات السياسية التي تتخذ من الفساد “ مقصلة “ لها يجب ان تتوقف , ليس فقط احتراما لحقوق الناس وحقهم الطبيعي في معرفة الحقيقة ، وانما من اجل حماية بلدنا من هذه الفوضى التي يمكن ان تدمر كل ما انجزناه , فنحن لا نريد ابدا ان ندفع هذا الثمن الباهظ لحساب اشخاص همهم الوحيد اقناعنا بانهم ليسوا وحدهم المتهمين بالفساد , وانما غيرهم متورط فيه وثابت عليه ايضا .

اما المسالة الثانية فهي ان الاستقواء بالعشيرة او بغيرها من الوسائط الاجتماعية لتبرئة الذمة , او الدفاع عن النفس من تهم الفساد مسالة لابد ان تتوقف ايضا, ذلك انه لا يجوز ان نقحم عشائرنا في مثل هذه التصفيات ، ولا ان نستخدمها في لعبة الصراعات السياسية .

يبقى ان اشير الى ملاحظة تتعلق بدور مجلس النواب في مواجهة الفساد وفق منهجية بعيدة عن الاستعراض والانتقائية , ودور الحكومة ومؤسسات النزاهة ودائرة مكافحة الفساد وغيرها في الانتقال الى الملفات الكبرى المتعلقة بالفساد وليس مجرد التركيز على الفساد الاصغر فقط ,اعرف هنا ان المهمة صعبة وطويلة ولكن لابد ان نبدأ ذلك بمنطق الجدية لكي نقنع الناس باننا نسير في الاتجاه الصحيح , كما انه لابد ان نفكر جديا في اشاعة ثقافة لدى المواطنين برفض الفساد مهما كان المتورطون فيه , وعدم حمايتهم تحت اي لافتة , فموازين العدالة وحدها هي من يحاسب ويحكم.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
26-04-2017 10:14 AM

اشكر الكاتب شكر موصول.الحقيقة مقال في غاية القوة والرصانة والعقل والمنطق

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012