أضف إلى المفضلة
الخميس , 28 آذار/مارس 2024
الخميس , 28 آذار/مارس 2024


حزب التيار الوطني ينعى مسيرة العمل الحزبي في الاردن

بقلم : أحمد عبد الباسط الرجوب
21-10-2017 02:46 PM
حزب التيار الوطني ينعى مسيرة العمل الحزبي في الاردن.. ما هي فاعلية الأحزاب السياسية في عملية صنع القرار؟.. هل ضعف الاداء الحزبي سببه عدم النضوج السياسي ام تهميش حكومي؟

عدم الوضوح في الرؤيا السياسية القائمة على التهميش عبارات صدح بها السياسي والبرلماني المخضرم المهندس عبد الهادي المجالي امام أعضاء المجلس المركزي لحزب التيار الوطني الذي يرأسه في جلسة تقرر فيها التوجه لحل الحزب معللا عدم جدوى العمل الحزبي في ظل غياب الأمل، وتغييب الأحزاب وعدم اتخاذ إجراءات تشريعية تعمل على تعميق الحياة الحزبية الأردنية.وللوقوف على تداعيات هذا الاعلان المفاجئ لحزب التيار الوطني ومع ما يتصل الى علنية الاحزاب والتحول الديمقراطي في بلادنا خلال الـ 25 سنة الماضية من عمر الزمن ، لا بد من الوقوف والتوقف عند العديد من المحطات الهامة والتي ناتي على ذكرها تباعا وفي السياق التالي:

(1)
التحول الديمقراطي الحزبي

للتذكير وبعجالة فقد استطاعت الاحزاب الاردنية الوصول الى السلطة التنفيذية في العام 1956, اذ حصدت قوى المعارضة اغلبية مقاعد البرلمان, ونجحت في تأليف حكومة ائتلاف وطني برئاسة سليمان النابلسي, التي حلت في نيسان العام 1957 ومنذ ذلك الوقت بقيت الاحزاب تمارس نشاطها السياسي في الخفية حتى عام 1989 من خلال توجه الدولة بفعل الضغط الشعبي في احداث نيسان وما سمي بثورة الخبز عام 1989 الى النهج الديمقراطي من خلال مجموعه من التغييرات والتحولات السياسية ، قام بها المغفور له الملك الحسين بن طلال رحمة الله رحمة واسعة في طريقه نحو الديمقراطية ، فقد شهدت بلادنا العديد من التغييرات والتحولات السياسية ولفحص وتقييم هذه التغيرات، فيما إذا كانت قد أخذت الطابع الإصلاحي الديمقراطي ، فهل انتهت جهود الدولة الأردنية البيروقراطية التي كانت سائدة حتى عام 1989؟ وما هي فاعلية الأحزاب السياسية الأردنية في عملية صنع القرار؟ جمله من التساؤلات وغيرها تدفعني إلى طرح السؤال الذي يمثل إشكالية عند الكثيرين من المزاولين للعمل السياسي في بلادنا، والسؤال هو:

هل تعتبر التغيرات والتحولات السياسية التي اقدمت عليها القيادة الاردنية، اصلاحات ديمقراطية بهدف التحول باتجاه الديمقراطية، أم أنها لا تتعدى أن تكون إصلاحات ليبرالية بهدف دعم نظام الحكم القائم وجعله مقبولاً لدى الشعب؟
وللإجابة على هذا السؤال رأينا أنه لا بد من الرجوع الى الحالة الأردنية قبل عميلة التغييرات التي بدأت عام 1989 وبخاصة الجانبين الاقتصادي والسياسي وعلى نحو في السرد التالي:

ففي الجانب الاقتصادي وعلى الرغم من أن قرار الحكومة في ذاك الوقت برفع أسعار المحروقات وسلع أساسية أخرى ، بنسب تراوحت بين ( 11 % – 50% ) بتاريخ 16 ابريل / نيسان 1989 ،كان السبب المباشر الذي أدى إلى اندلاع المظاهرات الشعبية في الشارع الأردني ضد غلاء الأسعار والسياسات الاقتصادية للحكومة ، وبالنظر الى الوضع الاقتصادي الصغير الحجم ولم يكون فيه استقرار مالي بسبب السياسة الاقتصادية الحكومية الرديئة ، فأصيب الاقتصاد الأردني بانتكاسه كبيره مما أجبرها على اللجوء إلى صندوق النقد ” النكد ” الدولي من اجل جدوله الديون ، وإلى القبول بشروط الصندوق بتخفيف سعر صرف الدينار وخفض العجز في الموازنة العامة للخزينة وفي المقابل كانت هذه الشروط بالنسبة للمواطن العادي تعني ، مزيداً من اجراءات التقشف الاقتصادية ومزيداً من الفقر للطبقات الفقيرة أصلاً ، وانهياراً لأوضاع الفئات الوسطى ، ومزيداً من الإثراء للأغنياء ، وتنامياً لمعدلات البطالة ، وانخفاضاً في مستوى الأجور ودخل الفرد.

اما الجانب السياسي والمتمثل بالحياة الرلمانية (مجلس النواب) فكانت المحطات التالية ابرزملامح تلك الفترة وعلى نحو كما يلي:

– حل المجلس النيابي التاسع المنتخب وذلك على اثر حرب حزيران عام 1967 واحتلال الضفة الغربية من المملكة.

– تشكيل الإتحاد الوطني العربي في 7 سبتمبر / أيلول 1971 حيث أعلن عن تشكيل تنظيمْ سياسيْ برعاية الملك الحسين أُطلق عليه اسم” الإتحاد الوطني العربي ” ليكون تنظيماً سياسياً يحتضن القوى السياسية والحزبية على الساحة الأردنية لمواجهة تداعيات هزيمة عام 1967.

– قرار مؤتمر القمة العربي المنعقد في الرباط في الفترة الممتدة بين (26-29/10/1974) والذي نص على الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب العربي الفلسطيني ، إلا أنه وفي تاريخ 4/2/1976 تمت دعوة المجلس التاسع للانعقاد في دورة استثنائية من أجل إدخال تعديلات على الدستور، حيث جرى تعديل المادة (73) من الدستور.

– تشكيل المجلس الوطني الاستشاري : انطلاقاً من ذلك فقد بحث الأردن عن صيغة جديدة لسد الفراغ الدستوري فكان أن أمر الملك الحسين في شهر ابريل / نيسان من عام 1978 بتشكيل المجلس الوطني الاستشاري واختيار اعضائة بالتعيين.

– قرار الملك حسين رحمه الله بفك ارتباط الأردن بالضفة الغربية في 31 يوليو/ تموز 1988 … وهنا ماذا حدث بعد هذا القرار ؟ الذي يعتبر إزاحة للعقبة القانونية التي كانت تمنع إجراء الانتخابات … ونتيجة لتدهور الاوضاع في العام 1989 ، فقد بادر الملك الحسين الى تهدئه الشارع من خلال جمله من التغييرات ، التي وصفت رسمياً بأنها الخطوة الأولى نحو الديمقراطية واقال الحكومة واصدر تعليماته بإجراء الانتخابات النيابية وما صاحبها من جملة اجراءات والغاء الاحكام العرفية والشروع بتأسيس الاحزاب الاردنية للممارسات السياسية وظهورها للعلن بدلا من ان تبقي تعمل تحت الارض وبأسماء مستعارة وهمية…. وهنا وبعد العام1989 فقد وصلنا الى حالة ” النهج الديمقراطي / أو التحول السياسي ” الجديد والغاء الاحكام العرفية وتشكيل الاحزاب السياسية ، وفي هذا الاطار فقد شهد الاردن اقبالا حزبياً أسفر عن منح الموافقة لترخيص (49) حزبا مسجلين بالتمام والكمال في بنك معلومات وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية تتوزع على مشارب أيديولوجية مختلفة وإن كان غالبيتها متقارباً من حيث البرامج والشعارات وحتى الأسماء..

(3)
المشاكل التي تواجهها الاحزاب الاردنية

بالنظر الى المشاركة الخجولة لهذا الكم من الأحزاب (49) حزبا كما اسلفت، حيث لم يظهر ان بادرت هذه الأحزاب في مجموعها عن المشاركة في المبادرات الهادفة لحل الكثير من قضايا الوطن سواء الساخنة منها او تلك التي تحتاج الى وضع تصورات من شأنها الاسهام بوضع الحلول وعلى سبيل المثال وليس الحصر مشاكل البلاد الاقتصادية والبطالة والأزمات المحيطة في بلادنا … كما ان الاحزاب لم تحدث تأثيرا في المجتمع الأردني حتى الآن، خاصة على المسرح الأساسي للديمقراطية الذي تمثل بالانتخابات النيابية 2016 وانتخابات البلدية واللامركزية التي أجريت منتصف أغسطس / آب 2017.

لكن في المقابل فقد واجهت الاحزاب السياسية في بلادنا مشاكل عديدة يمكن تسليط الضوء على بعض منها:

كثرة التنظيمات الحزبية هو أحد العوائق الأساسية أمام تمثيل أكثر مصداقية للمشهد السياسي الاردني امام تشكيل 49 حزبا و22 حزبا قيد التاسيس حسب ما صرح به وزير الشؤون السياسية والبرلمانية.

معظم قيادات الأحزاب الاردنية تنتمي إلى شريحة عمرية جاوزت الستين، ما منع الشباب من تولي مناصب قيادية، والتأثير على الخيارات المركزية للتنظيمات السياسية، ما دفعه إلى الانشقاق، والتشكل في مجموعات صغيرة.

عزوف جيل الشباب عن الممارسة الحزبية، بل وحتى الانخراط في الشأن العام (مثل المشاركة في الانتخابات) منح القوى الأكثر تنظيماً من اكتساح المشهد الانتخابي.

لا زال دور المرأة بالمشاركة الحزبية ضعيفا برغم ان هناك بعض الاحزاب يترأسها سيدات لهن مشاركة سياسية امتدت لاكثر من ثلاثة عقود ، كما ان المرأة تعاني من تهميش دورها القيادي في الاحزاب وفي نظرة ضيقة من القائمين على هذه الاحزاب انهن يفتقدن الى المهارة في العمل السياسي.

دور المال السياسي في إفساد المشهد الحزبي في بلادنا، حيث نجد حضوراً واضحاً لرجال الأعمال في التحكم في مكونات حزبية كثيرة، وهي تتحرك بدافع امتلاك مزيد من النفوذ، وتوجيه الرأي العام خدمة لمصالح خاصة.

تعاني الاحزاب الاردنية من حالة ” الزعاماتية ” المفرطة، حيث تتشكل بعض الأحزاب حول شخصية قيادية تستأثر بكل الحراك الحزبي والظهور الإعلامي مع غياب واضح لأي حضور جماهيري أو أي قدرة على التأثير في الواقع السياسي وهو ما يتجلى في النتائج الانتخابية لهذه الأحزاب القائمة على القائد الواحد.

(4)
ازمة الأحزاب السياسية الاردنية

تكمن ازمة الأحزاب السياسية الاردنية في محددين رئيسين هما:

النضوج التنظيمي والسياسي : لم تصل الاحزاب بعد إلى درجة النضج، وفهم معنى الحزب السياسي في بنيته العميقة، باعتباره، وبالدرجة الأولى، مدرسة للتربية السياسية للمواطن، ينخرط فيها ليتدرب على مساهمته في الشأن العام، وعلى ممارسة حقوقه السياسية الأساسية، ولكن تحقيق هذه المهمة، في صورتها المثلى، ليس بالأمر اليسير في ظل حالة الاضطراب التنظيمي الذي تشهده غالبية الأحزاب، وحالات الانشقاق التي تعرفها، بالإضافة إلى ما تعرفه من انتقال لناشطيها، بصورة تذكّرنا بانتقالات لاعبي كرة القدم، وما يزيد المشهد قتامة بناء أحزاب كثيرة على منطق الزعيم الأوحد، ما يجعلها أشبه بالشتات الذي تجمعه المصلحة الآنية، أكثر مما هي تنظيم ذو بنية واضحة وأهداف محددة.

تهميش الحكومة ممثلا بالدور الرسمي الذي انتهجته الحكومات على اختلاف ازمانها تجاه الاحزاب ، ومن خلال الحديث مع قياديين مخضرمين لبعض الاحزاب والذين بدورهم اشتكوا من تصرف الحكومات المتعاقبة والتي عملت على تشويه صورة الأحزاب في ذهن المواطن تارة من خلال ربط العمل الحزبي بالاعتقالات والملاحقات الأمنية وذلك في فترة الأحكام العرفية في فترة ما قبل عام 1989، وتارة أخرى من خلال تقزيم وتشويه صورة الأحزاب وإظهارها قاصرة عن تقديم ما يمكن أن يرتقي بالوطن والمواطن، وذلك من خلال التضييق عليها وحرمانها من القدرة على التطور والنهوض من خلال قانون الأحزاب وقانون الصوت الواحد ” سيئ الصيت ” الذي ضرب الحياة الحزبية منذ عام 1993 ولغاية 2016 – أي 23 عاماً..

واخيرا وليس اخرا وفي هذا السياق فإن الحكومة مطالبة بترسيخ دور الاحزاب في الحياة البرلمانية من خلال توسيع دورها في الوصول للبرلمان، والمساهمة بتشكيل الحكومات البرلمانية وفق الرؤى الملكية، على اعتبار ان الاحزاب شريك اساسي في الاصلاح السياسي الشامل في بلادنا … وفي المقابل فإنه يطلب من الاحزاب ان يكون لها دورا فاعلا في الحياة السياسية في البلاد من خلال الوساطة بين الشعب والسلطة وقيام الاحزاب باعداد برامجها التي تعرضها على الشعب في الانتخابات ، فان فازت تدرج برامجها من خلال مشاريع قابلة للتنفيذ تحت قبة البرلمان ووضع الحلول البديلة اذا اتخذت جانب المعارضة واقتراح الحلول القابلة للتطبيق لما يتم طرحة من قضايا سياسية واقتصادية ، يضاف الى ذلك تأطير الجماهير بهدف تأهيلهم للمشاركة في الحياة السياسية العامة وخلق ثقافة سياسية واستمالة الرأي العام الى جانب المشروع السياسي لهذه الاحزاب…
السلام عليكم ،،،

* باحث ومخطط استراتيجي

arajoub@aol.com

www.ahmadrjoub.net

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012