أضف إلى المفضلة
الجمعة , 29 آذار/مارس 2024
شريط الاخبار
“أتلانتيك”: لماذا بنيامين نتنياهو أسوأ رئيس وزراء لإسرائيل على الإطلاق؟ خطأ شائع في الاستحمام قد يضر بصحتك لافروف عن سيناريو "بوليتيكو" لعزل روسيا.. "ليحلموا.. ليس في الحلم ضرر" روسيا تستخدم "الفيتو" في مجلس الأمن ضد مشروع قرار أمريكي بشأن كوريا الشمالية الجمعة .. اجواء ربيعية وعدم استقرار جوي ضبط 69 متسولاً بإربد منذ بداية رمضان الخارجية تعزي بضحايا حادث حافلة ركاب في جنوب أفريقيا طلبة أردنيون يقاطعون مسابقة عالمية رفضا للتطبيع الأردن يرحب بقرار العدل الدولية الرامي لاتخاذ تدابير جديدة بحق إسرائيل البنك الدولي يجري تقييمًا لشبكة خطوط تغذية الحافلات سريعة التردد في الأردن العدل الدولية: تدابير تأمر إسرائيل بضمان دخول المساعدات لغزة إلزام بلدية الرصيفة بدفع اكثر من 15 مليون دينار لأحد المستثمرين 120 ألفا أدوا صلاتي العشاء والتراويح بالأقصى مصطفى يشكل الحكومة الفلسطينية الجديدة ويحتفظ بحقيبة الخارجية - اسماء الانتهاء من أعمال توسعة وإعادة تأهيل طريق "وادي تُقبل" في إربد
بحث
الجمعة , 29 آذار/مارس 2024


العدوان يكتب...طيار مقاتل يتحدى الإصابة..!

بقلم : موسى العدوان
23-10-2017 05:42 PM

'في عام 1933 أحيل دوجلاس إلى التقاعد بسبب حالته الصحية، فعمل عملا مكتبيا في شركة بترول أوروبية، ثم تزوج من فتاة كانت خير معين له. وعندما تأكد بأن الحرب على الأبواب في أواخر الثلاثينات، كتب عدة رسائل إلى وزير الطيران البريطاني، عارضا خدماته في سلاح الجو. وبعد إسبوعين من نشوب الحرب، طلبته لجنة الانتخاب للمقابلة، ثم وافقت على إعادة استخدامه كطيار مقاتل، في سلاح الجو البريطاني برتبته وأقدميته السابقتين، وأرسل إلى قاعدة دوكسفورد الجوية، حيث عين قائدا للسرب المقاتل 242'


إنها قصة مثيرة جرت أحداثها في الحرب العالمية الثانية، وهي تظهر التهوّر الذي ارتكبه أحد الطيارين البريطانيين، كما تظهر في الوقت نفسه، تصميمه وإرادته على الحياة والتعلق بمهنته. ولا شك أنها قصة غريبة تجسد التهور والبطولة في آن واحد رغم الإصابة الجسمية البليغة التي تعرض لها.

ففي شهر أغسطس / آب عام 1941، أسقط الألمان طائرة بريطانية مقاتلة فوق الأراضي الفرنسية المحتلة، ونُقل الطيار إلى أحد المستشفيات المدنية في ( سانت أومر ). وعند فحصه من قبل الأطباء الألمان أصيبوا بالذهول، لاكتشافهم أن الطيار دون ساقين. إلاّ أن رجال سلاح الجو الألماني أظهروا احترامهم للطيار فاقد الساقين، والذي لم يكن غريبا عليهم، إذ عرفوا عنه كطيار متفوق، وربما أنه كان أعظم الطيارين الموهوبين في سلاح الجو البريطاني.

إن قصة الطيار دوجلاس، تشكل إحدى قصص البطولة الاستثنائية في الحرب العالمية الثانية، أو حتى في أي حرب أخرى. فعندما كان في التاسعة عشر من عمره، وكان مرشحا في القاعدة الجوية البريطانية ( كرونول ) قال عنه مدربه : ' هذا الشاب الصغير إما أن يكون طيارا مشهورا أو يُقتل في المستقبل . . أيهما يحدث أولا '.

فمنذ البداية أظهر دوجلاس تميزا كرجل جوي، ولديه تفوق رياضي في مختلف الألعاب الرياضية، من كرة القدم إلى الملاكمة وحتى الطيران بجرأة لا يعتريها الخوف، إذ كان ميالا للقفز إلى أي تحدٍ متجاهلا الأوامر والتعليمات. وقد اكتسب شهرة عالية في الاستعراضات الجوية البهلوانية، والتي كان يبتهج بأدائها على ارتفاعات منخفضة.

في 14 ديسمبر/ كانون أول 1931 كان دوجلاس حينها في الحادية والعشرين من عمره، أقلع بطائرته إلى مطار قريب لزيارة أصدقائه. و نظرا لسمعته في الاستعراضات الجوية، طلب منه أحدهم إجراء عرض جوي بالطيران المنخفض، والذي كان ممنوعا لدى سلاح الجو البريطاني نظرا لخطورته.

تردّد دوجلاس للحظات، فطائرته الحديثة ( بل دوج ) مع أنها أسرع من غيرها، إلا أنها كانت أثقل وأقل قدرة على المناورة، من الطائرة التي اعتاد على الطيران بها. واستجابة لطلب زميله، فقد أقلع بالطائرة لإجراء العرض الجوي المطلوب، فناور في الجو وانحدر بشدة ثم استدار إلى الوراء برشاقة، مارا فوق ساحة الميدان و مقتربا من سياج المطار فسمع صوتا مرتفعا للمحرك، جعله يدفع عصا القيادة (Stick ) للأعلى، وتخفيف سرعة الطائرة لكي يبقي المحرّك شغالا. إلا أن البولدوج انقلبت على ظهرها وشعر بأنها بدأت بالانخفاض سريعا، فحاول أن يتحول بقوة إلى الجانب الآخر بعد أن أكمل حلقة الدوران. ولكن جناح الطائرة الأيسر ومقدمتها ارتطمتا بالأرض، فانفجر محركها وأصبحت الطائرة حطاما فوق ساحة المطار.

دوجلاس كان مثبتا بالأحزمة ولم يشعر بما حدث، سوى أنه سمع ضجيجا مزعجا. وفي وقت لاحق شعر بألم في ساقيه، ولاحظ أنهما في مواقع غريبة. الساق اليسرى ملوية تحت الكرسي المحطم الجالس عليه، وساقه اليمنى كانت ملقاة في الزاوية البعيدة من غرفة الطيار تنزف دما. فاعتراه شعور بالذهول لفترة قصيرة، إلى أن جاءت لحظة الحقيقة و استعاد تركيزه، فعرف بأنه لن يستطيع لعب كرة القدم في وقت لاحق.

في المستشفى المدني الذي أرسل إليه دوجلاس لتلقي العلاج، استأصلوا ساقه اليمنى فوق الركبة والتي كانت شبه مقطوعة. وبعد يومين تطورت الغرغرينا في الساق اليسرى وأدت إلى بُترها أيضا فوق الركبة. وقد أبدى دوجلاس صلابة شديدة أمام صدمة الحادث، ولكنه بقي متعلقا بأمل الحياة.

ومن خلال فتحة الباب الضيقة في غرفته داخل المستشفى سمع صوت الممرضة : ' لا تُحدثوا ضجة عالية . . هنا شاب يصارع الموت '. هذه الكلمات وقعت على مسامع دوجلاس كصاعقة كهربائية وتّرت أعصابه وقائلا في نفسه : ' إذن . . أنا المقصود بالحديث '.

تأكد دوجلاس أن ساقه اليمنى قد بترت، ولكنه لم يعرف أن ساقه اليسرى قد بترت أيضا. وقد خشيت إحدى الممرضات أنه قد يعرف ذلك بالصدفة ويصاب بصدمة خطيرة، فحاولت إعلامه تدريجيا وبلطف قدر الإمكان، ولكن كلماتها لم تدخل إلى عقله المخدّر. في اليوم التالي جاء قائد سرية لزيارته، فأخذ دوجلاس يشكو من الألم في ساقه اليسرى، وتمنى أن يقطعوها كما في ساقه اليمنى التي لا تؤلمه. فأبلغه قائد السرب أن ساقه اليسرى قد بترت أيضا، وعند ذلك انهار دوجلاس.

وفي وقت لاحق تم تركيب ساقين اصطناعيين لدوجلاس، وأصبح بإمكانه المشي وقيادة السيارة والطيران أيضا. فالطيران يحتاج غالبا إلى عيون وأيدي وتنسيق دون سيقان، متمنيا أن لا يعزله سلاح الجو عن الطيران، قائلا بأن ليس له حياة إذا هجر الطيران إلى عمل مكتبي.

في عام 1933 أحيل دوجلاس إلى التقاعد بسبب حالته الصحية، فعمل عملا مكتبيا في شركة بترول أوروبية، ثم تزوج من فتاة كانت خير معين له. وعندما تأكد بأن الحرب على الأبواب في أواخر الثلاثينات، كتب عدة رسائل إلى وزير الطيران البريطاني، عارضا خدماته في سلاح الجو. وبعد إسبوعين من نشوب الحرب، طلبته لجنة الانتخاب للمقابلة، ثم وافقت على إعادة استخدامه كطيار مقاتل، في سلاح الجو البريطاني برتبته وأقدميته السابقتين، وأرسل إلى قاعدة دوكسفورد الجوية، حيث عين قائدا للسرب المقاتل 242.

شارك دوجلاس بالقتال ضد الطائرات الألمانية، التي كانت تقصف المدن البريطانية بما يزيد عن 600 طائرة يوميا. وتمكن مع سربه من إسقاط عدد كبير من الطائرات، وقتل 152 طيارا ألمانيا مقابل فقدان 30 طيارا بريطانيا فقط. وبهذا استحق وسامين : وسام الخدمة المميزة، ووسام الطيران المميز.

أثناء القتال مع الألمان الذي جرى في شهر أغسطس / آب عام 1941، أصيبت طائرته، وهبط بالمظلة فوق الأراضي الفرنسية المحتلة حيث فقد إحدى ساقيه الاصطناعيتين، وتم احتجازه كأسير حرب لدى الألمان، بعد أن فقد إحدى ساقيه الاصطناعيين. وخلال وجوده في المستشفى وبعد استعادته لساقه المفقودة، حاول الهرب من خلال شباك الطابق الثالث الذي يرتفع 40 قدما، والنزول بالحبل إلى الأرض. ولكن ألقي القبض عليه في اليوم التالي وأرسل إلى ألمانيا، حيث بقي في الأسر لمدة ثلاث سنوات ونصف، إلى أن تم تحريره من قبل الجيش الأمريكي الأول في أبريل/ نيسان عام 1945.

وعندما عاد دوجلاس إلى انجلترا استقبل بحفاوة من قبل الشعب البريطاني. ولكنه لم يرغب بالجلوس دون عمل واشتاق إلى لباس الطيارين. فطلب من وزارة الدفاع البريطانية أن يشارك بالقتال الجوي في الشرق الأقصى ضد اليابانيين. ولكن وزارة الدفاع البريطانية كانت متعاطفة معه ولم تستجب لطلبه، باعتباره قد أدى واجبه الوطني كاملا. إلا أنه استمر بالإلحاح على طلبه، إلى أن استخدمت الولايات المتحدة القنبلة الذرية ووضعت الحرب أوزارها، دون أن يحقق دوجلاس رغبته الأخيرة.


التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
لا يمكن اضافة تعليق جديد
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012