أضف إلى المفضلة
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
شهداء وجرحى في قصف الاحتلال المتواصل على قطاع غزة مباراة حاسمة للمنتخب الأولمبي أمام أندونيسيا بكأس آسيا غدا أبو السعود يحصد الميدالية الذهبية في الجولة الرابعة ببطولة كأس العالم سلطة إقليم البترا تطلق برنامج حوافز وتخفض تذاكر الدخول ارتفاع أسعار الذهب 60 قرشاً محلياً 186مقترضا من مؤسسة الإقراض الزراعي في الربع الأول من العام وزير الأشغال يعلن انطلاق العمل بمشروع تحسين وإعادة تأهيل طريق الحزام الدائري تراجع زوار المغطس 65.5% في الربع الأول من العام الحالي طقس دافئ في معظم المناطق وحار نسبيًا في الاغوار والعقبة حتى الثلاثاء وفيات السبت 20-4-2024 نتيجة ضربة جوية مجهولة المصدر : انفجار هائل في قاعدة عسكرية سستخدمها الحشد الشعبي حماس: ادعاء بلينكن أننا نعرقل وقف إطلاق النار انحياز لإسرائيل حماد والجعفري إلى نهائي الدوري العالمي للكاراتيه الحنيفات: القطاع الزراعي لم يتأثر بأزمة غزة وأسعار منتجات انخفضت التنمية تضبط متسولًا يمتلك سيارتين حديثتين وله دخل شهري 930 دينار
بحث
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024


محنة الأحزاب السياسية في الأردن أم محنة الوطن؟

بقلم : د. محمد تركي بني سلامة
23-10-2017 07:50 PM
للأردن تاريخ عريق في التجربة الحزبية، فالأحزاب السياسية والحياة الحزبية ليست مسألة حديثة العهد بالنسبة للأردنيين، وإنما كانت حاضرة باستمرار في الحياة السياسية والشعبية، وشهدت محطات متعددة صعودا وازدهارا وهبوطا وانحسارا.

فمنذ قيام الدولة الأردنية الحديثة عام 1921 شهد الأردن ميلاد العديد من الأحزاب السياسية التي عنيت بالشأن العام الأردني والهموم القومية، حيث انشغل الأردنيون بقضايا التحرر الوطني السياسي والاستقلال السياسي، وسعوا إلى قيام نظام ديمقراطي يكفل حقوقهم وحرياتهم يصون كرامتهم ويحقق آمالهم وتطلعاتهم في التنمية والتقدم والرخاء، وكذلك محاربة الاستعمار والصهيونية و الأحلاف والمعاهدات الأجنبية ، لقد انشغل الأردنيون خلال تلك المرحلة الممتدة من عام 1921 حتى منتصف الخمسينات بالقضايا السياسية الوطنية والقومية، رغم تدني مستواهم الاقتصادي والثقافي والعلمي، فانغمسوا بالهموم والقضايا الوطنية والقومية، وأصبح لديهم تجربة غنية بالعمل الحزبي، ونجحت الأحزاب السياسية أحيانا في تحقيق مطالبها، وشكلت أول وآخر حكومة حزبية في تاريخ البلاد، وهي حكومة سليمان النابلسي عام 1956 كما كانت كثيرا تخفق في تحقيق أهدافها، إلى أن توقفت الحياة الحزبية كليا عام 1957 حيث فرضت الأحكام العرفية وحظر العمل الحزبي ، واستمر هذا الوضع حتى بدأت مرحلة التحول الديمقراطي عام 1989 حيث ألغيت الأحكام العرفية، ومضت ثلاث سنوات حتى تم سن أول قانون للأحزاب السياسية عام 1992م، ومنذ ذلك التاريخ حتى اليوم، وعلى الرغم من تعدد قوانين الأحزاب السياسية والقوانين المرتبطة بها مثل قوانين الانتخاب والاجتماعات العامة وقوانين الإعلام وغيرها، لا تزال الضبابية والازدواجية في الخطاب الرسمي، والاستهداف الرسمي على مستوى الممارسة هي السمة الأساسية في التعامل مع ملف العمل الحزبي في البلاد، فعلى الرغم من أن التحول الديمقراطي عام 1989 كان واعدا بحياة حزبية نشطة، إلا أن الطريق أمام الأحزاب ظل طويلا وشاقا وملئ بالعقبات والمصاعب، فالتراجع هو السمة العامة لمسيرة الأحزاب السياسية خطوة إلى الإمام وخطوتين إلى الخلف، ولعل ما تعرض له حزب الجبهة الأردنية الموحدة من تضييق وممارسات قمعية لا تمت للديمقراطية بصلة، دليل على هشاشة التجربة الديمقراطية، فعبر مسيرة الحزب منذ نشأته حتى تم إبعاد قيادة الحزب الشرعية، عبر الحزب عن مواقف وطنية ناجمة عن القلق الشديد والشعور الحقيقي بالمخاطر الكامنة نتيجة الأزمة الحادة التي تمر بها البلاد، واتخذ الحزب مواقف مبدئية سواء تحت قبة البرلمان أو عبر مختلف منابر الحوار تجاه قضايا التعديلات الدستورية و مسالة الولاية العامة والخصخصة وتفكيك مؤسسات الدولة و قضايا الفساد والتطاول على المال العام وتبديد ثروات البلاد ، وحذر من تبعات السياسات الرسمية التي أعادت البلاد إلى مربع الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، واعتبر تلك السياسات جريمة بحق الوطن والمواطن، فكان أن دق المسمار الأخير في نعش الحزب على يد الوزارة المعنية بتطوير الأحزاب السياسية ، الأمر الذي دفع السيد امجد المجالي الأمين العام السابق للحزب ليصرح على الملأ بأن الأجهزة نحرت الحزب، فتاريخيا منذ نشأة أول حزب سياسي في البلاد عام 1927 وهو حزب الشعب الأردني حتى اليوم، نلاحظ أن الأحزاب الوطنية ذات المواقف الوطنية التاريخية قضت نحبها، وانفرط عقد أعضائها، فيما بقيت التجمعات الشخصية التي تعبر عن مصالح فئات معينة، ولا يمكن اعتبارها أحزاب سياسية بالمعنى الحقيقي للكلمة تتغنى بالانجازات والديمقراطية في البلاد، ولعل التجربة المريرة لحزب التيار الوطني خير دليل على إطلاق الحكومة رصاصة الرحمة على الحياة الحزبية في البلاد، فحزب التيار الوطني ولد في رحم النظام السياسي وكان أقرب الأحزاب إلى السلطة، إلا أنه اضطر مؤخرا للإعلان عن حل الحزب احتجاجا على الممارسات الرسمية تجاه الأحزاب السياسية ولا نريد الدخول في تفاصيل المواقف المناوئة لحزب جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين ومحاولة شق صفوفه عبر تشجيع وتمويل إنشاء أحزاب سياسية تخرج من رحم الحزب الأم حزب جبهة العمل الإسلامي.

لم تسجل التجارب الديمقراطية الإنسانية نجاح مسيرة ديمقراطية تكون فيها الأحزاب السياسية مغيبة وتعاني من التقييد والعداء والتشكيك حد الاتهام، إذ أنه من الصعوبة بمكان تصور نجاح التجربة الديمقراطية في ظل نظام سلطوي يمارس التضييق على الأحزاب السياسية وخصوصا المعارضة، وخصوصا في الحالة الأردنية فإن أكثرية الأحزاب السياسية تجمع على أن التوجه العام هو ضد العمل الحزبي وأعلنت الأحزاب مرارا احتجاجاتها على ممارسات وسياسات رسمية مناوئة للعمل الحزبي فرغم كثرة الحديث عن الإصلاح السياسي وتعزيز المسيرة الديمقراطية وتكوين مجتمع ديمقراطي، إلا أنه عمليا لا توجد إرادة أو نية سليمة لتطوير العمل الحزبي، وقد يبدو للبعض أن المجال السياسي رحب ومنفتح إلا أنه لا زال يضيق بالأحزاب السياسية وكان برامج وأهداف هذه الأحزاب مخالفة للأماني والمصالح الوطنية.

محنة الأحزاب السياسية في الأردن اليوم تكشف حقيقة لا مجال لانكارها وهي أن الأردن يعاني مأزق في الديمقراطية ، وهذا المأزق ربما يكون سبب رئيسي لما تعانيه البلاد من احتقان وتوتر وعنف وفساد وواقع سئ على أكثر من صعيد ، فالمواطن غير شريك في صنع القرارات التي تمس حياته.

إن الديمقراطية الشكلية أو المزيفة هي أخطر أنواع الاستبداد، والتظاهر بالديمقراطية من خلال أحزاب صورية أدى إلى تقويض الحقوق والتراجع على صعيد ممارسة الحقوق السياسية التي كفلها الدستور.

إن الأوضاع السابقة تشير إلى أن هناك أيدي خفية تعمل بالرغم من صراحة الدستور على حق الأردنيين في تأليف الأحزاب السياسية والانتساب إليها، لا تنفك تعمل لإبعاد الناس عن العمل الحزبي حتى جعلت المجتمع يصل إلى اعتقاد راسخ أن العمل الحزبي مضيعة للوقت، لا بل مجلبة للضرر إذ يتخوف المواطن من أن يضيع حقه في الحصول على فرصة عمل إذا كانت عليه شبهة الانتماء لحزب سياسي، رغم شرعية ودستورية وقانونية هذا الحزب.

فالعقلية الأمنية في التعامل مع الأحزاب السياسية لا تزال أسيرة هواجس ثقافية تعود إلى حقبة الخمسينات من القرن الماضي.

علينا أن نعترف جميعا أن فشل التجربة الحزبية في الأردن يعكس عيوب جوهرية في النظام السياسي لا بد من الوقوف عندها من أجل تشخيص الأسباب، ومعرفة مواقع الخلل والسعي لإصلاحها ، ففي ظل غياب إستراتيجية وطنية متكاملة لحياة حزبية نشطة فإن استمرار تعثر وفشل الأحزاب السياسية يمس شرعية النظام التي من ركائزها الديمقراطية والتعددية والمشاركة السياسية ، فلا بد من تسوية تاريخية بين النظام والأحزاب السياسية بحيث يتم التوصل إلى معادلة يؤمن فيها النظام وكافة مؤسساته إن الأحزاب السياسية هي ضرورة من ضرورات الديمقراطية وأنه لا ديمقراطية بدون أحزاب سياسية فاعلة ونشطة ومؤثرة في القرار السياسي، ففي ظل غياب الثقة بالأحزاب السياسية لا يوجد أدنى أمل بحياة ديمقراطية سليمة، وهذا يستلزم فك الاشتباك بين الأمني والسياسي فاختلاط الأمني بالسياسي يعمق من ضبابية الرؤية ويبقى الطرفان يدوران في حلقة مفرغة ولا بد أن ينتج عن فك الاشتباك خلق بيئة وطنية جاذبة للعمل الحزبي وكذلك رفع كافة القيود عن الأحزاب السياسية واعتبار تقوية الأحزاب السياسية مصلحة وطنية.

وبخلاف ذلك فان البديل هو ذهاب المؤمنون بالعمل الحزبي إلى العمل السري وإنشاء أحزاب تحت الأرض لها أجندات مختلفة عن ما نردد من أقاويل حول الثوابت الوطنية، ويكون الجميع خاسر نتيجة هذا الوضع ولا سيما فئة الشباب الذين يشكلون أغلبية المجتمع الأردني اليوم و الذين ذهبوا ضحية سياسات حكومية متعاقبة أبعدتهم عن الأحزاب السياسية ، فارتمى بعضهم في بيئات العنف والتطرف والانتماءات الفرعية من عصبيات اجتماعية وجهوية وعشائرية.

إن الأردن اليوم يواجه تحديات كثيرة ولا تقل خطورة عن ما كان يتهدده من أخطار في الثلاثينات والخمسينات من القرن الماضي حيث العدو الصهيوني ومشاريعه التآمرية على البلاد، والأخطار الداخلية من فساد وعنف وفقر جريمة ومخدرات وغيرها، وقد نجح الأردنيون في الماضي في مواجهة الأخطار والتحديات والعبور إلى بر الأمان، وكانوا أكثر إيمان بالعمل الحزبي وأكثر التزام بالمبادئ والمثل وأكثر استعداد للتضحية والدفاع عن الوطن، فهل تغيرت أخلاق الأردنيين وتبدلت طبيعتهم، فأصبحوا أقل التزاما بالمبادئ واقل حرص على الوطن؟ وهل لديهم خيارات أخرى غير التمسك بالمشروع الوطني ؟ هل نخرب ما أسسه أسلافنا من البناة الأوائل ونهدم ما بنوه؟ إن هذا مرض سياسي خطير يؤدي إلى الدمار لكل ما بناه الأردنيون من قيم ومنجزات عبر مسيرة طويلة شاقة تمتد إلى ما يقارب قرن من الزمان.

على القوى التي تقف عائقا أمام العمل الحزبي أن تدرك قبل فوات الأوان أنها بإجهاضها التجربة الحزبية تعيق المسيرة الديمقراطية وتناقض الرؤى الملكية لمسيرة الإصلاح والديمقراطية في البلاد، وبذلك تفوت الفرصة على نشر قيم الحرية والحوار والتسامح ونبذ العنف والتطرف من أجل بناء مجتمع المواطنة والمشاركة والعدالة والمساءلة، وعلى اصحاب القرار مراجعة مواقفهم وسياساتهم تجاه مسألة الحياة الحزبية كجزء أصيل من التقاليد الديمقراطية، إذ ليس أمامنا الكثير من الوقت للانتظار والتأمل .

إننا نخشى إذا استمر الأمر على هذا الحال أن يتفاقم الخطب ويجر على البلاد والعباد ويلات لا تحمد عقباها، وهذا أمر لا يرضاه أي مواطن غيور على وطنه، وأن رأينا هذا نقوله بإخلاص وحسن نية، وندعو إلى النظر إليه بعين الرضا، وندعو الله أن يسدد خطانا لكل ما فيه خير البلاد، ونحن على اتم الاستعداد لان ندفع الثمن له حريتنا ومستقبلنا ودماؤنا عند لزوم الأمر.

* رئيس الجمعية الوطنية لتعزيز الدول المدنية.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012