23-09-2011 10:05 AM
كل الاردن -
محمد أبو رمان
حتى مساء أمس، كانت المؤشرات تشير إلى فشل توصية اللجنة القانونية القاضية بعدم اختصاص محكمة أمن الدولة بالنظر في قضايا المدنيين، حتى تلك التي تتضمن الإرهاب والمخدرات والتجسس والخيانة وتزييف العملة، إذ استثنى النواب تلك القضايا من اختصاص المحاكم النظامية، وفق المادة 33، من التعديلات الدستورية المقدمة.
لم تُجد نداءات نواب لزملائهم، الذين انبرى أغلبهم للدفاع عن 'دسترة أمن الدولة'، في مواجهة توصية اللجنة (بعدم اختصاص المحاكم العسكرية بمحاكمة مدنيين). وهي التوصية التي اعتبرها المراقبون والرأي العام، لو أقرها المجلس، نقطة تسجل لصالحه. بالرغم من نجاح 'اللوبي الاصلاحي' في الغاء دسترة محكمة أمن الدولة من المادة 35 في التعديلات.
هذا الإخفاق يأتي بعد أن نجحت السلطة التنفيذية بعبور عنق الزجاجة، أول من أمس، عندما فشلت اقتراحات نيابية لإنقاذ المجلس الحالي من الحل، بعدد محدود من الأصوات، عندما أدى غياب عدد من النواب إلى فشل اقتراح أكثر من كتلة نيابية بإدخال بند 'إذا حل مجلس النواب فلا يجوز حل المجلس الجديد'.
الهدف من ذلك الاقتراح والمداخلات المؤيدة له كان 'تحصين المجلس الحالي' من شبح الحل الذي بات مؤكّداً، وليس تلميحاً أو ترجيحاً.
لو فرضنا جدلاً نجاح ذلك الاقتراح في النواب، فعلى الأغلب سيفشل في الأعيان، لكنه سيخلق صدى واسعاً ويعرقل الإطار الزمني والسلاسة التي يريد مطبخ القرار تمرير التشريعات المهمة من خلالها، وتحديداً التعديلات الدستورية، وقانون الانتخاب، الذي سيواجه في الدورة العادية القادمة – غالباً- عقبات أكبر من المجلس، لأنّه مؤشر أكثر وضوحاً وإيذاناً بقرار الحل أو الانتخابات المبكّرة، كما يفضل الزميل جميل النمري اصطلاحاً.
النواب لم يريدوا أن يتركوا الحكومة الحالية تفرح بفشل محاولاتهم، فوضعوا لها مسماراً آخر في نعشها، عندما ألزموا الحكومة التي تنسّب بحل مجلس النواب بالاستقالة في مدة أسبوع، ومنعوا رئيسها من تشكيل الحكومة التالية.
الهاجس الرئيس الذي حرّك عددا كبيرا من النواب كان محاولة بائسة لعرقلة قرار حل المجلس، وليس تحصين هذه المؤسسة وتقوية استقلاليتها عموماً، وهو الهاجس الذي جاء عبر اقتراحات وآراء نيابية أخرى، فشلت هي أيضاً، مثل الاقتراح الذي تقدّم به النائب عبدالله النسور بأنه 'لا يجوز حل المجلس إلاّ لشروط قاهرة يتوجب ذكرها'، إذ كان الهدف تعزيز استقلالية مجلس النواب وقوته، ومنحه مضموناً واقعياً يعيد هيكلة النظام السياسي ليكون بالفعل نظاماً نيابياً كامل الدسم.
على الأغلب، ستكون التعديلات الدستورية في مطلع الأسبوع المقبل أمام مجلس الأعيان، وقد خسر النواب رهاناً آخر أمام الرأي العام، وأثبتت المناقشات أن المجلس، بصورة عامة، نظراً لأنّ غالبية أعضائه غير مسيّسين ولا ينتمون إلى مدارس فكرية واضحة، ولا يتمعون بقاعدة صلبة من المعرفة في التشريع، لم يكن مؤهلاً لمناقشة تعديلات دستورية بهذه الأهمية، إذ طغت المزاجية والفردية والارتجالية على الأداء العام، باستثناء عدد محدود من النواب الذين ابدعوا لكنهم ظلموا في الصورة العامة للمجلس .