29-09-2011 08:10 AM
كل الاردن -
المحامي محمد احمد الروسان
عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية
تسعى العاصمة الأميركية واشنطن دي سي, الى أن تجعل وعبر عمليات هندسية, من مسألة خروج قوّاتها الأحتلالية للعراق المحتل, في نهاية هذا العام, وعبر توظيفات وتوليفات لمتتاليات, هندسة التخطيط والتكتيك, لخدمة الحزم الأستراتيجية من الرؤى, ونستولوجياتها المستقبلية, في جل الشرق الأوسط, وخاصةً لجهة الساحات العربية تحديداً.
بعبارة أكثر وضوحاً, تريد الأدارة الأمريكية الحالية, من ( تينك) موضوعة انسحابها المزعوم من العراق المحتل, بأن تتخلّق المسألة لتكون, بمثابة بنك الأهداف الأستراتيجية, بحيث يتيح ذلك لها للشروع, في اعادة انتاج احتلالها للعراق المحتل أصلاً, مع سيطرة بوسائل سياسية - دبلوماسية ذكية, ومفرطة بعمق ونفوذ أقوى, وفقاً لمذهبية فوق استراتيجية مستحدثة, حيث الأخيرة, كانت نتاج جلسات عصف ذهني, مخابراتي وسياسي ودبلوماسي عميق, داخل أروقة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية, وزارة الخارجية الأمريكية, البنتاغون, مجلس الأمن القومي الأمريكي, باشتراك مسؤولي المؤسسات السابق ذكرها, بجانب المسؤول المخابراتي الأمريكي الرفيع المستوى, الجنرال جيمس كلابر, رئيس المجمّع الأمني الفدرالي الولاياتي الأمريكي, حيث الأخير قام الأسبوع الماضي, بزيارة غير معلنة الى تركيا, لحظة تواجد رئيس الوزراء التركي في نيويورك – اجتماع الهيئة العامة للأمم المتحدة, وأحيطت الزيارة الجيميسيّة الكلاباريّة, بطوق من السريّة والكتمان الشديد.
كما تتحدث المعلومات, أنّ قائد القيادة العسكرية الأوروبية الأمريكية, الأدميرال جيمس ستافريدس, قد شارك في وضع بنود, المذهبية الفوق استراتيجية الأمريكية الجديدة, ازاء العراق المحتل, وتشير المعلومات الأستخباراتية, بأنّ الأخير, يقوم هذا الأوان, في زيارة عمل خاطفة الى ' اسرائيل', في منتصف هذا الأسبوع, من هذا الشهر, من هذا العام الميلادي 2011م, يلتقي خلالها برئيس هيئة الأركان الأسرائيلي الجنرال بيني غانتز, ومع الجنرال يائير غولان, مسؤول الجبهة السورية اللبنانية, ومع الجنرال تال روسو, مسؤول جبهة قطاع غزة – مصر, والهدف هو التوصل لتكوين, قوّة مهام مشتركة أمريكية – اسرائيلية, استعداداً وتحسباً لأحتمالات, اندلاع صراع عسكري مرتفع الشدة, في منطقة الشرق الأوسط, من المحتمل امتداده الى مناطق الشرق الأدنى, بل والى أوروبا نفسها, وهذا يفسّر زيارة قائد القوّات البريّة الأمريكية, في أوروبا الجنرال مارك هيرتلينغ, الى ' اسرائيل', قبل أكثر من ثلاثة أسابيع.
ونعود الى جلسات العصف الذهني تلك, في واشنطن, أجريت لوضع رؤى استراتيجية, تتيح الأحتفاظ بالسيطرة الأمريكية على العراق المحتل, ما بعد تنفيذ انسحاباتها المزعومة و أو اعادة انتشار لقوّاتها الأحتلالية, ضمن دول الجوار العراقي المحتل, ذات الساحات السياسية الحليفة لها, لمواجهة ساحات الخصوم الأمريكي الحالي, ان لجهة ايران, وان لجهة سوريا, وان لجهة تركيا استراتيجياً, وعلى المدى الطويل, بالرغم من التحالفات الأمريكية التركية القديمة الجديدة, بسبب الملف السوري والأيراني, وكيفية التنسيق لجهة اشعال الساحة الجزائرية, وعبر تحالفات المخابرات الأمريكية – الفرنسية – البريطانية, وبالتنسيق مع ما يسمّى بالمجلس الأنتقالي الليبي لجهة الجزائر, مع اعادة تصدير الجماعات الأسلامية المسلحة, من فلول القاعدة, والحركات الوهّابية السلفية, للجغرافيا الجزائرية, وتقديم التسهيلات المختلفة, ومحفزات اشعال الساحة الجزائرية, وفقاً لمخططات مثلث التآمر الغربي – الأميركي – البريطاني – الفرنسي, مع دفع كافة الجماعات الأسلامية, المتواجدة على الساحات الجغرافية الأوروبية, للأنتقال الى الجزائر لحظة اشعالها, وتحت بند الجهاد لأسقاط النظام هناك, وهذا يتيح لجل الدول الأوروبية, التخلص من عبء الأستضافة لتلك الجماعات الأسلامية.
الولايات المتحدة الأمريكية, تعي وتتفهم اشكالية الخيار الأستراتيجي الوحيد, والذي قد تضعه المستويات السياسية منخفضة المستوى, أمام قيادة المستويات السياسية مرتفعة المستوى, في مفاصل الدولة الأمريكية الفدرالية, ازاء مسألة تواجدها العسكري, في العراق المحتل, كدولة احتلال لا دولة تحرير.
انّها تمتاز بادراك سلوكي يتمثل:- أن تضع القيادة أي قيادة, أمام خيار استراتيجي واحد وحيد, يعد حماقة سياسية بامتياز, يرقى الى مستوى ودرجة الخيانة العظمى, للأمّة الأمريكية, والتي تخدمها ادارة حكم العاصمة واشنطن دي سي.
أمريكا تسعى الى ابقاء جزء كبير وضخم, من قوّاتها العسكرية الحالية الأحتلالية في العراق المحتل, ولكن ليس الأكبر والأضخم, بحيث يصل العدد المراد ابقائه الى 36 ألف جندي احترافي, من كافة قطاعات الجيوش الأمريكية الغازية, مسلحين بأسلحة متميزة لجهة الكم والنوع, على أن يتم سحب الجزء الأكبر المتبقي من قوّاتها, واعادة تمركزه في القواعد الأمريكية الموجودة, في ساحات دول الجوار العراقي الحليفة لها, ان لجهة القوي منها, وان لجهة الضعيف كذلك.
حيث تمركز الجزء الأكبر من القوّات الأمريكية, سيكون في قاعدة الجهراء الكويتية, والتابعة للقيادة الوسطى الأمريكية, حيث تعتبر الجهراء – الكويتية, القاعدة العسكرية الأمريكية الأكبر في منطقة الشرق الأوسط.
كما يتطلب انفاذ هذه المذهبية, الفوق استراتيجية الأمريكية, ازاء اعادة انتاج احتلال العراق, والسيطرة عليه, ليس فقط الى اعادة هيكلة السفارة الأمريكية في العراق المحتل, ان لجهة الدور والأدوات والوسائل الشاملة, وان لجهة الموارد البشرية الأمريكية, والعراقية المتأمركة, بل يحتاج الى 'هندرة' سياسية, ومخابراتية وعسكرية, وادارية ودبلوماسية ومالية, لسفارة العم سام في بغداد المحتلة, وتعد السفارة هناك, الأضخم في منطقة الشرق الأوسط والشرق الأدنى, ولجهة البناء والبنى التحتية, ضمن سياقات جديدة, بحيث تعني 'الهندرة' الشاملة, للسفارة هناك, وجود رئيس للسفارة وليس سفير, وجود نوّاب للرئيس, وجود مساعدين, مستشارين, رؤساء ادارات, مدراء أقسام, ورؤساء شعب, بقوام من المورد البشري يناهز 18 الف موظف, مقسمين على مجموعات موارد بشرية, تختص كل مجموعة بمجال واختصاص معين.
كما تتطلب عملية الأنفاذ, لتلك المذهبية الفوق استراتيجية, موضوعة البحث والتحليل, استخدامات لما يعرف بالشراكة الأستراتيجية, على خط علاقات بغداد – واشنطن, بحيث تكون الأخيرة ( الشراكة الأستراتيجية) بمثابة مفارخ كليّة شاملة, لتفريخ المزيد من الأتفاقيات, الفرعية الثنائية الأميركية – العراقية, مما يتيح للعاصمة الأمريكية واشنطن دي سي, حق الأشراف على كل شيء, لمجمل تعبيرات الحياة العراقية, بدءً من قرارات الرؤساء الأربعة( الرئيس العراقي, رئيس الوزراء, رئيس البرلمان, رئيس السلطة القضائية), ومرورا بالقضاء الشرعي وعمله, مع تنويعات لأطراف عقود النكاح الشرعي, بحيث تخلط الطائفة الشيعية, بالطائفة السنيّة زواجاً, لأنتاج جيل مختلف, وانتهاءً بمصير قنوات الصرف الصحي وخلافه.
وفي ظني وتقديري, بأنّ القوام الأستراتيجي الجديد, للسفارة الأمريكية الأحتلالية في العراق المحتل, وبعد عمليات الهندرة الشاملة, سوف يجعلها تكون بمثابة حكومة أمريكية, ذات مهمات عديدة لجهة العراق المحتل, تتموضع المهمة الأولى لها, في ادارة أداء الحكومة العراقية, وقياس مؤشرات أدائها في الفئات المستهدفة, ان لجهة الداخل العراقي المحتل, وان لجهة الخارج العراقي الجواري, الأقليمي المرعوب, وهذا من شأنه أن يقود ويجعل, من الحكومة العراقية, بمثابة حكومة تعمل, تحت اشراف ورقابة وسيطرة, حكومة سفارة العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي, انّه احتلال جديد للعراق المحتل, بوسائل السيطرة السياسية, والدبلوماسية, والمخابراتية الذكية, انّه استبدال نموذج السيطرة الأميركي الحالي, بنموذج سيطرة جديد أكثر فعالية وكفاءة, عن النموذج الذي سوف ينتهي العمل به, عند لحظة خروج القوّات الأميركية الأحتلالية, من العراق المحتل, في نهاية هذا العام الذي نعيش.
انّها مذهبية فوق استراتيجية, تسعى للأنفاذ والتسويق, عبر استبدال السيطرة الجزئية, بالسيطرة الكليّة, مع استخدامات للتكتيكات الناعمة النوعية, وطرح التكتيكات الخشنة الكميّة, وفك ارتباطها الأحتلالي للعراق عن طريق ارتباط جديد معه, أي مبدأ فك الأرتباط, عن طريق الأرتباط, كذلك القيام بمبدأ المزاوجة والجمع, بين تطويق المركز والتمركز في داخله, لصناعة القبول في الأحتلال, بثوب مستحدث جديد ومقنع, انّها استراتيجية توريط العراق المحتل, في مأزق استمرارية الأحتلال الأميركي له, عبر دعم الساسة العراقيين, ليكون احتلال بالوسائل السياسية – الدبلوماسية – المخابراتية – الناعمة, بدلاً من الأحتلال بالوسائل العسكرية الدموية, حيث يعد الأحتلال الأول ( السياسي الدبلوماسي المخابراتي الناعم), أكثر خطورةً من الأحتلال بالوسائل العسكرية, حيث الأخير تم ويتم مواجهته بالمقاومة الوطنية العراقية المسلحة, أمّا الأول تصعب مسألة مقاومته, كونه جاء نتاج اتفاقيات ثنائية فرعية, بين الساسة العراقيين وواشنطن, جاءت عبر استخدام الشراكة الأستراتيجية العراقية – الأميركية, والتي هي بمثابة مفارخ لتفريخ, تلك الأتفاقيات الثنائية الفرعية, بين الساسة العراقيين وواشنطن.
ويشي جل ذلك, بأنّ الولايات المتحدة الأميركية, في حالة أن حاول الساسة العراقيين, وعلى مختلف مشاربهم وطوائفهم, تعطيل تلك الأتفاقيات الثنائية الفرعية, سوف تقوم بتفعيل حقها, بموجب تلك الأتفاقيات الثنائية الفرعية الأحتلالية, في استعادة احتلال العراق, بالوسائل العسكرية من جديد, 'وكأنّك يا أبا زيد ما غزيت'.
وعلى خلفية التعاون العسكري – الأمني الفرنسي – الأميركي, والذي حدث مؤخراً في استهداف ليبيا, فقد صارت واشنطن أكثر اهتماماً, بالتعاون مع فرنسا, لذلك لا بدّ من الأشارة الى تلك التفاهمات السرية, على خط العلاقات الأميركية – الفرنسية, لجهة التعاون لملء الفراغ الأمني الذي يمكن أن يحدثه, خروج القوات الأميركية الأحتلالية من العراق المحتل, وفقاً لمذهبية فوق استراتيجية, مستحدثة أميركية, تم شرحها آنفاً.
في المعلومات, سوف تقوم واشنطن بسحب, بعض عناصر الشركات الأميركية الأمنية الناشطة في العراق, على أن تقوم فرنسا بارسال عناصر الشركات الفرنسية الأمنية, بما يعادل حجم النقص الذي يحدثه الأنسحاب الأميركي, مع تعاون فرنسي – أميركي, على خط التشاركات التعاونية لمجمل خطوط الشركات الأمنية الفرنسية, مع الشركات الأمنية الأميركية, للحفاظ على نفس مستوى العمل الأمني المطلوب.
وفي المعلومات أيضاً, أن شركة سي – ايه – سي 40, وثلاث شركات أمنية فرنسية أخرى, وصلت الى مرحلة توقيع عقود شراكة, مع شركة بلاك ووتر الأميركية, وهذا من شأنه أن يتيح, للشركات الأمنية الفرنسية الدخول, الى الساحة العراقية المحتلة, ضمن حجومات, تعادل نفس حجومات النقص في بلاك ووتر بعد الأنسحاب, بعد أن كانت واشنطن لا تسمح, بأي نفوذ أو تعاون, مع باريس في الملف العراقي وغيره.
www.roussanlegal.0pi.com
mohd_ahamd2003@yahoo.com