أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 24 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
هي حرب إسرائيلية أميركية...السيناتور الامريكي ساندرز : إسرائيل تهدف للقضاء على الفلسطينيين لا حماس بدء صدور نتائج انتخابات رؤساء مجالس المحافظات ونوابهم - أسماء وتحديث الصناعة والتجارة تطرح عطاءً لشراء 100 أو 120 ألف طن من القمح 420 مستعمرًا يقتحمون المسجد الأقصى اليوم 47.4 دينار سعر الذهب عيار 21 بالسوق المحلية الدوريات الخارجية: اغلاقات كلية وجزئية للطريق الصحراوي اليوم الحكومة: أجهزة متطورة للحماية من الهجمات السيبرانية لـ60 مؤسسة حكومية انخفاض أعداد الزوار الأجانب إلى الأردن 10% خلال الربع الأول من العام الحالي الحكومة: تأخر تجهيز وثائق عطاءات مشاريع ذكية مرورية 5 إصابات بتصادم مركبتين على طريق الـ100 طقس جاف وحار اليوم وغدًا وفيات الأربعاء 24-4-2024 400 جثة و2000 مفقود ومقابر جماعية.. شهادات من داخل خان يونس بيلوسي تشن هجومًا حادًا على نتنياهو لسياساته وتعتبره “عقبة” أمام حل الدولتين وتطالبه بالاستقالة الفايز يتفقد واقع الخدمات للمواطنين في العقبة
بحث
الأربعاء , 24 نيسان/أبريل 2024


تعبنـا مـن ضجيـج الفراغ

بقلم : حسين الرواشدة
17-01-2018 10:59 AM
ما لم تستطع ان تفعله السياسة، تنهض به “بوستات” تتمدد على وسائل التواصل الاجتماعي في المجال الافتراضي، وما نعجز عن تنفيذه نكثر من الحديث عنه، ونقتله بالكلام، وهذه - بالطبع - سمة كثير من المجتمعات التي تعودت على الهروب من العمل الى الكسل، ومن الواقع الى المجهول، ومن محاسبة الذات الى ابتداع الذرائع وتعليقها على الآخرين، ومن الانجاز الى تمجيد ما يمكن ان ينجز، ومن مناقشة السياسات الى “الثرثرة” وملاحقة اخبار الساسة.
اشعر، وربما غيري كثيرون، بان ثمة حالة من الرتابة تدفعني الى مواصلة الصوم السياسي، عشرات القضايا والمشكلات يمكن ان اعلّق عليها، لكن ما جدوى ذلك؟ سؤال يحيرني دائما، وربما يحيّر غيري ممن ابتلوا بوظيفة الكتابة، لكننا - غالبا - ما نهرب من الاجابة، بعضنا يتصور ان المهمة وظيفية بحتة، وبعضنا يراها وطنية بامتياز، اخرون يبحثون عن الثواب بانواعه، غيرهم لا يريد ان يستسلم للاحباط واليأس، يحاول ويحاول فلربما يصل الصوت ويؤثر، وفي كل الاحوال لا تتوقف حركة الحياة... ولا ينتظر قطارها السريع من يتخلف عن مواعيد الانطلاق.
حالة الرتابة تذكرني دائما بالنهاية: منذ ان يحتضر الانسان وحتى تنتهي ايام العزاء، تتكرر فصول الرتابة وطقوسها، منذ ان يبدأ الخريف وحتى تهطل اول قطرة مطر، تلبد الاجواء بالرتابة وتنعكس على نفسية الناس وسلوكهم، الرتابة - ايضا - تذكرني بالحرارة المصحوبة بالرطوبة، حالة من اللزوجة الكريهة، يعرفها الذين يقطنون في البلاد ذات المناخ الاستوائي والقريبون من البحار الدافئة، وتذكرني - ايضا - بالجمود والكسل والنعاس والأرق، حالة من الهروب الى نوم غير ممكن، ويقظة مزعجة، وانتظار مشوب بالقلق.. الرتابة تقتل ببطء، وتستهزىء بشماتة، وتتحالف مع الفراغ.
هل تغول الاعلام على السياسة؟ كلا، ولكن يبدو ان الفراغ الذي تركه غياب الفعل السياسي المؤثر وجد من يملؤه، لا تسأل - بالطبع - كيف؟ فقد تابعنا على امتداد الشهور الماضية فصولا مدهشة من السجالات والنقاشات التي تتحدث عن كل شيء، ولا نفهم منها اي شيء، وفصولا اخرى من التحليلات والتنبؤات التي تفوق اصحابها على قراء الكف والفنجان، وكاد بعضنا ان يتحول - فعلا - الى كتابة الابراج السياسية او مطالعة ما ينشر في صفحات حظك اليوم - ولكن بنكهة سياسية هذه المرّة.
هل سقطنا فعلا في امتحان السياسة؟ هل آثرنا الهروب منها الى ممارسة نوع من الثرثرة على سطوحها المشرعة على المجهول؟ هل تحولت الصحافة - بأنواعها - الى حزب كبير بعد ان جفت ينابيع الحياة الحزينة او اوشكت على الجفاف؟ هل استمرأنا فعلا - تحت طلب والحاح المستمعين - تقديم ما يناسب من مواويل سياسية لكسر ما يشعرون به من رتابة او ملل؟
فيما مضى كنا نشكو من استقالة الناس من السياسة وعزوفهم عنها، لكننا اليوم - للاسف - نشعر بأن السياسة استقالت من نفسها، وبأن الفعل السياسي الذي كان يشدنا إليه اصبح على الهامش بانتظار من يتعرف عليه، او هو - ان شئت الدقة - مجرد طلاء نزين به جدران نقاشاتنا وحواراتنا التي أصبحت هي الاخرى تخشى من انفلونزا الشتاء.. تصوّر كيف انتقلت هذه العدوى من مدارسنا الى صالوناتنا السياسية.. ومن طلبتنا على مقاعد الدرس الى نخبنا في مواقع التنظير.
ماذا يطلب المستمعون هذه الايام؟ تحليلات سياسية عن التغيير الذي يقال بأنه قادم، مزيدا من زوايا حظك اليوم وما تخبئه الابراج للطامحين في مواقع جديدة، أخبارا عاجلة عن مشاجرات خلّفت وراءها قتلى وجرحى، وجاهات تعد بالصلح القريب وشرب ما يلزم من فناجين القهوة.
هل نحن سعيدون حقا بافتتاح بازار الكلام؟ ولم لا، حين ينهض احدنا من النوم يشعر بحاجة لمزيد من الاسترخاء، نطابق من الثرثرة وفنجان قهوة سادة، بمشاجرة في الشارع يتفرج عليها ويقضي يومه وهو يفكر فيها او يتحدث عنها لزملائه في العمل، لحالة من السكون التي تعينه على الهروب من ضجيج المدن، والاولاد وهموم الدنيا ومفاجآتها.
هل كثير على السياسة ان تكون مثلنا؟ ان تستريح قليلا وتمارس هواية حل الكلمات المتقاطعة، ان تلعب - كما كنا نفعل ونحن صغار - لعبة الطماية، ان تهرب الى الحقول البعيدة لتخلو مع نفسها في زمن تراجعت فيه فرص الخلوات، ان تأخذ اجازة للاستجمام او - ان تعذر ذلك - حماما دافئا لتستعيد بعده بعض النشاط؟
ليس كثيرا ابدا... ولكننا تعبنا من ضجيج الفراغ.
الدستور

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012