أضف إلى المفضلة
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
العدوان: 31 تموز الموعد المتوقع لفتح باب الترشح للانتخابات النيابية الوطني لمكافحة الأوبئة: الأردن خال من أي إصابات بالملاريا وزير الداخلية: أهمية مشاركة المواطنين في الحياة السياسية والحزبية تنظيم الاتصالات تتخذ جميع التدابير لإيقاف التشويش في نظام "جي بي أس" الملك لماكرون محذرا: الهجوم الإسرائيلي على رفح خطير الملكية: سندخل طائرات صديقة للبيئة إلى أسطولنا ارتفاع الفاتورة النفطية للمملكة 4.9% خلال شهرين توقيف محكوم غاسل أموال اختلسها بقيمة مليون دينار بحث التشغيل التجريبي للباص السريع بين الزرقاء وعمان بلدية إربد تدعو للاستفادة من الخصم التشجيعي على المسقفات القوات المسلحة الأردنية تنفذ 6 إنزالات جديدة لمساعدات على شمال غزة بمشاركة دولية الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال للمستوطنين المتطرفين باقتحام الاقصى المملكة على موعد مع حالة ماطرة استثنائية تستمر 10 أيام أكثر من 34.3 ألفا حصيلة الشهداء في غزة منذ بدء العدوان 18 إصابة بحادث تصادم في الموجب
بحث
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024


فؤاد البطاينة يكتب : دولة الأمة التي نفتقدها

بقلم : فؤاد البطاينه
17-02-2018 11:51 PM


لعل ما تعانيه الدول العربية وشعوبها من الفشل ومخاطر التشظي والانحلال يعود الى أنها لم تُمكَن ولم تتمكن أي منها من اقامة الدولة الوطنية المعاصرة القابلة للصمود والتقدم .
فقد حرص الاستعمار لدى تشكيلها في القرن العشرين على استهداف شعوبها من خلال استهداف مفهوم العدالة الاجتماعية .مستعينا بتحريم الديمقراطية وتشجيع الدكتاتورية والفساد بأنواعه ، وبتكريس سياسة الهويات الفرعية بعيدا عن الوطنية ، وسياسة الافقار والخلط ما بين مفهومي العدالة والمساواة على حساب العدالة وتحويل شعوب دولنا الى طبقتين ثرية وفقيرة بعلاقة استغلالية واستعبادية قوامها تحالف رأس المال والسلطة .
إن من أهم دعائم الدولة الوطنية الحديثة National State هو مفهوم العدالة الاجتماعيه . حيث أن مثل هذه الدولة تقوم على مفهوم الأمة الذي يجعل من كل مواطن فيها يشعر بأن هذه الدولة هي دولته ويستطيع تحقيق ذاته بها وفيها . وبأنها هي التي تحقق مصالحه وحقوقه ومتطلباته الى جانب حمايته وحماية كرامته الانسانية على الوجه الأكمل. وتصبح هذه الدولة هي هويته التي يتمسك دون غيرها من هويات فرعية يلتجئ اليها بمعزل عن الدولة والقانون . ومن هنا يتشكل انتماء الفرد الحقيقي الى هذه الدولة.
فالعدالة الاجتماعية هي الهدف الأسمى الذي سعت اليه الرسالات السماوية والوضعية والمصلحون ، كما أنها سيرة كفاح الشعوب عبر التاريخ .إنه مفهوم مرتبط بأهم مكونات الدولة وهو ،،الشعب ،، حيث إننا عندما نتكلم عن عدم تحقق العدالة الاجتماعية فإنما نتكلم عن تمييز وفوارق اقتصادية وادارية واجتماعية وقانونية وعن فساد وهضم حقوق وما لذلك من انعكاسات مدمرة . فالدولة التي تفتقد الى العدالة الاجتماعية لا يمكن أن يشكل شعبها أمة واحدة أو شعبا واحدا .فهي الى فشل وسقوط باركانها الثلاثة .لأن هذا الفشل ينعكس على علاقة وارتباط ركني الشعب والسلطة بالركن الثالث سلبا وهو الارض او الوطن.
ولو تابع الواحد منا سيرة العرب في العهد الجاهلي والانحطاط الذي كانوا يعيشونه ، لعرف بأن الاسلام نهض بالعرب من خلال مفهوم العدالة الاجتماعية الذي لم يكن جزءا من الثقافة العربية ، ولذلك أسبابه الاقتصادية والثقافية والبيئية ، بل جزءا من الثقافة الاسلامية التي مثلت حربا على التفرقة بكل أشكالها ومحلاتها ، ووسعت هذا المفهوم ليشمل كل النوع البشري . في حين كان مفهوم العدالة الاجتماعية جزءا من ثقافة الشعوب الاوروبية لذات الأسباب وشكل المقوم الاساسي لنجاح المصلحين في مهمتهم والتطور نحو الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، والمساواة المحققة لمفهومها المرتبط بالعداله.
ومن هنا غُيب وغاب عن بلادنا مفهوم الدولة الحديثة وفلسفة وجودها لا سيما في الاردن كدولة مستهدفة مباشرة بكيانها السياسي ، وبهوية سكانها الوطنية سواء كانوا من غرب النهر او شرقه أومن أصول ومنابت أخرى . وأصبح المواطنون عاجزين عن الاندماج في الدولة لافتقادهم للمواطنية واعتباراتهم القانونية ، أما بطاقاتهم الشخصية فليست اكثر من بطاقة احصائية وأمنية ، فلجأوا الى تعريف أنفسهم بقبائلهم أومناطقهم او بأية هوية فرعية أخرى تؤمن لهم الحماية وتحقيق مصالحهم . وأصبحوا كمحميين بهوياتهم الفرعية مضطرين إذا انتفضوا على فقرهم وتعاستهم ، أن ينتفضوا على الحكومات ويتناسوا المعنيين من ابناء منطقتهم أو قبيلتهم الذين يشكلون جزءا أساسيا من الحكومات والبطانات وفسادها على حساب مكتسبات مناطقهم وحقوق مواطنيها.
يواجه الاردنيون مشهدين ضاغطين هما في الواقع تراكميين من واقع سياسة الدولة ، الاول سياسي والاخر اقتصادي . اما المشهد السياسي والقائم على نتائج متوقعة على مستقبل هوية الوطن والمواطن نتيجة دخولنا في مرحلة فرض الحلول على صعيد القضية الفلسطينية والمنطقة ، فلا يتعامل معه الشارع الاردني بنفس حدية تعامله مع المشهد الاقتصادي ، كما لا تتعامل معه التجمعات العشائرية في مدنها او بلداتها . بل تضطلع به بعض النخب السياسية والنقابية دون تأثير او تجاوب من الدولة ومؤسساتها المختصة .إذ ليس لهذه النخب آلية سياسية ضاغطة ، ولذلك فهي لا تغير خطابها او تطوره.
في حين أن المشهد الاقتصادي الضاغط على معيشة المواطنين من خلال تزايد البطالة وضعف القطاع الخاص والهجمات الضريبية غير الراشدة واخرها رفع الدعم المزعوم عن الخبز ، فالطبقة الشعبية الأوسع هي الأكثر اهتماما واستعدادا للاضطلاع بمواجهته والمُعَول عليها . وهذه الطبقة الشعبية يتركز ثقلها السكاني وتنوعها في عمان واربد والزرقاء كمدن توسعت وتنوع سكانها واصبحت العشائر فيها تشكل مجرد جيوب. ولمتعد تشكل مجمعات عشائرية محمية كما في المدن الأردنية الأخرى التي حافظت على خصوصيتها العشائرية .الا أن هذه الطبقة الشعبية الكبيرة في تلك المدن تشترك مع المدن الاخرى ذات التجمعات العشائرية في فقدانها الى التعبئة السياسية والتنظيم السياسي الذي يحركها . ولم يحركها يوما الا تنظيم الاخوان المسلمين الذي أحجم عن هذه المهمة في هذه المرحلة تحت وطأة الخوف من شيطنته كما في الدول الأخرى.
ومن هنا يبدو الطريق مسدودا أمام الشعب الاردني للتعبير عن نفسه بطريقة شعبيه اردنية شاملة ضاغطة تمكنه من مواجهة المشهدين السياسي والاقتصادي ، وتحقيق مطالبه . فتنتهي محصلة رفضه لما يُفرض عليه الى مجرد التنفيس في وسائل التواصل الاجتماعي وبضعة اعتصامات في مدن التجمعات العشائرية المحمية من خلال هتافات ساخنة ضد المسئولين يخالطها الحس المناطقي من واقع الرغبة غي تعزيز التضامن والحماية لأنفسهم من بطش الدولة.
وبالملخص ، فإن الدولة الوطنية والتي هي دولة المواطنة التي يشكل شعبها أمة واحدة كصمام أمان لحماية مكونات الدولة وإدامتها وتعزيزها غير موجودة في بلادنا لتاريخه .وبقدر ما يتعلق الأمر بالاردن ، فإن على شعبه مسئولية تشكيل هوية وطنية اردنية جامعة اولا ،تغيب معها المناطقية وكل الهويات الفرعية ويتشكل الحس الوطني الاردني .وهذا لا يتأتى الا بانعتاق الاردنيين من عقال العشائرية والمناطقية بانخراطهم بالعمل السياسي الوطني المنظم لهذه الغاية.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012