أضف إلى المفضلة
الجمعة , 29 آذار/مارس 2024
شريط الاخبار
“أتلانتيك”: لماذا بنيامين نتنياهو أسوأ رئيس وزراء لإسرائيل على الإطلاق؟ خطأ شائع في الاستحمام قد يضر بصحتك لافروف عن سيناريو "بوليتيكو" لعزل روسيا.. "ليحلموا.. ليس في الحلم ضرر" روسيا تستخدم "الفيتو" في مجلس الأمن ضد مشروع قرار أمريكي بشأن كوريا الشمالية الجمعة .. اجواء ربيعية وعدم استقرار جوي ضبط 69 متسولاً بإربد منذ بداية رمضان الخارجية تعزي بضحايا حادث حافلة ركاب في جنوب أفريقيا طلبة أردنيون يقاطعون مسابقة عالمية رفضا للتطبيع الأردن يرحب بقرار العدل الدولية الرامي لاتخاذ تدابير جديدة بحق إسرائيل البنك الدولي يجري تقييمًا لشبكة خطوط تغذية الحافلات سريعة التردد في الأردن العدل الدولية: تدابير تأمر إسرائيل بضمان دخول المساعدات لغزة إلزام بلدية الرصيفة بدفع اكثر من 15 مليون دينار لأحد المستثمرين 120 ألفا أدوا صلاتي العشاء والتراويح بالأقصى مصطفى يشكل الحكومة الفلسطينية الجديدة ويحتفظ بحقيبة الخارجية - اسماء الانتهاء من أعمال توسعة وإعادة تأهيل طريق "وادي تُقبل" في إربد
بحث
الجمعة , 29 آذار/مارس 2024


اللحم لكم والعظم لنا

بقلم : فايز الفايز
18-03-2018 05:51 AM

العنوان ليس له علاقة بالحكومة، أوعلاقة المواطن بحكومته، فغالبية المواطنين لم يعد لهم الحق في الحصول على العظم حتى ، ولكن جملة العنوان هي مقولة تاريخية كان الآباء يقولونها لمدراء المدارس وللمعلمين في العهد القديم، حين كان هناك جيل من الآباء التربويين الذين يدركون تماما معنى وزارة التربية والتعليم، حيث التربية تقدمت على التعليم، ولهذا كانوا يقولون للأساتذة الكرام آنذاك: يا استاذ لك اللحم ولنا العظم، بمعنى أسمح لك بضرب إبني المتنمر لتربيته وتعليمه، وكان الأستاذ حينها قائدا وقدوة وراسما لمستقبل الجيل.

اليوم تكشفت عورات تربيتنا المنزلية في المدارس الخاصة والمشهورة وفي المدارس الحكومية، ففي خلال شهر واحد نرى كيف هي حالة التخلف الذي ضرب البنية التربوية المنزلية قبل المدرسية، حينما يقوم مجموعة من الطلاب بالتشجيع لضرب طالب مراهق وتصويره وإيذائه جسديا ونفسيا، والفاجعة عندما نعرف والدي هذين الطالبين والأكثر عندما نعرف المدرسة العريقة ، والأعنف من هذا عندما يصبح الفيديو هو «الترند» على مواقع التواصل، ثم تنفجر حادثة أخرى يطلق طالب النار على زميل له بمشاركة أهله، ليتبعها حادثة إطلاق نار أخرى في مدرسة حكومية أخرى، ثم حادثة مشاجرة رابعة يقضي فيها طالب بسبب قصور في القلب، فأي مجتمع هذا الذي يظن نفسه غابة للجميع الحق في ضرب الآخر !.

مدرسة أخرى يقوم الطلاب بإقامة «حفل وداع» من طراز وضيع حيث يتسابق الذكور بتسلق أسطح المدرسة ليكتبوا عباراتهم باستخدام عبوات الألوان ويلطخوا جدران مدرستهم التي لا نعرف ماذا تعلموا فيها، وسط تشجيع وتصفيق وصفير الفتيات، يا لهذا الغرام المجنون، فهل هذا هو الجيل الذي ننتظره، وهل هذا هو المستقبل الذي ينتظرنا، وهل ذلك هو الزمن الذي يتربص بنا، هل هذا فعلا هو زمن « الكوفي شوب» الذي تغص به زرافات من المراهقين الصغار كل «ليلة خميس» وأيام العطل وسط غيوم قاتمة من دخان النراجيل، أين العمل التطوعي؟ أين المسجد والكنيسة؟ أين المراكز الثقافية والفنية ؟ أين الأهل والجلسات العائلية التي يتحدث فيها الأب عن زمنه الصعب أو نجاحاته وعن القيم التي يرتكز عليها البناء الحضاري ؟

اليوم تغير الزمن وتغير الجيل وتغير الفكر وتغيرت أنماط الحياة وثقافة المجتمع، والأصل أن نتطور للأفضل لنتماشى مع العصر وخدمات التكنولوجيا لنسابق العالم الذي ننتمي إليه، العالم النامي الذي سبقنا بالتطور العلمي والعملي والمهني وانتشلت حكوماته الإقتصاد المتدهور في بلاد الفقراء ورفعته الى مستوى القيادة العالمية كالهند وماليزيا وتركيا والبرازيل، فيما نحن لا نزال نحاول السيطرة على الإنفلات الأرعن لأبنائنا في البيوت والمدارس والجامعات، ولا زلنا نعالج الأعراض ونخشى الخوض في أسباب المرض الفكري الذي ضرب قلب المجتمع وهم الأطفال والتلاميذ الذين سيقودون مؤسسات الدولة في الزمن القادم.

عندما كان الآباء أميين كانوا يدركون معنى التعليم والعلم، وكم من آباء لم يتعلموا في المدارس والجامعات، استدركوا الحياة واستثمروا في أبنائهم وجاهدوا لتعليم أبنائهم حتى رأينا من أبنائهم شخصيات عظيمة في مراكز القيادة وفي شتى مجالات التعليم والعلوم الطبية والهندسية والثقافية والصناعة والتجارة والزراعة والمهن بعمومها، كل هذا كان قبل زمن المادة ومعايير الثراء غير النافع، حتى رأينا جيلا مائعا يقود صبي سيارة تعادل ثمنها أضعاف كلفة مدرسة ابتدائية في إحدى القرى ، وهو لا يستطيع توفير ثمن وقودها، ثم في النهاية نستسهل شتم النظام والحكومة والمسؤولين، فيما نحن لا نعترف بأننا فشلنا في تربية أبنائنا تربية صالحة، وفشلنا في إدارة بيوتنا وفشلنا بالإرتقاء بمجتمعنا.

لا يلومن أحد وزارة التربية والتعليم، فالجهود التي تبذلها يجب أن تشكر عليها، ولكن لا يستطيع جهاز الأمن العام حماية كل مواطن، بل إختصاصه هو الأمن العام للمجتمع، ولكن التربية والأمن توفرها العائلات لأبنائها، والقاعدة الأولى هي واجب مراقبة الأبناء، وتعليمهم قيم الإحترام والسلوك الأخلاقي السوي وتحمل المسؤولية الفردية وتحفيز
التفكير غير النمطي، وحينها يمكننا تغير هذا السلوك الهمجي بمساعدة قوانين رادعة تحاسب الآباء أيضا، حينها لن نسمع الشتائم القذرة في ملاعب كرة القدم، ونحمي أطفالنا من عنف المدارس التي تتحمل إدارات المدارس مسؤولية ضبطها، وإن بقي الحال كما هو فسنشتاق الى زمن العصا ولكم اللحم ولنا العظم.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012