أضف إلى المفضلة
الجمعة , 19 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
فيتو أميركي يفشل قرارا بمنح فلسطين عضوية الأمم المتحدة الكاملة المندوب الروسشي : كل فيتو أمريكي ضد وقف إطلاق النار في غزة يتسبب بمقتل آلاف الفلسطينيين "مفاعل ديمونا تعرض لإصابة".."معاريف" تقدم رواية جديدة للهجوم الإيراني وتحليلات لصور الأقمار الصناعية الأردن يوسع المستشفى الميداني نابلس/2 كأس آسيا تحت 23 عاما.. الأولمبي يتعثر أمام قطر باللحظات الأخيرة الحكومة تطرح عطاءين لشراء 240 ألف طن قمح وشعير الأمير الحسن من البقعة: لا بديل عن "الأونروا" الصفدي يطالب المجتمع الدولي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية - نص الكلمة العسعس: الحكومة تملك قرارها الاقتصادي القسام: فجرنا عيني نفقين مفخختين بقوات صهيونية بالمغراقة سلطنة عُمان: ارتفاع عدد وفيات المنخفض الجوي إلى 21 بينهم 12 طفلا نقابة الصحفيين تدعو لحضور اجتماع الهيئة العامة غدا الجمعة 30 شاحنة تحمل 100 طن مساعدات تدخل معبر رفح لقطاع غزة مجلس الامن يصوت الليلة على مشروع قرار بشأن عضوية فلسطين بالأمم المتحدة عودة مطار دبي لطاقته الكاملة خلال 24 ساعة
بحث
الجمعة , 19 نيسان/أبريل 2024


عبدالحليم المجالي يكتب عن " التصحر السياسي في الوطن العربي "

بقلم :
18-04-2018 08:35 PM


وجه البكسة من السياسيين العرب ، القمة ، وكبار الدبلوماسية العربية من وزراء خارجية عرب وكبار الحامعة العربية وحشد كبير من الاعلاميين العرب ، اجتمعوا ، فعن ماذا تمخضت اجتماعاتهم ؟ وما الذي جناه المواطنون العرب من تلك الاجتماعات ؟ لاحاجة للبحث والعناء لاستخلاس النتائج ...الامور بينة وواضحة وضوح الشمس ....وادي العرب السياسي غير ذي زرع ...انه التصحر السياسي ....والمواطنون العرب كانوا قبل القمة افضل حالا من بعدها .

سمعت وقرأت عن التصحر السياسي ، لاول مرة ، في الربع الاخير من القرن الماضي ، من مقالات للكاتب الاسلامي فهمي هويدي ،وهذا المصطلح ، يصلح لوصف فكرنا وممارساتنا السياسية وتأثير صحارينا المترامية الاطراف عليها . ممارسات سياسية مفرطة فضفاضة مع فكر محدود ومحدد احيانا بنصوص وادبيات قبلية او دينية .

يكاد يكون مصطلح الانسان سياسي بالطبع ينطبق علينا أكثر من غيرنا بشكل مبالغ فيه ، في المجتمعات الديموقراطية يختار الافراد من بينهم من يمثلهم سياسيا ، يتفرغوا كمختصين للسياسة و ينصرف الباقي لممارسة باقي شؤونهم ، بينما نباشر نحن السياسة بشكل مباشر ومن الجميع افرادا وفي احيان قليلة جدا جماعات . ممارسة السياسة ، لابد لها من فكر يسبقها ، فاذا كان فكرا متنورا حديثا تكون الممارسة رشيدة عصرية ،تميز بين الممكن والمستحيل بناء على تحليل منطقي سليم يعيد نفسه في كل مراحل الحياة وتطوراتها الانسانية .

فكرنا السياسي في الوطن العربي ، وممارساتنا بناءا عليه ، لا ترقى الى الحدود الدنيا من معايير السياسة الرشيدة ، لا ادل عل ذلك من الاخفاقات العربية الكثيرة والمتنوعة على كل الاصعده ، اذا صلح الفكر السياسي يتبعه الفكر الصالح في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والامنية فيستقيم المجتمع ويستوي على ممارسات غنية بالقيم الفكرية والمعيشية وبمخرجات حضارية منافسه لباقي الامم والشعوب .

نعاني في الوطن العربي من الهوس السياسي ، فلو قارنا اهتمام المواطن العربي بالسياسة وممارساتها مع مجالات اخرى كالبحث العلمي والاختراعات والاكتشافات وغيرها من العلوم التطبيقية لتفوقت السياسة عليها ، وجاءت العلوم متأخرة في الاهتمامات العربية . قد يكون التطلع الى الزعامة والصدارة من اهداف هذا الهوس السياسي مشروعا ، كطموحات فردية ، لا علاقة لها بالاحزاب والبرامجية الغائبة عن ساحاتنا السياسية كمظهر من مظاهر التصحر السياسي الذي نحن بصدده . قد يكون من حق كل مواطن ان يطمح الى القيادة والصدارة ولكن ليس من حق الجميع المبالغة في هذا المجال وترك الساحات الاخري كالعلوم والتطبيقات العلمية والعملية .

شاب سعودي شاهدته في برنامج حواري يتعلق بمناهج التعليم وتطويرها بحيث تخدم المجتمعات وتنسجم مخرجات التعليم مع احتياجات تلك المجتمعات ، واقول مؤكدا احتياحات سوق العمل والانتاج ، يقول نحن خمسة اخوة يريدنا الوالد كلنا الخمسة حفظة قرآن وشيوخ افتاء مع العلم اننا نحتاج الى مفت واحد وهناك مجالات في حياتنا العملية نحتاج الى من يسد ثغراتها كمجالات البناء والصناعة والزراعة من المفروض ان نتقاسمها الى جانب الافتاء .

هوس سياسي مفرط ، من دون فكر سياسي عقلاني متزن ، النتيجة المزيد من الشعارات الزائفة البعيدة عن امكانية التحقيق ، جدل سياسي على كل المستويات ، ابتليت به الامة كمظهر من مظاهر سخط الله . مصالح فردية انانية في غياب المصالح العامة ، فوضى عارمة وازمة مصطلحات وغياب اليقين ، التيه السياسي يلف الوطن العربي تماما كما يتيه السائر في صحراء خالية من المعالم البارزة وتشابه تلك المعالم على شحها ان وجدت ، كالرمال المتحركة في مهب الريح ،هي الافكار السياسية الضحلة الشحيحة تمسي في حال وتصبح في حال آخر .

ضمور الفكر السياسي الحديث المتزن ، مدعاة لظهور افكار من نوع آخر قد لا يكون لها علاقة بالسياسة ، او عفا عليها الزمن ، علاقة الدين بالسياسة في ظل القصور عن تمحيص الافكار السياسية وغربلتها ، معضلة امام السياسين في اختيار الشكل المناسب للدولة المرجوة ، بدون ذلك الاختيار يبقى البحث في امور اخرى لا حاجة له ، كمن يضع العربة امام الحصان . يطرح بين فترة واخرى شعارات عن الدولة المدنية التي تميل الاغلبية الى اعتمادها ، من تلك الشعارات التي قد تنسف فكرة الدولة من اساسها ، دولة مدنية بمرجعية اسلامية ، تبقى المرجعية الاسلامية وتذوب فكرة الدولة المدنية عند تفسير تلك المرجعية .

معاينة سريعة للتجاذبات السياسية الحالية تؤكد الانفصام التام بين الفكر السياسي الكوني المعقلن والعصري ومطابخ السياسة في الوطن العربي ، يذهب بعض فقهاء السياسة المقارنة اننا ما زلنا كعرب نبحث عن اجابة لسؤال طرح قبل اربعة عشر قرنا في سقيفة بني ساعده حول الاحقية بالخلافة وما زلنا اسرى لمفاهيم مقالات الملل والنحل القديمة وتأثير ذلك على مفاهمينا السياسية وربطها بواقعنا المعاش وحاجاته . مازلنا نفرض على الدارسين من ابنائنا في مسارات العلوم السياسية ، وما اكثرهم وتعدد مدارسهم وجامعاتهم في الداخل والخارج ، افكار ومفاهيم لا علاقة لها بمفردات علم السياسة الحديث كالمواطنة وحقوق الانسان والفصل بين السلطات وتداولها ونلزمهم بافكار ليس للنهج العلمي علاقة بها ، افكار محكومة بالتدخل السافر من قبل اشخاص بشؤون الغير من غير دراية واختصاص والوصاية على عقول الاخرين وابداعاتهم وافتعال اسباب التخوين والتكفير لكل من خالفهم .
الدارسون للسياسة كالاكاديميين و المهتمين بها والحافظين في مكتباتهم لمراجعها لابد لهم من التعرف على بواكير الافكار السياسية كالمواطنه كما صاغها – ارسطو- المعلم الاول في كتابه السياسة والاستفادة من ترجمته الحديثه .هذه الافكار تستبعد ويستعاظ عنها بافكار قد كانت لزمن غير زمننا ولدول غير دولنا .

بدايات الالتحام العربي بالافكار السياسية الكونية والاستفادة من التجارب في هذا المجال كانت مع اجيال التنوير العربي ، في بداية حقبتنا التاريخية الحالية ، منذ انسلاخ وطننا العربي عن العثمانيين وظهور بوادر عصر عالمي سياسي جديد . الجيل الاول جيل الطهطاوي – معرب روح الشرائع لمونتسكيو – والجيل الثاني جيل احمد لطفي السيد – معرب السياسة لارسطو ، واصحابهم من تنويريين كمحمد عبده وجمال الدين الافغاني واجيالهم . جاء من ينسف جهود تلك الاجيال بحجة التغريب وتتلمذهم على مدارس الغرب وتأثرهم بها والخوف على المسلمين منها . لم يكن البديل الذي طرحوه اعداء التغريب مناسبا ، وبدلا من مراعاة العولمة والكونية انكفأ رموز – الناسفين – على حصوصياتنا القديمة ، بحجة تقديسها ظهر الانفصام بين ما نحتاجه وما نتعلمه من افكار عصرية وبين ما نمارسه على ارض الواقع من افكار لا تخدم نهضتنا وتقدمنا الذي ننادي به ونسعى اليه . من مظاهر ذلك الانفصام اسقاط ولاية الفقيه عل حكم مدني حديث بشكل يخلط المفاهيم ويمسخها .

في مجال السياسة ، وفي كل المجالات ، لابد من ربط الممارسات بالفكر والتفكير ، وربط السياسة وضمن حدود واقعية متفق عليها ، بغيرها من مجالات الحياة المعيشية الاخرى بحيث لا يطغى جانب على جانب . لابد من الاستدامة في هذا الفكر العصري المطلوب وتجديده بين فترة واخرى ، ومراعاة عوامل التقدم الانساني وتطوير مفاهيمة ، ومراعاة اعطاء الخبز لخبازه وتفعيل الاختصاص وقطع الطريق على دعاة الجمود والتقليد والتلقين وتقديس الخصوصيات الذين جاوزوا حدود ما يعنيهم ، والا ....نبقى في صحرائنا السياسية من جدب وقحط وواد غير ذي زرع ...!!!

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012