إيران تتوعَّد باستئنافِ تَخصيب اليورانيوم فًور انسحابِ ترامب من الاتّفاق النَّوويّ

الخميس , 18 نيسان/أبريل 2024

إيران تتوعَّد باستئنافِ تَخصيب اليورانيوم فًور انسحابِ ترامب من الاتّفاق النَّوويّ

26-04-2018 09:57 PM
كل الاردن -

-كشف إيمانويل ماكرون، رئيس فرنسا، عن تَوصُّلِه إلى “تفاهُمٍ” مع نَظيرهِ الأمريكيّ دونالد ترامب الذي التقاهُ في واشنطن يَقضي بِضَرورة التَّوصُّل إلى اتّفاقٍ نوويٍّ مع إيران على أنقاضِ الاتّفاق الحاليّ يَتضمَّن ثلاثة عَناصِر: الأول برنامج طِهران الصَّاروخي الباليستي، والثَّاني: النُّفوذ الإيراني في الشَّرق الأوسَط، والثَّالث: ما سَيحصُل من خَطواتٍ بعد انتهاء الاتّفاق الحاليّ عام 2025.
هذهِ التَّصريحات التي جَعلت من ماكرون الحَليف الأوثَق لواشنطن مُتقدِّمًا على بِريطانيا التي احتلَّت هذهِ المَرتبة لعُقود، أثارَت رُدودَ فِعلٍ غاضِبة ليس في إيران وروسيا فقط، وإنّما في دُوَل الاتّحاد الأوروبي التي تَخشَى مِن اندلاعِ حَربٍ تكون هِي من أكثَر المُتضرِّرين مِنها لقُربِها من مِنطَقة الشَّرق الأوسَط.
السيّدة فردريكا مورغيني وزيرة خارجيّة الاتّحاد الأوروبي قالت أنّ الاتّفاق مع إيران يَعمل بِشَكلٍ جيّد ويَجِب التَّمسُّك بِه، أمّا المُتحدِّث باسم السيّدة تيريزا ماي، رئيسة وزراء بِريطانيا، فقال أنّ هذا الاتّفاق يَجِب الحِفاظ عليه لأنّه جاءَ نتيجة عَمَلٍ دِبلوماسيٍّ استمرَّ 13 عامًا، بينما أكّد ديمتري بيسكوف المُتحدِّث باسم الكرملين، “أنّه لا بَديل عن هذا الاتّفاق النَّووي”.
القِيادة الإيرانيّة في المُقابِل استخدمت لُغَة التَّهديد والوَعيد، وقالت على لِسان الجِنرال علي شمخاني، أمين عام المَجلس الأعلى للأمن القَومي “أنّ إيران سوف تستأنِف عَمَلَ مُنشآتِها النَّوويّة فَور انسحابِ الولايات المتحدة من الاتّفاق”، وهذا يَعني العَودة لتَخصيب اليورانيوم بمُعدَّلاتٍ عالِية، ومن يَلومُه على ذلِك؟
الرئيس ترامب وحَليفه الجديد ماكرون يُريدان تفجير حَربٍ عالميّة ثالِثة انطلاقًا من الاتّفاق النَّووي، واستفزاز السُّلطات الإيرانيّة على وَجه الخُصوص، فحتّى لو اتّخذت هذهِ السُّلطات مَواقِف مَرِنَة، وقَرَّرت التَّفاوُض لإدخال بَعض التَّعديلات تَجَنُّبًا للحَرب، وهذا ما نَستبعِده، فإنّ الاتّفاق الجديد الذي يَقتَرِحه ماكرون يَتضمًّن شُروطًا تعجيزيّةً مُهينَةً تَمُس السِّيادة والكَرامة الوَطنيّة الإيرانيّة، أي لا مَكان للمُرونة والاعتدال في هذهِ الحالة.
نَجزِم في هذهِ الصَّحيفة “رأي اليوم” أنّ إيران لن تَرضَخ لهَذهِ الشُّروط، وتتخلَّى عن تَجارُبِها الصَّاروخيّة الباليستيّة، ووَقْف التَّخصيب بعد انتهاء الاتّفاق عام 2025، والتَّقوقُع داخِل حُدودِها، لأنّها تَعلَّمت من تَجرِبة الجار العِراقي الأقرَب، واللِّيبي الأبعد، وما جَرى من غَزو واحتلال، فَوْرَ تَخلِّيهِما عن قُدراتِهما العَسكريّة الدِّفاعيّة، والاستسلام للشُّروط الأمريكيّة اللامَحدود.
التَّعديلات التي يُريد ماكرون وترامب إدخالها على الاتّفاق النَّووي ليست مَطالِب أوروبيّة وادأمريكيّة، وإنّما إملاءات إسرائيليّة بالدَّرجةِ الأولى، وهذا يَتَّضِح مِن خلال تَمسُّك الاتّحاد الأوروبي، ودُوَلِه الرَّئيسيّة الكُبرى بالاتّفاق في صِيغَته الحاليّة دُونَ أيِّ تَغييرٍ.
تصريحات الجِنرال شمخاني، الرَّجل القَويّ في إيران يَجِب أن تُؤخَذ في عَين الاعتبار لأنّ هذا الرَّجُل، ومِن خِلال مَجلِسِه، يُقَرِّر الاستراتيجيّات الأمنيّة والعَسكريّة للدَّولة الإيرانيّة، ويَضَع خُطَط الحَرب والسَّلام، بِحُكم صلاحيّاتِه الوَظيفيّة وقُربِه من المُرشِد الأعلى للسيّد علي خامنئي وثِقَة الأخير بِه وزُملائِه.
الدَّعم الرُّوسي للمَوقِف الإيراني سيَزيده صَلابةً وتَحدِّيًا، خاصَّةً أنّه يَتطابَق مع المَوقِف الصِّيني في هذا المِضمار، ومن غَير المُستَبعد أن تَحذو القِيادة الإيرانيّة حَذو حليفَتها الكُوريّة الشَّماليّة، أي العَودة إلى التَّخصيب والتَّجارِب النَّوويّة والصَّاروخيّة الباليستيّة بِقُوَّةٍ وسُرعَة لتَحقيق الرَّدع المَطلوب، بعد أن اكتشفت الادِّعاءات الكاذِبَة الأمريكيّة، ونَقض الحُكومة الأمريكيّة للمُعاهَدات.
الرئيس ترامب لم يَرضَخ لمَطالِب كوريا الشَّماليّة ويُبدِي استعداده للحِوار إلا بَعد أن أدرك حَجم القُدرات الدِّفاعيّة النَّوويّة والصَّاروخيّة التي نَجحت في تَطويرها باقتِدار، وباتَت مَصدر تَهديدٍ جِدِّيٍّ لأمريكا وعُمقِها الجُغرافيّ، وكذلك لحُلفائِها في المِنطقة، ولو كانت إيران تَملُك القُدرات نَفسها لما تَجَبَّر ترامب وتَكبَّر، وأطلقَ تَهديداتِه الجَوفاء هذهِ، وبَيَّتَ النِّيّة للانسحاب مِن الاتّفاق النَّووي.
إيران تَملُك أوراق قُوَّة، مِثلما تَملُك حُلفاء وأذرُعَة عَسكريّة، وتنتمي إلى مِحور يَقِف في الخَندق المُقابِل لأمريكا، ولعَلَّ تصريحات الجِنرال شمخاني التي أطلقها اليوم في اجتماع سوتشي الأمني وقال فيها “إنّ إدراج الولايات المتحدة للصِّين وروسيا على قائِمة التَّهديدات الأمنيّة الأمريكيّة يَستدعي اتِّخاذ استراتيجيّة مُشتَركة ضِدها”، تُسلِّط الأضواء على الحِلف الدَّولي الجَديد الذي يَتبلوَر بِسُرعة.
أجواءُ المِنطَقة أقرَب إلى أجواءِ الحَرب، وهِي حَربٌ تُريدها إسرائيل القَلِقة، وتُحَرِّض لإشعالِ فَتيلِها، وتَوريط الآخرين فيها، ولكنَّها سَتكون أكبر المُتَضَرِّرين في نِهاية المَطاف.
“رأي اليوم”