لكل فعل رد فعل ...والميكانيكيا العربية .. بقلم : عبدالحليم المجالي

السبت , 20 نيسان/أبريل 2024

لكل فعل رد فعل ...والميكانيكيا العربية .. بقلم : عبدالحليم المجالي

بقلم :
06-05-2018 02:51 PM

لكل فعل رد فعل مساو له بالمقدار ومعاكس له بالاتجاه ...نص القانون الثالث من قوانين نيوتن للحركة في الميكانيكا التقليدية ، القوى تنشأ دائما بشكل مزدوج حيث يكون لكل فعل رد فعل ، واذا اعتبرنا احدى القوتين فعلا فالقوة الاخرى رد فعل . قانون في الميكا نيكا ولكن يمكن اسقاطه على افعال البشر الاجتماعية والسياسية والتي تحمل في طياتها الافعال والردود عليها ، وفي هذا السياق هناك من يعتبر ان معظم افعال البشر هي افعال وردود افعال.

الفعل الاول الذي من الممكن الانطلاق منه ، والبناءعليه ، في حقبتنا التاريخية العربية الحالية ، هو سقوط الامبراطورية العثمانية ، وانسلاخ الوطن العربي عنها ضعيفا مشتتا ، ينتظر من يضع له برنامجا لمستقبله ، وهذا ما قام به الغرب الاستعماري المتوحش المنتصر ، في الحرب العالمية الاولى ، اسوأ الحروب على العالم من حيث النتائج وما تبعها من اتفاقيات دولية جائرة ، اذ وضعوا الوطن العربي ، وامته العربية على طاولة البحث ، وجمعوا الخبراء من كل اختصاص في السياسة والدفاع والاقتصاد والاجتماع ، قرروا ان يبقى ، ذلك الوطن ، ضعيفا مشتتا تحت السيطرة ومقسم الاجزاء بحدود وهمية وبزرع الكيان الصهيوني بين عرب اسيا وعرب افريقيا . توالت ردود الافعال والافعال واتخذت اشكالا متعدده ، يمكن القول ، ان الامة العربية على اختلال موازين القوى لصالح الغرب المنتصر , وعلى رأي احد المصريين – كعبلت – كل المشاريع الغربية وابقتها ملفات مفتوحة لم يقر لها قرار ، لكن عدم الاستقرار السياسي للوطن العربي وعدم تمتعه بخيراته وتعثر مشاريعه الاقتصادية ابقته منهكا لم يستقر له قراروفي حالة مخاض سياسي .
الفعل الاول كان امميا قامت به امم ، رد الفعل حسب القانون يجب أن يكون على مستوى الامة العربية مجتمعة، وما يمكن جمعه من امم حولها في سياق لعبة الامم ، ولا بد ان تحقق مبدأ الامة – الدولة . لامكان للكيانات الهزيلة ولا للاحزاب الضيقة والتيارات المشتتة والاراء الفردية التي لايتناسب فعلها مع ما هو مطلوب وتنسجم مع معطيات الفعل ذاته .
التدخل الاجنبي الغربي بالشأن العربي اساس الفعل الذي تم بكل وقاحة واسس لتدخلات لاحقة مازالت تحكم العلاقات الغربية بالوطن العربي . مصادرة حق تقرير المصير للامة العربية بعد انسلاخها عن العثمانيين اسس لسلب الارادة العربية في رد الفعل المناسب على العرب .منع الامة العربية من تحقيق احلامها بالوحدة والنهضة كان العنوان الرئيسي للفعل الاول ، فلا غرابة ان تكون الوحدة العربية , الهدف الاول لمجابهة اهداف الفعل الغربي ، وتهيئة كل الاسباب لتحقيقها والنضال من اجلها.
قرر الغرب وارضاء للصهيونية العالمية ومشروعها اقامة الوطن القومي لليهود في فلسطين وزرع الكيان الصهيوني في قلب الوطن العربي كقوة عازلة بين عرب افريقيا واسيا، رد الفعل العربي كان وما زال خجولا على ذلك ينتظر من يرفع مستواه بشكل يوازن بين الفعل والرد عليه . عدة عناوين تفرعت عن عنوان ابقاء العرب ضغفاء ومنع وحدتهم اهمها رسم الحدود الوهمية لكيانات عربية هزيلة ، تلك الحدود اللعينة عنوان تمزق الوطن العربي جغرافيا وتاريخيا ومعنويا ولا معنى لمحاولات الوحدة العربية الا بوضع التصورات لمواجهة تلك الحدود ، والحرص على ان لا تكون حدودأ سياسية مكلفة ماديا لحفظها ومعرقلة لكل اتصال وحدوي ، وقد يكون مقبولا القبول بها كحدود داخلية ادارية كما في كل الولايات المتحده عالميا . الاحتلال لاجزاء كبيرة من الوطن العربي افعال لا بد من الاصرار على تحريرها وحماية ما تبقى من الوطن بتشكيل جيش عربي موحد ووضع الاطر التنظيمية والمرجعية له ليبقى قوة منظمة لكل عمل عسكري على الارض العربية . الفوضى الخلاقة وتقسيمات الشرق الاؤسط بين الجديد والكبير تدخل سافر في المنطقة وتنفيذ فكر تقسيم المقسم وخلق اجواء الشكوك وعدم اليقين ، كل ذلك ساهم في تخريب الوعي عند المواطن العربي الذي بات بحاجة الى بناء شخصيته الواعية والانطلاق من هوية عربية موحدة وقيادة عربية واعية تتعامل مع الامور بالحقائق والشفافية .
الاحتلال وما فرضه من حروب متلاحقة في الصراع العربي الاسرائيلي وحسب الرغبة الصهيونية ابتداء وانهاء .الحرب العربية الصهيونية الاولى بدأت عربية وبمشاركة شعبية الى جانب جيوش الكيانات العربية المستقلة أنذاك ومعظمها من مخلفات سايكس بيكو . استمر التحكم في تلك الحروب الى ان تم اختزالها الى حروب فصائل عربية في مواجهة الصهيونية . حتى المفاوضات كانت تدار عربيا بشكل جماعي الى ان تم عقد مؤتمر السلام المزعوم في مدريد عام 1991 وبرغبة صهيونية تم فصل الوفود العربية المفاوضة ليفاوض كل طرف عربي منفصلا وفي ذلك اضعاف للمواقف العربية المفاوضة وفتح الثغرات للتدخل السافر الغربي تقوية للموقف الصهيوني وبعد ذلك المؤتمر ظهر الى العلن التنازلات العربية المتسارعه وتكللت باتفاقيات استسلام مذلة . كل تلك الافعال لا يساويها في المقدار الا مواجهة عربية موحدة .
في اللحطة العربية الراهنة وصلت الامور الى اقصى ابعادها الكارثية وتكشفت لكل ذي بصر وبصيرة وجوه داعمي الصهيونية وانتقالهم من المؤامرات والتخطيط سرا الى العلن . الحدود العربية العربية التي اصبحت مصدرا للقلق العربي ومستنزفة للطاقات العربة المادية والمعنوية بات من الضروري وضع الحلول لها . في الاردن مثلا سمعت من ضابط عامل في الجيش العربي يعبر عن الحقيقة بقوله حدودنا شرقا وشمالا وجنوبا ملتهبة وغربا مستقرة وهادئة . الاعتراف الامريكي بالقدس عاصمة لاسرائيل ونقل السفارة الامريكية اليها وازدياد وتيرة الابتزاز الامريكي للعرب وسلب نقودهم وتمادي رئيس امريكا باحتقار العرب واذلالهم الى حد معايرة زعمائهم انهم لولا الدعم الامريكي لما صمدوا اسبوعا ، القوة الامريكية الداعمة للصهيونية تتعاظم من خلال اعطاء التسهيلات العربية والتي لولاها لما استطاع الامريكان التاثير الميداني في اي جبهة يفتحونها ، كل ذلك وبما ذكرته وبما لم يستطع المجال ذكره لا يواجه كرد فعل مناسب الا بمشروع وطني عربي وحدوي نهضوي ينطلق من القاعدة بارادة شعبية ضاغطة على السياسين العرب ، ونزع ارادة سياسية بالوحدة منهم والعودة الى ادارة الصراعات عربيا بشكل موحد .
الاستفراد بغزة اليوم من قبل القوى المعادية ، وسفك دماء ابنائها وكأنه ليس دما عربيا مسفوحا في ظل الانقسامات الفلسطينية الفلسطينية والعربية العربية ، هو آخر مظاهر الخيبات العربية وتعنت الصهاينة والتمادي في غطرستهم وحصارهم لغزة . للاسف الشديد العرب يتلاومون ويبحون عن اسباب خيباتهم وتوزيع الاتهامات هنا وهناك ، دون مواجهة الحالة وبحثها بعمق وتحديد المسؤليات ووضع النقاط على الحروف ووضع التصورات لتجاوز اي خلافات عربية عربية من اجل مصلحة الوطن عامة بعيدا عن التحزبات والتيارات والاصطفافات العربية .
المواجهات التقلدية اصبحت عبثية ، بتوثيق من الواقع ، هي في معظمها شطحات وترف فكري لا طائل تحته ولا يمكن القبول به رد فعل مناسب ومطلوب ...عربيا ....