أضف إلى المفضلة
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
بحث
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024


العرب المسلمون بدون جماعات اسلامية ..بقلم عبدالحليم المجالي

بقلم :
17-05-2018 02:18 PM


يشكل العرب المسلمون الغالبية الكاسحة في المكونات البشرية للامة العربية ، فهي بامتياز امة عربية مسلمة ، لا يجوز فيها الفصل بين العروبة والاسلام . تعطيهم هذه الاغلبية القدرة على التأثير في المجتمع العربي سلبا وايجابا ، ويمكن القول ان لهم الاثر الاكبر فيما وصلت اليه الامة من احوال . ساتناول الجماعات والتنظيمات والتبارات الاسلامية من حيث حاجة الامة اليها وما انتجته في الامة العربية من احوال شاهدة عليهم ، بعيدا عن تفاصيل نشأتها ومسيرتها الا ما يخدم الغاية من هذا المقال .
انطلق من فكر مؤرخ عربي مسلم ، من رموز الحضارة العربية الاسلامية ، ابن خلدون وفلسفته الشمولية بالتاريخ وحركته حيث يركز على الامتداد الزماني والمكاني في دراسة التاريخ ، كما ويركز على علم الاجتماع السكاني والتوجهات الحضارية لتلك المجتمعات وان التاريخ يسجل نتاج مجتمعات ترتبط بمكان محدد وهو ما يعرف اليوم بالوطن ، الارض ، وهو من مكونات الدولة في الامم الدولة ، نشعر نحن العرب بغياب هذا المفهوم – الامة الدولة وحاجتنا الى من يجسد هذا المفهوم فكرا وواقعا ملموسا ، السؤال هل تمكنت الجماعات الاسلامية وتياراتها تحقيقه ؟ ام ان معظمها قد نسف الفكرة من اساسها والغى البعد الجغرافي في المواطنه ووضع محله البعد الديني .
يشكل عام 1928 من القرن الماضي ، منعطفا تاريخيا في تاريخ الجماعات الاسلامية ، اذ تم اعلان تاسيس (الاخوان المسلمون) ، كما اسلفت لن ادخل في جدل تقييم الجماعة ولكنني اسجل رأيي في حاجة المجتمع الى مثل تلك الجماعة ، وهل ساهمت الجماعة في تقدم المجتمع ؟ وهل خدمت الدين الاسلامي والعروبة ركني الامة العربية الاسلامية ؟ قبل تشكيل الجماعة نبحث في تاريخنا العربي عن كيفية توظيف الدين الاسلامي في المجتمع العربي الاسلامي ، لنجد انه لم يكن هناك جماعات منظمة بشكل هيكلي وكوادر وقيادات وفكر خاص يتمايز عن فكر سائر الامة . يروي لنا التاريخ ان الاسلام كان حاضرا في كل نشاطات الامة السياسية والاجتماعية والعسكرية ، برزت اسماء عربية مسلمة كرمز للجهاد والتضحية والدعوة لاسلام الفطرة غير المنظم في جماعات . عمر المختار الذي يرجع بنسبه الى قريش قاد ثورة ضد المستعمر الايطالي وجاهد واعدم وهو فوق السبعين ، اهم ما يتعلق بتلك الشخصية العربية ان الامة اتفقت على تقديره ولم يختلف اثنان عليه . مثل عمر المختار وسيرته وفكره الكثير وفي كل انحاء الوطن العربي كالقسام وكل الذين تطوعوا بنية الجهاد في الثورات الفلسطينية منذ ثورة 1936 من دون الانتساب لجماعة او جزب .
من عادتي ان ارجع الى ما يتوفر لدي من مصادر استعين بها في ما اكتب ، في هذا الموضوع وجدت باكثر من مصدر وفيما يتعلق بالاخوان المسلمين اكبر الجماعات الاسلامية ما يلقي الضوء على تاسيس الجماعة بداية وانشقاق العشرات عنها ونقدهم للجماعة . السمع والطاعة لامراء الجماعة وحدهم والقسم على ذلك على المسدس والمصحف من ابرز سمات الجماعة . الجماعة فكريا بدأت باللون الواحد من الاطياف السياسية والاجتماعية وتبنت ذلك على طول مشوارها . الانطوائية على الذات ورفض الانفتاح على الاخر سمة اخرى ظهرت ملامحها في تجربة وصول الاخوان الى سدة الحكم في جمهورية مصر العربية . الرئيس مرسي اظهر انصياعه لقادة الجماعة ذات الطيف الواحد مما افقده تأييد الاطياف الاخرى في مصر الغنية بالتنوع السياسي والثقافي والفني ، ظهر ذلك جليا في تبنية لمؤتمر حاشد في القاهره حظره المئات من قيادة الاخوان واعلانه عن قطع العلاقات مع سوريا واعلان الجهاد ضد نظامها ، دون مراعاة لشعور من يخالفه في ذلك . يدعي البعض ان الشعب المصري لم يعط الاخوان فرصة لاثبات جدارتهم وهناك من يعاكس هذا الرأي وان الرئيس الاخواني لم يعط الشعب المصري الفرصة لاستيعاب فكره وتسرع في التعامل مع اذرع الدولة العميقة في مصر من احزاب حكمت لفترات طويلة وسياسين وادباء وفنيين تصدروا المشهد في مصر ، لجوء الرئيس الى العمل على التغيير بشكل مفاجئ وسريع عجل في مغادرته لسدة الحكم وانقسام الشعب المصري بين رابعة وميدان التحرير ولا يزال الانقسام واضحا .
تنظيمان عالميان من صنع الاخوان ، الاتحاد العالمي للاخوان المسلمين ، الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ، ماذا انتجا للمسلمين العرب ؟ وما هي امكانياتهما لعمل شيء مفيد ؟ والسؤال الاهم هل يشعر المسلمون العرب بوجودهما ؟ كمواطن عربي مسلم اعرف عن التنظيم الاول من خلال البحث في الانترنت ، واعرف انه يدار من شقة في لندن ، واسأل هل رتب العرب المسلمون بيتهم في وطنهم العربي الذي وهبهم اياه الله وجعل منه زينة الاوطان وجعله مهبط الرسالات ومنشأ الحضارات ؟ اليس من باب اولى قبل البحث عن العالمية ان ننطلق من الوطنية ؟ قبل ذلك ماذا جنى المسلمون العرب من المليارات التي ضخوها في افغانستان والارواح التي ازهقت هناك ؟ هل رجعوا بخفي حنين ؟ ليتهم رجعوا بها فهي لا تضر ولا تنفع ، لكنهم رجعوا بالقاعدة والارهاب ، والافغان العرب ، وقيام التحالفات الدولية لمحاربة الارهاب دون تعريفه وتحديده وبحجة مكافحته كم من الارواح العربية الاسلامية ازهقت ؟ وكم من مقدرات الامة دمرت ؟
فشل امراء الامة العربية الاسلامية وعلماؤها العرب المسلمون الحاليون في تحقيق علاقة عضوية بين افراد الامة وبدلا من ذلك زادوا الامة تشرذما وانقساما وشرذموا التاريخ والجغرافيا للوطن العربي ، لم يقرأوا التاريخ الذي يسجل منتجات المجتمعات المتماسكة . في وطننا العربي ثلاث روابط لو احسنا توظيفها لجعلنا من امتنا كتلة بشرية رائدة في كل المجالات :الاسلام والعروبة والمواطنة ، فمن لا يسعه الاسلام تسعه العروبة ، العكس صحيح ، ومن لاتسعه العروبة والاسلام تسعه المواطنة العربية .
الامراء ، يعكس احوالهم ابواقهم الاعلامية ، الجزيرة تنعق فترد عليها العربية بنفس النعيق وبانكر الاصوات ، الحدود العربية العربية ملتهبة والحدود مع الصهاينة هادئة ، العلاقات مقطوعة بين الكثير من الكيانات العربية وسوريا وآخرها قطع العلاقات بين المغرب والجزائر ، الحدود العربية من خلالها يتم تبادل القذائف، الحكام العرب بدلوا لغة الضاد برطانة امريكية صهيونية ...عن مظاهر الفشل حدث ولا حرج .
العلماء ، مزقوا الامة مذهبيا وطائفيا ، وفرقوا الدين شيعا ، بين داعش والنصرة والقاعدة ، وجيوش برداء اسلامي تقتل وتدمر بلا جدود ، المجال لا يتسع لشراذم الامة اسلاميا فهي لا تعد ولا تحصى ولا يعرف كيف قامت وعلى اي اساس لان علمها عند الله وصناعها من اعداء الامة .
اخترت جماعة الاخوان المسلمين لانها اكثر الجماعات تأثيرا في المجتمعات العربية الاسلامية واكثرها شخصيات مثيرة للجدل، من سيد قطب وابو الاعلى المودودي وعبدالله عزام والقرضاوي .، وتعدد مصطلحاتهم كالحاكمية وجاهلية القرن العشرين ، وهي الوحيدة التي وصلت الى سدة الحكم في اكبر بلد عربي ولم تصمد ، في تجربة فريدة جديرة بالدراسة والتحليل . كما انها اكثر الجماعات مراجعة لمسيرتها ونقدها لذاتها وانشقاق الكثير من افرادها فهم بالعشرات ، وتفرع عنها الكثير من الجماعات لم تخرج من عباءتها . الاخوان المسلمون يستطيعون التخلص من الكثير من الخصومات العربية الاسلامية فلديهم خصوم من اكثر من جهة .
سؤال ؟ هل نحن بحاجة الى تيارات اسلامية في مجتمع غالبيته مسلمة ؟ هل نحن بجاجة الى تيار قومي عربي في مجتمع غالبيته عرب ؟من وجهة نظري ، لا ، فتلك التيارات اذا اسست احزابا لن تكون لصالح اجتماع الامة ، وقد يكون في منع قيام الاحزاب على اسس دينية صائبا. ليت الجميع يراجع نفسه امراء وعلماء وتيارات يسار ويمين وليتنا نعود الى الزمن الخالي من الا حزاب الدينية والجماعات المتمايزة عن سائر الامة ، زمن المختار والطهطاوي ومشايخنا المحليين الذين خدموا مجتمعهم دون تفرقة او تمييز . ليتنا نعود الى فكر الكواكبي الذي ساوى بين العروبة والاسلام كرابطين اساسيين لربط الامة في علاقة عضوية . ليتنا نعود الى مجتمع عربي اسلامي ، ونعود الى مشايخ زمان يمشون بين الناس بالدعوة الصادقة والحكمة ويحصلون على اتفاق الناس عليهم وتقديرهم ، الشجاعة الادبية تقتضي المراجعة في هذا الباب ....باب الجماعات الاسلامية

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012