أضف إلى المفضلة
الجمعة , 19 نيسان/أبريل 2024
الجمعة , 19 نيسان/أبريل 2024


أسقط الاردنيون الحكومة وفكرة الوطن البديل وهذا هو الميدان يا حميدان / بقلم : د. شهاب المكاحلة

بقلم :
14-06-2018 05:32 PM

بعيدا عمًن سيتولون مواقع المسؤولية في الحكومة القادمة في الاردن وبعيدا عن بورصة المزايدات والترشيحات التي مارسها البعض عن سابق اصرار وترصد، فالتعيينات لا تهم المواطن البسيط بل ما يهمه هو النهج السليم والخطوات الاساسية التي تريحه من جحيم غلاء الاسعار.
السؤال الذي يطرحه علي المسؤولين والسياسيين هنا في العاصمة الاميركية واشنطن هو: هل ما زالت هناك بذور ربيع عربي في الاردن؟ وكيف ستتعامل الحكومة معها إن اندلعت من جديد هذه المرة؟ وما هو مستقبل الدول المجاورة للاردن إن حدث فيها — اي في الاردن– قلاقل واضرابات؟
لا أدعي أنني امتلك عصا سحرية ولا أنا عراف اتكهن بالمستقبل ولكن من قراءة الماضي والحاضر نعرف المستقبل. وهنا اتحدث عن الاردن الذي ثار يوم 30 مايو 2018 واسقط فكرة الوطن البديل قبل أن يسقط الحكومة وقانون الضريبة الجديد الذي اقترحه صندوق النقد الدولي. نعم، أسقط فكرة الوطن البديل وهذا ما شكل ضربة قاصمة للكيان الاسرائيلي. نعم، الشعب الاردني اعاد الامور الى نصابها بل واصبحت الكرة في ملعبه لا في ملعب الحكومات والقوى الاقليمية والدولية. فهو صانع قراره بنفسه. فإن لم تعجبه الحكومة القادمة سيخرج للشارع لأنه اعتاد على ذلك وبطريقة حضارية. باختصار الشعب يحكم نفسه. وهذا جوهر الديمقراطية.
بعد قمة مكة التي جمعت جلالة الملك عبدالله الثاني، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والشيخ صباح الاحمد الصباح، والشيخ محمد بن راشد، فإن حزمة المساعدات الى الاردن البالغة 2.5 مليار دولار اميركي ليست ركيزة اساسية حتى لو اضفنا لها مبلغ 500 مليون دولار من قطر. فالحكومة قد تعول على المساعدات ولكن الشعب لا يعتبرها مفتاحية لانعاش الاقتصاد ومحاربة الفساد.
فالاردن ومنذ تأسيسه اعتمد على الدعم المقدم من الدول العربية الشقيقة والصديقة وصناديق اجنبية. وفي أفضل الاحوال لا يشكل ذلك حلا ناجعا لدولة تريد ان تتحكم باستقلالية قراراتها المصيرية. يبدو أن ديمومة الحالة الاردنية منذ اوائل التسعينيات من القرن الماضي وحالة الاحباط المتزامنة نظرا لبطء عملية الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتربوي قد أدت الى احتقان كبير لدى فئة لا يستهان بها رأت في الشارع او في ميادين المملكة ملاذا للتعبيرعن اوجاعها وآلامها. لذلك كان لا بد من حكومة تحتوي تلك الحالة الفريدة من نوعها في المنطقة حيث اثبت الاردنيون اليوم أنهم فعلا أحرار وان دولتهم ديمقراطية اكثر من تلك التي تدعي الديمقراطية في العالم المتقدم.
سألني وزير خارجية اميركي أسبق عن الوضع الحالي في الاردن، فقلت له: اسالني عن الوضع في المنطقة لأن الاردن انعكاس المنطقة. فضحك وقال: أنتم في الاردن اهم دولة للولايات المتحدة الاميركية ونفخر بعلاقاتنا المتميزة معكم. وأضاف: “الاردن أثبت أنه حليف نزيه وقوي يمكن الاعتماد عليه وغير متقلب. حليف يرقى الى مرتبة الند.”
يبدو أن حالة الاحتقان الاردنية والغضب الشعبي من بطء عملية الاصلاح السياسي نتاج حالة من الاستياء من حكومة مليئة “بنخب” فاسدة، تتصرف دون عقاب. وتعدد هذا السيناريو على مدى حكومات عدة اوصلت البلاد والعباد الى حافة الهاوية. فحراك عام 2018 ليس شبيها بحراك 2011. فمع هدوء العاصفة الا أن ألسنة اللهب، إن لم ينصت المسؤولون الى مطالب الشعب، ستمتد عبر الحدود.
لو سُئل اي اردني عن المساعدات الخارجية بأنها هي المعضلة وانها سبب تلك المشكلة الاقتصادية لأجاب بالنفي لأن العيب في الجربة المثقوبة (القربة المثقوبة) التي باتت تهرب المال مثل تهريب الماء رغم كثرة المساعدات في الماضي وهذا ما جعل الدول المانحة تفكر مليا قبل المساعدة. فمنذ تأسيس المملكة، ظل الأردن يعتمد على المانحين لتمويل عملية التنمية. ومع انقطاع امدادات النفط العراقي المجاني والهبات الخليجية والغاز المصري الرخيص مقارنة بما هو عليه الحال اليوم، اضافة الى العنف الدائر في سوريا، والعراق لعدة سنوات، وصل الأمر الى ما وصل اليه.
هنا لا بد من أن تقوم الحكومة أيا كانت بالاعداد لما يلي وآمل أن يقرأ هذا المقال صانعو القرار في الاردن ورجالات الديوان الملكي:
أولا: لا بد من الاعداد لمؤتمر يسمى “دول المانحين او أصدقاء الاردن” وعلى دول الجوار الاردني والاقليم والدول الاوروبية والولايات المتحدة” ان ترعى هذا المؤتمر وتوفي بالتزاماتها للاردن ليجتاز المرحلة الحرجة.
ثانيا: الفساد أصبح شماعة تعلق عليها قوى المعارضة الاردنية املها في اذكاء الاضرابات. فعلى الحكومة مواجهة الفاسدين ومحاسبتهم ومساءلتهم امام الراي العام.
ثالثا: لا يوجد في الاردن اعتراض على النظام الملكي بل هناك اعتراض على الية عمل الحكومات دون مراعاة لمصالح المواطنين. لذلك، لا بد من دعم الاصلاحات بصدق.
رابعا: لا بد من تأمين تدفق النقد الى الاردن عبر الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة وذلك بتشريع قوانين حماية المستثمر ومراعاة سرعة انجاز المعاملات.
وختمت كلامي بالطلب من الادارة الاميركية بأن تقوم بما يلي تجاه الاردن:

مصلحة الولايات المتحدة لا تكون الا اذا كان الاردن مستقرا لذلك فـ”بعبع″ صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وتغولهما على المجتمع والقرار الحكومي السيادي للاردن، يجب أن يدرس لأن هذين الممولين يتلقيان اوامرهما من الدول الكبرى المساهمة ومنها عربية واجنبية، وخاصة الولايات المتحدة.
لا يد من أن يقوم الكونجرس الاميركي بمواصلة دعم الاردن عسكريا وماليا وضمان تدفق الدعم له في الاعوام القادمة مهما كانت الظروف الاقليمية المحيطة.
. تشجيع الأردن على الاصلاح السياسي والشفافية.
مكافأة الاردن على محاربته الايدولوجيات التكفيرية والمتطرفة والجهادية.

تلك كانت ورقة قدمتها في حلقة نقاش نظمتها الخارجية الاميركية في معهد للدراسات عن الوضع العام في الشرق الاوسط وخصوصا في الاردن.
كاتب اردني يقيم في واشنطن.رأي اليوم

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012