أضف إلى المفضلة
الثلاثاء , 16 نيسان/أبريل 2024
الثلاثاء , 16 نيسان/أبريل 2024


جمال الحياة وأثره على الإنسان .../ موسى العدوان

بقلم : موسى العدوان
13-07-2018 11:28 PM

يقول اللواء عمر المدني رحمه الله عن الجمال في كتابه ' أوراق مطوية في كتاب الزمن ' ما يلي واقتبس :

' الحياة جميلة، وما يشوه جمالها غير الإنسان ! هذا المخلوق الذي لم يعش فيها كما تعيش سائر المخلوقات، على رسم الفطرة وهدي الطبيعة ووحي الله، وإنما عاش على قوانين وضعية استمدها من أثرته وكبريائه وهواه. فكان شرا على نفسه وحربا على غيره.

ربما اقتتل الوحش مع الوحش أو الطير مع الطير في سبيل القوت أو النسل، ولكنه اقتتال الساعة لا يسبقه تبرير ولا يصحبه حقد ولا تلحقه جريرة. أما الإنسان فهو وحده كدّر السلام ونغّص الحياة ! أحيا لنفسه بفضل ذاكرته ماضيا يحفظ التآمر، وخلق لنفسه بفضل بصيرته مستقبلا يحمل الخوف، فكلن حاضرا، بينهما قتالا مستمرا لا ينقطع لدرء الخوف من الغد الذي يتصوره.

الحياة جميلة، وأجمل منها الحي الذي يدرك هذا الجمال ويتذوقه ويستوعبه ويكتسبه. فالطائر أجمل من الروض لأنه عرف كيف ينقل ألوانه على ريشه، ويجمع ألحانه في صوته، والأسد أجمل من الغابة لأنه استطاع أن يجعل رهبتها حية في رهبته، وعظمتها ماثلة في عظمته، والجمل أجمل من الصحراء لأنه اندمج فيها فسيّر جبلها في هيكله، وصر رملها في أديمه. والحوت أجمل من البحر لأنه قطعة من الحياة صيغت من لين مائه وشدة موجه وسرعة تياره. وكأنما يدرك الطبيعة ويسايرها ويتأثر بها كل شيء ناطق وصامت إلا هذا الإنسان، فقد خرج عن سنّة الله في خلقه حتى اختصه بالأنبياء والرسل والمدارس والكتب، وهيهات أن يدخل النور عين الضرير، ويبلغ الصوت أذن الأصم

الحياة جميلة، وليس جمالها قصرا على قوم دون قوم، ولا على طبقة دون طبقة، إنما الجمال رضاءة الفن الإلهي أشاعه الله في الأرض والسماء وهيأ المدارك للاستغراق فيه والاستمتاع به. يقول الخالق المصور ( وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْك ). فالإحسان كما أمر الله به لكل من سمع وبصر وقلِبْ أن يجد جمال الحياة في كل منظر ويحسه في كل حالة، لكي لا ينقطع ما بينك وبين الوجود، الحق والوجدان الصحيح. فالجمال هو الوسيلة لحفظ الحياة وبقاء النوع فتجمع به ما شئت وتوثق به ما نفر. إنه سرور النفس ونور القلب وسلام الروح. إن السعادة بالجمال أضعاف السعادة بالمال، والمال لكم فجدواه عليكم، ولكن الجمال لله فجدواه على الناس '. انتهى الاقتباس.
* * *

التعليق : ما أروع هذا الكلام الفلسفي العميق الذي يلامس شغاف القلب. ولا شك بأن جمال الحياة وسعادتها، يشوهها الإنسان برفضه العيش كبقية المخلوقات التي تعيش مسالمة بالفطرة. فهو يصنع المعضلات ويكدّر عيشه بنفسه لتخوفه غالبا من المستقبل المجهول. وبهذا فهو يجلب الشر لنفسه ولغيره نتيجة لما يختزنه في داخله، من حقد وتآمر خلافا لبقية المخلوقات.

ويختم الكاتب حديثه بإعطاء الحياة لونها الجميل، الذي يبعث السرور والنور وسلام الروح في النفس. ذلك الجمال الذي يصنع سعادة النفس أكثر مما يصنعها المال، يمكن العثور عليه في مختلف مناحي الحياة إذا أردنا اكتشافه.

التاريخ : 13 / 7 / 2018

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
15-07-2018 03:39 AM

.
— هذا مقال يخاطب الروح وكم تحتاج روحنا لغذاء لا يستطيع توفيره لها الا صافي السريرة نقي القلب ،

شكرًا لضمير الامة موسى باشا .

.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012