أضف إلى المفضلة
الجمعة , 29 آذار/مارس 2024
الجمعة , 29 آذار/مارس 2024


الأردن على موعد مع سوتشي مختلف ووزير الخارجية يعزف مجدداً “لا تواصل سياسيا مع دمشق”
سوريون يعودون الى وطنهم من تركيا سيرا على الأقدام

29-07-2018 12:40 AM
كل الاردن -

يصرّ قائد أوركسترا الملفات الخارجية في الأردن مؤخراً الوزير ايمن الصفدي على عزف معزوفة “لا تواصل سياسي مع السوريين” في اخر لقاءاته على شاشة تلفزيون المملكة الأردني الغضّ، غاضّاً الطرف عن كون عمان ستحتاج الى المستوى المذكور من التواصل خلال فترة أقرب مما يتوقع.
عمان، بهذا المعنى لا تزال تقف بحذر على المستوى السياسي في التعامل مع الجار السوري، وان كانت تمرر سلسلة إشارات من النوع الخفيف للحكومة السورية تبدأ من استقبال النجمة اللبنانية جوليا بطرس الداعمة لسورية، مروراً بعدم دخولها المباشر لتهريب أعضاء منظمة الخوذ البيضاء، واستعداداتها لإرسال وفد نيابي الى دمشق، وليس انتهاءً بقبولها عودة أحد خطوط الطيران بين دمشق وعمان.
الوقوف الحذر لا يرتبط فقط بإشارات خارجية تنتظرها المملكة، كبدء العملية السياسية في سوريا وضوء اخضر غربي وامريكي؛ بل بالعكس فالإشارات الداخلية قد تكون صعبة على الصفدي نفسه خصوصاً ثم على بعض عناصر الفريق الجديد لدى حكومة الدكتور عمر الرزاز، فالصفدي ومعه بعض رموز الحكومة ايضاً محسوبون ضد النظام السوري ومنذ زمن، وهو الذي سيحول دون أي تواصل على المستوى السياسي بوجود الوزير نفسه.
من هنا فمن الواضح ان حتى الإشارات التي تقدمها عمان لا يمكن فهمها كإشارات “عميقة” على رغبة في فتح حوار سياسي، ولكنها بالتأكيد تدخل ضمن مسار تدريجي تحدث عنه رئيس مجلس الملك فيصل الفايز لـ “رأي اليوم” وهو يتنبأ بعودة تدريجية للعلاقات مع الحكومة السورية بدأت عمليا من المستوى الأمني واليوم بتقديره تدخل في مستواها الاقتصادي والذي يرى الفايز ان السياسي سيكون لاحقا له.
هذا لا يمنع ان عمان تستغل “جفاءها” مع الحكومة السورية بصورة واضحة في العلاقة مع روسيا، وهو ما يظهر بوضوح عبر عمل مستمر ومتواصل بين الوزير الصفدي ووزارته والمؤسسات الروسية، فيما يتعلق بالشأن السوري، وهنا تعود مجدداً مقولة لعاهل الأردن الملك عبد الله الثاني انه “يثق بالروس” وان الأخيرين لا يضللون الأردن.
عمان تنفتح بصورة واسعة جدا على اقتراحات روسية مختلفة ليس أولها ولا اخرها العمل على إعادة اللاجئين السوريين من الأردن، مع تلقيها نبأ القرار المشترك للرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والامريكي دونالد ترامب (وفق ما رشح عن قمة هلسنكي) فتح ما أسمته روسيا “غرفة عمليات روسية أمريكية اردنية مشتركة” تدير المهمة في عمان، والتي على ما يبدو ستكون نسخة روسية منقحة لما عرف في السابق بغرفة الموك الامريكية التي نسقت المعارضة السورية في الجنوب.
الوجود الأمريكي في سوريا يتقلص، وبالتالي فالغرفة المذكورة على الاغلب ستتخذ طابعا روسياً ينسق بصورة مختلفة عن الغرفة الامريكية السابقة، ومن نوع اخر هذه المرة لم تتكشف كل تفاصيله بعد، ولكنه بدأ حيث تصدر روسيا التصريحات حول أمن طريق دمشق عمان، وتتحدث عن جهوزيته للعمل وتلمح لعلاقات سورية اردنية قادمة. يمكن الاستنتاج، على الصعيد الاقتصادي ايضا، ان غرفة روسيا ستنسق العلاقات بين عمان ودمشق، رغم افتراضات حسن النية بالطرفين.
ورغم ان التعاون الأردني الروسي قد يخفف على عمان كلفة التواصل المباشر مع الحكومة السورية محلياً وعربيا ودوليا، الا انه على الاغلب سيضع الأردن في موقف حرج بعد أيام حيث تنسق روسيا عودة اللاجئين وتناقشها بحضور وفدي النظام والمعارضة لاجتماعات سوتشي التي تصر على انها مسار مفاوضات “استانا” متنكرة فقط بمكان مختلف. طبعا الحوار في سوتشي “المتأستن” يحمل الشروط الروسية بصورة أقوى، ومن الواضح ان المبعوث الاممي للمفاوضات ستيفان دي مستورا لم ينجح في فرض حتى حديث عن الانتقال السياسي او صياغة الدستور على جدول الاعمال.
عمان ستحضر هذه الاجتماعات، وصحيح انها بصفة مراقب، الا ان عودة اللاجئين وتفاصيلها تفرض بالضرورة دينامية جديدة للحضور الأردني، خصوصا وان عمان تملك الرقم الأكبر من اللاجئين الذين قد لا يرغبون في العودة، وفق حسابات مركز الاستقبال والتوزيع والإقامة للاجئين التابع لوزارة الدفاع الروسية، والذي أصدر بيانا الجمعة قال فيه ان 265 لاجئا سوريا عادوا الى سوريا خلال 24 ساعة، منهم 34 لاجئا فقط من الأردن عبر معبر نصيب، في حين البقية من لبنان من نقطتي “زمراني” و”المصنع″ الحدوديتين.
وفقا للمركز الروسي فان اجمالي من عبروا الحدود من اللاجئين السوريين منذ افتتاحه (افتتح المركز في 18 الشهر الجاري) 2846 من الحدود اللبنانية مقابل 318 عبر معبر نصيب الأردني. هذا يؤكد عمليا ان عمان تحيا ظروفا مختلفة واستعدادا غير محسوم لدى اللاجئين للعودة؛ الامر الذي يفترض ان يدفع بها للتفكير بصورة أكثر دينامية في مشاركتها ليس فقط في محادثات سوتشي، وانما أيضا حتى في المحادثات الدولية المتعلقة بالأزمة السورية لاحقا.
في هذا الملف، يقترح خبير اقتصادي أيضا مثل الدكتور يوسف منصور إعادة النظر بما تكسبه وتخسره الدولة الأردنية أصلا من إعادة اللاجئين الى سوريا قبل التعجل والهرولة للانسياق خلف الطرح أصلا. في حين يمكن التأكد من ان الذهاب في هذا الاتجاه قد لا تملك عمان أصلا فيه خيارا اخر، خصوصا مع مؤشرات دولية على تقليص دعم المنظمات الدولية في المخيمات السورية في الأردن، حيث اخطرت منظمة “يونيسيف” المعنية بالطفولة الأسبوع الماضي العاملين بمهنة معلم مساعد في مخيم الزعتري في الأردن بعدم توفر التمويل اللازم حاليا لدفع رواتبهم مع بدء العام الدراسي لعام 2018، مع العلم أن عدد المعلمين يبلغ 509 معلماً. وهذا ما يتوقع ان ينسحب على منظمات أخرى أيضا.
بوضع كل التفاصيل والاشارات الى جانب بعضها البعض، لا بد من الانتباه على كون الاستحقاق السياسي للتواصل مع الحكومة السورية بات قادما لا محالة ولا يمكن التسويف به أكثر، لا بل ويمكن الحديث على كون عمان بحاجة لتليين بعض خطاباتها للتعامل الناجع مع الاستحقاق المذكور، خصوصا مع التأكد ان الروس ليسوا الولايات المتحدة ولا يقبلوا طويلا بدور الوسيط!

برلين ـ “رأي اليوم” – فرح مرقه:
التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012