أضف إلى المفضلة
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
بحث
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024


من يكبر الصغار يأزم ومن يصغر الكبار يندم !

بقلم : شحاده أبو بقر
11-08-2018 05:21 PM


خلق الله الناس على درجات ورفع بعضهم فوق بعض درجة أو درجات , وله جلت قدرته في ذلك حكمة عظمى يطول شرحها , فلو كان الناس جميعا على سوية موحدة في العقل والفكر والصدق والأمانة والذكاء والقوة والقدرات وسوى ذلك من خصال وسجايا , لما إسستقامت الحياة ولما إستمرت ربما .

من هنا تعارف الناس مثلا على أن فلانا كبير في اخلاقه وأمانته وسلوكه وتعامله مع غيره وذو قدرات قيادية , متعلما كان أم حتى أميا , وأن فلانا صغير في تلك الخصال حتى لو حاز أعلى مراتب العلم . بمعنى أن شخصية الفرد ليست رهنا بالتعلم وإنما بأمور أخرى حددتها حكمة الله سبحانه وتعالى , ومن أبرزها القوة والأمانة ' يا أبت إستأجره إن خير من إستأجرت القوي الأمين ' , وهنا نلاحظ الربط المحكم بين القوة في قيادة الرجال وفي إتخاذ القرار من جهة , وبين الأمانة في كل أمر من جهة ثانية .

الناس في صفاتهم وخصائصهم سلالات كالخيل منها الأصيلة ومنها غير ذلك , ورسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه قال لنا قبل زهاء خمسة عشر قرنا ' تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس ' مثلما قال أيضا ' خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام . والناس كل الناس تتباهى بأنسابها وكل يرى وبالذات في مجتمعاتنا العربية أن نسبه كريم ذو مقام عال وتاريخ مشرف مشهود , ولطالما تفاخر العرب قديما وما زالوا بأنسابهم صحيحا كان ذلك أم لا .

لا علينا , هناك أناس كبار حكما في أخلاقهم وصفاتهم وسلوكهم ويقر لهم المنصفون من الناس بذلك , وهناك في المقابل أناس ليسوا كبارا مهما بلغوا من المال صانع الجاه في هذا الزمان , ومهما بلغوا من المناصب كذلك .

في مجتمعاتنا العربية عموما يلجأ المتنفذون إلى تكبير صغار ظنا منهم أن فيهم خيرا , ليكتشفوا بعد حين أنهم قد أخطأوا وأن هؤلاء الصغار المكبرين قد أوقعوهم في أزمة أو أزمات . وفي المقابل يلجأ متنفذون آخرون إلى محاولة تصغير كبار ظنا منهم أنهم ليسوا موضع ثقة , ليكتشفوا لاحقا بأنهم قد أخطأوا التقدير فوقعوا في ندم , فلا الكبار حكما صغر شأنهم , ولا الصغار حكما حققوا المبتغى لمصلحة الكافة التي تطغى على كل مصلحة سواها .

كان أبو ذر الغفاري رضي الله عنه غاية في الحكمة ورجاحة العقل وحظي بمحبة وإحترام الرسول صلى الله عليه وسلم , وذات يوم قال للرسول , يا رسول الله إستعملني , أي إجعلني واليا , إلا أن الرسول أبى ومبرره صلوات الله وسلامه عليه ' أنت ضعيف يا أبا ذر والولاية تتطلب غير ذلك .
ختاما , الكبار حكما لا يصغرون مهما تكالبت عليهم الدنيا وساكنوها معا , والصغار لا يكبرون مهما أقبلت عليهم الدنيا وساكنوها أيضا . ومن يحاول تكبير الصغار على حساب الكبار لا شك يأزم , ومن يحاول تقزيم الكبار لمصلحة الصغار لا شك يندم .

للحياة والوجود كله قانون ليس من وضع بشر , ومن يتخطاه مخطيء لا محالة ! . الله من وراء القصد , وللحديث بقية بإذن الله توضيحا لمن قد يكون إلتبس عليه الفهم والمغزى .

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
11-08-2018 06:55 PM

السياسي الصغير يستمد قيمته من المنصب ..
وحين يفقد المنصب ، يفقد قيمته ..
والسياسي الكبير يعطي قيمة للمنصب .. وحين
يفقد المنصب ، يبقى كبيرا .. ويفقد المنصب قيمته

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012