أضف إلى المفضلة
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024


لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها ! . بقلم : شحاده أبو بقر

بقلم : شحاده أبو بقر
15-08-2018 06:05 AM

العنوان أعلاه هو شطر بيت من قصيدة للشاعر الفذ عمرو بن الأهتم نظمها قبل خمسة عشر قرنا وما زال صداها يتردد عند كل ضيق أو ضائقة تمر بها بلاد عربية ما ! .
تذكرت هذا البيت ' لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها ... ولكن أحلام الرجال تضيق ' , وأنا أتابع وأقرأ وأستمع ما صار إليه حالنا في الأردن الحبيب , من ضيق وشكوى وتذمر , جراء ظروف داخلية كلها قابلة للحل عندما تجد رجالا مخلصين , وأخرى خارجية هي من ذنوب غيرنا ولا ذنب لنا فيها سوى أننا تحملنا القسط الأعظم من مخرجاتها إن كان هذا ذنبا في نظر بعضنا وغيرنا ! .

وتذكرت هذا البيت أكثر جراء ما حل بنا مؤخرا , عندما إختلط الدم بالدمع في بلادنا , دم جنود طيبين ساهرين على أمننا لقاء مرتبات بالكاد تسد الرمق , ودموع أطفال يتامى وثكالى وأحباب ودعوهم بحرقة ليس كمثلها حرقة , على مشارف يوم سيقال لنا إنه يوم عيد !, وأي عيد هذا الذي يسفك على دربه الدم الأردني الغالي, وبأيد أردنية تريد ' الجنة ' ثمنا لهذا الدم !! .

حقا , لماذا ضاق بنا الأردن الذي إتسع للملايين من إخواننا العرب والمسلمين وسواهم من خمس وستين جنسية ! , وضاق بنا وحدنا دون سائر الخلائق ! , وهل يتطلب الأمر علماء نفسانيين لمناقشة الأمر بعد أن أعيانا الإستنجاد بعلماء السياسة والإقتصاد ومن يدعون بأنهم رجال دولة , وبلا جدوى ! .

قرأت خبرا محليا قبل شهور يقول أن خمسين بالمائة من الأردنيين يعانون من إضطرابات نفسية , وإذا ما أضفنا إليهم من ما زالوا يخجلون من مراجعة عيادات النفسية وأهل الأمراض المزمنة كالسكري والضغط وغيره , لوقفنا مشدوهين أمام شعب مريض بالكامل , وتلك مسألة تتطلب بحثا ومراجعة ودرسا للوقوف على الحقيقة وأسبابها , وإلا فلنكن صريحين لنتوقع ما هو أسوأ لا قدر الله.

هل هو الفقر مثلا , نعم الفقر قاتل والجوع كافر والعياذ بالله . أم ماذا ولماذا يصير هذا هو حالنا نحن الذين خرجنا من جحيم عربي يسميه الغرب ربيعا سالمين حتى الآن ! .

شخصيا سأكون واحدا ممن يصفونهم بالتسحيج لأقول , أنها أحلامنا وأخلاقنا التي ضاقت , فقد صار النفاق الأعمى والتزاحم على المكاسب والمناصب والمغانم وعلى حساب قيمة عظمى نسميها الوطن , هو العنوان الأبرز لحياتنا , فمن حظي منا بنصيب منها سلم ومن حرم منها مرض , وقل فينا من ينطق بالحق والصدق ويزهد بالمغنم وبالمنصب والجاه الدنيوي الزائف , وأنا وأقولها ولا أتردد , أعرف كثيرين كانوا اليوم شاكين متذمرين , وصاروا في يومهم التالي مباشرة شاكرين بعد أن تدحرجت صوبهم المناصب والمكاسب ! .
نعم وألف نعم , لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها , وما ضاق الأردن العزيز يوما بأهله ولن يضيق , لكنها أخلاق الرجال وأحلام الرجال هي من ضاقت وأوصلتنا إلى ما لا نريد ولا نتمنى لبلدنا من تفكك لمنظومة الأخلاق وتعاط للمخدرات وخروج على القانون وممارسة عنيفة للنفاق الرخيص ولو على حساب الأهل والأخ والجار وأقرب الناس , لا بل على حساب وطن نفزع له وقت شدة ليومين أو ثلاثة ثم نعود كما كنا ولا حول ولا قوة إلا بالله .

أتعاطف والله بشدة مع الجيش ورجال الأمن بكل مؤسساته وأسأل , هل على هؤلاء الطيبين دون سواهم سهر الليل والنهار على أمن البلاد والعباد , ثم يأتي من يغدربهم ويقتلهم ويتطاول عليهم ! , وأكرر السؤال عن رجال يقولون أنهم رجال دولة , أين هم ؟ . وهل رجولة الدولة رهن بالمنصب وحسب ؟ , هل قصر الأردن يوما مع أحد منهم ؟ , وإن كنتم عاتبين , تكلموا في السر والعلن وقولوا ما ترون أنه حق وشاركوا وأنصحوا وعبروا عن آرائكم .
رحم الله شهداءنا وصبر آلهم وأسرهم وجبر خواطرهم وشفى جرحانا وهدانا جميعا سواء السبيل , وأخرجنا العلي القدير من فقرنا وما نعاني , وحفظ بلدنا مملكة أردنية هاشمية موقرة على مر الزمان , وخلصنا الكريم من آفة النفاق التي دمرت نفوسنا وأوصلت كثيرين ممن لا يستحقون إلى ما لا يستحقون , وحيدت كثيرين ممن يستحقون عما يستحقون . الله نعم المولى ونعم النصير وهو تعالى من وراء القصد .

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012