أضف إلى المفضلة
الجمعة , 19 نيسان/أبريل 2024
الجمعة , 19 نيسان/أبريل 2024


هل تخلع حكومة«التيار المدني» ثوبها في الأردن؟ عبور الرزاز بقانون الضريبة صعب بدون «مساعدة صديق»

بقلم :
15-09-2018 06:40 AM

أسوأ ما في الأجواء التي ينتجها ملفا الضريبة وفساد التبغ في الأردن هو بروز مؤشرات قوية على ان حكومة الرئيس «المدني – الليبرالي» الدكتور عمر الرزاز تبدو مندفعة إضطرارياً نحو إجراءات وقرارات وانماط عمل كلاسيكية وأمنية الطابع تحت عنوان ضمان «التوازن والبقاء».
يؤمن الرئيس الرزاز كما ينقل عنه المقربون جداً في المجالس الخاصة بأن حكومته قد لا تستطيع تغيير الواقع لكنها قد تحقق بعض المنجزات في تبديل أنماط تفكير مركز القرار وتنتهي ببعض التغييرات الإيجابية وتكريس بعض التقاليد المختلفة. الرزاز وفي اوساطه المقربة يتحدث عن «تغيير بالقطعة» وهوامش أساسية في معركة الإصلاح في طريقها للتغيير ويطلب المزيد من الصبر والتمهل حتى ينجز وينتج ولو جزءاً معقولاً من الإنجاز المطلوب على طريق «تمدين» الدولة او تأسيس تقاليد جديدة داخل مؤسسات الدولة تقطع شوطاً من أي حجم باتجاه «الدولة المدنية».
مثل هذا التقييم الذاتي الموضوعي لقدرات الحكومة على أرض الواقع يقود متحمسين في التيار المدني إلى تدوين وتسجيل السؤال المهم التالي: هل عملية «التدرج» تتضمن تقديم تنازلات من قبل وزارة الرزاز يمكن ان تكون جوهرية؟
والسؤال الأهم عند مراقبة الأوضاع العامة بالنتيجة يصبح بالصيغة التالية: هل تخلع الحكومة الحالية «ثوبها» لصالح سلسلة «تسويات» مع مراكز القوى التقليدية في الدولة والمجتمع حتى تستمر التجربة؟

تساؤلات مشروعة

غالبية حلفاء الرزاز في التيار المدني الذين التقتهم «القدس العربي» يظهرون المزيد من الحماس حتى لا تنشأ ظروف تسمح «بإفلات او إنفلات هذه التجربة المدنية» لأن إخفاق الرزاز وفكرته عن الأداء العام يعني العودة لتلك الوصفات المعلبة في الإختيار من نادي رؤساء الحكومات الموسميين. وبكل حال تصبح مثل هذه التساؤلات مشروعة في سياق المقاربة التي تظهر أن طريقة الرزاز في التفكير لا تسيطر بعد على كل الإيقاع الرسمي. والسبب في ذلك ظهور قرارات «خشنة» ولا تنتمي للمدرسة التي يقول الرزاز علنا انه يؤمن بها ويعمل بموجبها.
هنا حصرياً وخلال ثلاثة ايام سابقة فقط تجمعت مؤشرات معاكسة للمألوف في الاتجاه الحكومي فقد صدر قرار حظر النشر في قضية التبغ والسجائر وتم إستدعاء إعلاميين ونشطاء للتحقيق بنشاطهم المضاد لقانون الضريبة الجديد وصدرت رسائل تحذيرية ضد اي نشاطات مدنية مبالغ فيها.
قرار حظر النشر صدر عن سلطات التحقيق بموجب صلاحياتها بالرغم من ان رئيس الوزراء وقبل ساعات فقط كان يرفع شعار «الشفافية» الكاملة في إبلاغ الجمهور بكل تفاصيل ملف التبغ. وفي الوقت الذي يرى فيه نشطاء متحالفون مع الحكومة في الشارع المدني الشاب الخطوة خارج سياق الشفافية يحاجج وزراء بأن حكومة الرزاز الإصلاحية لا تجد أي شرعية لمطالبتها بالتدخل في السلطة القضائية المحصنة دستوريا وعلى أي نحو مع التأشير على ان أوساط «النميمة التواصلية» أو»ضوضاء التواصل الاجتماعي» وفقاً لتعبير الرزاز بدأت تربك التحقيقات فعلاً وتوسع من مساحة تصفية الحسابات وإغتيال الشخصية عبر نشر أسماء أشخاص لا علاقة لهم بقضية التبغ على اساس أنهم متورطون فيها.
الحجة هنا تبدو منطقية نسبياً. لكن الاستمرار في اصدار قرارات حظر النشر يخالف التوجهات المعلنة لوزيرة الاتصال الناطق بإسم الحكومة جمانة غنيمات والتي سبق ان ابلغت «القدس العربي» إيمان الحكومة المطلق بالانفتاح المعلوماتي وبحق الأردنيين في الوصول للمعلومات وبالشفافية.

الاستدعاء الأمني

على جبهة التدقيق الأمني مع بعض النشطاء الاعلاميين وإطلالة جديدة لظاهرة «الاستدعاء الامني» تبدو المسألة مؤشر على ان حكومة الرزاز في النتيجة وعندما يتعلق الامر بقانون الضريبة الجديد ك«خيار دولة» لن تستطيع العمل منفردة وانها بحاجة للمساعدة حتى لو لم تطلبها وان مؤسسات الدولة السيادية لن تنتظر أصلا الحصول على ضوء أخضر من الحكومة عندما يتعلق الامر بواجباتها الأساسية.
تلك ايضاً مؤشرات «تسوية» تنسجم مع البرنامج المرحلي المؤقت لطريقة الرزاز في العمل. ويبدو بوضوح ان رئيس الوزراء يتجنب «إعاقة» مثل هذه الخطوات التي لا تنتمي عملياً إلى منطق حكومته المعلن والسبب هو أولاً المعارضة الشعبية الشرسة لقانون الضريبة الجديد والتي لم يستطع الرزاز مواجهتها وحيداً. وثانياً مستوى التشويش الناتج عن قضية التبغ والسجائر والتي أصبحت عنواناً عريضاً لكل آليات التوقع والتكهن وأحياناً التسريبات والشائعات.
المستجد على جبهة الحكومة اليوم ان عودة وصفات تقلص من التوقعات المدنية لحكومة الرزاز إلى الواجهة وتنتمي إلى أنماط الحكومات الكلاسيكية اصبح محطة قسرية في طريق الحكومة الملغوم يمرره الرزاز بدون صدام مع مراكز القوى في الدولة. وذلك على أساس ان الرزاز اصلا إضطر للتنازل الأخطر والأهم عندما عاد إلى صيغة قانون سلفه هاني الملقي في مستوى التصعيد الضريبي مجازفا تماما بكل سمعة حكومته التي تمأسست اصلا على اساس التناقض والتعارض مع قانون مثير للجدل.
الرزاز عملياً يواجه اليوم ما سبق ان توقعه شخصياً في صالون المفكر والسياسي الوزير الأسبق امين محمود بعنوان «خسارة الشارع والشعبية» بسبب ملف الضريبة. وبالتالي وفي سياق نزول الرجل إلى مستويات «التحليق على الارض وفي الواقع» كما نصحه مخضرمون من بينهم نائبه رجائي المعشر ومحافظ البنك المركزي يصبح التحدث عن طموحات التيار المدني المتحمس سلوكاً في اتجاه «الترف السياسي» الذي لا تحتمله المرحلة.بسام بدارين القدس العربي

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012