أضف إلى المفضلة
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
بحث
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024


ماذا لو سرّبت تركيا فيديو عمليّة قتله للإعلام؟

بقلم : خالد الجيوسي
10-10-2018 10:56 PM

تُصِر العربيّة السعوديّة، وبعيداً عن إعلامها المحليّ النائم عن القضيّة الحدث، وعلى لِسان وليّ عهدها الشاب الأمير محمد بن سلمان، وسفيرها في واشنطن الأمير خالد بن سلمان، على أنّ جميع التقارير التي تتحدّت عن مقتل الكاتب الصحافي جمال خاشقجي في سفارتها على الأراضي التركيّة، ليست إلا تقارير خاطئة وهي تَحرص على سلامة الرجل المُختَفي، فهو صاحب الانتقادات الصّادقة للقيادة، كما يبدو أنّ خاشقجي كان صديقاً لتلك القِيادة الحاليّة.
تصريحات المملكة، تُوحِي أو يُراد لها أن تُوحي، أن السعوديّة وفي عهدها الحالي تحديداً، تتقبّل النَّقد والرأي الآخر، ولا يُمكن لها أن تتصرّف كعصابات “المافيا”، وتقتل الرجل بهذه الوحشيّة الدمويّة، لأنّه فقط كما كان يقول على حسابه في “تويتر”: “قال كلمته ومشى”، أو على حد تعبير خاشقجي في حسابه “قل كلمتك.. وامشِ”، لكن السُّؤال البديهي وبغض النظر عن القاتل، ماذا يفعل أصحاب الرأي في المُعتقلات السعوديّة، إن كانت الأخيرة تتقبّل النقد، أم أنّ تقبلها للنّقد ينحصر بالزَّج في السُّجون فقط لا القتل؟!
الخاشقجي وحسب آخر الأنباء المُتوالية، يبدو أنّه مشى إلى حتفه، لأنّه قرّر أن يقول رأيه، وينتقد سياسات الأمير بن سلمان التي تُصادر الحُريّات، وقد دخل سفارته، وخرج منها للأسف في الغالب مَقتولاً، لا وبل مُقطّعاً، وكُل المعلومات تُشير حتى الآن إلى التورّط السعودي.
تَورّط بلاد الحرمين بدأ من ادّعاء عدم تسجيل كاميرات السفارة المُريب، ثم عرض صور المجموعة الأمنيّة (15) رَجُلاً بالصُّور والأسماء السعوديين الذي شاركوا في قتله وتقطيعه وأحدهم مُختص في علم التشريح للمُفارقة أي أنه خبير بلا شك في التقطيع، وخطّة مسيرهم بالفيديو عبر كاميرات المُراقبة المنشورة في الشوارع منذ دخولهم تركيا وصولاً إلى مكان الجريمة المُفتَرض، وثُبوث دخول خاشقجي إلى سفارة بلده عبر الصورة والفيديو في ذات التوقيت الذي أشارت إليه خطيبته، وتَطابُق ملابسه مع تلك التي وصفتها الخطيبة التركيّة خديجة، هذا بالإضافة للقناعة الأمنيّة التركيّة أنه قُتِل داخل السفارة السعوديّة.
التغطية الإعلاميّة العربيّة لحادثة “اختفاء” الرجل، كانت أشبه بالرّدح بين الجارات، كلٌّ يُحمّل المسؤوليّة الآخر، ويبني على فرضيّات تتماشى مع سياسات مُموّليه، فقناة “الجزيرة” القطريّة كانت مهمّتها إثبات مقتل الرجل على يد مُقاطعتها السعوديّة، أمّا محطّة “العربيّة” فتحدّثت عن عمل استخباري قطري مُتقن، كي يتم اتّهام المملكة، وبينما تتحوّل كُل قناة إلى صوت حُكوماتِها التّام، كانت صُحف عالميّة تتحلّى بأعلى درجات المهنيّة والموضوعيّة، وأظهرت معنى التضامن مع زميل المهنة، وصاحب الرأي، وسعت لكشف الحقيقة فقط لأجل الحقيقة، وليس تنفيذ أجندات ومُهاترات إعلاميّة، حيث تركت صحيفة “الواشنطن بوست” الأمريكيّة عامود خاشقجي فارِغاً، وكتبت “الصَّوت المَفقود”.
حاولت أن أجد خبراً واحِداً في برامج الصحافة السعوديّة الصباحيّة على القنوات وحتى آخر ساعة من كتابة هذه السُّطور، فلم أجِد إلا إعلاماً يسبح في خيال الفرضيّات، وكأنّ العالم لا يَمْلُك لمعرفة الحقيقة إلا شاشاتهم، فماذا عن نقل خبر كشف المسؤول التركي لصحيفة “نيويورك تايمز” عن أنّ العمليّة تمّت بعد ساعتين من وصوله (خاشقجي) القنصليّة السعوديّة، والله يعلم نسأل ماذا حصل مع الزميل خاشقجي خلال تلك السَّاعتين من تنكيلٍ وتعذيبٍ وإهانة، وكما يقول أحد الزُّمَلاء لنا عن صفة المُتعرّض للتعذيب في مثل تلك الظُّروف ومُناداته بالكلب وغيرها من صِفاتٍ حيوانيّة وقذرة نتَرفّع عن ذِكرها.
آخر الأنباء التي نقلها ذات المسؤول التركي للصحيفة المذكورة وحلّت على الوسط الصِّحافي السعودي كالصّدمة، وأصابته بالذُّعر، أو على الأقل الوسط الذي نتواصل معه ونعرفه، تقول أنّ أوصال خاشقجي قُطّعت بواسطة منشار عظم جلبوه لهذا الغرض، ويصف المسؤول الوضع بالخيال، لهو والله شيء أكبر من الخيال، يُصيب بالذّهول، فأي فعل كارثي ارتكبه جمال خاشقجي حتى ينتهي به الأمر بهذه الصُّورة البشعة إن ثَبُت بالدليل المُوثّق!
مُلاحَظة لا بُد من ذِكرها، لا نعلم مدى دقّتها لأنّنا لسنا خُبراء أمنيين، لكن من المعروف أنّ الشوارع في تركيا التي زُرناها سابقاً، مُغطّاة بكاميرات مُراقبة على طُول الطريق، وهو نظام أمني مُتكامل يُساعد مراكز الشرطة في تحرّياتها بالجرائم، ولكن كما هو معروف بأنّ تلك الشوارع كلها تُراقبها الكاميرات، معروف أيضاً أنّ ثمّة نُقاط مخفيّة عن المُراقبة، أو شوارع فرعيّة يستخدمها الراغبون في عدم إحداث بلبلة حول جريمتهم، فلماذا لم يستخدم الفريق الأمني السعودي تلك الحيلة حتى لا يظهر لاحقاً للسلطات التركيّة، وهذا فيما يبدو إن كانت مُلاحظتنا في مكانها، يُثبِت أنّ ذلك الفريق الأمني السعودي كما تردّد بدائي، ولا يعرف كيف يُخفي أدلّة جريمته.
خِتاماً، يتردّد منذ صباح اليوم، أنّ السُّلطات التركيّة حصلت على شريط فيديو، يُوثّق عمليّة القتل، صوّرها أحد المُنفّذين، في حال صحّة هذا الشريط، وتسريبه إلى وسائل الإعلام، هل ستُصِر السُّلطات السعوديّة على أقوالها، أم أنها ستتّهم برنامج “الفوتوشوب” هذه المرّة بالوقوف خلف تشويه صُورَتها وسُمعَتها التي “بالتأكيد”.. وبِلا شَك تتقبّل الرأي الآخر؟! ' رأي اليوم '

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012