أضف إلى المفضلة
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024


مواجهة الأزمة بأزمة جديدة

بقلم : ابراهيم غرايبة
12-12-2018 06:55 AM

لم تكن الحكومة تحتاج حتى وهي تريد إقرار قوانين للضريبة والنشر وتسعير المحروقات على نحو تختلف فيه مع أغلب المواطنين؛ سوى أن تؤدي عملها المعتاد والواجبات الموكولة إلى الوزراء كما أقسموا اليمين. نعم هناك أزمة كبيرة ومتوقعة حول التشريعات والحريات وإدارة الموارد وإنفاقها، وهذا هو قانون الحكم والإدارة في التاريخ والجغرافيا، إذ تدير الحكومة الموارد والسياسات نحو أهداف تعكس اتجاهات ومصالح معينة، وفي ذلك تختلف مع اتجاهات ومصالح أخرى، ليس الحكم والسياسة سوى إدارة الصراع بين المصالح والاتجاهات! لكن وفي جميع الأحوال ومهما كانت التشريعات والسياسات ومهما كانت الأزمة والخلافات حولها يجب أن تواصل المدارس والجامعات والمستشفيات والعيادات والمراكز الصحية والاجتماعية عملها بالكفاءة المطلوبة والملائمة لطموحات المواطنين واحتياجاتهم، ومهما كانت النتيجة التي تؤول إليها التشريعات والسياسات نظل في مواجهة السؤال الأساسي ماذا تفعل الحكومة بالموارد والمؤسسات التي استؤمنت عليها وأقسمت على إدارتها بإخلاص وكفاءة؟
أزمة الدوار الرابع وغيرها من الأزمات تبدو ملجأ للحكومة وليست أزمة، بل هي أزمة مسلية وتعفي الحكومة من عملها ومسؤولياتها، ففي حين تشغلنا الحكومة بقصص كثيرة لا تسمن ولا تغني من جوع لم يعد الاهتمام الرئيسي مركزا على أداء المؤسسات والخدمات العامة والأساسية، ولم تعد غريبة أو مستهجنة الشكوى في جميع المستويات في الدولة والمجتمع والإعلام من ضعف وترهل العمل والخدمات. ما علاقة ذلك بقانون الضريبة والنشر والإساءة إلى الرموز الدينية وتنظيم استخدام الميكروفون في المساجد؟ الحكومة تتهرب من الأسئلة الأساسية والبديهية، ويبدو أفضل بكثير للرئيس وللوزراء الانشغال بشبكات التواصل وميكروفونات المساجد والمشروعات الوهمية الأنيقة أو تنمية مهارات وكفاءات من قبيل كيف تكون إيجابيا وتواجه الطاقة السلبية والتشاؤم، والتي لا يقلل من خطلها ووهمها أن تكون بمنح ومعونات أميركية وأوروبية! وليس من تفسير لهذا السلوك السلبي والطاقة السلبية التي تتمتع بها الحكومة (كيف ستمنحنا التفاؤل والإيجابية وهي حكومة سلبية منسحبة؟) سوى تمضية الوقت.
لكن في النهاية سنواجه الحقائق الأساسية في التعليم والصحة والنقل والغذاء والدواء والماء والطاقة، وفي تسيير المؤسسات العامة والأسواق وحياتنا اليومية، ولن نمضي حياتنا في الميتافيزيقيا الحكومية والنخبوية، لأن أولادنا سيذهبون في الصباح إلى المدارس وسوف نخوض في كل صباح عمليات لوجستية هائلة لنقل مليوني طالب إلى مدارسهم بلا سؤال لماذا تكون عمليات الذهاب الى المدرسة والعودة منها بهذا التعقيد والصعوبة؟ لماذا لا نستطيع أن نعيش حياتنا على نحو نقدر فيه وأطفالنا على الذهاب إلى المدارس والأعمال والعودة الى البيوت بلا هدر في الوقت والجهد والطاقة؟ وسوف نفكر وحدنا بلا أثر لما تقوله الموازنة حول التعليم والصحة والخدمات كيف نحصل على العلاج والدواء، وكيف ندبر أقساط مدارس خاصة تهد الحيل وتحير جميع الناس خارج الأردن؟ كيف يكون لدينا حمامات عامة نظيفة وتعمل؟ كيف تكون حمامات المدارس والمؤسسات تصلح للاستخدام البشري؟ كيف ندبر زجاجا لنوافذ المدارس وساحات ومكتبات ومختبرات؟ كيف يكون في مقدور أولادنا في المدارس مثل جميع خلق الله أن يلعبوا ويرسموا ويستمتعوا ببساطة وأمان؟ كيف يكون لنا ولأبنائنا في كل بلدة أو حي حديقة عامة ومكتبة وناد؟ كيف نستعيد مكتبات الأطفال التي صارت مطاعم؟
نحن والحكومة مشغولون بكل شيء سوى حياتنا .. ولا ينقصنا سوى أن يعود من يهتف بالجهاد سبيلنا والموت في سبيل الله أسمى أمانينا، ففي واقع الحال لا يمكن لغيرهم إطلاق الجهاد والشهادة من غير جهاد ولا شهاد والدخول في أزمة ممتعة ومسلية تشغل الحكومة والمجتمعات من غير قصص وأزمات تغث البال وتلحق الضرر بحوزة السلطة وبيئتها المحيطة، فهذه الأزمات الدينية التي يكون أبطالها من السلطة أو القريبين منها ومن يدورون في فلكها هي عمل ضد الذات، وتشبه الأهداف التي يدخلها اللاعبون في مرماهم! الغد

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012