أضف إلى المفضلة
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024


هل تزحف القبور صوب القبور !

بقلم : شحادة أبو بقر العبادي
04-01-2019 11:21 PM


غريب جدا ما آل إليه حالنا في هذا الزمان , فنحن الذين كنا وكان الآباء والأجداد منا رفعة في علاقات التواصل والتكافل والتضامن والتقارب وهكذا لوجه الله ودونما نفاق أو مجاملات كاذبة , صرنا اليوم أبعد ما نكون عن بعضنا بعضا حتى داخل الأسرة الواحدة .

نحن اليوم لا شيء يجمعنا إلا المآتم والمقابر والأفراح ربما ولكن على عجل كما لو كنا في سباق ضاحية , والدليل تزاحمنا الشديد في السلام على المقابر وكل منا يريد أن يسلم أولا ثم يمضي , ولا يلتفت صغير لإفساح الفرصة لكبير سن أو عاجز إلا ما ندر فجميعنا على عجلة من أمرنا وعلى نحو مرهق حتى لمن نعزيهم ولسان حالنا يقول بأن الناس جميعا يموتون إلا أنا ! .

قد يقول قائل هي سنن التطور ومشاغل الحياة وما نحن فيه من ضنك عيش وهذا صحيح , لكنه لا يمكن ولا يجوز أن يرقى بنا إلى حد القطيعة حتى بين الآباء والأبناء والإخوة والأخوات .

إن لم نتواصل في حياتنا الدنيا فمتى نتواصل إذن ! , هل في الحياة الآخرة وما يدري أي منا مصيره ! , وهل منا من رآى قبرا يزحف صوب قبر ! . ولو دققت وبحث عن مبررات القطيعة المرة بيننا فلن تجد لها سببا مقنعا خاصة عندما ترى الناس يتباغضون هكذا وبلا سبب ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

الأصل في وجودنا دينيا وأخلاقيا وإنسانيا أننا نفخر بأننا مجتمع لبنته الأولى الأسرة والعائلة والترابط الإجتماعي بين أهل الحي والقرية والمدينة على حد سواء , أما أن يصل الأمر بنا إلى حد أن الأخ يجلس بإنتظار معرفة السبب الذي جاء بأخيه إبن أمه وأبيه إلى بيته ولا يكاد يقتنع أنها مجرد زيارة عادية إلا عندما يهم أخوه بالمغادرة , فذلك أمر يبعث على أكثر من أسى ! .

القبور لا تتزاور, فالقابعون فيها أموات قامت قيامتهم بإنتظار الآخرة , أما الأحياء فمن الغبن ومعاندة الشرائع كلها أن لا ينقطع بينهم التزاور والتقارب والتواصل حتى بين الأصول والفروع إلا لحاجة أو أمر ما .

ما الذي جرى بنا ولنا حتى نحيل حياتنا إلى مقابر ناطقة ! وما الذي يحول دون أن نصفي نفوسنا وقلوبنا من كل الضغائن والأحقاد وأن نعيش وندع غيرنا يعيش حتى لو كنا فقراء نعاني قهر الحاجة ! , فالرزق عند واحد أحد والعدل والثواب والعقاب عنده وحده جل في علاه .

في تكافلنا وتضامننا وتواصلنا نعمة كبرى لنا جميعا , وفي تفرقنا طامة كبرى تصيبنا جميعا , أما المنافقون والإنتهازيون والظلمة فأمرهم أيضا إلى الله جل جلاله , وهو سبحانه يمهل ولا يهمل , ولا يجوز لنا أبدا أن نواصل السير على درب التباعد والشحناء تزاحما على مغانم الدنيا البائسة , لنعيش نكدا فوق نكد وكلنا ماضون في لحظة لا ندري متى هيه إلى جوار من لا تضيع عنده الودائع قط . وكلنا إلى قبور شواهدها فوق الثرى وأسرارها تحت الثرى لا ونيس فيها ولا قريب إلا رحمة الله سبحانه وتعالى . ومن يتوكل على الله فهو حسبه , ومن يفوض أمره إليه جلت قدرته فهو يكفيه حتى لو بمؤونة يومه . ومن كان غير ذلك فلينتظر سخط القادر المقتدر على كل شيء وذنبه على جنبه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم . وهو سبحانه من وراء القصد .

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
05-01-2019 12:55 AM

.
— هنالك من يوفر لنا غذاء المعده وهنالك من يوفر لنا غذاء العقل اما الروح فلا يملك تغذيتها الا من تحلى بالصفاء والسكينة

استاذي الفاضل الاخ شحاده ابو بقر لك الشكر على ما اوردت من غداء الروح .

2) تعليق بواسطة :
05-01-2019 05:40 PM

أخي الأستاذ المغترب القريب من قلبي ووجداني بطيفك الكريم الذي أتخيله وأتمنى معرفته , صان الله روحك الطيبة من كل شر ومتعك من لدنه براحة البال وزادك بصيرة فوق بصيرتك النافذة ما شاء الله . وأسلم دوما

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012