أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 24 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
بحث
الأربعاء , 24 نيسان/أبريل 2024


البعد السياسي لــ « التصفيق» و«التسحيج»!

بقلم : أحمد ذيبان
15-01-2019 06:37 AM

تحتل «السحجة» مكانة بارزة في الفلكلور الشعبي، وكانت خلال مئات السنين فعالية رئيسية خلال الأفراح والأعراس، يؤديها الرجال غالبا وكذلك النساء لكن بنسبة أقل، وتسمى في الأردن أيضا بـ»الدحية»، وهي نشاط اجتماعي موجود في العديد من الدول العربية، لكن بأشكال وألوان متعددة، منها الأردني والفلسطيني والسوري والمصري والخليجي..الخ

وخلال السنوات الأخيرة، تطور مفهوم «السحجة» في الثقافة الشعبية الأردنية، واكتسب مصطلح «السحيج.. والسحيجة» صفة سياسية، يطلق على الذين ينافقون النظام والحكومة، ويتحدثون عن إنجازات قد تكون متخيلة أو مزعومة، أو تضخيم بعض ما تقوم به الحكومة من خدمات، ويهاجمون من ينتقد الأداء الرسمي بضراوة. وأصبح هؤلاء مادة للسخرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي!

وتتباين أساليب «التسحيج «، التي قد تكون من خلال مقال صحفي، تغطية خبرية، قصيدة،أو أغنية تمدح المسؤول وتشيد بقدراته القيادية «الفذة»! ويمكن ملاحظة ذلك في ما ينشر يوميا في الصحف، ويبث عبر المحطات التلفزيونية والإذاعية العربية من نفاق للحكومات، وهو سلوك لم يتغير في الإعلام العربي منذ عقود من الزمن، ومن أطرف ما عثرت عليه في الأرشيف صورة لغلاف مجلة المصور المصرية قبل «70»عاما، يتصدره خبر مع صورة «يمجد» مهارة الملك فاروق في صيد البط، وتفوقه على السفير الهندي خلال رحلة صيد، وحسب الخبر فقد صاد الملك «344» بطة، فيما اصطاد السفير الهندي بطة واحدة!

والجديد أن منصات التواصل الاجتماعي والثورة الرقمية، وفرت أدوات سريعة للتعبير، وانخرطت أعداد كبيرة من المواطنين، في استخدام هذه المنصات وخاصة الفيسبوك، في مدح السلطات أو نقد سياساتها، وكذلك ممارسة النميمة الاجتماعية!

وكان من نتيجة ذلك أن حدث تداخل بين «التسحيج» و»التصفيق»، ذلك أن التصفيق فعل يؤدى باستخدام الأيدي في المناسبات، تعبيرا عن الحماس والتأييد لقائد أو مسؤول سياسي أو إداري، خلال إلقائه كلمة في مناسبة وطنية أو افتتاح مشروع أو قص شريط، أو خلال حملة انتخابية. أو في لحظة الإعلان عن موقف وطني، وفي مثل هذه الحالة قد يختلط الحابل بالنابل، فهناك من يصفق من الحضور بشكل أتوماتيكي وغوغائي، مجرد نفاق وحماس أعمى للخطيب بغض النظر عن المضمون! وما يثير الحيرة أن هناك من يحترفون التقاط اللحظة المناسبة، للبدء بالتصفيق عند جملة معينة في كلمة الخطيب، والمدهش أنه عندما يبدأ شخص ما بالتصفيق، يتبعه بقية الحاضرين بالتصفيق أوتوماتيكيا،حتى لو كان كلام الخطيب رتيبا لا يثير الدهشة!

وفي البعد السيكولوجي، فإن هذا الحماس في التصفيق يعني «تسحيج» للتعبير عن التأييد لأسباب متعددة، منها البحث عن مصلحة شخصية، فهناك من يعتاش على «التسحيج» حيث تشجع السلطة النفاق، من خلال توزيع المناصب أو الرشى وإغداق المكافآت المالية، ويستهدف هذا النهج في تشجيع النفاق.. الأفراد المؤثرين في مختلف مواقعهم، والأحزاب والقوى الاجتماعية المختلفة.. عشائرية أو مناطقية أو إقليمية!

وثمة وجه آخر للتصفيق، وهو التعبير عن التفاعل، مع مطرب خلال حفل فني، أو الإعجاب بمسرحية وفعالية رقص، أو في إطار تشجيع فريق رياضي خلال مباراة، والتصفيق في مثل هذه الحالات، قد يتخذ أشكالا مختلفة عدا التصفيق بالأيدي، مثل استخدام لغة الجسد، والقيام بحركات تعبر عن الطرب والفرح، أو التلويح بمسبحة أو عصا، أو حتى تحريك الساقين وأصابع القدمين!

والتصفيق كتعبير عن تأييد موقف سياسي أو نشاط اجتماعي، لا يقتصر على العرب، فهو سلوك موجود في جميع المجتمعات. لكن ربما «التسحيج» صناعة عربية بامتياز، وذلك يعود إلى طغيان النظام الأبوي في ممارسة الحكم، وتغول نهج الفساد والواسطة وغياب آليات قانونية لتكافؤ الفرص، وربط عمليات توزيع المناصب والوظائف العليا، حسب الواسطة و»الشطارة» في التسحيج!

إن مكافحة ثقافة التسحيج والتصفيق، تبدأ من خلال تكريس نهج إصلاحي حقيقي، يقوم على تكريس أركان دولة مدنية، يحكمها القانون لا تميز بين المواطنين، على أساس اللون والأصل، أو صلة القربى والمصاهرة، أو العشيرة والعلاقات الشخصية والمالية.'كاتب وصحفي أردني' - الراية القطرية

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012