بداية لعلي اؤكد ان العلاقة بين المواطن ورجل الامن ليست فريده في الاردن ، ففي كل دول العالم يعتبر رجل الامن العام ' منفذ للقانون ' وطبيعي جدا ان يكون هناك حالة نفسية بين المواطن ورجل الامن ، حتى لو لم يكن المواطن ملاحقا باي قضية ، ولنتذكر مثلا عندما يؤشر لنا رقيب السير لطلب رخصة القيادة مثلا او التأكد من صلاحية المركبة فكيف اذا كان المواطن ملاحقا باي قضية ' جنحة او جريمة ' او يمارس اعمالا مخالفة للقانون ؟

بنفس الوقت يجب ان نتذكر اننا في الاردن لنا بعض الخصوصية في العلاقة بين رجل الامن والمواطن ، فكثير من الاحداث المؤسفة التي حدثت في الاردن كان المواطن الاردني يقدم نفسه وماله دفاعا عن الوطن ورجل الامن ، لاننا نؤمن ان رجل الامن هو الابن والاخ والشقيق ، وفي حالات الخطر لا نفرق بين رجل الامن والمواطن فالكل يصبح رجل امن ومواطن .

الهم المشترك بين المواطن الاردني ورجل الامن اكبر كثيرا مما يتخيله البعض وحتى من الساسة وصناع القرار ، فرجل الامن في الاردن يعاني كما يعاني اي مواطن من ضنك العيش وكثرة الهموم وفقدان الامل ، ومع ذلك يحاول جاهدا ان يكون منفذا لاوامر القانون مع ادراكه احيانا كثيرة بقسوة التعليمات وظلمها خاصة عندما تطال من يدافع عن الهم المشترك وهذه حقيقة لاحظها معظم من تم اعتقالهم وحبسهم في قضايا رأي عام او نقد لقرارات سياسية او اقتصادية او رفضهم للتهج بشكل عام .

رجل الامن مواطن يتقاضى الحد الادنى من الراتب الوظيفي لا بل اصبح مؤخرا يدفع ثمن اكله وشربه مع ان طبيعة عمله لساعات وايام طويلة وفي ظروف مناخية صعبة ، ومنهم من يتعامل مع فئة خارجة عن القانون احيانا يهددون حياتهم ، وهذا كله يؤدي في النهاية الى توتر وعصبية في التعامل حتى مع المواطن غير المخالف وهنا يحصل الخلاف والانفلات وربما يتطور الى احداث مؤسفة كما حصل مؤخرا .

المواطن الاردني ايضا اصبح في حالة نفسية صعبة ومتوترة نتيجة الظروف المعيشية الصعبة وفقدان العدالة احيانا ، ومشاهدته لطوابير البطالة وصعوبة تلبية الحد الادنى من متطلبات اسرته ، فماذا نتوقع منه غير العصبية وردود الفعل غير المنضبطة احيانا نتيجة ابسط المواقف في حياته اليومية ، وهنا لا اقصد فقط علاقته مع رجل الامن بل حتى مع اسرته ويمكن ان نتاكد من ذلك بارتفاع حالات الطلاق والخلافات الاسرية وتفكك الاسرة وسوء العلاقات الاجتماعية بين سكان الحي او الجيران احيانا .

عندما طالبنا بالاصلاح السياسي والاقتصادي ووقف الفساد والتغول على القانون وثروات الوطن ، كنا نحذر من وصول الشعب الى حالة فقدان الثقة بكل مؤسسات الدولة وعدم احترامه للقانون الذي يميز بين ابناء الشعب ، وغياب عدالة التوزيع لمكتسابات الوطن ستكون نتائجه كارثية على المدى المنظور وليس الطويل ولكن ' لا حياة لمن تنادي ' كما يقال .

الخشية الحقيقية ان ما يحصل ربما هو برنامج مقصود لايصال الشعب الى هذه الحالة وتهيئته لفوضى لا سمح الله استعدادا لمتطلبات سياسية تتبع هذه الفوضى كما حدث في بعض دول الجوار مع خصوصية الاردن وعلاقته مع فلسطين وما يشاع عن تصفية القضية على حساب الاردن بتغيير الواقع الديمغرافي المفروض علينا جميعا .

وحتى لا اطيل لعلي فقط اؤكد اليوم اننا والامن نخشى على وطننا ومستقبلنا ، ودعوتي للجميع ان لا نسمح لاي كان بالتصيد وخلق الفوضى والعداء بين ابناء الوطن بغض النظر عن مواقعنا فنحن ورجل الامن في الهم والالم شركاء.