أضف إلى المفضلة
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
بحث
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024


تناسل الديون

بقلم : أحمد ذيبان
05-03-2019 06:49 AM

سوء الحظ يُرافق الحكومة الأردنية في مختلف مُبادراتها وخططها، وكان آخر النكسات التي تعرّضت لها وأحرجتها، تداعات المُنخفض الجوي أواخر الأسبوع الماضي الذي أفسد «الأحلام الوردية» التي رسمتها، لما سمّي «مُبادرة لندن» لدعم الاقتصاد الأردني، حيث تسبّب المُنخفض بفضيحة كشفت هشاشة البنية التحتية للبلاد، فغرق «وسط العاصمة» بالأمطار وفاضت الطرق والساحات، ونتج عن ذلك خسائر هائلة لحقت بالقطاع التجاري.

وكانت مُصادفة غريبة، أن يتزامن ذلك مع انعقاد مؤتمر لندن، الذي حشدت له الحكومة كل إمكاناتها الإعلامية والدبلوماسية والتسويقية، بمشاركة الملك ورئيس الوزراء وفريق من الوزراء والمُستشارين والخبراء ورجال الأعمال والإعلاميين، بهدف الحصول على دعم اقتصادي وجذب الاستثمارات، ومن المُفارقات أن التلفزيون الأردني الرسمي، كان يقوم بنقل حيّ لفعاليات مؤتمر لندن، وفي الوقت نفسه يقوم بتغطية مُباشرة لتطوّرات الحالة الجوية، وما ينتج عنها من مُداهمة مياه الأمطار للمحال التجارية وإغراق المركبات في وسط العاصمة، ومناطق سكنية وإغلاق للطرق وتعطّل الحياة العامة في مناطق أخرى من البلاد!.

وخارج التغطية الرسمية كان هناك مشهد آخر مُثير، تمثل بمسيرات راجلة لشباب عاطلين عن العمل، انطلقت من محافظات بعيدة عن عمّان، إحداها جاءت من العقبة قطعت أكثر من «300» كيلومتر، ويعتصمون وسط طقس ماطر وبارد، أمام الديوان الملكي يُطالبون بتوفير فرص عمل وحياة كريمة.

الحكومة ذهبت إلى لندن متسلّحة بما تسمّيه «إصلاحات اقتصادية»، حققتها خلال الأشهر الثمانية الأولى من عمرها، وهي في الحقيقة إنجازات «جبائية»، أبرزها إقرار مشروع قانون جديد لضريبة الدخل، يزيد الأعباء الضريبية على القطاعات الاقتصادية والخدمية ويوسّع قاعدة المُكلّفين، ويرفع كلفة الحياة ويزيد معدّلات الفقر والبطالة، لكن جل ما حصدته الحكومة من «زفة لندن»، أنها عادت مُحمّلة بحزمة جديدة من القروض تزيد على مليار دولار، تضاف إلى مديونية هائلة تكسر ظهر الاقتصاد وصلت إلى «40» مليار دولار!.

وقد لخّص المشهد وزير المالية عز الدين كناكرية بقوله: «إن القروض المُيسّرة التي حصل عليها الأردن خلال مُبادرة لندن، تسهم في تحقيق أهداف استراتيجية إدارة الدين العام»!، بمعنى أن الحصول على مزيد من القروض وتناسل المديونية، التي تثقل كاهل الأجيال القادمة لعشرات السنين، يعتبر»إنجازاً» تتفاخر به الحكومة!.

الأزمة الاقتصادية تضع الأردن على صفيح ساخن، حتى أقرب الحلفاء العرب يتعاملون معه بعقلية الابتزاز والرغبة بالإذلال السياسي، وفي هذا الصدد يجدر التذكير بقمة مكة التي عقدت بتاريخ 10 يونيو - حزيران 2018، بدعوة من السعودية وبمشاركة الإمارات والكويت، بالإضافة إلى الأردن، وتمخّضت عن حزمة مُساعدات شحيحة بـ «القطارة» للأردن، وغير مُباشرة بقيمة «2.5» مليار دولار على امتداد خمس سنوات، على شكل وديعة في البنك المركزي الأردني، وضمانات للبنك الدولي، ودعم سنوي لميزانية الحكومة، وتمويل من صناديق التنمية لمشاريع إنمائية، في الوقت الذي تنثر فيه السعودية عشرات المليارات في الشرق والغرب!.

ووسط كارثة القطاع التجاري «وسط البلد»، يتساءل التجار: أين تذهب الأموال التي تجمعها أمانة عمّان، على شكل ضرائب ورسوم ومسقفات وبدل رُخص مهن ومُخافات سير.. إلخ، بهدف تقديم الخدمات للمكلّفين ودافعي الضرائب.. أفراداً وشركات ومحال تجارية ومصانع وأصحاب مهن، لكن بتأثير مُنخفض جوي متوسّط تغرق البلد «بشبر ماء»، ولا يوجد تفسير لذلك غير الفساد والترهل الإداري!.

منذ عشرات السنين، لم تحدث مثل «كارثة الخميس» في عمّان، ولم يشهد الأردن مثل فاجعة البحر الميت في «أول شتوة»- أكتوبر الماضي، وفيضانات البتراء وبعض مناطق الجنوب في «الشتوة الثانية»!، وحتى قبل أن تتضخم عمّان وتتوسّع وتزدحم بالعمارات والسيارات، كانت الأحوال تسير بيُسر وسهولة!.

ورغم هطول كميات هائلة من الأمطار هذا العام لكن الجزء الأكبر منها ذهب هدراً، وعلى الأرجح ستتكرّر في فصل الصيف نفس مُعاناة المواطنين في مناطق عديدة، من نقص مياه الشرب بسبب رداءة شبكة المياه والترهّل الإداري!.

Theban100@gmail.com

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012