بداية لعلنا نؤكد ان الاجهزة العسكرية والامنية هي اجهزة تنفيذية بما فيها جهاز المخابرات العامة ، وان وظيفة الاجهزة الامنية حفظ الامن الداخلي وجمع المعلومات لتقديمها لصانع القرار الذي يتخذ القرار المناسب , والاهم ان التعليمات العسكرية تحظر على العاملين الخوض بالامور السياسية او ممارستها او حتى الانتساب للاحزاب السياسية والمشاركة في الانتخابات النيابية ، وهذا كله ينتهي بعد ان يحال العسكري الى التقاعد ويصبح ' مواطن مدني ' من حقه ممارسة كل محظور في السياسة .

بالامس القريب طالعتنا الاخبار بتصريح لعطوفة قائد الدرك خلال مقابلة اعلامية ، وبغض النظر عن سبب تلك المقابلة التي لم تكن للتحدث حول قضية امنية او شرح سبب فشل امني كما حصل عدة مرات في السنوات الاخيرة وفقدنا بسببه خيرة ابناء الوطن من الاجهزة الامنية دون حسيب او رقيب ، بل جاءت للحديث عن الحراك ومطالب الشعب بالاصلاح ولا اعرف ما هو ' دور قائد الدرك ' في ذلك الا اذا كان هو يمثل رئيس الوزراء او وزير الداخلية او حتى اي موظف حكومي مختص في هذا الامر .

عطوفة القائد خلال المقابلة اخذه الحماس بشكل لا يمكن اعتباره ' سياسي ' وغرد ويا ليته لم يغرد ، فلم يكتف بنقد الحراك ومطالب الشعب بالاصلاح حتى تناول ' رفاق السلاح ' وطعنهم بمقتل كما يقال ، حتى وصل الامر به باتهامهم ' بالعمالة ' وتلقي الاموال من الخارج ، ولم يتذكر وقتها ان من اتهمهم ما زالت الشظايا منتشرة في اجسادهم عندما شاركوا في حروب للدفاع عن الوطن وحمايته ،عندما كان معظم من يجلسون اليوم في مواقع السلطة أطفالا يلعبون في الحارات .

وهنا ايضا نجد انفسنا امام سؤال مهم ، خاصة بعد التعديلات الدستورية التي فرضت على الشعب ، من يمثل قائد الدرك بحديثه ؟ هل يمثل نفسه كشخص ام يمثل جهازا امنيا لا يحق له الحديث بالسياسة ؟ ام يمثل رغبات عليا يعتقد انه خير من يمثلها ؟ وفي كل الحالات طبعا نجد ان حديث القائد مرفوض ولا يجب ان يمر دون توضيح ' من يمثل ' حتى يتم المحاسبة والملاحقة القضائية .

قبل ايام وخلال حديث جلالة الملك في الزرقاء وردت عبارة ' الدولة الهاشمية ' وبما اننا نعيش كابوس صفقة العصر اثارت الكثير من التساؤلات مع انني شخصيا كتبت بانها وردت في سياق الحديث عن الوصاية الهاشمية وليس لها اي بعد سياسي ، ومع ذلك لم يتردد جلالة الملك في اول مناسبة وحتى يريح ابناء الشعب من توضيح ذلك ، حتى نتفاجأ بخروج قائد الدرك ليوزع اتهامات الخيانة والعمالة لرفاق السلاح ، فلا يمكن ان يكون قائد الدرك اكثر حرضا من جلالة الملك الذي احترم الشعب حتى يتهجم عطوفته على من طالب بالتوضيح والاصلاح ؟.

عندما كان المتقاعدون العسكريون يتعرضون لهجمات تشكيك وتخوين وعنصرية وتطرف احيانا بعد صدور بيان العسكر الاول كنا نعلم من يقف خلف تلك الاتهامات من عملاء فعلا للكيان الصهيوني وبعض الفاسدين ممن صالوا وجالوا ونهبوا في وطننا واخيرا من دعاة التجنيس والتوطين والتخلي عن فلسطين ، لم نكن نتأثر كثيرا من مواقفهم ، ولكن عندما يأتي الخنجر المسموم من رفيق السلاح وابن الاردن فلا يمكن تمرير ذلك واعتباره ' زلة لسان او ولاء وانتماء زائد لديه ' بل وجب علينا جميعا التوقف كثيرا اليوم والتأكيد على محاسبة كل من يتطاول على اي اردني اولا ، والاصرار كل الاصرار على المطالب الاصلاحية وتعديل الدستور الذي اصبح سيفا مسلطا على رقاب العباد ..والاهم هو ' تحديد الصلاحيات والمسؤولية ' فأن كان قائد الدرك سمح لنفسه الحديث بالسياسة وهو على راس عمله ووضع نفسه مكان القضاء فالاولى ان يتحدث المتقاعدون الذي تشربوا الانتماء والولاء الحقيقي وادوا رسالتهم في حماية الوطن من مواقع الشرف واليوم يكملون مسيرتهم من خلال مواقفهم السياسية التي كان الاجدى بقائد الدرك ان يدعمهم ويؤكد على حقهم ان كان له الحق اصلا بالحديث .