أضف إلى المفضلة
الخميس , 25 نيسان/أبريل 2024
الخميس , 25 نيسان/أبريل 2024


الحكومة الأردنية تتراجع عن وعود الإصلاح
24-12-2011 08:24 PM
كل الاردن -


د. حسين خازر المجالي

ما حدث في مدينة المفرق الأردنية يوم الجمعة 23/12/2011 كان مقلقا للغاية، ويعكس استنتاجات خطيرة حول مسيرة الإصلاح التي نوهم أنفسنا أننا نسير في طريق تحقيقها وفق رؤية واضحة متأنية، في الحقيقة لا إصلاح يلوح في الأفق، وما هي إلا وعود تتهرب منها الحكومة مراهنة على الوقت وتنتظر اللحظة لحاسمة لتتبرأ منها متحججة بحجج ستكون في حينها مقنعة للشارع المسكين والمواطن الغلبان.
 
مسيرة سلمية كبقية المسيرات، تطالب بالإصلاح والإسراع فيه، وتشير إلى مواطن الخلل في مسيرة الحكومات الأردنية المتعاقبة التي عاثت فسادا واستغلالا ونهشا وسرقة في جسم الدولة ومقدرات الوطن وأمواله، لا غبار على ذلك أبدا، والأصل أن يهبّ جميع المواطنين للسير في مثل هذه المسيرات التي حتى الآن لم ترفع إلا شعارا واحدا هو:إصلاح النظام والقضاء على الفساد وعصاباته، فما الخطأ في مثل هذا الحراك يا أيها الناس؟
 
هناك قوى شد عكسي لا تريد الإصلاح، تدرك أن الإصلاح المطلوب سيسلبها موارد بقائها، وتدرك أن الإصلاح المطلوب لا يمكن أن يتم بدون تقديم رموز الفساد ومؤسساته وعصاباته وما أكثرهم، ولذلك سارعت قوى الشد العكسي هذه إلى عدة أساليب ووسائل كان من أهمها التحذير من هذا الحراك واتهام من يسيرون فيه بزعزعة استقرار البلد وأمنه، وأننا بألف خير ولا داعي لفقدان نعمة الأمن التي ننعم بها، وتارة يحذرون من مخطط خارجي تستقوي به قوى الحراك الاصلاحي على حساب استقرار الوطن وبقائه، ومن هذا القبيل حذروا من مؤامرة الوطن البديل وأن ما يجري ما هو إلا مقدمات له وربطوا ربطا عجيبا بين المناداة بالملكية الدستورية وبين مؤامرة الوطن البديل!!! بل ربطوا بين كل مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وبين المؤامرة التي تحاك على الأردن وشعبه، تفننوا في فرملة مسيرة الاصلاح والتحذير منها ليتراجع الناس عن المضيّ في هذا الحراك فتبقى قوى الفساد النتنة ترتع كما كانت ترتع سابقا في ربوع الوطن نحميها ونهتف في حبها ونصفق لها ونحن في منتهى الغباء والسذاجة.
 
والمؤامرة الجديدة التي ابتدعتها الحكومة لتشويه الحراك الإصلاحي وقواه وخصوصا الحركة الإسلامية هو اللعب على وتر العصبية وأن أنصار هذه الحركة هم من الفلسطينيين وأن الشرق أردنيين بريئون من هذه الحركة ولذلك يحرم أن تقرب هذه الحركة من الساحات الأردنية الخالصة ومضارب العشائر خاصة، وتفننت الحكومة وأبواقها وأجهزتها في ذلك متهمة الحركة الاسلامية بالتآمر على مكونات الوطن الأردن وتهيئة الفلسطيني ليحكم الأردن وتهديد للهوية الشرق أردنية؟!!! من المستفيد من هذا الطرح؟ ومن قال أن الحركة الإسلامية هي حركة فلسطينية؟ ومن قال أن منتسبيها هم من بلاد الواق واق أو من قبائل الزولو أو مجموعات متربصة بمصالحها وتنتظر ساعة الحسم لتنفذ مطامحها ومطامعها إذا سنحت الفرصة؟ ارجعوا إلى عناصر ومنتسبي الحركة في مدن الأردن لتستنتجوا أن منتسبي الحركة هم من أبناء العشائر وقبائل البدو وكذلك من المدن والعائلات المرموقة، وأقرب دليل على ذلك أن من بين من سقطوا جرحى في الاعتداء الآثم في مدينة المفرق هم من عشائر بني حسن نفسها ولكن على أيدي الفئات المغرر بها وللأسف الشديد.
 
كان على الحكومة المحترمة وأجهزتها الأمنية أن تمنع التعرض لهذه المسيرة السلمية، وأن تحذر الغوغاء الذين خططوا لمنعها من الاقتراب منها بتهمة إعاقة الحريات العامة، فمدينة المفرق مدينة للوطن وليست لقبائل بعينها، وهي مركز محافظة فيها عشائر أخرى وقبائل من بدو الشمال ومواطنين من شرق الأردن وغربيه وشماله وجنوبه من كافة المنابت والأصول، فهي ليست مضارب قبيلة بعينها ولم تمرّ المسيرة سيرا في أرض لتلك القبيلة بل في الشارع العام الذي هو ملك للدولة ولي ولكل مواطن أردني. كان على الحكومة وأجهزتها المحترمة أن تحمي المواطنين الذين كفل لهم الدستور حق التظاهر والتعبير السلمي، لكنها وللأسف تآمرت على الديمقراطية ومسيرة الإصلاح وسكتت عن سبق إصرار عن مخطط الغوغاء وتركتهم يحرقون ويكسرون ويسبون ويتمرجلون على إخوانهم الأردنيين ومن أفراد قبيلتهم، للأسف لم تختلف الحكومة عن سابقتها، فهي هي، الحكومة إياها مهما تغيرت الأسماء وتبدلت الشخوص تسير على نفس النهج ونفس التدخلات ونفس الهيكلة والمصالح، والخاسر الوحيد هو الشعب المسكين الطيب المضحوك عليه.
 
الحكومة تتراجع بقوة عن مسيرة الإصلاح، ولا ندري هل يعلم رأس الدولة بهذه الممارسات والحيثيات وهل يوصل له مستشاروه فظائع الحكومة وحججها الباهتة المفضوحة، الإعلام الرسمي يضرب على نفس الوتر، وإقالة رئيس تحرير الصحيفة الرسمية الأولى يصب في هذا الاتجاه، وتراجع الصحيفة الالكترونية الأولى كذلك عن ذكر ما حصل من حراك وتداعيات يوم الجمعة أيضا مؤشر خطر يصب في هذا المسار المظلم.
 
يا أيتها الحكومة، قدمي استقالتك وليقدم كذلك مدراء الأجهزة الأمنية استقالاتهم لأن ما حصل ويحصل ويخطط له من مهازل لن تكون عاقبته خيرا على الوطن، وستكونون سببا رئيسا في تضييع الوطن، هناك مؤامرة أيها المواطن عليك، تذكر أنه قبل أيام تغيب أكثر من ثلثي مجلس النواب في جلسة كان من المقرر أن تكون تاريخية في فضح الفساد وشلله وعصاباته، ترى كيف تم التنسيق لذلك؟ هل تحتاج أيها المواطن المسكين إلى أدلة إضافية لتقنعك أن حكومتك الرشيدة غير معنية بالإصلاح ولا تريده وتنتظر ساعة الحسم لتنقض على دعاته؟!!
 
هذه الممارسات التي تقوم بها الحكومة وتراهن على نتائجها ستبوء بالفشل، وسيسجل المواطن في ذاكرته شخوص هذه الحكومة فردا فردا وشخوص الأجهزة الأمنية، كيف ارتكبت جريمة بحق مستقبل الأردن، ليس على أيدي الحراك الاصلاحي، بل على أيدي من يدعي حمايته والذود عنه، وسلوا بعضا من رؤساء الوزراء ورؤساء الديوان ومدراء الأجهزة الأمنية عن ذلك، الجواب جليا عندهم، فهل لا زلتم مترددين؟
 
طريق الخلاص واضح محدد لا لبس فيه، إنه الإصلاح فقط، قبل أن تعلو سقوف المطالب وندخل جميعا في جريمة تاريخية نسحق من خلالها أنفسنا ووطننا الغالي الذي نتفنن في التغني فيه.
 
يا أيها المواطن، ستتذكر بعد حين قول ذلك الشاعر الذي ينبه من الوهم والخديعة قائلا:
سوف ترى اذا انجلى الغبار
أفرس تحتك أم حمار
 
أرجو بعد أن تفيقوا وتنكشف الحقائق أن تكونوا من راكبي الخيل لا الحمير، راهنوا أيها الناس على الخيّرين في وطنكم لا على الحمير من هذه الجموع.
 
د. حسين خازر المجالي
أكاديمي وباحث من الأردن
husseinalmajali@hotmail.com
 



 

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012