02-01-2012 09:35 AM
كل الاردن -
عبدالحيلم المجالي
رعية بلا راعي , جماعة بلا كبير , فوضى وتخبط . هذا هو حالنا في العالم العربي عامة والاردن خاصة . نحن في مرحلة انتقال من حال الى حال , تنطلق هذه المرحلة من الربيع العربي وثوراته , ومن كان يؤكد ان التغيير قادم ولا بد من الاستعداد له , قبل زمن , يرى اليوم صدق هذه المقولة وها نحن نعيشها بكل تفاصيلها . في الاردن حراك اصلاحي على كل المستويات والصعد , الدولة وعلى راسها جلالة الملك , منظمات المجتمع المدني , العشائر , الافراد , الكل ينادي بالاصلاح ومحاربة الفساد . المؤسف انه لحد الان لم تتبلور خطة لذلك الاصلاح ولم نصل الى نضج فكري يحدد ماهية الاصلاح المطلوب , والاهم من ذلك لم نحدد بعد الجهة التي تقود عملية الاصلاح وتخطط لها وتضع اهدافها واساليب تحقيق تلك الاهداف .
دعاة الاصلاح , على راسهم الدولة الاردنية , قسم كبير من المواطنين يرون انها جزء من المشكلة وليست جزءا من الحل , وانه لو كان في نيتها الاصلاح لمشت بداية في طريق الصلاح ولما راينا هذا الكم الهائل من الفساد والمفسدين . العشائر والعشائرية لاتتفق مع كثير من مطالب الاصلاح , والتي منها الديموقراطية والعدالة والمساواة على اساس المواطنة وحدها ولا سواها . مؤسسات المجتمع المدني وعلى راسها الاحزاب لم تصل الى مستوى الحسم في الاخذ بزمام المبادرة والقيادة لكثرتها وضعفها . حزب واحد يبرز كقوة من الممكن البناء عليها لتكون مؤهلة للقيام بدور قيادي , هو حزب جبهة العمل الاسلامي , ولكنه ايضا لايخلو من شوائب لابد من التخلص منها , من هذه الشوائب ما هو ذاتي ومنها ما هو بالتاثير الخارجي .هنالك احزاب وتيارات من اليسار والوسط واليمين قادرة على القيام بالادوار المساعدة لحزب جبهة العمل الاسلامي , اذا امتلك الاستعداد والقدرة للقيام بدور الاخ الاكبر المعترف به من قبل اخوانه والمميز بصفات التحمل والايثار وعدم اقصاء الاخرين وتغليب المصلحة العامة .
الاخ الاكبر لابد ان ينال ثقة باقي الاخوة وان يرعى مصالحهم مصالح العائلة الواحدة , وان يستفيد من تجارب الكبار في هذا العالم . من نتاج الثورات العربية حزب النهضة التونسي , الاسلامي التوجه والنشاة والفكر والممارسة , هذا الحزب بتصرفه بعد فوزه باغلبية برلمانية تؤهله لقيادة كل مؤسسات الدولة ولجؤه الى التوافق واشراك الاحزاب الاخرى الفاعلة , يجعل منه نموذجا يحتذى به من قبل كل القوى الاسلامية الصاعدة , ومنها حزب جبهة العمل الاسلامي . هذا الحزب الذي جعل الحكمة اليوم تونسية وان كانت يمانية , كم نتمنى على جماعة الاخوان المسلمين ان يستفيدوا من تجربته التي ابدت التحليلات السياسية ان قبوله بمشاركة الاخرين لم يكن وليد الساعة او الصدفة , ولم ينتظره الى وقت اعلان الفوز , بل كان يخطط له في الماضي ومنذ البدايات ,وكان هذا التصور , نظريا وعمليا , حاضرا في اذهان قياداته منذ الخطوات الاولى نحو طلب الحكم .
اذا كان الاردنيون جادون في طلب الاصلاح وتحقيقه بيسر وسهولة , ويحاربون الفوضى التي من الممكن انزلاق حراكنا اليها , عليهم الاعتراف بواقع الحال الذي يقضي بان اكبر قوة قادرة على قيادة عملية الاصلاح والمسيرة السياسية هم الاخوان المسلمون , مع ثوابت الاقرار بالقيادة الهاشمية وتحديد دورها والاتفاق عليه , حتى نقطع دابر المزاودات , والاقرار بالبحث عن هوية وطنية اردنية مستمدة من دستورنا الذي يقضي باولى مواده اننا جزء من الامة العربية . الاخوان المسلمون مطالبون اليوم , وقبل فوات الاوان , الاضطلاع بهذا الدور القيادي واجراء مراجعة شاملة وجريئة لحزبهم السياسي , ليكون سياسيا جامعا مفتوحا للجميع , حتى لو اقتضت الضرورة تغير اسمه . وعلى الاخرين الاعتراف بهذا الواقع ونصح الاخوان بصدق وبيان المطلوب منهم .البديل هو استمرار التخبط والمناكفات السياسية والظهور بمظهر من يلعب في عملية الاصلاح او الاخطر من ذلك النفاق السياسي , والكل يدرك عواقب ذلك الكارثية