أضف إلى المفضلة
الخميس , 25 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
بحث
الخميس , 25 نيسان/أبريل 2024


الإصلاح والتَغيير
05-01-2012 08:48 AM
كل الاردن -

alt
سلطان الخضور
يعتبر التغيير سمة رئيسية من سمات المجتمعات  الانسانية وواحدة من المؤشرات التي تبين مدى التجدد والتحديث الذي يطرأ على أي تجمع بشري ، فالتغيير متلازمة أساسية من متلازمات المجتمعات والتجمعات البشرية على مر العصور والأزمان ،ونسبة التغيير تتناسب طرديا مع التقدم  وعليه فنسبة الجمود والتصلب والتقولب والتقوقع تزداد أيضا كلما زادت نسبة التخلف .
ولدمج عملية التغيير بالإصلاح نقول أن التغيير الذي نريد ليس التغيير الإقصائي ، الذي يطيح بكل انماط الحياة ، ويضع حدا فاصلا بين الماضي من جهة والحاضر والمستقبل من جهة أخرى ، بل عملية إضافة وتعديل في نمط  التفكير والسلوك الفردي والجمعي في مجتمعنا  ،الذي يصرعلى المطالبة بالتغيير والاصلاح ، في الوقت الذي يصر فيه  بعض دعاة الإصلاح على اتباع انماط تفكير وسلوكيات قديمة ، توحي بأن هناك جمود فكري مما يشير إلى أن حجم المطالبة بالإصلاح الذي نرتجيه ، لا يتناسب مع حجم التغيير السياسي ، والإجتماعي ، والإقتصادي والثقافي  ويجعله مقتصرا على المطالبة بتغيير سياسي دون غيره من التغييرات  .
وإذ ندرك أن التغيير في المجتمعات النامية ، كمجتمعاتنا العربية بشكل عام ،يسير ببطء ويحتاج الى إرادة سياسية وشعبية ، تشمل جميع مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والعلمية وحتى الفلسفية ، فان هذا التغيير يحتاج الى ادوات متدحرجة تحدث احلالا للفكر المبني على الحوار بدلا من الفكر النمطي القديم  ، وهذا يحتاج الى سن تشريعات جديدة قابلة للتطبيق , ويحتاح أيضاً الى عملية استبدالية احلالية للوجوه القديمة كواحدة من الادوات اللازمة ، بوجوه جديدة تفهم معنى التغيير والاصلاح وتعمل على مأسسته ، وجعله جزءا من الثقافة المجتمعية والمنظومة الاجتماعية والفكرية والثقافية والإقتصادية ، التي تتلائم وطبيعة المرحلة القادمة ، فتعمل على تطبيقه عملا لا قولا .
ومن البداهة القول ان عملية المطالبة بالإصلاح  ،هي نتيجة طبيعية للشعور بالفساد والخراب ،  ونتيجة حتمية للإحساس بعدم قدرة الوجوه القديمة وأدواتها  على التوافق وطبيعة المرحلة , وهنا لا بد من التفكير بتغيير إحلالي تدريجي للمجموعة القديمة وأدواتها  ،عن طريق اقرار وتطبيق مجموعة من المعايير والقيم  المجتمعية الجديدة  التي تصلح للمرحلة القادمة ، وهنا لا بد من احداث تغيير في  التكوينات السياسية  ، والفكرية ، والثقافية ،والإقتصادية مما ينعكس آيجابيا على الانماط السلوكية للأفراد والجماعات ، ويعطي بالتالي مردوداً آيجابياً على المجموعة الكلية ألا وهي الوطن. وهنا لا بد من إجراء  التدريب اللازم  لرفع الكفاءة والمقدرة وتعزيز الكفاءات والقدرات المتوفرة ، ليقوم كل وحسب موقعه  بالدور الوظيفي والمهام التي توكل اليه بشكل يتناسق مع الجماعة .
وحيث ان عنملية المطالبة بالإصلاح والتغبير مبنية على ايدولوجيات ومذاهب فكرية وفلسفية ممكن ان تكون مختلفة احيانا ، كما نرى الان على الفضائيات المحلية الرسمية والاهلية  ،والتي يعبر عنها بالكتابات والمقالات في الصحف الورقية و الالكترونية , وحتى لا نبقى نعيش حالة من من الجدلية قد تجرنا الى حد المواجهة بين هذا الفكر او ذاك , فاننا نحتاج الى وقفة تأملية ، نلتقط فيها الانفاس ، ونرسم خارطة طريق ، تظهر فيها بصمات الاكثرية والاغلبية الصامته ، التي ليس لها منابر للتعبير عن  نفسها ، فلا بد  إذن من اعتماد أسلوب الاستفتاء العام  ،على الخطوات والتغييرات الرئيسية التي تشكل مفاصل اساسية في التكوين المجتمعي , وذلك لتحكيم رأي الاغلبية والخروج من الجدلية التي باتت سمة رئيسية من سمات الحوار الفكري والسياسي الذي نراه على الشاشات او نقراه في الصحف .
والمتتبع للحركات الاصلاحية التي سادت مجتمعنا  في العام المنصرم يرى انها في المجمل تحمل أهدافا عامة ، ولديها من القواسم المشتركة التي يمكن البناء عليها للوصول للتغيير المنشود , إلا أننا نرى ان بعض هذه الحركات ، تجمع بينها روابط مناطقية او فئوية غير مبنية على التشاركية في الهدف ، بل  تهدف لخدمة مجموعة محدده من الناس او منطقة جغرافية بعينها  ، مما يضعفها كقوة ضغط فاعلة ، يمكن الركون إليها لاحداث التغيير المطلوب على مساحة الوطن ككل ، فهي تحمل في طياتها عوامل ضعفها  ، لعدم شعور السواد الاعظم من الناس ان هذه القوة تصلح ان تقود المرحلة القادمة ، وبالتالي العزوف عن الانخراط في أطرها . اذ لا يعقل ان نطالب بالإصلاح والتغيير ، ولم نكن بعد قد حددنا الهدف والأدوات اللازمة التي تدخل الجميع في دائرة الفعل المبني على خطط ثابتة ومحددة وواضحة  المعالم  ، تحمل تواريخ يتم التوافق عليها بين كل هذه القوى التي تنادي بالاصلاح والتغيير ،على اعتبار أن الوطن بمجمله  هو البيئة المطلوب تغييرها ، وان المستقبل الافضل للمواطن هو الهدف ، وأن الإصلاح هو الاداة , فكلما اقتربنا من الاتفاق على هذه الثلاثية كلما ابتعدنا عن المصلحة الشخصية ومحاولة تجيير المطالب لصالح هذه الفئة او تلك , او هذه المنطقة او تلك .
والمتتبع أيضا للخطاب الاعلامي ، للقوى المنادية بالتغيير والإصلاح يلاحظ بسهولة التركيز على البناء السياسي للدولة كهدف للإصلاح والتغيير ، في حين تغيب أنماط اخرى اساسية ، وهي القوى الاقتصادية مثلاً التي يمكن ان تقيم نمطا اقتصاديا جديدا يعتمد التصنيع واستخدام التكنولوجيا لبناء اقتصاد متماسك يستغل الموارد البشرية والمادية ، ويوظفها للصالح العام ، ويعتمدها كرجيزة أساسية من ركائز البناء والانتاج  في المستقبل المنظور . ونلاحظ كذلك غياب الدراسات الديموغرافية ، التي تضع بعين الاعتبار طبيعة السكان ، والتوزيع السكاني ، والهجرات الداخلية والخارجية ، والكثافة السكانية ومناطق تركيزها ، وتوزيع الموارد بعدالة , وليس على اساس الجغرافية والاقليم، وكذلك غياب الدراسات الاجتماعية ، التي يمكن ان تعالج التخلخل الحاصل في البناء المجتمعي ، والتركيب السكاني ، والمعايير الاجتماعية ، والدراسات التي يمكن ان تؤسس لعلاقات اجتماعية ، ينفتح بها الكل على الكل ، وذلك بتكريس مفهوم المواطنة ، ليكون المعيار الأوحد لقياس منسوب المواطنة هو العطاء ، وتكون  الكفاءة هي الاساس في الاختيار طبقا للدستور وللشرائع السماوية  , وآنئذٍ يشعر الجميع بالعدالة الاجتماعية والمساواة ،ويحاول الجميع الإنخراط في بوتقة التغيير والإصلاح .
أعتقد أننا نحتاج إلى عقد مؤتمر وطني ، تشارك فيه كل الفعاليات السياسية والإقتصادية ، والإجتماعية ، والفكرية ، وقادة الرأي لبلورة الهدف العام الذي تشوبه الضبابية ، وتعمل كل مجموعة حسب اختصاصها لبلورة الأهداف الفرعية ، ووضع الخطط اللازمة للتنفيذ  ،ضمن آليات وبرامج واضحة قابلة للتطبيق في زمن قياسي مقنع للجميع

ABUQAIS_58@YAHOO.COM

 

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012