أضف إلى المفضلة
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
بحث
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024


«المخابرات» تطوير في الأداء والمسؤولية القانونية

بقلم : علي سعادة
13-05-2019 05:33 AM

حملت رسالة الملك للواء أحمد حسني مدير عام دائرة المخابرات العامة رسائل عدة في مرحلة دقيقة تواجه الأردن والوطن العربي بأكمله، تحديات وجودية غير مسبوقة، مثل «صفقة القرن» وخطط تصفية القضية الفلسطينية والتحالفات الإقليمية في المنطقة وغيرها من شأن تمريرها أن يؤدي إلى نتائج كارثية على المنطقة العربية بأسرها لسنوات طويلة.
لن نعيد هنا قراءة رسالة الملك لمدير المخابرات الجديد، فهي باتت معروفة للجميع، لكننا سنركز على بعض الملاحظات المتعلقة بهذا الشأن، فالملك لم يتوان للحظة عن توجيه انتقاده لبعض التجاوزات لدى قلة قليلة، حادت عن طريق الخدمة المخلصة للوطن وقدمت المصالح الخاصة على الصالح العام، الأمر الذي تطلب حينها التعامل الفوري معه وتصويبه، شأنها في ذلك شأن أي مؤسسة أو إدارة حكومية أخرى.
وهي تبقى تصرفات فردية وسلوك تسلكه قلة قليلة التي تناست ونسيت أن السلطة والمناصب، وعلى كل المستويات، تصاحبها وتتلازم معها بالضرورة المسؤولية والمساءلة.
إن أهم ما جاء في رسالة الملك هو تركزه على تطوير وتحديث الدائرة -في إطار ما هو منوط بها من مسؤوليات كبيرة في قانونها- والعمل على ضمان صون حقوق وكرامة المواطن والتمسك بالدستور والقانون، واحترامهما بوصفهما مصدرا أساسيا لاستقرار بلدنا ومنعته.
وكثرا ما يدور حديث هامس أحيانا حول دور المخابرات في الحياة العامة وبأن دورها بات متشعبا وفضفاضا، وهو حديث ملتبس حمال أوجه دخلت فيه قضايا إشكالية عديدة.
ومنذ أن تأسست دائرة المخابرات العامة عام 1964، أخذت المخابرات في التوسع بصلاحياتها حتى أصبحت حكومة ظل إلى جانب حكومة الظل الأخرى الممثلة بالديوان الملكي، بحسب ما يقوله نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض النخب.
وكثرا ما تقول صالونات عمان السياسية بأن دورهما صادر صلاحيات الحكومة الفعلية التي تنازلت طواعية أو كرها عن صلاحياتها الدستورية.
وقد حدد القانون واجبات ومهام دائرة المخابرات بحماية الأمن الداخلي والخارجي للأردن من خلال القيام بالعمليات الاستخبارية اللازمة لذلك.
ويعين مدير المخابرات العامة بإرادة ملكية بناء على قرار من مجلس الوزراء. كما يعين الضباط العاملون في المخابرات بإرادة ملكية وبتنسيب من مديرها وموافقة رئيس الوزراء. لكن الواقع المتبع يغاير ذلك تماما، فكثيرا ما تقوم المخابرات بتزكية بعض أسماء الطاقم الوزاري.
هذا التدخل حتى وإن كان عن بعد، لم يكن في صالح المخابرات التي بدت وكأنها الحاضنة لأي شخص يريد الوصول إلى المواقع القيادية في الدولة الأردنية أو في تحقيق مكتسبات شخصية، ووجدت المخابرات نفسها في دائرة الاتهام من أكثر من جهة، بل تتهم في جميع بيانات وخطابات وشعارات المعارضة والشارع والحراك بأنها ضد حقوق الإنسان وبأنها ضد الإصلاح، وقوى شد عكسي، وقوى محافظة.
تسليط الأنباء على هذا التدخل أغفل الحديث عن هدف المخابرات الحقيقي، وهو المواطن الأردني ومنظومة الأمن الوطني الأردني في كافة مؤسسات الدولة والمجتمع.
ونعتقد، كما تعتقد المخابرات، أن الأمن والاستقرار هما حاضنة التنمية الشاملة، والضمانة الأكيدة لتعزيز الحرية والنماء للمواطن في ظل مبدأ سيادة القانون والاحتكام إليه، وترسيخ قواعد العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، وصولا إلى تجسيد مفاهيم المواطنة الصالحة على قاعدة متوازنة من الحقوق والواجبات، وبما يكفل تعزيز منعة المجتمع الأردني وتحصينه وتعميق الانتماء الوطني.
كما يتطلب الأمر التزام دائرة المخابرات في كافة أعمالها بالدستور والقوانين النافذة نصا وروحا، إضافة لالتزامها التام بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمواثيق الدولية المتعلقة بذلك، وهي تعهدات تعلن المخابرات تقيدها بها بشكل رسمي عبر موقعها الإلكتروني.
إن إقحام المخابرات في الهيكل الإداري والوظيفي في الدولة يضعف من قدرتها على القيام بدورها الأساسي في المساهمة بجهود مكافحة الفساد بمختلف أشكاله، ويعيق من دورها في كشف مواقع الخلل في باقي أجهزة الدولة.
ولعل من أهم وظائف المخابرات، وأكثرها شيوعا، قيامها بتلمس نبض الشارع الأردني والوقوف بشكل دقيق على مظاهر الخلل أينما وجد، وترصد أية مظاهر أو مؤشرات اقتصادية، اجتماعية، سياسية، قد تعكر صفو الأمن، كما تقوم بإعداد تقارير شاملة وتحليل المعلومات وتقديمها لصناع القرار السياسي.
إن جهاز المخابرات هو أحد الأعمدة التي بنيت عليها الدولة الأردنية، ونريد لهذا الجهاز أن يحظى بالكفاءة والدعم من الدولة ومن المواطن، ونريد له أن يبقى حاضنة للجميع، وأن تقف المخابرات على مسافة واحدة من الحكومة ومن الذين يعارضون سياساتها دون انحياز لأحد، حتى تبقى مرجعا وجدارا يستند إليه المواطن والوطن في مواجهة الفوضى الشاملة التي تعم الوطن العربي حاليا.
إن أي انتقاد لأي مؤسسة رسمية كما قال الملك «يجب أن لا تؤدي بنا إلى الوقوع في شرك إصدار أحكام عامة مغلوطة وظالمة وسوداوية حول مؤسساتنا وأجهزتنا أو التشكيك في مصداقيتها أو نزاهتها أو تفاني ونزاهة السواد الأعظم من العاملين فيها وإخلاصهم».
والمخابرات باتت تتعامل مع مراجعيها بشكل مهني منظم أقرب إلى الحياة المدنية واشبه بأي دائرة رسمية أخرى، وهو ما يشير إلى تطور كبير في تعاملها مع المواطن الذي يراجع الدائرة ليس بالضرورة لأسباب سياسية أو أمنية، فأحيانا يكون هناك جانب خدمي.
والمخابرات منوط بها إرساء بيئة محفزة وممكنة تقودنا إلى تعزيز وتدعيم مرتكزات الدولة الحديثة الأمر الذي من شأنه أن يدعم الاقتصاد الوطني ويوجد حلولا لمعالجة البطالة وتوفير متطلبات العيش الكريم للشباب الأردني، بحسب رسالة الملك.السبيل

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012