أضف إلى المفضلة
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
بحث
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024


الاردن التاريخي في طور التلاشي لصالح الوطن البديل
11-01-2012 09:10 AM
كل الاردن -
alt
علي السنيد
      لو توفرت القناعات لاستبعاد اسوء الخيارات  لما كان الشعب الأردني لينأى بنفسه عن تداعيات الربيع العربي الى هذه اللحظة، ويحاول إيجاد صيغة اقل كلفة من هذا الربيع ، ووقف وصوله الى حد انضاج تغيير جوهري ينهي حالة الاستغلال السياسي التي يتعرض لها منذ ما يقترب من القرن من قبل  رموز النظام السياسي، والذي شهدت العشرية الاخيرة له بيع اصول الدولة من الشركات، والمؤسسات العامة التي بناها الاردنيون عبر اجيال، وعقود مضت باسعار زهيدة لا تصدق، الا اذا كانت قيمتها الدفترية تخفي قيمتها الحقيقية التي بيعت بها، ووضعت في حسابات خاصة  بالنظام السياسي، واعضاء في الطبقة السياسية ، والتي سهلت في سياق توزيع المصالح الذي تشكل على حساب الشعب الاردني بتصفية اصول الدولة الاردنية ، وبيعها وتحويلها الى اموال عامة مستباحة  بدعوى الخصخصة وجذب الاستثمارات والتي اتت على معظم هذه المؤسسات، وما لحقها من الاستيلاء على اراضي الخزينة، والواجهات العشائرية ، وكانت السنوات العشر الاخيرة ضمينة بتكوين طبقة عازلة سميكة من الفساد بين النظام الملكي والشعب الاردني اقتضت انتاج سياسيين وسياسات تضمن تحولا اقتصاديا لا يخضع للرقابة الشعبية.
وهو ما يفسر عمليات التزوير للارادة الشعبية، وقوانين الانتخاب التي مكنت من انتاج مجالس نيابية هزيلة غير قادرة على ملاحقة مجريات عالم الفساد المريع الذي نخر الادارة الاردنية، وعرض ملايين المواطنين الاردنيين الى الاستغلال وتضاعف المديونية الخارجية يرافق ذلك انخراط المؤسسة الامنية في انجاح مشروع الاستيلاء على مقدرات الاردنيين وبيعها، سواء بالمشاركة الفعلية بالفساد، او بمنع القوى الشعبية من فضح مثل هذه السياسة وكشفها في الاطار الاعلامي، وصالونات السياسيين، مما منع تشكل رأي عام يكبح الوصول الى هذه النتيجة، وقد تكون مجمل البيوعات التي جرت للمؤسسات العامة، وارض القيادة العامة في العبدلي، والاستيلاء على اراضي الخزينة هي مقدمة تستبق اوضاعا  سياسية مستجدة كان القصر يستشعرها، وهو ما يمكن النظام لاحقا من ترك البلاد قاعا صفصفا في حال حدوث الاضطرابات التي تؤدي الى صيغة جديدة في الحكم .
والقضية ليست وليدة الساعة، وانما هي استحقاق لعقود طويلة من التلاعب بالارادة الشعبية، وتسخير الاردنيين في ثنايا مشروع دولي مشبوه قضى باخضاع الاردن لنظام سياسي يعمل على تهيئته تدريجيا ليكون وطنا بديلا للفلسطينيين الذين تعرضوا لمؤامرة دولية قضت بسرقة وطنهم وتهجيرهم منه عقب ان توزعوا بين قتيل وجريح ومهجر واسير  .
فليس بخاف ان الاردن الرسمي ولد في احشاء الانتداب البريطاني، وترافق ظهوره مع قيام اسرائيل على ارض فلسطين، وما نجم عنه من تعرض الفلسطينيين للاحتلال والتهجير، وقد جرت العملية على ثلاث مراحل بغرض تصفية القضية الفلسطينية ، وانهاء الحقوق التاريخية لجزء كبير من الفلسطينيين المهجرين بتوطينهم في الخارج.
والانتداب البريطاني هو الذي اجهض نمو نظام وطني اردني محلي من خلال القوى الاجتماعية والعشائرية الاردنية، وقام باحلال نظام بديل، وبناء مؤسساته، وتمويله بالوفاء بموازنة البلاد، وتشكيل مؤسسته العسكرية بقيادة كلوب باشا القائد البريطاني، وعدة ضباط بريطانيين، وقمع الحركات الوطنية التي حاولت منع تكون النظام الجديد، والذي هدف في الاساس الى محاصرة الكيان الاجتماعي ، ومنعه من مساعدة الفلسطينيين في المواجهة مع الحركة الصهيونية، وكان اخطر ما جرى في هذه المرحلة ان يصبح الاردن الذي تحول الى قاعدة لاكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين في العالم بحكم الجوار والاخوة، محض اداة لتغيير الهوية الفلسطينية واستبدالها بهوية اردنية بديلة، حيث عمل النظام الوليد بحكم دوره على تقديم هوية سياسية بديلة للهوية الفلسطينية التي صارت في طور الزوال بالنسبة الى ملايين الفلسطينيين في الخارج ، مما قضى بامكانية تفريغ فلسطين من اهلها الاصليين، وحل هذه المشكلة التي تواجه الاحتلال الاسرائيلي.
وجرى تغيير الصفة السياسية للغالبية العظمى من المهجرين الفلسطينيين من خلال الهوية الاردنية التي اتاحت ممارسة الحقوق السياسية وهو ما لم يجر في أي بلد عربي اخر شهد هجرات فلسطينية محدودة. وعمل النظام بعد ذلك على منع تحول الاردن الى قاعدة مقاومة لاسترداد الارض المحتلة.
وفي سبيل انجاح المخططات الرامية الى الاحلال والابدال في الاردن جرى وضع مناطق الشرق اردنيين في دائرة الفشل التنموي، وكانت السياسات التي حولت القرى والمحافظات التي تشهد تواجد الاردنيين الى مناطق منكوبة، وغير قادرة على الشروع في التنمية وتوفير مقومات العيش الكريم لسكانها، وتم تجفيف هذه المناطق، واخلائها من شروط جذب الاستثمار، ولم يعن النظام بتطوير البنى التحتية فيها، وجرى ضرب القطاع الزراعي، وتحويل الاردنيين الى الاعتماد الكلي على رواتب الدولة، وهذا الاضعاف المتواصل للاردنيين هدف الى ان يكونوا غير قادرين على مواجهة واقع سياسي قادم يتعلق بمصيرهم، حتى تحولت قراهم وربوعهم الى عالم مريع من الفقر، ومستودع للحرمان، والاحتقان، وصارت مدارسهم اقل حظا، وتوسعت اعمال صناديق العون الاجتماعي، وكراتين المساعدات، وبناء حارات الاسر العفيفة، وبالتالي تم القضاء على الروح الاردنية، والكرامة الوطنية، جراء الفقر الذي الحق انسان هذه المناطق بالعيش على هامش الحياة.  
وتحولت القرى والمحافظات الجنوبية الى نقطة ضعف الدولة،  وخاصرة الاردن الضعيفة، وهذه السياسة نفذتها غالبية الحكومات التي هدفت في الاساس الى تحويل الشرق اردنيين الى الجانب الاضعف في المعادلة السياسية، وهو ما يتبدى اليوم بالهوامش، ومناطق الفقر والحرمان والتي بدأ يعلو صوتها في سياق الربيع العربي بعد ان تكشفت الاحوال السياسية عن كارثة تنموية تعرضت لها هذه المناطق، وسكانها ممن يعانون من عدم توفر مقومات العيش الكريم.
وقد ساهمت غالبية الحكومات بالوصول الى هذه النتيجة الحتمية.
وكانت ثالثة الاثافي في تنفيذ هذا المخطط اللئيم تتمثل باتخاذ سياسات تفضي الى فك الارتباط بين القصر والعشائر الاردنية وهو ما شرعت به مجاميع من السياسيين مارسوا الحكم في السنوات الاخيرة بهدف اضعاف العلاقة مع النظام الذي بدا وكأنه يتخلى عن العلاقة التقليدية التي كانت تربطه بالعشائر، والزعماء الاجتماعيين، فأبدى النظام الملكي في سنواته العشر الماضية استهانة بالتواصل مع الاردنيين، وبدأت تنمو المشاعر السلبية بين القصر والاردنيين، واخذت تتطور الى حد ان تعلو الاصوات المنددة بالقصر، وسياساته من قلب هذه المناطق، يرافق ذلك دعوات تطلقها بعض القوى السياسية الماضية بمشروع التوطين للوصول الى صيغة الملكية الدستورية للحكم، والتي هي متطلب نظام اكثر منها متطلب شعبي، ونقل الصلاحيات الى الاغلبية ، والتي هي اغلبية عرقية ، وهو ما يضع السياق المنطقي لمجمل الحراك الذي انتجه النظام السياسي، وافرعه الخارجية  بالتوافق مع الرغبة الدولية للاسف.
فالاردنيون يدركون اليوم ان عملية تداول السلطة غير ممكنة عمليا في الاردن بسبب عدم السماح بنضوج حياة سياسية قادرة على فرز الاغلبية والاقلية البرامجية، وانما ما سيحدث هو انتقال الحكم الى الاغلبية العرقية، وحرمان الاقلية العرقية منها، وفي هذه النقطة تحديدا يظهر الخلل في صعوبة التماهي مع الربيع العربي، ومخاوف متبادلة مجتمعيا من تداعيات ذلك على وحدة النسيج الاجتماعي.
وربما ان الاردنيين لو تخلصوا من عقدة الواقع الاجتماعي الداخلي لكانت توجهات الربيع العربي في الاردن اكثر جدوى، واذنت بالتغيير الشامل.
والتسوية التي يخضع لها الطرف الاكثر مصلحة  في التغيير هي الملكية الدستورية بما يضمن بقاء النظام الملكي مع قبوله بهذه التسوية، والتي تمس في الصميم الحقوق الوطنية للاردنيين على ترابهم الوطني، وتعمل على تخسير الاردنيين من اصول فلسطينية حقوقهم التاريخية في فلسطين، وهو عينه الحل الذي يرتضيه الصهاينة المتمثل بالوطن البديل.
صورة مأساوية ستتبدى في المراحل القادمة حيث تم دفع الحراك المناطقي العشائري باتجاه خلق صيغة جديدة من الحكم تتناقض في الصميم مع مصلحة الاردنيين ، وتحقيق مصلحة النظام المتماهي تماما مع شروط ومتطلبات النظام الدولي.


 
التعليقات

1) تعليق بواسطة :
11-01-2012 06:15 PM

الاستاذ علي..تحية واحتراما.الاستاذ علي ..تحية واحتراما. (1)
.اوافقك الراي على ما جاء في مقالك ولااعتقد ان الشعب الاردني كان جاهلا لما يحاك ضده من مؤامرات على الاقل النخبة التي كان لها حظ من التعليم لان السواد الاعظم من المتعلمين من ابناء الشرق اردنيين هم من ابناء ووجهاء شيوخ العشائر او البرجوازيين الصغار او ابناء ضباط الجيش الكبار وكان ان استوعبو في الوظائف الحكومية واشترو سكوتهم اما البقية الباقية فكان ان جندو في الجيش ليحمو مكتسبات الحاكم وجماعته وهذا ما اوصلنا الى هذه الحال..ولا يخفى على احد مقدار الظلم الذي تعرض له الهندي الاحمر على ايد هذه الحكومات المتعاقبه التي للاسف كانت تضم الوزراء او حتى رؤساء الحكومات من الشرق اردنيين فكان ان وافقو او تغابو على ما
حدث لوطنهم ومواطنيهم واستثني منهم الشهداء هزاع ووصفي الذين دفعو حياتهم ثمنا لذلك.
واسال نفسي سؤالا قبل ان اسال الحكومات..متى فتحت المدارس المتوسطة والثانوية في القرى الاردنيه وكيف لابن فلاح ان يمشي المسافات للمركز ليستطيع اكمال دراسته
حتى لو كان يملك مصاريفها؟..حتما سيلتحق بالجيش او يهاجر الى المدينه هربا من الفاقة ليشتغل اجيرا عند التجار او عاملا في مصانعهم هذا ادا قبلو به.(يتبع)

2) تعليق بواسطة :
11-01-2012 06:16 PM

يتبع)2
وللتاكيد على ما اقول لنرجع الى ارشيف جامعتنا الام الاردنية ..ما هي نسبة الهنود الحمر من خريجي العشر سنين الاولى من انشائها قبل استحداث ما يسمى بمكرمة ابناء
العسكريين ..واسال نفس السؤال متى افتتح اول مركز تدريب مهني في الجنوب والشمال واعطني اسم مصنع واحد انشئ هناك.
لماذا انطلق الحراك من الجنوب بداية ثم امتد الى الاطراف؟ انه الفقر والظلم والبؤس
والشقاء وللاسف الجهل فمعظم الهتيفه والمسحجين والمطبلين للنظام هم من ابناء هذه المناطق ولنقلها بصراحة ان المجندين كبلطجية لقمع كل من يطالب بالاصلاح هم من ابناء هذه المناطق او ينتمون اليها من الفئة التي هجرت القرية الاردنية بسبب الفقر ولقمة العيش.
لن نلوم الاشقاء الوافدين الينا قهرا هربا من بطش الاحتلال الاسرائيلي لوطنهم بعد مذابح تعرضوا لها يندى لها جبين الانسانية ..فهم مغرر بهم كما بنا والمؤامرة علينا
سويا..لنقل انهم الاوفر حظا بهجرتهم الى التجمعات الديمغرافية فكانو الاوفر حظا في التعليم والعمل لقربهم من التحضر في المدن الكبرى كعمان والزرقاء.

3) تعليق بواسطة :
11-01-2012 06:19 PM

لماذا انطلق الحراك من الجنوب بداية ثم امتد الى الاطراف؟ انه الفقر والظلم والبؤس
والشقاء وللاسف الجهل فمعظم الهتيفه والمسحجين والمطبلين للنظام هم من ابناء هذه المناطق ولنقلها بصراحة ان المجندين كبلطجية لقمع كل من يطالب بالاصلاح هم من ابناء هذه المناطق او ينتمون اليها من الفئة التي هجرت القرية الاردنية بسبب الفقر ولقمة العيش.
لن نلوم الاشقاء الوافدين الينا قهرا هربا من بطش الاحتلال الاسرائيلي لوطنهم بعد مذابح تعرضوا لها يندى لها جبين الانسانية ..فهم مغرر بهم كما بنا والمؤامرة علينا
سويا..لنقل انهم الاوفر حظا بهجرتهم الى التجمعات الديمغرافية فكانو الاوفر حظا في التعليم والعمل لقربهم من التحضر في المدن الكبرى كعمان والزرقاء.

4) تعليق بواسطة :
11-01-2012 06:51 PM

الاخ خالد المجالي تحية واحترام وشكرا على جهدكم الموصول في هذا الموقع المحترم..لكني الفت عنايتكم الى ان الارسال اليكم اصبح بصعوبة بخلاف قبل التحديث في الموقع ربما عدد الكلمات او اسباب فنية فتعليقي على هذا المقال طار نصفه فانا اكتب مباشرة ولا اكتب مسودة وطار كل ما تبقى في راسي..شكرا لكم على جهودكم واصلحو لنا الارسال وشكرا.
...................................................
المحرر سيتم استكمال التحديثات لنصل الى كل مايرضي متابعينا

5) تعليق بواسطة :
12-01-2012 07:14 AM

عين الصواب يا بشابشة ولكن من المسؤول عن تغيير الواقع الاجتماعي في الاردن ولمصلحة من الهتيفة والسحيجة الى الان يضعون رؤوسهم في الرمال وهم يعرفون الحقيقة المرة

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012